- السويدان: والله إذا استبد الإسلاميون بالدول التي كانت فيها ثورات فسنثور عليهم كما ثرنا على من قبلهم
- الدوسري: يجب إعادة النظر في المناهج التعليمية وحذف الأجزاء التي تحط من وضع المرأة
عبدالله البالول
وسط حضور طغى عليه العنصر النسائي واصل ملتقى «المجتمع المدني» الذي تستضيفه جمعية الخريجين انشطته في يومه الثاني الذي اقيم مساء امس الاول باستضافة عدد من النشطاء والمفكرين في مقدمتهم د.توفيق السيف والداعية د.طارق السويدان والناشطة في شؤون المرأة هالة الدوسري التي تواصلت مع الحضور عبر «شاشة العرض» باتصال عبر الانترنت نظرا لعدم قدرتها على التواجد في الكويت لظروف خاصة.
في البداية، أكد د.توفيق السيف ان محاولة الابقاء على الملتقى وعدم الغائه دليل على ان المجتمع المدني في الكويت فعال ونشط ويحرص على ممارسة دوره الذي كفله الدستور.
وتحدث السيف عن «المواطنة والمجتمع المدني» حيث قال: «المواطنة محور واساس لكل مجتمع سياسي حديث يتطلع الى علاقة تعاقدية وديموقراطية تؤمن بسيادة القانون ومشاركة الشعب في صناعة مستقبله، مبدأ المواطنة ببساطة هو منظومة من الحقوق يتمتع بها كل شخص ينتمي لأي مجتمع سياسي، ومقابل كل حق في هذه المنظومة هنالك تكليف.
واضاف: «في ثقافتنا السائدة وتراثنا هنالك اهمال لفكرة الحق حيث ان الثقافة العربية التي ورثناها وتعلمناها تركز على التكليف».
وبين ان المجتمع المدني مر تعريفه على مرحلتين وهو يعرف «بمجتمع المدينة» الذي يحكمه القانون حيث يطلق عليه هذا الاسم ليميزه عن «مجتمع الغابة» ما قبل الدولة، مشيرا الى ان المجتمع المدني هو المنطقة الوسطى بين الدولة والعائلة.
وذكر السيف ان داخل «بيت الانسان» ليس للدولة ولاية او سلطة والسلطة الوحيدة التي تحكم هي سلطة «الضمير» وعندما يخرج الانسان من البيت يدخل في المجال العام الذي يحكمه القانون وقال: «نحن نحتاج الى دولة قوية لكن نخاف من قهرها وكل العلوم السياسية تسعى الى معالجة هذا الاشكال الجوهري وهو كيف ننشئ دولة قوية دون ان تقهر الافراد».
وقال السيف ان المجتمع المدني هو احدى الادوات التي طورها الانسان للحد من الاستبداد وقال: «نحن نفترض ان القانون يدفع الى الاستبداد لكن القانون في النهاية هو اداة بيد الدولة».
واوضح السيف ان فكرة المواطنة والدولة ليست ناضجة بالقدر الكافي في مجتمعاتنا وفي المجتمع الخليجي نعاني اكثر من المجتمعات العربية حيث يرجع السبب الى ظهور قيمة الفرد.
واضاف: «الثقافة السائدة في منطقتنا بشكل خاص لا تنظر الى الفرد باعتباره الخلية الرئيسية في النظام الجماعي، وهو لا يعرف لنفسه بل لجماعته».
وذكر السيف انه لا يجوز النظر للفرد على انه ابن قبيلة او طائفة ومن ثم يقال انه مواطن حيث لا يجوز التنصيف، مشيرا الى ان المجتمع المدني ساهم في الترتيب بين الهويات الصغرى والكبرى «الجامعة» مؤكدا في الوقت نفسه ان المجتمع المدني ضروري لحماية النظام السياسي والوحدة الوطنية من خطوط الانكسار.
من جهته قال الداعية طارق السويدان قبل بداية محاضرته التي حملت عنوان «الحرية طريق الريادة» ان الدعاية الكبيرة التي حصلت ستعود بالفائدة لهذا الملتقى في السنوات المقبلة مشيرا الى ان اغلب المحاضرين بهذا الملتقى من اساتذة جامعة الكويت متسائلا في الوقت نفسه: هل يريد المعارضون منعنا من الكلام في الوقت الذي فتح القرآن الكريم الفكر للجميع؟!».
وبين السويدان ان حديثه عن الحرية... طريق الريادة تنطلق من الفكر الاسلامي ولا تمثل اي تيار، مشيرا الى ان عقلية المنع هي عقلية رجال الامن واصحاب الحجج الضعيفة وقال: «ديننا دين سماحة ويسر وليس عسرا».
وذكر السويدان ان الحرية هي ان تقول او تعقل ما تشاء لكنها مشروطة بعدم تجاوز الادب او القيام بأعمال وافعال مشينة، مبينا ان القانون الاول للابداع الذي يدرسه هو انه لا يوجد ابداع من غير حرية سواء اكانت سياسية او دينية.
واكد السويدان ان «الشيعة» مسلمون ويحترمهم ومن ثم فان عاملتهم بغير ذلك منهج خاطئ بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
واشار السويدان الى ان الكيل بمكيالين يكمن عندما تتم المطالبة ببناء مساجد في دول معينة ونمنع وجود الكنائس في دول الخليج، مشيرا الى انه لا يمنع من قدوم المبشرين الى الكويت للتبشير ومن يخاف من ذلك فهو ضعيف.
ولفت السويدان الى انه لا يفهم قول بعض العلماء ان الرق سيعود يوما من الايام، وقال: «يجب الا نسمح بذلك حتى لو وضعنا ايدينا مع الغرب لمحاربة هذا الامر» مؤكدا في الوقت نفسه ان الغرب هم من ألغوا الرق وهذه شهادة يجب ان تذكر.
وذكر السويدان ان الانسان حر في انتمائه ومن ثم فان الاقناع هو الوسيلة وليس الاجبار مشيرا الى ان الانسان كذلك حر في تجمعاته ولا يحتاج الى اذن وفي حال وجود خطر ما فان القضاء وحده من يصدر الاذن ولا احد غيره.
وأشار السويدان الى ان المرأة هي التي تختار العمل الذي تريده ولا يوجد شيء يقيدها حيث قال: «حتى ان ارادت ان تقود «التاركتر» فهذا الامر راجع اليها ومن حقها في النهاية».
وقال السويدان ان الفن شيء رائع وجميل اذا تم تجنب الممنوع والفحش منه مشيرا الى ان هنالك وجهات نظر عديدة فيما يخص هذا الموضوع.
وبين السويدان ان الشعب حر في اختيار حاكمه ونظامه وكذلك عزله مبينا انه لا يجوز من الدولة التجسس على مواطنيها الا بإذن قضائي على ان يكون المسؤولون عن ذلك مؤتمنين مؤكدا في الوقت نفسه ان الاصل ان تكون الدولة صغيرة والشعب هو الذي يدير اموره.
وعن علاقة الحرية ووسائل الاعلام، قال السويدان: «لا توجد حرية حقيقية في حال عدم وجود وسائل اعلام».
وقال السويدان بعد وصول الاسلاميين الى سدة القرار في الدول التي حدثت بها الثورات: «والله اذا استبد الاسلاميون بالحكم فسنثور عليهم كما ثرنا على من كان قبلهم»، مؤكدا في الوقت نفسه ان من حق الناس تأسيس احزاب حتى لو كانت على اسس كفرية.
واختتم السويدان محاضرته حيث قال: «الحرية يجب ان تكون حاضرة قبل تطبيق الشريعة، ففي اجواء الحرية ينتشر الاسلام، اما في اجواء الاستبداد فانه ينحرف».
وأكدت اخيرا الناشطة هالة الدوسري من خلال «الفيديو» بعد الاتصال بها عبر الانترنت ان هناك فرقا كبيرا بين الجنسين في دول الخليج وذلك من خلال الفرص المتاحة للمشاركة في المجالين السياسي والاقتصادي.
وذكرت الدوسري ان الفضاء العام لم يستوعب خصوصية المرأة، حيث انه من الصعب مشاركتها في القضايا السياسية والمهمة مبينة في الوقت نفسه ان الدولة توفر للمرأة حقوقها لكن في النهاية لا تستطيع ممارستها لبعض العوائق التي يخلقها المجتمع.
واشارت الدوسري الى ان المجتمع يمنح الرجل مزايا ويفرض على المرأة قيودا مؤكدة في الوقت نفسه ان المرأة في الخليج مظلومة ولم تتم مساواتها مع الرجل. ولفتت الدوسري الى ان قطر هي اقل الدول الخليجية التي تمنح المرأة المناصب العليا حسب التقارير والاحصاءيات اما الكويت فهي الاولى خليجيا فيما يخض هذا الموضوع. وقالت الدوسري ان ارتداء الحجاب هي حرية شخصية فهناك نساء رائدات «متحجبات» وكذلك «غير متحجبات «ورائدات ايضا» مشيرة الى ان هناك نسبة قليلة من الرجال يتعاطفون مع المرأة ويحاولون دعمها.
العودة يواجه أصدقاء «الصحوة» السابقين على أرض «النهضة»
|
د. سلمان العودة |
إيلاف: فرض المشاركون في ملتقى «النهضة» في الكويت إقامة ملتقاهم وفق اسم مختلف، على الرغم من منع وزارة الداخلية له بحجة التحريض الأمني والسياسي، مع تصاعد في لغة الخطاب ضد سلمان العودة من قبل رفاقه في زمن الصحوة، لأنه الأب الروحي للملتقى ذي الاتجاهات المدنية والمكروه إسلاميا. بعيدا عن أهازيج و«همهمات» الصحويين السعوديين في الثمانينيات، رغم أن صداها لايزال حاضرا كسياج يحيط بتطور مجتمعي دائما ما يواجه باسم التأثير على الاسلام، هذه المرة يخرج أولي الصحوة ليواجهوا هرما سابقا لهم كان هو محرك الفتاوى قبل أن يخفت ضوؤه الصحوي في 1995. سلمان العودة، الاسم الاكثر حضورا وشهرة بين أجيال الشباب المتعاطفين وبعض الطامحين الى «العصرنة» وفق الطريقة الاسلامية، يواجه في معتركه وساحاته، التي بدأت تتناقص بفعل عوامل عدة من زعماء صحويين ورفاق درب، حملة المواجهة لتبيين خطر أعماله المتسمة بصبغة المدنية. ملتقى النهضة الذي نظمه العودة في الكويت وفي ظل المشاركة تشكلت فتاوى مواجهة «العدو» من أصعدة عدة، ما بين رأي شخصي وحتى بيان يفصل خطورة هذا الملتقى بدءا من «الاختلاط» بين الجنسين الى التحريض على «الأمة». رجل الدين السعودي عبدالرحمن البراك كان من منتقدي ملتقى العودة «النهضوي»، حيث قال في بيانه عن الملتقى «انه تجمع يقوم على محاربة الاسلام كما يفهمه أهل السنة والجماعة، وعلى مواكبة الرافضة والعلمانيين والليبراليين في فهم الاسلام، ولذا يعد ملتقى النهضة من أخبث وسائل التغيير والتغريب المستهدفة للمملكة العربية السعودية». وقال البراك: المثير في الرفض والجدال بحجة الخوف على العقيدة الاسلامية: «مما يزيد الملتقى خبثا ومكرا تغطيته بشخصية مشهورة كان لها تاريخ في الدعوة الى الله ومحاربة هذا الفكر الذي هو يشرف عليه الآن، وهو د.سلمان العودة (منّ الله عليه بالعودة)».
وفي الاتجاه ذاته، أصدر عدد من رجال الدين السعوديين بيانا اعتراضا على ملتقى النهضة. وفيه كان تركيز الرفض على «الاختلاط» إضافة الى توجهات القائمين عليه وانهم يملكون «توجهات مناوئة لتطبيق الشريعة والتهكم بفقه سلف الأمة واستقطاب الشباب وإيغار صدورهم ضد أهل العلم والدعوة». وأضاف البيان المتذيل لأسماء 36 ممن سموا أنفسهم بالغيورين على الدين، «ان من الاسباب الضيوف المشاركين فمنهم الملحد والنصراني والرافضي والمستشرق والعلماني والليبرالي، ومنهم المستشرق ستيفان لاكروا صاحب كتاب زمن الصحوة. كل تلك الاقلام المواجهة لملتقى النهضة المدعوم من سلمان العودة، حملت النجاح برفقة تجمع لدعاة الكويت بإفشال قيام ملتقى «النهضة»، مع ترحيب من بعض النواب السلفيين في مجلس الأمة، حيث جاء قرار وزارة الداخلية الكويتية بمنع إقامة ملتقى «النهضة» تحت شعار «المجتمع المدني.. الوسيلة والغاية» بسبب «التحريض الأمني والسياسي الذي حدث في الفترة الاخيرة» وفق ما نص عليه بيان الداخلية.
ورغم المنع الذي فُرض على «النهضة»، إلا أن الشباب المشاركين فرضوا إقامته تحت شعار مختلف وبمكان مختلف جديد بعد يوم فقط من إلغائه، وكأن الرسالة التي يطلقها الشباب تعي ظروف المرحلة لتصل الى نصوص جديدة في تحد مختلف. وجاء العنوان البديل الذي انطلق اليوم بالأجندة ذاتها، لكنه يستتر تحت «ملتقى المجتمع المدني»، هادئا.