حان الرحيل يا أبي الذي كنت أخشاه..
سريعاً يا أبي كان الرحيل، مازلت أتذكر حين كنت تحملني على كتفك وأنا أتظاهر بالنعاس كي لا تتركني، وحين كنت أتظاهر بالمرض حتى تجلس بجانبي.
والآن يا أبي لا حيلة تنفع ولا دموع تشفع كي أبقيك بجانبي.
دقيقة جدا ذاكرتي حين تسترجع طيف صورتك، رأيت عينيك حين غابت عن الدنيا وروحك حين ارتفعت الى الرفيق الأعلى.
كم هو قاسٍ الفراق لم أجد أقسى منه سوى الاشتياق لروح صعدت لبارئها وأنا أتمنى أن ترجع فقط لأضمها إلي ثواني.
ملامح الرحيل كانت تكسو وجهك الطاهر فأراني حائرا أمام ضعفك وقلة حيلتي، أي صبر هذا واحتساب يعلوها رغم عظم الابتلاء، علمت وقتها أن كل ما كان يدور حولك من تسخير كان وراءه تلاوة قرآنك وصلواتك.
قسا علي الموت قبل أن يلامس جسدك، كنت ابكي وأشعر بالخوف، هي المرة الاولى تشعر بي أبكي ولا تضمني الى صدرك، سكن جسدك وفارقتنا روحك وأخذت معها كل الأمان.
أفتقدك ولا أجدك إلا بدعائي وسكون قلبي.
ليتك تعود كي أحدثك عن كمية الحب والدعاء من الجميع دون استثناء.
أتعلم من ينظر إلى باب مسجد بن تيمية يتحرى دخولك هؤلاء الصبية الذين اعتادوا سلامك وابتسامتك ودعاءك لهم.
مكانك فارغ في مسجد «الإمام بن تيمية» بالشامية، بين المصلين أحبابك الذين كانوا قمة بالوفاء بالدعاء والسؤال عنك.
أسقطك المرض عند عتبات مسجدك.
فكانت آخر خطاك عند بابه، ويارب تكون أول خطوة بالآخرة في جنات النعيم،
فصدقاتك تشهد عليك من بين كفي دعوات الفقراء أحبابك، أحتاجك يا أبي ومشتاقة لعناقك، أنظر الى سبحتك التي سكنت خرزاتها، فأبكي اشتياقا لا خوفا، فأنت عند الكريم الذي يكرم ضيوفه.
وأذناي تحاول أن تخزن صدى صوتك وعيناي تأبى أن تنسى ضحكاتك.
نعم الأب أنت يا أبي، لم أجد حنانا يملأ قلبي مثل الحنان الذي كان بوجودك،
تبهرني يا أبي وأخجل من نفسي كثيرا أمام الله عندما كنت أرى صبرك واحتسابك.
أحب كل تفاصيلك يا أبي وأفتخر وينتفخ صدري وأنا أتكلم عن أعمالك أمام الجميع، لم يكن التزامك بصلاتك وقرآنك واجبا بل رأيته حبا وعشقا لله.
لا أزكيك على الله ولكني أحسبك والله حسيبك، وحسن ظني بوعد ربي للمؤمنين
أحبك يا أبي حبا لا أعرف أن أكتبه ولا أعرف كيف أحكيه.
ليتني في حلمي المزعج وإنني سوف أصحى وافتح عينيّ ومن ثم أراك تتمتم بآيات القرآن لتحميني من فزعي.
عزائي يا أبي أعمالك الصالحة وحب الناس لك وصوت الدعوات إليك.
كن مطمئنا، فلديك قلب ينبض بالحياة لا يغفل بالدعاء لك.
في حفظ الله بجنات الخلد يا حبيبي. «بو طلال»
ابنتك/ فاطمة طارق الفالح