بقلم: يوسف عبدالرحمن
[email protected]
تعتبر عملية اغتيال د.عبدالعزيز الرنتيسي ـ واحدة من أشهر التصفيات والاغتيالات السياسية على خارطة شارون الدموية بعد أن فتح هذا السفاح «المسجى حاليا وليس بميت» أبواب مقابر غزة لتستقبل ضحاياه من القادة الفلسطينيين الواحد تلو الآخر بعد أن أطلق الآلة العسكرية المجنونة لتفجير نوافير الدم وراح هذا الجنرال الاسرائيلي المعروف بتاريخه الأسود في حرب احتلال لبنان 1982 وما تلا ذلك من مذابح في مخيم صبرا وشاتيلا.

|
د.عبدالعزيز الرنتيسي |
وكان د.عبدالعزيز الرنتيسي طبيب الاطفال المناضل احد ابرز ضحاياه سقط شهيدا قبل أن تجف دماء الشيخ المجاهد احمد ياسين ـ رحمه الله ـ وبعد أقل من شهر على تسلمه مقاليد قيادة حماس في قطاع غزة، لحق د.عبدالعزيز الرنتيسي بشيخه واستاذه احمد ياسين قبل ان يحقق وعده بالانتقام لشيخه.
ففي 17 ابريل 2004 قصفت طائرات الاباتشي الصهيونية سيارة د.عبدالعزيز الرنتيسي و2 من مرافقيه ليستشهدوا جميعا بعد حياة حافلة بالنضال والجهاد من اجل تحرير فلسطين.
يوم الاغتيال الأسود
في فجر يوم الاغتيال وصل الرنتيسي الى منزله في حي الشيخ رضوان وفسرت المصادر الاستخبارية الاسرائيلية ذلك، بأن العاطفة غلبته وحضر بناء على اتصال من ابنته «إيناس»، وكان المنزل يخضع للرقابة الاسرائيلية الخفية المشددة، سواء بمراقبة عملاء محليين أو بالمراقبة الجوية التامة من الجو وكان مرصودا على مدار الساعة ومن خلال تكنولوجيا مطورة كانت تعرف كل ما يدور بالمنزل، فالبيت كان يحتل مكانة مهمة على الخارطة الامنية الاسرائيلية.
أما أول خطأ أمني قاتل ـ كما يعتقد ـ وقع فيه د.الرنتيسي انه ارسل في طلب ابنته الأخرى اسماء، ولكنه لم يكن الخطأ الوحيد ففي وقت لاحق وصل شقيق الدكتور وهو د.صلاح الرنتيسي من مدينة خان يونس الى المنزل لرؤية شقيقه بعد أن أخبر بوجوده فقد يكون هو ايضا خاضعا للرقابة هو وهواتفه.

|

|
جنازة مهيبة في غزة |
الرنتيسي وضحكة تجمعه مع شيخه أحمد ياسين -رحمه الله- |
اما د.صلاح ـ الذي لم يكن رأى شقيقه منذ عزاء الشيخ ياسين ـ فقد صلى معه الفجر، وبقي في البيت حتى الساعة السادسة صباحا حيث خرج ولا شك ان قدوم الدكتور فجرا وخروجه بعد نحو ثلاث ساعات سيثير من يراقبونه حتى لو لم يكونوا يعلمون ان د.الرنتيسي داخل المنزل.

|
سيارة «سوبارو» التي فجرتها الايادي الصهيونية |
وفي عصر يوم الاستشهاد وصل الى منزل الرنتيسي مرافقه المخلص أكرم منسي نصار والذي لم يره منذ اسبوعين، ولم يكن أحد محتاجا للتسريبات الاسرائيلية ليعرف ان جهاز الأمن العام الاسرائيلي «الشاباك» كان يرصد حركات نصار بدقة، فكيف إذا تعلق باتصال هاتفي سواء من هاتف خلوي أو عام؟
في حين كانت هناك غرفة عمليات في مكان ما في الجو أو في إحدى المستوطنات القريبة بها خلية امنية اسرائيلية كانت تتابع بنفاد صبر تنفيذ أوامر شارون بالتخلص من الرنتيسي ـ بحسب ما نشرت وسائل إعلام فلسطينية متعددة ـ وتيقنت هذه الخلية ان الصيد الثمين وقع ولن ينجو هذه المرة.
كانت الخطوات التالية هي الاسهل، مروحيات حربية في الجو مزودة بصواريخ قاتلة، امامها هدف مرصود تنتظر تنفيذ مهمتها، وعلى الجانب الآخر كانت تتخذ إجراءات أمنية مضادة لكنها لا تقارن مع الطرف الآخر، حين خرج الدكتور مع مرافقه في سيارة من نوع «سوبارو» ذات زجاج معتم، قادها ابنه احمد، توقف في مكان متفق عليه مسبقا ـ كانت في انتظاره سيارة اخرى من النوع نفسه يقودها احمد الغرة.. ترجل الاثنان من السيارة الأولى للسيارة الثانية كإجراء امني تضليلي لكنه لم يكن اجراء ناجحا هذه المرة فأعطى افراد الخلية الامنية الاسرائيلية الإشارة فسقطت الصواريخ عليه، وركض احمد الرنتيسي الى السيارة فتأكد أن والده لحق باستاذه ورفيقه الشيخ ياسين بعد 25 يوما فقط.
أبعاد العملية القذرة
جاءت العملية بعد ايام من لقاء اجتمع فيه الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ـ في البيت الأبيض للتباحث حول خطة الانسحاب الاخير من قطاع غزة وكانت عملية الاغتيال ضمن الاطار السياسي الاسرائيلي الهادف إلى ضم المستوطنات لاسرائيل واضعاف حركة حماس لرفضها المشاركة السياسية في ادارة غزة بعد الانسحاب الصهيوني خاصة ان العرب فشلوا في عقد مؤتمر القمة في تونس عقب استشهاد الشيخ احمد ياسين فكانت هدية بوش لارييل شارون ضوءا اخضر لاغتيال قادة حماس.
أسرته ترثيه

|
زوجته ام محمد |
قالت زوجته «أم محمد» ان محاولة اغتياله كانت متوقعة في أي وقت، موضحة أن شعورها هي وأبنائها وزوجها كان طبيعيا، وأنهم كانوا يمارسون حياتهم بشكل اعتيادي، وأشارت إلى أن سعادتها وسعادة أسرتها وسعادة حركة حماس والشعب الفلسطيني كانت كبيرة بعد أن فشلت محاولة الاغتيال، وأن الشعـــور بالراحــــة والاطمئنـــان كـــان باديـــا على الجميــع.
وقالت: «إن الإنسان إذا كان مستهدفا أو غير مستهدف فلن يصيبه إلا ما كتبه الله عليه، فإذا جاهد المرء أو لم يجاهد فسيأتيه الموت، ولن يقدم الجهاد أجل إنسان، إلا أن الفرق كبير جدا بين موت القاعدين المتخلفين عن الجهاد وهم يقدرون عليه، وبين المجاهدين الذين باعوا أنفسهم لله، نحن نعلم علم اليقين أن الأمة لو اجتمعت على أن يضرونا بشيء لن يضرونا إلا بشيء قد كتبه الله علينا، وما دام الموت لن يستثني أحدا فإننا نفضل أن نموت ميتة شريفة».
وقالت «أم محمد»: إن زوجها له مكانة عالية في حركة حماس ويتمتع بشعبية عالية، ولكنه لو استشهد فلن يكون أول من يستشهد في حماس، فقد استشهد الكثير من قادة الحركة منذ انطلاقتها وحتى الآن، مؤكدة أنه إذا استشهد فستأتي من بعده المئات، لتحمل الأمانة والسير على نفس النهج الذي سار عليه.
وأشارت «أم محمد» إلى أن إسرائيل لا تستهدف د.عبدالعزيز فقط، بل كل حركة حماس، وكل الشعب الفلسطيني الذي التف حول خيار الجهاد والمقاومة، ورفض الذل والهوان، وسعي الاحتلال الإسرائيلي لاغتياله الهدف منه إضعاف حركة حماس، وإن الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني هو خيار الجهاد والمقاومة، لأنه هو السبيل للعزة والكرامة، وهو الذي حثنا عليه الله وأمرنا ألا نحيد عنه مهما كانت الصعوبات، وعلى هذا الطريق سار الشهداء والجرحى والمعتقلون.
أما د.صلاح الرنتيسي شقيق د.عبدالعزيز فقال: «إنني تلقيت نبأ محاولة الاغتيال بذهول شديد، ولم أتمالك نفسي فأجهشت بالبكاء، وبعدها بقليل علمنا بنجاة الدكتور، فتوجهت مسرعا إلى غزة»، مشيرا إلى أنه قبل نصف ساعة من محاولة الاغتيال كان هناك اشتباك أمام بيت د.عبدالعزيز وأمام بيتي في خان يونس، فدخل بيتي ما يقرب من 100 رصاصة اخترقت الجدران والأثاث، وقد أخبرت شقيقي بما حدث.
وعن دوافع اغتيال شقيقه قال: «إن د.عبدالعزيز فلسطيني، وهو من أعضاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهي الحركة المقاومة القوية التي تمثل عقبة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وتحرمه من تحقيق مطامعه التي تتمثل في اكتساح أرض فلسطين وجعلها أرضا يهودية،
الكويت تستنكر
كعادته نصيرا دائما للقضية الفلسطينية اعرب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والذي كان حينذاك رئيسا لمجلس الوزراء ووزيرا للخارجية عن استنكار الكويت وادانتها الشديدة للمحاولة الاثمة التي قامت بها القوات الاسرائيلية لاغتيال احد قادة المقاومة الفلسطينية عبدالعزيز الرنتيسي والتي ادت الى استشهاد واصابة عدد من المواطنين الفلسطينيين. وقال الشيخ صباح في بيان صحافي ان قيام اسرائيل بارتكاب مثل هذه الاعمال الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني من شأنه تقويض الجهود المبذولة حاليا لارساء السلام في الشرق الأوسط واعاقة عملية تطبيق خارطة الطريق. ودعا الشيخ صباح المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها المتكرر على الشعب الفلسطيني وقادته. وعبر الشيخ صباح عن خالص تعازيه وصادق مواساته للضحايا الابرياء من ابناء الشعب الفلسطيني الشقيق جراء هذه العملية الاجرامية التي قامت بها اسرائيل، سائلا المولى تعالى لهم المغفرة والرحمة وللمصابين سرعة الشفاء والعافية.
«الإصلاح» تدين العملية
استنكرت جمعية الاصلاح اغتيال د.عبدالعزيز الرنتيسي وقالت الجمعية في بيان لها ان هذا الغدر اليهودي هو طبيعتهم وليس غريبا عليهم وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الاخيرة وسيأتي الدور على كل عربي ومسلم لو استطاعوا، انها حلقة من حلقات الارهاب الصهيوني المنظم بدءا من دير ياسين ومرورا بجنين وقانا وقصف سيارة الشهيد احمد ياسين وغيرها.
أبومازن يعتبرها إرهاباً
٭ وصف محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية العملية بانها هجوم اجرامي ارهابي وقال في بيان لديوان رئيس الوزراء من شأن هذه العملية ان تعطل وتخرب العملية السلمية. وقال ابوزمان للفضائية الفلسطينية نعتبر هذه المحاولة جريمة نكراء وعملية ارهابية بكل معاني الكلمة لانها تأتي وتستهدف اناسا ابرياء، واتهم اسرائيل بمحاولة نسف جهود الحوار الفلسطيني في خارطة الطريق.
٭ وقال وزير الاعلام نبيل عمرو ان ابومازن يعتبر ان هذه المحاولة موجهة ضد حكومته بالدرجة الأولى.
وحول الخطوات المستقبلية قال اننا سندرس كل الاحتمالات السياسية ونحن لا نتخذ مواقف مرتجلة ومتسرعة وان الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء وجميع المسؤولين في دوائر منظمة التحرير والسلطة منهمكون في تقييم الموقف. واضاف انه لا يغيب عن ذهننا ان الجانب الاسرائيلي يخطط لاستــــدراج ردود فعل تعفيه من الالتزامـــات المترتبــــة عليـــه في خارطـــة الطريـــق.
٭ وفي غزة حملت الفصائل الفلسطينية والاسلامية امس الحكومة الاسرائيلية المسؤولية معلنة ان رد شعبنا على هذه الجريمة النكراء مزيد من الاصرار على الوحدة الوطنية ومزيد من التمسك بحقه المشروع في مواصلة المقاومة والانتفاضة. وشدد البيان على ان الفصائل توقف مسيرة الحوار الوطني.
محطات مهمة في حياة الرنتيسي
٭ ولد القائد د.عبدالعزيز عبدالحفيظ الرنتيسي في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا) في 23/1/1947 ولجأت أسرته بعد هزيمة 1948 الى قطاع غزة واستقرت في مخيم بقرية خان يونس وكان عمره وقتها ستة أشهر وتربى بين تسعة اخوة واختين وحاز المركز الأول في الثانوية العامة في غزة.
٭ شارك الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي شيخه أحمد ياسين ـ رحمه الله ـ في تأسيس حركة «حماس» وصاغ فكرة البيان الأول للحركة في 14 ديسمبر 1987 بعد اسبوع من اندلاع الانتفاضة الأولى.
٭ أنهى دراسته الجامعية في عام 1971 بجامعة الاسكندرية وحصل على الماجستير في طب الأطفال وفي عام 1976 تزوج وأنجب 6 أبناء (ولدان وأربع بنات) وهو جد لعشرة أحفاد.
٭ تعرض الرنتيسي للاعتقال من القوات الإسرائيلية 3 مرات أمضى خلالها سنوات في سجون الاعتقال كما اعتقل من الشرطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو.
٭ كان الناطق الرسمي في مرج الزهور بعد ان أبعد في 17/12/1992 مع 400 شخص من نشطاء كوادر حركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» الى جنوب لبنان حيث برز كناطق رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام إسرائيل على إعادتهم.
٭ مازالت القبائل البدوية في جنوبي غزة تذكر ذلك الطبيب الفلسطيني الشاب الذي كان يفد إليهم في أواساط السبعينيات مشيا على الأقدام وهو يحمل حقيبته كي يقوم بعمليات ختان للأطفال مجانا وكان د.عبدالعزيز الرنتيسي يقوم بهذه الأنشطة في العديد من القرى والتجمعات الفلسطينية خدمة لشعبه.
٭ اعتقل في عام 1982 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال.
٭ اعتقل في عام 1987 مع كادر الحركة في الانتفاضة الأول ثم جرى اعتقاله 21 يوما في 1988 ثم افرج عنه في نفس العام بعد ان ظل مسجونا لمدة عامين ونصف العام.
٭ تمكن من حفظ القرآن في المعتقل في الزنزانة مع شيخه أحمد ياسين وله قصائد شعرية ثورية وكان كاتبا للمقالات السياسية في الصحف والمجلات العربية والأجنبية.
٭ من أقواله: أرض فلسطين جزء من الإيمان وقد أعلنها الخليفة عمر بن الخطاب أرضا للمسلمين قاطبة، ولهذا لا يحق لفرد أو جماعة بيعها أو اهداؤها.
تأثر بخطب الشيخ محمود عيد

|
الشيخ محمود عيد -رحمه الله- |
يقول د.عبدالعزيز الرنتيسي عن بداية مشواره مع الحركة الإسلامية انه تأثر جدا أثناء دراسته في مصر بالشيخين محمود عيد ـ رحمه الله ـ والشيخ احمد المحلاوي اللذين كانا يخطبان في مسجدي السلام باستانلي والقائد ابراهيم بمحطة الرمل في الاسكندرية.
ويواصل د.عبدالعزيز الرنتيسي: كانت الخطب سياسية وحماسية فالشيخ محمود عيد كان داعما للقضية الفلسطينية، وكان في خطبه يواجه الرئيس أنور السادات بعنف من خلال المنبر غير آبه بالتهديدات في ذلك الوقت وهو ما ترك في نفسي اثرا بالغا فلما عدت من دراسة الماجستير بدأت أتحسس طريقي في الحركة الإسلامية مقتديا بأسلوبه ونهجه، وهذا حدث فعلا في أول مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في عام 1981 حيث فرضت علي الاقامة الجبرية ثم اعتقلت على خلفية رفضي دفع ضرائب لسلطات الاحتلال.
والجدير بالذكر ان الشيخ محمود عيد ـ رحمه الله ـ كان من أوائل المشايخ الذين ذهبوا الى غزة وقدموا جهدهم الدعوي وله اليوم جيل كامل منهم د.عبدالعزيز الرنتيسي تعلموا من خطبه الحماسية التي مازالت في ذاكرتهم.
من أقواله
أشعر بثقل الأمانة وسأعمل للحفاظ على البندقية والوحدة الوطنية، لذا أبسط يدي لكل الاخوة في الفصائل الفلسطينية.
لا نتطلع الى كراسي زائلة ولا نتنافس على مناصب، فنحن أولا وأخيرا طلاب شهادة.
لم نناصب في يوم من الأيام السلطة العداء، وقد كفت «حماس» في أحلك الظروف يدها عن توجيه البنادق إلا إلى صدر العدو الإسرائيلي. قال ذات مرة في لقاء باللغة الانجليزية للمقدم: الموت آت سواء بالسكتة القلبية أو بالأباتشي وأنا أفضل الأباتشي.
«حماس» ستشكل دائما الموقف التجميعي لجميع القوى الوطنية والإسلامية وقد تشربنا هذه القيم من شيخنا ياسين.
نشأته السياسية جعلت منه «كاريزما» حماسية
تصريحاته الإعلامية تنم عن قوة شخصيته

|
الرنتيسي في مقابلة اعلامية في مرج الزهور |
رحلة المجد في حياة القائد الشهيد عبدالعزيز علي عبدالحفيظ الرنتيسي حياة حافلة بالانجاز ولعلي هنا اتوقف قليلا امام قائد فلسطيني عرف كيف هي لغة الاعلام؟
واضح جدا في حياة د.الرنتيسي ان النشأة السياسية لعبت دورا كبيرا في جعله «كاريزما» وبالتالي استقطاب الصحافة والاعلام له كونه يملك هذه الملكة خاصة انه كان احد مؤسسي حركة حماس وتعرض للاعتقالات الكثيرة التي صنعت منه قائدا جماهيريا خاصة تجربة مرج الزهور وايضا حادثة استشهاده نفسها وما كان ليطلق عليه اسم «اسد فلسطين» الا لانه يستحق هذا اللقب عن جدارة، اضافة الى كونه طبيبا وخطيبا مفوها وسياسيا، كل هذه الاسباب جعلت منه صاحب حظوة اعلامية وحضور اعلامي وصحافي واعتقد انه سبق عصره في فهمه «الصحافة الالكترونية» الامر الذي جعله يتفاعل ويتعامل مع مجاميع شبابية في داخل وخارج فلسطين عن طريق التراسل الالكتروني، واعرض للقارئ الكريم بعضا من مواقفه الاعلامية وتصريحاته التي تنم عن فهم لابعاد الرسالة الاعلامية وسرعة البديهة والذكاء الفطري لديه للتعامل مع وسائل الاعلام المختلفة التي تقصده وتريد منه تصريحا يكون محورا لرسائل اسقاط سياسية متعددة الجوانب.
٭ يقول لمجلة المجتمع الكويتية الصادرة عن جمعية الاصلاح الاجتماعي بتاريخ 10/4/2004 في مقابلة شاملة ما نصه: أذكر دائما بكلمة الشيخ احمد ياسين «ضربونا فانتفضنا.. وضربناهم فارتفعنا» بمواجهتهم وجهادنا ضدهم نرتفع، هم كم سيقتلون منا؟ هل يمكن ابادة الشعب الذي يلتف حول هذه الحركة، هذه الحركة فيها من القيادات والطاقات ما يذهل العدد، لذا لست قلقا من هذا المخطط، بل اشعر بأن هذا الاستهداف يزيد من تعاظم الحركة وقوتها، هذا الاستهداف لا يأتي في اطار رضا العدو لكنه مرغم على ذلك، وكثيرا ما كانت حساباته خاطئة وادت الى عكس ما كان يتوقع.
٭ ونشر له في جريدة الوطن في 8/4/2002 قوله على عرفات افشال مخطط القيادة البديلة.. وبسؤاله عن صحة ما نسبت اليه تقارير صحافية من انه طالب بتسليمه قيادة السلطة الوطنية لحركة حماس، اذا ما تم اخراج الرئيس عرفات الى خارج فلسطين، نفى الرنتيسي صحة هذا التقرير نفيا قاطعا، وقال: «انا ضد ذلك بالمطلق، لو ان الرئيس عرفات قام بنفسه بتسليمنا مفتاح قيادة الساحة الفلسطينية فلن نقبل، وذلك لسبب بسيط، هو ان الوضع الدولي ومعه الوضع العربي واليهودي لن يستوعب وجود حماس على رأس الشعب الفلسطيني وسلطته.
واضاف ان التفكير في التقدم نحو تسلم زمام القيادة الفلسطينية من جهة حماس، هو كلام فارغ وتفكير غير وارد لدنيا، اما التصريح المنسوب لي فهو مكيدة اسرائيلية، والرئيس عرفات يعرف ذلك.
ويطالب الرنتيسي عرفات بمواصلة الصمود ورفض الخروج من مقره في رام الله لاحباط المخطط الاسرائيلي الرامي لخلق ادارة حكم ذاتي بديلة في الضفة الغربية مع خلق سجن كبير في غزة للفلسطينيين يسمونه دولة او ما شاءوا من الاسماء.
٭ وقال لـ «رويتر»: القبلة مع عرفات روتينية والقتال يحول غزة الى جهنم ونشرت نصا في جريدة «الأنباء» بتاريخ 4/10/1997 احتضن عبدالعزيز الرنتيسي حفيدته الصغرى وطلب منها ان تقبله في حين كانت كاميرات التلفزيون تصور اللقطات الاخيرة من تقرير عن حركة المقاومة الاسلامية حماس.
وسأله الصحافي: ايهما افضل هذه القبلة ام قبلة عرفات، مشيرا الى عناق اثار جدلا واسعا بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والرنتيسي في قطاع غزة في اغسطس الماضي، وقال الرنتيسي وهو عضو مؤسس في حركة حماس وأحد رموز قيادتها السياسية لم يكن لتلك القبلة ابعاد سياسية على الاطلاق، كانت هذه المقابلة الاولى في حياتي مع عرفات، هي تحية روتينية لا اكثر ولا اقل، لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فسر الامر بشكل مختلف وابلغ عرفات ان عليه الاختيار بين معانقة حماس ومعانقة السلام.
٭ وقال للاهرام العربي في 21/6/2003: شارون فاشل والحكومة الفلسطينية تعمل بوجهين وان كتائب القسام في جاهزية مستمرة.
٭ وفي حوار مطول مع «المستقبل» في 26/7/2003 قال: خارطة الطريق ولدت متية والهدنة لتفويت الفرصة على توتير الوضع الداخلي، والاحتلال الاسرائيلي يتحمل نتائج تأخير الافراج عن الاسرى الفلسطينيين.
٭ وفي تصريح لجريدة الرأي العام في 11/6/2003 صرح اثر محاولة اغتياله بأن في الاجل بقية واسأل الله ان يرزقني الشهادة ان رد حماس سيكون مزلزلا.
رثاء الشعراء للرنتيسي

|
مشاركا في مظاهرة في غزة |

|
طفل يستشرف المستقبل برفع صورة الرنتيسي |
أثار استشهاد القائد الفلسطيني البطل عبدالعزيز الرنتيسي قريحة الشعراء العرب على امتداد الوطن العربي فكتبوا المعلقات والقصائد مدحا في هذا القائد الذي نحسبه شهيدا عند ربه لا نزكي على الله أحدا وفي رثاء حزين أنشد الشاعر خضر محمد ابو جحجوح ـ عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين عضو رابطة أدباء الشام قصيدة شعرية طويلة بعنوان «منارة الشموخ واليقين» نعرض بعضا منها ويقول فيها:
عبدالعزيز تعذبت روحي بما
نزف الفؤاد على ربى ونجاد
والأمة المليار تمضغ ذلها
بسرادق الأصفار والأعداد
هانت وصوح مجدها من ذلها
فغدت هشيما في يدي حصاد
* * *
عبدالعزيز تحيتي ممزوجة
بنسائم القرآن والأوراد
فاهنأ حبيبي إنما هي متعة
والحور ترشف بهجة الميعاد
سلم على حبي الرسول وصحبه
وأحبتي الشهداء والأشهاد
ومن مصر الثورة يقول د.جمال مرسي في مرثية حزينة عنوانها: «لم يندمل جرحنا بعد» قائلا:
لازلت في كمد من موت ياسين
حتى أتى خبر أدمى شراييني
لم يبرأ الجرح مذ أدماه مختبل
حتى ثوى غيره في القلب يدميني
يا حسرة النفس كاد الغيظ يخنقها
والنار في خافقي أجت لتكويني
بالأمس (ياسين)، ثم اليوم أتبعه
(عبدالعزيز)شهيد الحق والدين
قل للعلوج، كفاكم من مدامعنا
نسج انتصاراتكم أبناء صهيون
ما دمعة سقطت إلا لتحرقكم
وفي الصدور بنا غلي البراكين
لا لن يطول زمان العهر يا فئة
من أنجس الخلق يا نسل الشياطين
(عبدالعزيز) أبي نال بغيته
وللجنان مضى للخرد العين
تزفه الحور، والأنظار ترمقه
وقد تنعم في روضات نسرين
ما كان يرهبه موت يلاحقه
ولا ثنى عزمه تهديد مأفون
ولا تراجع والقضبان تحجبه
عن قولة الحق ضد الغاصب الدون
يا ساكب الدمع، كفكف دمع نائحة
ما عاد ينفعنا دمع المساكين
ما عاد ينفعنا إلا انتفاضتنا
حتى يمن الذي يعطي بتمكين
هذا يذيقهم موتا بقنبلة
وذاك يزرعه في نصل سكين
وتلك تنجب أطفالا، مدافعهم
حجارة من لهيب الصخر والطين
أما د.أسامة الأحمد فيرثيه في قصيدة رائعة بعنوان: «الرنتيسي في عيون المليار» وعندما اعتلى المنصة قال: «عجبي لك ايها الشهيد.. حتى وأنت مسجى على الأكتاف تقود الناس بحماس.. فضجت الصالة بالتصفيق، يقول في القصيدة الطويلة:
يا من وقفت بمركز الإعصار
طودا يجاهد خلف خط النار
ذل الكثير.. وظل رأسك شامخا
فردا يسير مواجه التيار
يا فارسا سبق الجياد جواده!
قد عشت عمرك سيد المضمار
أعزمت ترحل قبل سجدة جبهة
في المسجد الأقصى دجى الأسحار!
أعزمت ترحل! أين.. أين عهودنا
في أن نسير لآخر المشوار؟!
من أنت؟! قل لي هل شهاب عابر
بسماء عصرك باهر الأنوار
من أنت؟! قل لي.. هل نداء هادر
أم نغمة قدسية الأوتار؟!
من أنت؟! قل يا سيد الأحرار
فسناء وجهك ساكن أغواري
عجبا لأمرك! ما فعلت بمهجتي
يا سيدي.. وبمهجة المليار!
ومن ليبيا الثائرة نحو التغيير يقول الشاعر فارس عودة من الجماهيرية في قصيدة الأسد الشهيد ما يلي:
فقد العزيز يفتت الأكباد
ويزلزل الأغوار والأوتادا
ويهيج بالأحداق ان تبكي أبا
ملأ المدائن صولة وجهادا
كم عشت في مرج الزهور مغردا
رغم المصاب ترجع الإنشادا
كم عشت في سجن البغاة مكبلا
تشكو الظلام وتلعن الأصفادا
كم عشت تصطنع الرجال وتصطفي
درر الحماس وتصنع الأمجادا
تسقي قلوب المخلصين عزيمة
وتزيدهم فوق العناد عنادا
كم سرت تطلب للمعالي قمة
وكم اتخذت ذرى الصعاب جودا
حتى أتتك يد الغوائل غرة
ويد الجبان تبيت الأحقادا
نهشتك أنياب الضباع عشية
ورمتك أجنحة البغاث عتادا
غدروك يا أبتي وتلك سجية
يزهو بها من أوجدوا الموسادا
من جرفوا الزيتون من أوطانه
من صادروا الأفراح والأعيادا
من أحرقوا الأرض الوفور بنارهم
من حولوها باللهيب رمادا
من قتلوا الشيخ الجليل ودنسوا
حرم الشريف ومزقوا الأولادا
من حاصروا الشعب الأبي بداره
من شردوا الآباء والأجدادا
أبتي بكيتك والدموع كأنها
غيث همى فوق البطاح وجادا
أبتاه فقدك أشعل الدنيا أسى
وأصاب في صدر الأباة فؤادا
قسما برب البيت سوف نذيقهم
طعنا يقطع هوله الأكبادا
ولظى تذوب لحره أوصالهم
ويزعزع الأركان والأطوادا
جند الكتائب يا سواعد أمة
تحمي الحمى وتحطم الأوغادا
صبوا على المحتل نار جهنم
واستأصلوا الطاغوت والجلادا
يافتية القسام هذا يومكم
فلتجعلوا تل الربيع رمادا
ولترهبوا تلك القرود فإنها
عند الكريهة لا تطيق جلادا
ولتثأروا لدم الشهيد وتحرقوا
قلب الكيان وتشنقوا القوادا
أبرز شهداء قادة حماس
سياسة الاغتيالات ليست جديدة على الكيان الصهيوني، فتاريخه السياسي يرصد قائمة طويلة لهذه العمليات منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل الصهيونية عام 1948 وحتى الآن.
فلاتزال الذاكرة تعي أسماء سياسيين وعلماء ومفكرين راحوا ضحية هذه السياسة بأساليب وطرق مختلفة، ويعد اغتيال قائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة د.عبدالعزيز الرنتيسي يوم 17 أبريل 2004 آخر هذه الاغتيالات.
والتقرير التالي يستعرض بعض محاولات الاغتيال الجبانة التي تعرض لها قادة «حماس» وهم:
- عبدالعزيز الرنتيسي
جاء اغتيال د.عبدالعزيز الرنتيسي ليدخل حركة «حماس» في مرحلة جديدة في تعاطيها مع سياسة الاغتيالات فقد اغتيل في 17 ابريل بعد أقل من شهر من اغتيال الشيخ أحمد ياسين.
- الشيخ الشهيد أحمد ياسين
رغم إصابته بالشلل التام وفقدانه البصر في عينه اليمنى والضعف الشديد في العين اليسرى فإن القوة الروحية والمكانة الأدبية التي يتمتع بها مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وزعيمها الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل جعلت منه واحدا من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني.
- م.إسماعيل أبوشنب
يعد م.إسماعيل أبوشنب أحد أبرز مؤسسي وقياديي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قضى عشر سنوات كاملة في سجون الاحتلال بتهمة قيادة تنظيم حماس خلال الانتفاضة الأولى، واعتبر من أبرز قيادات الحركة في قطاع غزة رصدته قوات الاحتلال ونجحت في اغتياله يوم 21 أغسطس 2003 بإطلاق صواريخ على سيارته فاستشهد واثنان من مرافقيه.
- القائد الشيخ صلاح شحادة
كان صلاح شحادة هدفا دائما لأجهزة الأمن الصهيونية منذ نشاطه الكبير في انتفاضة عام 1987 وقيادته لكتائب عز الدين القسام بعد ذلك.
ويعد شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة «حماس» والذي عرف باسم «المجاهدون الفلسطينيون»، وكان قائدا لكتائب عز الدين القسام.
ورغم اعتقاله أكثر من مرة فإن إسرائيل اختارت تصفيته جسديا، وتم لها ذلك باستخدام طائرات الأباتشي يوم 23 يوليو 2002 في قصف المبنى الذي كان فيه بحي الدرج المكتظ بالسكان في غزة، ما أسفر عن استشهاده وزوجته وعدد من المدنيين معظمهم من الأطفال.
- المفكر القائد إبراهيم المقادمة
عضو القيادة السياسية لحركة «حماس» وأحد أهم الشخصيات التي أسست النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص في غزة والمعروف باسم «مجد»، وصاحب كتاب «الصراع السكاني في فلسطين».
سجنته إسرائيل عام 1984 لمدة 8 سنوات ثم سجنته السلطة الفلسطينية عام 1996 لمدة ثلاث سنوات.
في صبيحة الثامن من مارس 2003 تعرضت سيارته لصواريخ أطلقتها طائرات الأباتشي الصهيونية الأميركية الصنع أدت إلى استشهاده هو وثلاثة من مرافقيه وطفلة صغيرة كانت تمر قريبا من سيارته.
- القائد محمود أبوهنود
اشتهر محمود أبوهنود بخبرته في إقامة المختبرات القادرة على صناعة متفجرات محلية.
اعتبرته إسرائيل هو والقيادي الفلسطيني محيي الدين الشريف المطلوبين رقم واحد وقد تعرض في أغسطس 2000 لمحاولة اغتيال في سجنه بنابلس إلا أنه نجا بأعجوبة، بعدها بقليل تعرض لمحاولة اغتيال ثانية استهدفت سيارته بطائرة «إف 16» غير أنه نجا من هذه المحاولة أيضا في حين استشهد 11 فلسطينيا، كررت إسرائيل المحاولة مرة ثالثة يوم 23/11/2001 ونجحت في اغتياله بعد قصف سيارته بصواريخ أطلقتها طائرات الأباتشي فاستشهد عن عمر يناهر 34 عاما.
- القائد المجاهد جمال منصور
حفلت حياة جمال منصور بالكثير من الأحداث أهمها كثرة مرات اعتقاله سواء في سجون الاحتلال الصهيوني التي بلغت 8 مرات.
كان جمال منصور رئيسا للكتلة الإسلامية أوائل الثمانينيات في جامعة النجاح التي تخرج فيها حاصلا على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وبدأ نجمه يظهر أكثر في وسائل الإعلام بعد إبعاده إلى جنوب لبنان عام 1992.
بعد دعوته السلطة الفلسطينية الى تقديم العملاء المحتجزين في سجونها إلى المحاكمة وبعد تهديده الذي أطلقه عقب اغتيال زميله صلاح دروزه بأن جرائم إسرائيل لن تمر دون رد كان الرد الصهيوني إليه أسبق.
ففي 31/7/2001 تلقى مكالمة هاتفية في مكتبه بنابلس في الضفة الغربية انتحل خلالها المتحدث شخصية أحد المذيعين في هيئة الإذاعة البريطانية ليتأكد من وجوده وبقائه هناك، وعلى الفور قصفت طائرة أباتشي مكتبه بصواريخ قضت عليه هو وبعض مرافقيه.
- القائد المجاهد خالد مشعل
كانت محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في العاصمة الأردنية (عمان) يوم 25 سبتمبر 1997 واحدة من أشهر محاولات الاغتيال الفاشلة التي قام بها جهاز الاستخبارات الخارجية الصهيوني المعروف باسم «موساد».
في ذلك اليوم حاولت إسرائيل إسكات صوت مشعل الذي يعد من أشهر سياسيي حماس في السنوات العشر الماضية وذلك عن طريق مادة قاتلة أفقدته الوعي بعد ساعات من المحاولة.
واستطاع حارسه الشخصي وسائقه محمد مبدع أبوسيف مطاردة عميلي الموساد وإلقاء القبض عليهما ثم تسليمهما للشرطة.
وعلى الفور سافر رجل الاستخبارات الصهيوني ورئيس الموساد فيما بعد إسحاق هليفي إلى عمان لمقابلة الملك الأردني السابق حسين بن طلال والتفاوض معه لتسليم العميلين.
وتمت الصفقة بإطلاق سراح العميلين الصهيونيين مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية وتقديم العلاج لخالد مشعل.
- القائد المهندس يحيى عياش
ترجع شهرة م.يحيى عياش خريج قسم الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت إلى نجاحه في تصنيع المتفجرات التي استعملتها كتائب عزالدين القسام في عملياتها ضد إسرائيل محليا، وبالتحديد من المواد الكيماوية المتوافرة في الصيدليات ومحال بيع الأدوية والمستحضرات الطبية وبذلك حل إشكالية كبيرة كانت تتمثل في شح الإمكانات لدى المقاومة الفلسطينية.
وفي عام 1990 تمت العملية الأولى التي جرب فيها يحيى عياش أسلوبه الجديد وذلك بتجهيز سيارة مفخخة حاول تفجيرها في «رامات افعال»، ومنذ تلك اللحظة بدأت أجهزة الأمن الصهيونية تطارده لعدة سنوات استطاع خلالها تكبيد إسرائيل خسائر كبيرة في الأرواح بسبب عمليات التفجير الفدائية التي تخصص فيها. ويوم 5 يناير 1996 نجحت إسرائيل في اغتياله بواسطة هاتف نقال مفخخ استطاعت أجهزة الأمن الصهيونية تسريبه إليه عن طريق أحد العملاء في غزة، ففارق الحياة عن عمر يناهز 30 عاما.
د.الرنتيسي في عيون كتّاب الكويت

|

|

|

|
د. أحمد الربعي |
د. عبدالله النفيسي |
د. شفيق الغبرا |
أ. عبداللطيف الدعيج |
عبدالله فهد النفيسي
يعتبر د.عبدالعزيز الرنتيسي أحد مؤسسي حركة «حماس» واعتقل من الكيان الإسرائيلي عدة مرات وتعرض لمحاولات اغتيال وصنف دائما بأنه من الصقور لتمسكه بالثوابت والمقاومة وقد تناوله أعلام من أبناء الكويت في زواياهم وهم على التوالي:
حتى لا يصبح التاريخ استنساخاً
كتب المرحوم بإذن الله د.أحمد الربعي ـ رحمه الله ـ في جريدة «الشرق الأوسط» مقالا مطولا في يوم الجمعة 24/1/2003 بعنوان: «حتى لا يصبح التاريخ استنساخا» قال فيه: حسنا فعل الأخ الكريم عبدالعزيز الرنتيسي برده على مقالتنا الموسومة «التاريخ يعيد نفسه».. وإلى جانب لغته المتحضرة، فإن مناقشة ما طرحته في مقالتي تلك هي امر صحي نحتاجه في هذه الظروف المعقدة.
جوهر مقالتي كان تلك الحقيقة المؤلمة التي تقول ان الشعب الفلسطيني وبسبب حجم المأساة التي عاشها، وتراكم القمع والتهجير والاستلاب بحقه، قد اصبح ضحية لجيش من المحتالين والباحثين عن السلطة، وان هذا الشعب قد تم استغلال ظروفه. فكل ضابط يعتلي صهوة دبابة يدبج البيان الأول بكلمة فلسطين حتى اذا تمكن حرق الزرع والنسل وعاث في الارض فسادا وتآمر على الفلسطينيين، وكل من رفع شعار القومية او اليسار او الاسلام وربطها بالقضية الفلسطينية وجد من يصفق له، وكل عمليات الإرهاب العالمي الأخيرة التي أساءت الينا وإلى قضيتنا المركزية يتم ربطها بفلسطين، وفي كل مرة يقع الفلسطينيون ضحية حفنة من الكذب والتزوير، ويكونون حطبا لمعارك ليست معاركهم.
مقالتي كانت من منطلق الخوف من ان يكرر التاريخ نفسه، ولا أريد ان ندخل في فتح ملفات الماضي، ولا في حرب الأرشيف، فمهمتنا العاجلة هي التئام الجراح لا نكؤها. ولكن ولأن الأخ الكريم عبدالعزيز الرنتيسي طرح عددا من القضايا التي تتعلق بالموقف الفلسطيني من احتلال الكويت فلابد من المرور مرور العابرين على تلك المسألة بهدف الاستفادة من اخطاء الماضي وليس بهدف البكاء على اللبن المسكوب.
لا أريد تكرار ما قاله الرنتيسي مشكورا عن موقف الكويت والكويتيين من القضية الفلسطينية، ففيها تشكلت حركة فتح وفيها عاش قادة السلطة الوطنية الحالية، وعلى أرضها كان يعيش ما يقرب من أربعمائة ألف فلسطيني. كانت فلسطين ومازالت حاضرة في ضمائر الناس، اسماء الشوارع والمدارس، جمع التبرعات، المظاهرات الحاشدة، وكانت فلسطين هي الرقم الصعب الذي يتفق عليه الجميع في مجتمع ديموقراطي اعتاد على الخلاف على كل شيء.
في وسط هذه الأجواء يقوم صدام باحتلال الكويت، وفي أجواء كهذه كانت الناس في الكويت تتطلع الى كلمة حق، وخاصة من أولئك الذين وقفنا معهم من منطلق الواجب، فكان المشهد مأساويا.
القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة (12 أغسطس 1990) تتبنى وجهة النظر العراقية وتعلن في بيانها ان المهمة العاجلة هي «التصدي للوجود العسكري الأجنبي» وتتحدث عن «التركة الاستعمارية وتقسيم الوطن العربي وسيطرة الأقلية على الثروة واغراق أسواق النفط» وهو بيان معدل ومهجن عن بيان صدام حسين عن احتلال الكويت.
قيادة عرفات «ناضلت» في مؤتمر القاهرة الطارئ (10 أغسطس 1990) ضد اصدار قرار ادانة الاحتلال وصوتت ضده، وأعلن عرفات تحالفه مع صدام حسين واستمر، ودفع الشعب الفلسطيني الى أوسلو.
الشيخ اسعد بيوض التميمي، زعيم حركة الجهاد الاسلامي يطالب من بغداد (أواخر سبتمبر 1990) بنصرة العراق المسلم ضد دول الكفر (الكويت والسعودية) ويدعو صدام حسين من بغداد الى اعلان نفسه خليفة للمسلمين واعلان العراق دولة الخلافة الاسلامية، ويصدر فتواه «الوقوف الى جانب صدام حسين واجب شرعي والقتال معه قتال في سبيل الله ومن تخلف فهو من المتخلفين».
حركة حماس أصدرت بيانها الشهير (17 أغسطس 1990) الذي تطالب فيه بجلاء القوات العراقية من الكويت، ورغم انه موقف ايجابي الا انه يشبه تحقيقات الشرطة في جريمة تسجل في النهاية ضد «مجهول»، فليس في البيان ظالم ومظلوم بل القضية كما يقول البيان نصا «مناشدة الجارين العراق والكويت ان يتقوا الله في المسلمين فيجمعوا كلمتهم ويتجاوزوا خلافاتهم» وهذا الموقف يذكرنا بالموقف الأميركي الحالي من القضية الفلسطينية حين يناشد «الطرفين» باللجوء الى السلام. الطرف الاسرائيلي الذي احتل الارض، والطرف الفلسطيني الذي هو ضحية الظلم والعدوان. بل ان حماس تذهب الى ما هو ابعد من هذا بعد ايام من البيان بتفسير كل ما حدث بأنه مؤامرة مدبرة «من الصهيونية العالمية وعلى رأسها اميركا للقضاء على القدرات العلمية والعسكرية للعراق الشقيق» ثم تربط حماس موقفها بموقف شرعي بانه «لا يجوز دخول الكافرين ارض الحجاز، ومن يقل بغير ذلك فهو جانح مهزوم او متخاذل خراص». وفي 15/8/1990 دعت حركة حماس في بيان لها الى اضراب شامل «احتجاجا على الاحتلال الأميركي الصليبي لبلاد المسلمين» ودعت الى «مقاطعة البضائع الأميركية» وبعد ذلك دعت حماس الفلسطينيين الى «الاكثار من الصيام والصلاة والدعاء الى الله ان يثبت اخواننا في العراق على أميركا وحلفائها وعبيدها والخروج الى السطوح والصراخ باسم الله، الله اكبر مع كل صاروخ يطلقه العراقيون.».
أبعد كل ذلك يا أخي عبدالعزيز الرنتيسي تتحدث عن حزنك وحزن الشيخ احمد ياسين الشخصي على احتلال الكويت، رغم التقدير لهذا الشعور؟ لكن المسألة اكبر من قضية عواطف. فالمواقف السياسية لحركة حماس وغيرها كانت احد أسباب تشجيع الرئيس العراقي على استمراره في العدوان. واهمال مشاعر شعب عربي تحت الاحتلال كان مأساة حقيقية لو حدثت لغير الكويتيين لدفعتهم لا سمح الله الى الكفر بقضيتهم والوقوف في المعسكر الآخر.
أقول ان التاريخ يعيد نفسه، فما نراه الآن من تحركات في الأراضي المحتلة، ومن بينها المهرجان الذي كتبنا عنه وكلماتك في ذلك المهرجان، ستكون وسائل جديدة لتشجيع النظام العراقي على التطرف والعناد، وهو ما سيدفع بكارثة جديدة لشعب العراق الصامد بعد كل الكوارث التي تسببت بها الديكتاتورية وصفق لها الكثيرون.
أخي عبدالعزيز الرنتيسي علينا ان نتخلص من عقدة العروبة المتوحشة والدخول الى فكرة انسانية اخرى تدين المجرم بغض النظر عن جنسيته، وترفض لبعض ابناء جلدتنا ان يتاجروا بنا وبمآسينا.
كل خوفي ان نتحول الى امة تصنع قاتليها وتصفق لهم، وكل خوفي ان نصبح مثل بعض اجدادنا في الجاهلية قبل ظهور رسول الامة صلى الله عليه وسلم حينما كانوا يصنعون آلهتهم من التمر فاذا جاعوا اكلوها، اما نحن فيبدو اننا نصنع هذه الالهة المزيفة لتأكلنا.
اذا كان الاخ الرنتيسي يخاف من حرب في العراق فان بيوتنا في الكويت تبعد مائة كيلومتر من الحرب، وهي حقيقة لها مدلولها النفسي واذا كان الاخ عبدالعزيز يخاف على شعب العراق وهو في الاراضي المحتلة فان خوفنا مختلف، فالعراقيون جيراننا وسيعود اطفالنا واطفال العراق الى العيش معا بسلام، ولذلك لا نريد لجيراننا واطفالهم ان يصبحوا ضحية لحرب او جوع او جهل لاننا سنكون اول ضحايا هذه المأساة وكل املي ان تتم التفرقة بين قضيتين بين شعب منهك من الحروب العدمية في العراق وحاكم ظالم، وكلي امل ان تتم التفرقة بين قضية عادلة هي قضية فلسطين ومعارك وهمية يخوضها حاكم العراق ويربطها ظلما وعدوانا بالقضية الفلسطينية، دعائي بان يثبت الله المجاهدين ويقوي من عزيمتهم في وجه شارون ودباباته وان يديم هذا التواصل والتعاضد بين شعب فلسطين وشعوب العرب من البحر الى البحر، وان يعيننا على قول كلمة الحق في وجه كل ظالم، وان يجعلنا نتذكر دائما من هم الذين تسببوا في بلوتنا ومن هم الذين ادخلوا مئات الالاف من الجيوش الاجنبية الى بلدنا، ومن هم الذين تاجروا بنا وبقضيتنا، ومن هم الذين بددوا ثروة الامة في حروب عدمية وان يعين اخوتنا في فلسطين على التفرقة بين المخلصين للقضية الفلسطينية والمتاجرين بها وان يرفع الغمة عن العراق واطفاله.
رسالة مفتوحة إلى عبدالعزيز الرنتيسي
وكتب د.عبدالله النفيسي ـ الكاتب الكويتي الالمعي في تحليلاته زاوية في جريدة «الوطن» «عدسة مجهر» الخميس 22/4/2004 بعنوان: «رسالة مفتوحة الى عبدالعزيز الرنتيسي» «an open lettertoal – rantisi »، قال فيها ما يلي:
الكويت في الجمعة 13 ربيع الآخر 1424
صاحب المعالي الاكرم عبدالعزيز الرنتيسي، حفظه الله تعالى،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
٭ بداية أود أن أعترف للصهاينة ومن والاهم من عرب وعجم إني أحبك لسببين: أولهما انك مسلم مجاهد تتقن فن الموت جيدا وسلاحك الواحد تلك الموتة الحمراء التي وصفها علي شريعتي في كراسته «الشهادة»، وثانيهما انك صاحب مظلومية تاريخية، وانا ضعيف كليا ضعيف امام المظلوم لذلك أجدني منحازا إليه، كليا منحاز بلا سؤال ولا تفاصيل مهما كان لون المظلوم وشكله ولغته ـ وصدق أو لا تصدق ـ مهما كان دينه فالإسلام والقرآن كما افهمه وأحسه علمني الانحياز كليا للمظلومين بلا سؤال ولا تفاصيل.
٭ عندكم يا عبدالعزيز في فلسطين مشكلة اخطر بكثير من الصهاينة فالصهاينة عدو ظاهر من الممكن تحديده ومعرفته ولكن العدو الأخطر المدمر هو العدو المستتر الذي يمشي معك كتفا بكتف وربما يصلي معك فرضا بفرض، إن الخونة لديكم في غزة والضفة ـ يا عبدالعزيز ـ يتوالدون كالأرانب ابتداء من الوزير الذي ما إن ترجل بوش من طائرته الخاصة في شرم الشيخ حتى سأل عنه من دون الوزراء الفلسطينيين وصافحه بحرارة لافتة للنظر وهمس بأذنيه وتمسكت إسرائيل بترشيحه لمنصبه الوزاري الذي يحتله الآن، ومرورا بالقطط السمان أصحاب الثروات المفاجئة والفلل الجديدة في «الرمال» ومشاريع المقاولات مع الصهاينة لبناء المستوطنات، إن الخونة ـ يا عبدالعزيز ـ والمتعاونين مع الصهاينة يمشون في شوارع غزة والضفة آمنين مطمئنين وما لم يتطهر الشارع الفلسطيني منهم ومجلس وزرائكم منهم فلن تأمن المقاومة ولن يأمن المجاهدون.
أنتم يا عبدالعزيز في حاجة ماسة إلى حركة تطهير تبدأ من قمة سلطتكم الوطنية تماما في نفس سياق سورة «التوبة» في القرآن الكريم وهي السورة الفاضحة التي فضحتهم وكشفتهم كيف لا وهم يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الصهيوني جوردون توماس في كتابه «جواسيس جدعون» ص 45 إن الموساد تعطي المخبر الفلسطيني informer أحيانا دولارا واحدا مقابل معلومات عن المجاهدين وأماكن تواجدهم في اللحظة المعينة، دولارا واحدا فقط إمعانا في الإذلال التاريخي ولا استبعد أن الصاروخ الذي أصاب سيارتك من المروحية الأميركية الأباتشي التي يقودها الطيار الصهيوني لم يصب هدفه إلا بتعاون المخبر الفلسطيني ابتداء من الوزير إياه وصولا إلى جيش البروليتاريا الرثة من ماسحي الأحذية الذين يحومون حول بيتك.
يجب ـ يا عبدالعزيز ـ ان تقرروا في منهاج حركتكم الثقافي حفظ ودراسة سورة «التوبة» التي تقول (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون... آية 56) فحركة النفاق التي فضحتها سورة «التوبة» يبدو أنها تتجدد في غزة والضفة ولابد من استئصال شافتها بكل القوة التي لديكم إذ لولا خطورة المنافقين التاريخية على الدعوة الإسلامية لما نزلت «التوبة» في شأنهم.
٭ لقد ماتت قلوب كثير من الناس في هذا الزمن الرديء وزحف موت القلوب حتى إلى المساجد وبين المصلين الذين يتبرأون من الجهاد وأهله وقد ذكر الإمام احمد أثرا ان الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة إن اخسف بقرية كذا وكذا، فقال: يا رب كيف وفيهم فلان العابد؟ فقال الله: به فابدأ فانه لم يتمعر وجهه في يوم قط، وذكر أبو عمر في كتاب التمهيد ان الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه أن قل لفلان الزاهد: أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعكم إلي فقد اكتسبت به العز ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟ فقال: يا رب وأي شيء لك علي؟ قال: هل واليت في وليا أو عاديت في عدوا؟ «انظر: اعلام الموقعين 2/177».
٭ وأخيرا يا عبدالعزيز وليس آخر لا يقوم الجهاد ضد الصهاينة ومن الأهم من عرب وعجم إلا بالدم والرسالة واشهد بأنك بذلت الدم وبلغت الرسالة، حفظك الله وجعلك في ضمانه وأمانه وأيدك وإخوانك بنصر من عنده فهو ولي ذلك والقادر عليهم.
والسلام عليكم وعلى أمثالك فأنتم ملح الأرض والتاريخ.
الاحقر
من الكويت الحضن التاريخي للجهاد الفلسطيني
اغتيال الرنتيسي.. ماذا بعد؟!
كتب د.شفيق ناظم الغبرا ـ استاذ العلوم السياسية ورئيس الجامعة الأميركية في الكويت مقالا بعنوان: اغتيال الرنتيسي.. ماذا بعد؟! بتاريخ الأربعاء 21/4/2004 في جريدة «الرأي العام» جاء فيه:
من الواضح ان اختلالا كبيرا وقع في ميزان القوى الإسرائيلي ـ الفلسطيني بالرغم من الشجاعة والتضحيات الكبيرة التي يبديها الشعب الفلسطيني، وقد أدى هذا الاختلال الى حملة اغتيالات بدأت تصل الى أعلى الهرم السياسي (الشيخ أحمد ياسين، ود.الرنتيسي).. فتناقضات الوضع العربي بعد سنوات من التراجع الاقتصادي والسياسي وتناقضات البيئة العالمية والعربية الناتجة عن أحداث سبتمبر ودخول الولايات المتحدة بشكل مباشر حلبة الصراع في الشرق الأوسط لابد ان تنعكس على القضية الفلسطينية.
فكأي مقاومة ضد احتلال وفي ظل ظرف تاريخي فيه صراع على كل قطعة ارض وكل موقع فإن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي يأخذ ابعادا كبيرة تتجاوز كل قواعد الصراع. إسرائيل بدأت حملة تصفية سياسية للقيادات الفلسطينية، ولكن هذا الأمر ليس جديدا، فتاريخ الصراع منذ هزيمة عام 1967 مليء باغتيال القيادات الفلسطينية بما فيها ومن أشهرها اغتيال أبوجهاد في تونس عام 1988 واغتيال النجار وعدوان وناصر في بيروت عام 1973 واغتيال عشرات القيادات قبل وبعد ذلك، لقد استخدمت اسرائيل الاغتيال في محاولة لإنهاء الصراع أو لتجميده أو لتحقيق مكاسب سياسية إلا ان ذلك كله زاد من تعقيدات الصراع وأشعل فتيله.
شارون في سعيه لاغتيال كل من ياسين والرنتيسي يسعى الى أهداف سياسية محددة، فهو من جهة يدفع باتجاه مزيد من المواجهات التي ستعني ارتفاعا في وتيرة الهجمات الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، فشارون الذي يقول انه سينسحب من غزة من طرف واحد يسعى الى سحب قواته في ظل أكبر المخاسر الممكنة في الجانب الفلسطيني، هذه المخاسر بالنسبة له هي أساس الاضعاف وهي أرضية لإقناع الليكود بأن انسحاب إسرائيل لا يقع من مواقع الضعف والتراجع أمام سيل العمليات الفلسطينية، في هذا يحاول شارون ان يميز نفسه عن سلفه باراك الذي انسحب في ظل ضربات حزب الله.
ولكن هناك تصورا آخر لما يقع، إذ يسعى شارون الى استفزاز الوضع الفلسطيني لمزيد من العمليات التي تصيب المدنيين الإسرائيليين وصولا الى تعبئة عامة في اسرائيل باتجاه الترحيل والطرد الجماعي، هذا السيناريو ينسجم مع طريقة تفكير شارون الذي يخشى من القنبلة الموقوتة العربية ومن تحول الفلسطينيين رغم سياسات التهجير الإسرائيلية الى أغلبية على الأرض الفلسطينية، الحل العراقي الذي يقوم على الطرد الجماعي كان أول ما قامت به إسرائيل حين قيامها عام 1948، ان الدولة التي قامت في الماضي على حل من هذا النمط بإمكانها ان تقوم به اليوم للحفاظ على نقائها العرقي إن صح القول.
الشعب الفلسطيني اليوم أمام خيارات كل خيار منها أصعب من الآخر، فالرد الموسع يحوي في جوانبه المختلفة سلسلة من الردود المتبادلة التي ستزيد من دمار الوضع الفلسطيني وقد توصل الأمور الى الحافة الخطيرة في التهجير الجماعي، أما عدم الرد فهو الآخر يزيد من إمعان اسرائيل في الاغتيال والتنكيل وتدمير البنى التحتية.
لهذا سيكون لزاما على حركة حماس والحركات الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بعد وصول الاغتيالات الى مرحلة خطيرة السعي لبناء حركة شعبية فلسطينية يتضامن معها العالم العربي والغربي هدفها إيقاف الجدار العازل وهدفها المقاومة بوسائل أقل عسكرية وأكثر سياسية، النضال من خلال التظاهر والاعتصام والمسيرات ورمي الحجارة قد ينجح في تحييد الأجهزة العسكرية الإسرائيلية وقد ينجح في الوقت نفسه في خلق انشقاقات في الساحة الإسرائيلية وفي كسب قطاعات كبيرة من الرأي العام، هذا يعيدنا الى تجربة الانتفاضة الأولى نسبة لتجربة الانتفاضة الأخيرة، فالانتفاضة الأولى أحرجت إسرائيل ووضعت عليها قيودا وجعلتها تبدو أكثر عدوانية.
هل دخل الوضع الفلسطيني ـ الإسرائيلي مرحلة اللاعودة، بالإمكان القول نعم، انه دخل اليوم مرحلة اللاعودة، فالصراع سيتفاقم وحرب الاغتيالات ستتوسع ومعها ردود الفعل الفلسطينية، هذا الصراع الذي يتعمق اليوم لن يتوقف عند حدود وهو سيتجاوز الكثير من قواعد الصراع، هذا ما تنبأنا به على الأقل في المرحلة المقبلة التي تفصلنا عن الانتخابات الأميركية، فمن الآن حتى تلك الانتخابات في نوفمبر المقبل تمتلك إسرائيل الكثير من الخيارات المسلحة في ظل عدم استعداد الرئيس الأميركي تغيير سياسته التي تعتمد على كسب الموقف الإسرائيلي وكسب الصوت اليهودي في الولايات المتحدة، أما الشعب الفلسطيني فعليه الصمود وفي الوقت نفسه ابداع وسائل جديدة تسانده في نضاله وتضعه على طريق استعادة الأرض وتحقيق الحقوق.
خير نموذج للطرح الديني
الكاتب عبداللطيف الدعيج كتب في القبس يوم الثلاثاء 28/1/2003 مقالا بعنوان: خير نموذج للطرح الديني قال فيه ما يلي: رغم عدم اهتمامي بالقضايا «القومية» أو الإسلامية التي لا ترتكز في نظري على اي وقائع مادية ملموسة، إلا انني لم أملك إلا ان ألاحظ عنجيهة وبدائية وضبابية رد السيد عبدالعزيز الرنتيسي الزعيم الديني الفلسطيني من حركة حدس أو حماس ـ لا فرق فكلهم اخوان مسلمون ـ الفلسطينية على الزميل احمد الربعي، كملاحظة عابرة، السيد الرنتيسي يحاول الاختباء ـ كعادة كل الاخوان ـ خلف اي ستار، ويتشبث بأي شيء لفرض وجهة نظره على الآخرين، الرنتيسي يحاول ان يكسب الكل حين يكتب «كنت آمل ان يكون موقف الربعي مبنيا على المصلحة العليا للأمة بما فيها الكويت، وان يتحسس الخطر الذي ينتظر الأمة بكاملها بما فيها الكويت وفلسطين.. حسنا، لكن لماذا لم يتكرم السيد الرنتيسي ويوضح لقرائه عن أي أمة يتكلم؟ ما هي الأمة التي يجب الحفاظ على مصلحتها العليا؟ هل هي أمة النفطيين أم العرب كما حدث في انقسام 1990 أم هي الأمة العربية أم تراها الإسلامية كما يؤمن بها عضو حركة الاخوان الفلسطيني؟ السيد الرنتيسي مثل دول الخليج الفارسي، لا تريد إغضاب شعوبها ولا تتحمل زعل ايران لذا أصبح الخليج مبهما وبلا هوية تماما كأمة السيد الرنتيسي.
ليس هذا مهما رغم دلالاته، ولكن ما يثير الغضب والحنق ان نجد الى اليوم وفي الوقت الذي تتعاظم فيه انسانية البشر واهتماماتهم بحقوق ومصالح بعضهم بعضا، في هذا الوقت يكتب لنا زعيم يتعيش على أموال خيرينا وعلى هبات حكومتنا الفاضلة، «ان الذين ستسحق عظامهم قنابل اميركا معظمهم كان قاصرا، او لم يكن حتى مولودا يوم اجتياح العراق الكويت، اعتقد أولا ان هذا الهراء هو تعبير عن التخلف والتطرف والعداء للذات الإنسانية التي يتميز بها كل الأصوليين اليوم وفي مقدمتهم الاخوان المسلمون، فالكاتب يصور او هو يعتقد، كما يبدو لي، ان الأمر هو عملية ثأر بين الكويتيين والعراقيين، وان حالة التشفي لدى الكويتيين لا مبرر لها بعد سقوط «الذنب» بالتقادم! هكذا تختزل المسائل لدى مفكري وقياديي الاخوان وهكذا هي المشاعر، تشف وثأر وانتقام.
مع هذا لن نسقط في فخ السيد الرنتيسي، فنحن نعتقد ان هناك أسبابا وأهدافا غير معلنة لطرحه الهمجي، الرنتيسي يريد ان يقول لنا ان الشعب العراقي لم يكن مغلوبا على أمره، وان الجنود العراقيين الذين اجتاحوا الكويت فعلوا ذلك مجاهدين ومقاتلين مقتنعين بما قاموا به، وليسوا مضللين من قبل الطاغية أو مجبرين من قبل أجهزته القمعية وقوى البطش لديه، لهذا فإن إسقاط صدام حسين ليس مبررا وربما لن يحل المشكلة.
فصدام ـ كما يريد لنا الرنتيسي ان نعتقد ـ كان ينفذ ويمثل مصالح العراقيين، لكن وبما ان العراقيين الذين غزوا الكويت قبل اثنتي عشرة سنة ليسوا عراقيي اليوم فقد «طاح الحطب» وانتهى الأمر ولا داعي لضرب العراق أو بالأحرى لإسقاط صدام حسين.

|
مسيرة كويتية حاشدة لمقتل د. الرنتيسي امام مجلس الأمة |