بيان عاكوم
على الرغم مما حققته الامم المتحدة من جهود لتنفيذ الهدف الذي انشئت من اجله وهو «حفظ الامن والسلم الدوليين»، الا انها تجد نفسها امام الكثير من التحديات في ظل المخاطر التي تعانيها الشعوب على مختلف الاصعدة الامنية والمعيشية والبيئية.
وفي ظل هذه التحديات، احتفلت الامم المتحدة مساء اول من امس في مقرها في مشرف «بيوم الامم المتحدة» بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ووزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزيرة الدولة لشؤون مجلس الامة د.رولا دشتي الى جانب حشد كبير من اعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى البلاد.
«ان الكويت تحتكم للدستور ومتمسكة به»، هذا ما اكده الشيخ صباح الخالد ردا على سؤال صحافي بخصوص ما ذكرته المعارضة ان رسالتها وصلت، مشيرا الى ان «كل الاجراءات التي تقوم بها البلاد تدخل ضمن نطاق الدستور والقانون».
الأزمة السورية
من جهة اخرى، وردا على سؤال عن عدم توصل العرب الى شيء على ارض الواقع بشأن الازمة السورية كما اعلن مسبقا امين عام الجامعة العربية نبيل العربي، اجاب الخالد «المهم ان تكون هناك مواصلة للاجتماعات ولتنسيق العمل لمساعدة الشعب السوري»، واصفا الوضع «بغاية التعقيد»، مشيرا الى انه يجب «تكثيف الاجتماعات واللقاءات»، كاشفا عن «اجتماع الاثنين المقبل لوزراء خارجية جامعة الدول العربي وكذلك اجتماع دول الخليجي مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الى جانب اجتماع الاربعاء المقبل في البحرين»، مبينا انه سيكون هناك تحرك كبير بخصوص القضية السورية، متمنيا ان ينتج عن هذه الاجتماعات ما يعين الشعب السوري.
وكان قد دعا الخالد خلال كلمته امام الحضور الامم المتحدة الى «تنامي دورها المحوري في سورية للوصول الى حل فوري لوقف اعمال العنف التي يذهب جراءها آلاف الضحايا من الشعب السوري»، مشددا على ضرورة الاسراع «بتقديم كل انواع الدعم الانساني لتخفيف معاناتهم اليومية»، مبديا امله في ان يصل المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية الاخضر الابراهيمي الى حلول قابلة للتطبيق قريبا.
وعن المناسبة، قال الخالد «يتجدد لقاؤنا اليوم في بيت الأمم المتحدة في وطننا العزيز لإحياء الذكرى الـ 67 لليوم العالمي للأمم المتحدة وهي ذكرى دخول ميثاق المنظمة حيز النفاذ والذي استهل بعبارة نحن شعوب الأمم المتحدة»، مشيرا الى انها عبارة «دشنت حقبة جديدة في مفهوم العمل الجماعي والمصير الواحد، حيث لم يمض آنذاك، على انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلا شهر ونصف قبل التوقيع على الميثاق في مدينة سان فرانسيسكو وولادة منظمتنا الأممية»، مبينا انه جاء الميثاق «لحفظ الأمن والسلم الدوليين، ولايجاد
حلول كفيلة لتجاوز المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعترض طريق تحقيق اعلى مستوى للمعيشة والتقدم والرخاء للبشرية، مرتكزا على احترام ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والعدالة والمساواة».
واعتبر الفرحة مضاعفة، حيث ان الكويت على مشارف الاحتفال بالذكرى الـ 50 لصدور الدستور والذي حملت ديباجته بعدا عالميا مؤكدة على تفاعل هذه الدولة الناشئة مع قضايا المجتمع الدولي ومشاغله وعاقدة العزم على الاسهام في نهضته وتطوره، حيث لخصت الديباجة هذا التوجه من خلال القول المأثور للمغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح حاكم البلاد آنذاك، عندما صدق على الدستور قائلا «وإيمانا بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية»، اضافة إلى ما اشتمل عليه هذا الدستور من تحديد أسس الدولة المدنية الحديثة وكفالة الحريات العامة والأساسية للمواطن والمقيم ومفصلا الحقوق والواجبات للكل، انسجاما مع المقاصد النبيلة الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، محافظا على تراثنا وقيمنا وتقاليدنا الكويتية، فأكد الدستور الكويتي على أن الاسرة أساس المجتمع، ويحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظله الأمومة والطفولة، وأن العدل والحرية والمساواة دعاماته، وأن الدولة تصون وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافئ الفرص للمواطنين.
واعرب الخالد عن اعتزاز الكويت بالعلاقة الوثيقة التي تربطها بالأمم المتحدة قائلا «لا أحد في هذا البلد ينسى الدور التاريخي التي قامت به الامم المتحدة تجاه أزمة غير مسبوقة في عالمنا الحديث وهو الاحتلال العراقي لدولة الكويت عام 1990 فرأينا المنظمة وبكافة أجهزتها تجسد الوقفة الصادقة للمجتمع الدولي إلى جانب الحق الكويتي وتنفذ ما انشئت من أجله، فنبذت سياسة الغاب وكرست سيادة القانون».
واضاف «حتى الأرض والبيئة لم تسلم من شر أعمال النظام العراقي البائد، فجفف أهوار العراق أحد أهم مصادر التنوع البيولوجي في العالم، قاطعا رزق أهله ومؤثرا على مناخ بلده وجيرانه، وأمر بحرق ما يقارب 700 بئر نفطي في الكويت مرتكبا واحدة من أبشع الجرائم البيئية في تاريخ البشرية،»، مشيرا الى ان الأمم المتحدة قامت مشكورة بتبني فكرة دولة الكويت لاقرار اليوم العالمي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات المسلحة، والذي سنحيي ذكراه الـ 11، حيث يصادف تاريخ اطفاء آخر بئر نفطي أشعل من قبل النظام العراقي البائد.
وذكر الخالد ان الامم المتحدة وعلى الرغم من انها حققت الكثير من الانجازات على جميع الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية خلال العقود السبعة الماضية «إلا أن عالمنا مازال يواجه العديد من التحديات والتي تتمثل في الفقر المدقع لبعض الشعوب فضلا عن الكوارث الطبيعية والأمراض، وكلها مشاكل لم تتوان دولة الكويت عن بذل كل ما في وسعها لمواجهتها سواء من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أو البرامج والهيئات واللجان التابعة لمنظمة الامم المتحدة»، مشيرا الى ان الدليل على ايمانهم الصادق بقدرة تلك الأجهزة والقائمون عليها بايجاد الحلول المناسبة لتحسين الظروف المعيشية، والخدمات الأساسية لمن يحتاجها يتمثل في «استمرار دولة الكويت بزيادة اسهاماتها التي بلغت اضعاف ما كان يقدم سابقا لأجهزة الأمم المتحدة خاصة في مجال التخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية ودعم وكالات وبرامج وصناديق الامم المتحدة عالميا والمتواجدة في الكويت».
من جهتها، قالت المنسق المقيم للامم المتحدة بالانابة د.حنان حمدان ان الكويت انضمت إلى عضوية الأمم المتحدة بعد استقلالها بوقت قصير، وجاء أول تواجد للأمم المتحدة على أراضي الكويت في عام 1964، ومنذ ذلك الحين شهد فريق الأمم المتحدة في الكويت نموا حتى أصبح يضم تسعة مكاتب تمثيل، مشيرة الى استضافة الكويت مكتبين تابعين للبعثتين السياسيتين في العراق وافغانستان.
واثنت د.حمدان على الدعم الكبير الذي يلقاه فريق عمل الامم المتحدة العامل في دولة الكويت معربة عن تقدير الامم المتحدة لسجل الانجازات الذي حققته الحكومة في دعم العمل الإنساني الذي تقوم به الامم المتحدة في شتى ربوع المعمورة، كما اثنت على دور وزارة الخارجية، مشيرة الى انها مصدر دعم متواصل للامم المتحدة على مستويات عديدة تشغيلية وبرامجية على السواء.
وقالت «يسعى فريق الامم المتحدة في دولة الكويت إلى التعاون مع الشعب الكويتي في جميع الأنشطة وتعزيز الوعي لديه بعمل الامم المتحدة في الكويت وخارجها»، لافتة الى ان الشراكة مع الحكومة وكافة الوزارات والمجتمع المدني في الكويت كانت ولاتزال عاملا جوهريا لنجاح برامج الامم المتحدة، مبينة انه بفضل ما يقدم من دعم «سنواصل الاستفادة من الخبرة والدراية العالميتين المتوافرتين لدى الأمم المتحدة في تلبية حاجات الكويت وشعبها».