أصدر مركز اتجاهات للدراسات والبحوث (اتجاهات) تقريرا اعلاميا بمناسبة إطفاء وكالة الأنباء الكويتية (كونا) شمعتها الخامسة والثلاثين بحلول اليوم الأربعاء الذي يصادف السادس من أكتوبر 2010، لتبدأ مرحلة جديدة تستكمل بها مسيرتها في تجميع الأخبار ورصد الأنباء وبث التحليلات وكتابة التقارير وإجراء الاستطلاعات وتحديث الإحصاءات وتوزيع البيانات على الأفراد والمؤسسات الإعلامية لتزويدهم بالخدمة الإخبارية «اللحظية» وليس فقط «الدورية»، التي لا يشوبها تحيز أو انحياز، وإيلاء أهمية محورية للقضايا الكويتية، بأبعادها المختلفة، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ومن هنا، بدأ النقاش العام في الكويت، يدور منذ سنوات قليلة حول «تأثير» «كونا»، من حيث المحتوى المعلوماتي والبعد المهني والمستوى التخطيطي والأداء المؤسسي.
أدوار «كونا»
تؤدي وكالة «كونا» أدوارا ومهام عدة، تصب في مجملها في دعم الإعلام الكويتي، حيث يتيح موقعها على شبكة الانترنت بث الأخبار باللغتين العربية والإنجليزية بالمجان، إضافة إلى خدمة الأخبار الشخصية عبر الاتصال الهاتفي والتي تتضمن آخر الأخبار المحلية والعالمية على مدار الساعة، وخدمة الرسائل القصيرة التي تقدم أهم الأحداث عن طريق الهاتف النقال. كما أن الوكالة تقوم عن طريق مركز المعلومات والأبحاث التابع لها بتوثيق التطورات المختلفة في صورة إصدارات سنوية تحمل عنوان «أبرز الأحداث»، والاهتمام بالتغطية المصورة لمختلف المناسبات الوطنية والعربية، بما يغلب الأداء الإعلامي على الأداء الدعائي في المعالجة الخبرية.
فضلا عن ذلك، يتم إصدار سلسلة أخرى تناولت موضوعات عديدة، سواء تعلقت بالكويت أو النظام الإقليمي الخليجي أو التطورات الدولية مثل «جابر الأحمد.. مسيرة قائد ووطن» و«الشيخ سعد.. مواقف وأحداث» و«صباح الأحمد.. 40 عاما من الديبلوماسية» و«مسيرة الديموقراطية في الكويت» و«الكويت في قلب الثقافة العربية» و«جماليات الثقافة والفنون في الكويت: الواقع والطموح» و«الحكومة الالكترونية.. رؤية وحقيقة» و«الكويت.. وأربعون عاما من العطاء الإنساني» و«غزو الكويت ووقفة لا تنسى» و«حقوق الإنسان والاحتلال العراقي للكويت» و«الاعتداء على البيئة في الكويت» و«الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» و«فن المسرح.. دول مجلس التعاون» و«سماسرة الأخبار حول وكالات الأنباء الدولية ومناطق النفوذ» كما قدمت اصدارات في الكثير من المناسبات المحلية والإقليمية والدولية خاصة القمم التي شهدتها الكويت منها قمم دول مجلس التعاون والقمة الإسلامية والقمة العربية وغيرها.
كما ان دور الوكالة لا يقتصر على المحيط الداخلي، وإنما يشمل النطاق الخارجي بشقيه الإقليمي والدولي. ومنذ فبراير 1979، زادت ساعات البث الخارجي لتصل إلى 16 ساعة يوميا، وفي 28 نوفمبر من نفس العام بدأت كونا تقديم خدمة جديدة مخصصة للسفارات والقنصليات في الخارج.
وبالتوازي مع الطابع المؤسسي للوكالة، هناك دائما أهمية مركزية للفرد «المايسترو» الذي يعزف سيمفونية العمل الإعلامي داخل الوكالة وهو رئيس مجلس الإدارة، فضلا عن أربعة أعضاء يعينهم مجلس الوزراء وفقا لترشيح وزير الإعلام، ليصبح مجلس الإدارة «السلطة العليا في الوكالة والتي يناط بها رسم الاستراتيجية لها بما يحقق الأهداف التي من أجلها أنشئت». وقد تعاقب على «كرسي الرئيس» في الوكالة شخصيات إعلامية بارزة منذ بدء تأسيسها بمرسوم أميري وفقا للقانون رقم 70 لعام 1976، وهم: برجس حمود البرجس (1976 ـ 1992)، ويوسف محمد السميط (1992 ـ 1998)، ومحمد أحمد العجيري (1998 ـ 2006)، وأخيرا الشيخ مبارك الدعيج.
وقد شهدت الوكالة في عهد الشيخ مبارك الدعيج تطورا ملموسا منذ توليه المسؤولية في 27 مايو 2006، لاسيما فيما يتعلق بثلاثية «المصداقية والدقة وسرعة البث»، الأمر الذي دعا أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية إلى انتخابه في 21 ديسمبر 2009 كنائب لرئيس اتحاد الوكالات العربية.
رسالة «كونا»
هناك ما يمكن أن نسميه «الرسالة المجتمعية والإعلامية» لـ «كونا»، وهي رسالة تنوير تحث على التنمية في الداخل والانفتاح على الخارج، حيث تحرص «كونا» بصفة دائمة في التغطية الإخبارية على الالتزام بالثوابت الوطنية أو عند تنظيم المؤتمرات أو الندوات المعدة لهذا الغرض، وأدرج هذا التوجه ضمن مشروعات الوكالة للخطة التنموية الخمسية للدولة، وهو ما أطلق عليه «المشروع الإعلامي لتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع».
كما أن هناك حرصا دائما من إدارة كونا على تعزيز دور الكوادر الوطنية للعاملين في المجال الإعلامي، في إطار الاتجاه نحو «التكويت»، بعد أن استعانت في بداية تأسيسها بخبرات صحافية عربية لاسيما فيما يخص تحرير الأخبار «الديسك المركزي» وللعمل بمكاتبها في الخارج. كما تمت الاستعانة بخبرات أجنبية مع بدء البث باللغة الإنجليزية في عام 1980. وقد ارتفع عدد العاملين بالوكالة من 75 شخصا عام 1978 إلى 365 شخصا عام 1999 حتى بلغ 400 شخص غالبيتهم من الكويتيين في عام 2010.
كما تولي كونا اهتماما بتنمية قدراتهم وتطوير إمكانياتهم، بحيث تم تأسيس مركز كونا للتدريب وتطوير القدرات الإعلامية في عام 1995، وهو لا يقتصر دوره على المحيط الكويتي بل يشمل الإطار الخليجي، من خلال تنظيم الدورات التدريبية وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات، ليكون شعار الوكالة «المهنية أولا». كما تعد كونا من بين 5 وكالات أنباء عربية هي السعودية والعمانية والقطرية واليمنية، إلى جانب منظمة اليونسكو، ساهمت في دعم إنشاء معهد التدريب الإعلامي التابع لاتحاد وكالات الأنباء العربية لتنظيم دورات متخصصة بهدف تطوير القدرات الإعلامية في وكالات الأنباء.
علاوة على ذلك، فإن الوكالة تسهم في تثبيت الهوية الوطنية لدى الفرد في الداخل، من خلال تركيزها على الرموز والتواريخ والإنجازات الوطنية وغيرها. كما تهتم بإبراز الصورة الحضارية للكويت في الخارج وإظهار دورها المتميز في تحقيق السلام في المنطقة. ووفقا لوجهة النظر هذه، فإن العمل الإعلامي يعد عنصرا داعما للعمل السياسي، وهما يشتركان في تعزيز علاقات الكويت الخارجية.
تحديات الوكالة
على مدار تاريخها، واجهت كونا تحديات عديدة، وأبرزها تحد يتعلق بوجودها وبقائها. واللافت للنظر أن كونا المؤسسة الإعلامية واجهت – مثلما واجهت «الكويت» الدولة الوطنية- تحدي الاحتلال العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990، والذي قام بمصادرة أجهزتها وتدمير مقرها ونهب معداتها وتخريب أرشيفها، إلا أنها – أي كونا- تمكنت خلال فترة وجيزة من إعادة بناء نفسها «من الصفر» وتنظيم هيكلها الإداري وطاقمها التحريري، وبثت في 3 أكتوبر 1990 من خلال الكوادر الوطنية لها من العاصمة البريطانية لندن رسالتها للعالم الخارجي ومفادها- حينذاك- تأكيد شرعية النظام السياسي الكويتي بقيادة المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح واستقلالية الكويت كدولة ذات سيادة معترف بها من قبل المنظمات الدولية والإقليمية، وأن ما حدث هو غزو عسكري مسلح وعدوان على شرعية وسيادة دولة مستقلة. وقد بلغ إجمالي ما بثته من أخبار منذ التاريخ المذكور أعلى وحتى 15 نوفمبر 1991 حوالي 16110 اخبار، لتبدأ مرحلة جديدة من إعادة التأسيس.
على جانب آخر، تواجه كونا تحديات خلال السنوات المقبلة يتعلق أولها باشتداد مدى مسايرة حدة المنافسة مع ما يسمى بإعلام «الموجة الجديدة» media new wave المتمثل في المحطات الفضائية والصحف والمجلات الالكترونية والمواقع الإخبارية على شبكة الانترنت وانتشار خدمة الأخبار عبر الهواتف النقالة، وغيرها من الوسائل الإعلامية الحديثة، حيث شهدت البيئة الإعلامية الكويتية خلال السنوات الماضية تغيرات نوعية وتحولات ملموسة، نتيجة لما تفرضه متطلبات العمل الإعلامي في ظل فضاء مفتوح يتضمن فيضا هائلا من الأخبار وتتدفق آليا من كل بقعة جغرافية في العالم دون أي معوقات تتعلق بالحواجز الجغرافية والحدود الوطنية. ومن هنا، فإن كونا تخوض منافسة شرسة للحصول على السبق الصحافي والكسب الإعلامي والارتقاء المهني.
وثاني هذه التحديات يتعلق بفتح مكاتب جديدة للوكالة في مناطق بعيدة جغرافيا ومعرفيا مثل وسط آسيا وأميركا اللاتينية، ليتكامل دورها مع المكاتب الأخرى القائمة، وهو ما يتطلب الاعتماد على كوادر وطنية تفهم هذه البيئات الإعلامية الجديدة. لكن كونا، المبنى والمعنى، قادرة على مواجهة هذه التحديات باستجابة سريعة وإرادة قوية، وهو ما سنراه في الغد القريب.
واقرأ ايضاً:
معرض الكتاب بدأ استقبال شحنات الكتب من مصر وسورية ولبنان
صدور العدد الجديد من «التقدم العلمي»
الرفاعي: تطوير مناهج «أكاديمية الإعلام» لمواكبة احتياجات سوق العمل
الكويت تستضيف اجتماع اللجنة الدائمة لمسؤولي التشريع الخليجيين 12 الجاري
الحماد يضع حجري الأساس لمجمع الشيخ صباح الأحمد في بانكوك ومركز «الشفيع» لخدمة القرآن الكريم في «جالا»
مؤتمر «المدن العربية» يوصي بضرورة تفاعل المدينة العربية مع محيطها