- إقبال شديد على «حملات الرصيف» لأسعارها المنخفضة رغم تحذيرات «الأوقاف» المتكررة منها
أجمع مواطنون ومقيمون على أن تكاليف وأسعار حملات الحج والعمرة سجلت ارتفاعا ملحوظا هذا العام مقارنة بالعام الماضي دون أي تغيير على الخدمات المقدمة وذلك وسط تنافس محموم بين مكاتب الحج والعمرة ما أدى الى إحجام بعض محدودي الدخل عن أداء مناسك الحج هذا العام.
وطالبوا في تصريحات متفرقة لـ «كونا» أمس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالعمل على تحديد آلية لضبط الأسعار وتشديد الرقابة على أصحاب الحملات في وقت تزداد تكلفة الحج من عام الى آخر ويرفع أصحاب الحملات أسعارهم بحجة «تقديم خدمات مميزة».
وقال المواطن محمد المسفر ان لديه رغبة كبيرة بأداء مناسك الحج هذا العام الا انه متخوف من عدم تنفيذ الحملات للبرامج التي أعلنتها «والتي لا تغيب عنها الوعود البراقة والخدمات والتسهيلات».
وأضاف المسفر ان أداء الفريضة «أصبح للأسف تجارة لدى بعض أصحاب الحملات وحكرا على الميسورين في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار ما لا يتيح الفرصة أمام محدودي الدخل أداء فريضة الحج وفق الخدمات المعلن عنها».
وأوضح أن غالبية الحملات «اكتفت بتسجيل أعداد الحجاج منذ منتصف شهر رمضان المبارك»، مشيرا الى انه لايزال يبحث عن أسعار معقولة لكنه لم يجد سوى حملات مختلطة الجنسيات ومحدودة الخدمات.
من جانبه، طالب سالم الودعاني وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بوضع تسعيرة مناسبة لكل الحملات، مضيفا أن هناك مبالغة وتفاوتا كبيرا في الأسعار بين حملة وأخرى على الرغم من عدم وجود فوارق كبيرة من حيث الخدمات المقدمة.
وقال الودعاني ان بعض الحملات يعلن عن «تقديم خدمات راقية الا ان الحجاج وعقب وصولهم الى المشاعر المقدسة يفاجأون بعدم وفاء بعض الحملات بوعودها وبإهمال وبلامبالاة من أصحاب الحملة بل قد يصل الأمر الى تركهم في المشاعر المقدسة دون أي خدمات».
وأضاف ان هناك حملات «تركز على الجانب المادي وتحصر مناسك الحج بكم الخدمات والرفاهية والراحة المقدمة ومن الأولى ان تركز على الجانب المعنوي ليتفوق على الناحية المادية خصوصا أن الحج بالأصل رحلة روحانية ايمانية».
من جهته، ناشد سالم أبوغيث المعنيين في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت التدخل السريع لمعالجة ارتفاع الأسعار والتكاليف المتعلقة بحملات الحج هذا العام.
وقال أبوغيث ان محدودي الدخل خصوصا الشباب «سيلجأون الى التسجيل في حملات الرصيف لأسعارها المنخفضة والخدمات التي يعدون بها وان كانت تتلاشى بمجرد دخولهم الأراضي المقدسة ولن يجدوا جهات تنتصر لهم لأنهم التحقوا مع حملات غير معتمدة».
وأضاف ان هناك اقبالا شديدا على «حملات الرصيف» على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية حيالها، موضحا ان الحملات بدأت تستقطب الوافدين أيضا ممن لا طاقة لهم على تحمل أسعار الحملات المرتفعة.
وذكر ان حجاج هذه الحملات «عادة ما يكتشفون متأخرين أنهم وقعوا ضحايا للاغراءات الوهمية أي بعد سفرهم الى الأراضي المقدسة ولا يكون أمامهم الا افتراش الأرصفة».
بدوره طالب محمد فتوح (مقيم مصري في الكويت منذ 25 عاما وموظف حكومي) وزارة الأوقاف بالحد من الارتفاع العشوائي لأسعار الحج خصوصا التي تشمل المقيمين من الجنسيات العربية والاسلامية «نتيجة ارتفاع أسعارها والدخل المحدود بين هذه الفئة»، داعيا الى وضع تسعيرة محددة لرحلات الحج.
من ناحيته قال عامر أبوجودة (مقيم سوري ويعمل في القطاع الخاص) ان أمنيته كانت تتمثل في الحج لبيت الله الحرام هذا العام «وكنت قد وفرت مبلغا للحج من الكويت ولدى ذهابي لإحدى الحملات وجدت أن سعر تذكرة الحج ارتفع الى الضعف»، وتساءل عن مدى امكانية تأدية مناسك الحج وسط هذا الارتفاع الكبير في الأسعار والتكاليف.
وأضاف أبوجودة ان هناك مبالغة في الأسعار لا تتناسب والتكلفة الحقيقية، موضحا انه اضطر الى تأجيل الحج الى العام المقبل بسبب عدم استطاعته توفير المبلغ المطلوب للحج لهذا العام، مشيرا الى أن كثيرا من معارفه يضطرون الى العمل الإضافي أو الاقتراض لإكمال المبلغ المطلوب لأداء فريضة الحج.
بالمقابل نأى بعض أصحاب حملات الحج بأنفسهم عن مسؤولية زيادة الأسعار لهذا العام وعزوا ذلك الى «ارتفاع أسعار ايجار العمارات والشقق الفندقية الى جانب ارتفاع تكلفة كل من أسعار المخيمات ووسائل النقل والسلع الغذائية والتجهيزات وأجور العمالة في المملكة العربية السعودية الى الضعف». وأرجع ممثل احدى حملات الحج مساعد العنزي ارتفاع اسعار الحملات الحج الى «استغلال بعض شركات الطيران حاجة الحجاج لأداء فريضة الحج بزيادة أسعار التذاكر عاما بعد عام بحجة ارتفاع أسعار الوقود عالميا».
وذكر العنزي من الأسباب التي أدت الى ارتفاع الأسعار «ارتفاع تكلفة السكن في مكة المكرمة نتيجة قلة الوحدات السكنية والمقار المخصصة لإقامة الحجاج والمعتمرين في ظل عمليات التجديد التي تشهدها مكة المكرمة للوحدات السكنية المجاورة للحرم المكي الشريف».
وبيّن ان ذلك «انعكس سلبا على الطاقة الاستيعابية للحجاج الذين اضطروا للبحث عن وحدات سكنية بديلة في مناطق مجاورة مثل (العزيزية) وكان لابد أن تزيد معها اسعار السكن والاقامة».
وأشار الى أن مناسك الحج مرتبطة بأوقات معينة «وسوء الخدمة قد يضيع على الحاج فرصة أداء المناسك على الوجه السليم ما يستلزم وجود شبكة حديثة تتجدد كل عام وتستحدث خدمات متجددة».
وقال العنزي ان تكلفة الحج تشمل تذاكر الطيران والسفر والاقامة الكاملة مع التنقل الداخلي والطعام والشراب فضلا عن تأمين جميع الاحتياجات للحجاج من عيادة طبية متكاملة وأجور أطباء وممرضين وممرضات ودعاة ووعاظ وشيوخ دين الى جانب الاهتمام بشؤون الحجاج ومطالبهم اليومية من توفير عمالة مدربة للغسيل وكي الملابس وصالون للحلاقة اضافة الى خدمة الانترنت والفاكس وغير ذلك من وسائل الاتصال.
بدوره قال فهد السعد (مدير احدى الحملات) ان الخدمات المتميزة والمتوافرة «قلصت مدة الحج وأصبح أداء مناسكه ممكنا في سبعة ايام فقط وجعلت مناسك الحج أكثر يسرا بينما كان الحج في الأزمنة الماضية يستغرق شهورا نظرا الى انعدام الخدمات».
وأضاف السعد ان الحملات الكويتية للحج والعمرة «تطور من خدماتها لتتواكب مع كل ما هو حديث وجديد لذا اكتسبت ثقة كبيرة ومكانة مميزة على مستوى العالم الاسلامي وحظيت بسمعة طيبة نتيجة لخدماتها المتميزة».
وذكر أن الحملات الكويتية تعمل على تطوير مطرد في خدماتها «لكي توفر الجو الديني والصحي للحاج وليتفرغ لعبادته ويؤدي مناسكه بكل يسر وسهولة».
ورأى أن أسعار حملات حج هذا العام «مناسبة للجميع بالنظر الى ارتفاع أسعار التكاليف»، مشيرا الى أن التباين بين اسعار الحملات «يخضع لعدة اسباب خارجية أهمها الارتفاع في أسعار العقارات والشقق المفروشة نتيجة ارتفاع تكلفة مواقع سكن الحجاج للحرمين المكي والنبوي الشريفين ونوع السكن وقربه وبعده عن الحرم ونوعية الخيام في عرفات ومنى والقرب والبعد عن الجمرات».