يروي علم الكويت حكاية وطن لا تقف عند تاريخ 24 نوفمبر 1961 حيث اعتمد العلم بشكله الحالي وألوانه الأربعة مستوحيا معاني ما قاله الشاعر صفي الدين الحلي «بيض صنائعنا سود مواقعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا» بل تعود بتفاصيلها إلى القرن الـ 17.
وقال الباحث والكاتب في التراث الكويتي احمد بن برجس لـ«كونا» أمس ان الكويت ومنذ مطلع القرن الـ 17 رفعت عددا من الأعلام حيث كانت السفن الكويتية آنذاك ترفع علما شائعا في السواحل الغربية للخليج العربي أحمر اللون مضافا إليه شريط مسنن ابيض قرب السارية يسمى «العلم السليمي» أول ما رفع في الإمارة عام 1746 في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله الأول بن صباح لتمييز السفن الكويتية وبقي حتى عام 1871.
وأضاف بن برجس ان العلم العثماني رفع بعد ذلك على السفن الكويتية بدلا من العلم السليمي عام 1871 حتى عام 1914 في عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح اثر التضييق الذي تعرضت له السفن الكويتية من قبل الحكومة العثمانية ولتجنب دفع رسوم الجمارك العالية بميناء بومباي الهندي.
وذكر انه عقب ابرام معاهدة الحماية مع بريطانيا عام 1899 عقدت مناقشات عدة بشأن شكل العلم الذي سيخلف العلم العثماني خصوصا بعد نشوب الحرب العالمية الأولى وطالت المناقشات تعرض سفن كويتية لاعتراض من الزوارق الحربية البريطانية لرفعها العلم العثماني.
وبين انه بعد معركة الصريف عام 1901 أراد الشيخ مبارك الصباح رفع علم خاص به والتخلي عن التبعية العثمانية ومع وجود اتفاقية الحماية البريطانية إلا ان السلطات البريطانية رفضت ذلك معتبرة إياه نوعا من الاستقلال المبكر واقترحت عليه رفع علم بريطانيا لكنه رفض ذلك.
وقال ان اللورد كيرزون نائب ملك بريطانيا بالهند زار الكويت عام 1903 واستقبله الشيخ مبارك حيث تم رفع علم احمر اللون كتب عليه «توكلنا على الله» ولم يكن بالإمكان رفع العلم العثماني أثناء الزيارة كما كانت الكويت تحت الحماية البريطانية.
واضاف انه بعد اعلان الحماية البريطانية على الكويت رسميا وإرسال معتمد بريطاني في الخامس من أغسطس عام 1904 اقترح هذا المعتمد في يوليو 1905 على الكويت تغيير علمها ورحب الشيخ مبارك بالفكرة لكنه اشترط عدم التخلي عن العلم العثماني والاحتفاظ بالهلال والنجمة مع إضافة كلمة «كويت» إلى ذلك العلم.
وأوضح بن برجس ان البريطانيين وافقوا على الاحتفاظ بالعلم العثماني شريطة ان ترفع السفن الكويتية علما يحمل كلمة «كويت» وان تتم كتابتها أيضا باللغة اللاتينية إلا ان الشيخ مبارك فضل كتابتها باللغة العربية وبحجم أكبر قبل ان يعدل عن هذا العلم في سبتمبر 1906 خشية المضايقات التي قد تتعرض لها سفن الكويت بالموانئ العثمانية. وأشار الى ان الكويت استمرت برفع العلم العثماني حتى 14 ديسمبر 1914 حينما استبدل بعلم كويتي وتمت إزالة النجمة والهلال مع إضافة كلمة «الكويت» إلى العلم.
وذكر انه عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى بهزيمة الأتراك خير الشيخ مبارك بين رفع العلم البريطاني أو علم احمر اللون دون الهلال والنجمة فوافق الشيخ مبارك على العلم الأحمر وكتبت كلمة «كويت» وسطه باللون الأبيض وتم رفعه في 14 ديسمبر 1914 ليكون بذلك أول علم وطني للكويت حتى 23 نوفمبر عام 1961.
وأضاف بن برجس ان الكويت رفعت علما مثلثا أيام حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح ولونه أحمر وذلك عام 1940 وأعطى أوامره برفعه على سفن الغوص وأول من تولى رفعه راشد بن أحمد الرومي وكان مثلثا يحمل مسننات شبيهة بعلم البحرين وقطر حاليا مضافا إليه شهادة «لا اله إلا الله محمد رسول الله» بشكل رأسي نحو السارية وفي مارس 1940 أضاف الشيخ احمد الجابر إليه وسم الصباح (البرثن) أي شعار الحاكم.
وذكر انه خلال فترة حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح تم رفع أربعة أعلام في آن معا بينهما اثنان مسننان واحد يحمل شهادة «لا اله إلا الله محمد رسول الله» بخط الرقعة واسم الكويت بخط النسخ وشريطا أبيض مسننا قرب السارية والثاني مسنن كتب عليه اسم الكويت دون كتابة الشهادة مع علمين مستطيلين احدهما كتبت عليه الشهادة مع الشريط المسنن واسم الكويت والآخر بشريط مسنن قرب السارية مع اسم الكويت.
وأشار الى ان العلم المستطيل الرابع الذي كان يحمل كلمة الكويت والبرثن وشهادة «لا اله إلا الله محمد رسول الله» رفع على قصر السيف باستمرار وعلى دائرة البلدية لدى عقد الجلسات أيام الثلاثاء عندما كان الشيخ أحمد الجابر يترأس الجلسات بين العامين 1942 و1950 وكان أيضا يرفع على مديرية الأمن العام يوم الجمعة والعطلات الرسمية. وقال ان العلم الأحمر المكتوبة عليه كلمة الكويت كان يرفع في المراكز الحدودية والجمارك بينما العلم المستطيل الآخر المكتوب عليه كلمة الكويت وشهادة «لا اله إلا الله محمد رسول الله» فكان يرفع في المناسبات والأعياد الرسمية فقط.
وذكر انه في 19 يونيو 1961 ألغى الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح معاهدة الحماية البريطانية الموقعة عام 1899 وأعلن الكويت دولة ذات سيادة كاملة، وفي السابع من سبتمبر 1961 صدر قانون جديد بعد الاستقلال بشأن العلم الوطني للكويت ليكون رمزا لاستقلال البلاد، وتم استبدال العلم القديم بالجديد صبيحة 24 نوفمبر 1961 مكونا من أربعة ألوان الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، مستوحيا معاني البيت المأثور للشاعر صفي الدين الحلي «بيض صنائعنا سود مواقعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا».واستذكر بن برجس كلمات خالدات بالعلم الكويتي وهي مقولة للأمير الراحل عبدالله السالم.. «احمد الله انني عشت إلى اليوم الذي رأيت فيه علم الكويت يرفرف حرا كريما في الآفاق». وأشار إلى محطة مضيئة أيضا عندما قام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حينما كان سموه وزيرا للخارجية في 14 مايو 1963 برفع العلم أمام مبنى الأمم المتحدة بعد انضمام الكويت إلى المنظمة الدولية وعقب مشاركته في الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي وافقت فيها على انضمام الكويت الى الأمم المتحدة.