محمد هلال الخالدي
في ندوة ضمت عددا من الاكاديميين والسياسيين والاعلاميين في ديوان حزب الأمة مساء اول من امس، حملت عنوان «سحب الجنسية، من المسؤول؟»، تحدث رئيس حزب الامة د.عواد الظفيري حول الابعاد الانسانية والاجتماعية والوطنية لقرار سحب الجنسية الذي ناقشه مجلس الوزراء اخيرا على خلفية ما اثير من انه صفقة لسحب النائب احمد المليفي استجوابه لسمو رئيس مجلس الوزراء، فقال: كنا نتمنى ان نجلس لنناقش انجازات الحكومة ونفتخر بها، ولكن مع الاسف الشديد في الوقت الذي تحتفل فيه اميركا بوصول اول رئيس اسود من اصول كينية لم يسأله احد عن اصله ومتى قدم لأميركا، وفي الوقت الذي تحتفل فيه الكويت بذكرى مرور 46 عاما على توقيع الدستور تفاجئنا الحكومة بقرار سحب الجنسية من مواطنين حصلوا على الجنسية لأنهم يستحقونها، واضاف ان الحكومة التي تضخ اليوم المليارات لإنقاذ بنوك لا نعلم عن مجالس اداراتها شيئا تبخل على المواطن الذي يئن من وطأة الغلاء والديون ببضعة ملايين، وأكمل د.الظفيري ان الحكومة هي التي منحت المواطنين الحق في الجنسية، فكيف تقوم الآن وبهذه السرعة بسحب الجنسية منهم؟ فهل درست الحكومة الآثار الانسانية والاجتماعية لهذا القرار وتأثيره السلبي على سمعة الكويت؟ وتابع: ألا تدرك الحكومة اننا في القرن الـ 21 وان هناك لجانا وجمعيات عالمية تراقب وتسجل كل شيء؟ ثم قال ان هذه مسألة في غاية الخطورة لأن قرار منح الجنسية لهؤلاء المواطنين – ونحن نعتقد انهم يستحقون الجنسية – اما انه تم على معلومات خاطئة من لجنة «البدون» وبالتالي تجب محاسبتهم، واما ان قرار سحب الجنسية منهم هو قرار مخز تم بناء على ابتزاز للحكومة من اجل سحب الاستجواب، وناشد د.عواد الظفيري اعضاء مجلس الامة ان يتحملوا مسؤولياتهم السياسية ويحاسبوا الحكومة على هذا التلاعب بمصائر الناس.
سلطة القضاء
بعد ذلك تحدث د.عبيد الوسمي استاذ الحقوق في جامعة الكويت عن خطورة ربط قضية الجنسية بالمواقف السياسية وهو ما حدث خلال ربط سحب استجواب سمو رئيس الوزراء بسحب الجنسية عن بعض المواطنين، وقال ان قضايا الجنسية تتعلق بالهوية وحق المواطنة ويجب الا يتم التلاعب بها لأن ذلك من شأنه ان يفقد ثقة المواطنين بالحكومة ويجعلهم عرضة لعدم الاطمئنان لقراراتها، واكمل ان ما حدث يعتبر مثالا صارخا على سوء استخدام السلطة من قبل الحكومة، واشار الى ان اساس المشكلة وجود نص قانوني يمنع القضاء من النظر في قضايا الجنسية وهو امر خطير اذ الى اين يلجأ المواطن عندما يشعر بأنه تعرض للظلم بالنسبة لموضوع الجنسية؟!
وأوضح د.الوسمي ان مرسوم سحب الجنسية لم يصدر بعد ونتمنى الا يصدر نظرا لما سيشكله من سابقة خطيرة تهدد امن البلاد، وقال ان وجود الكويت وبقاءها يعتمد بالدرجة الاولى بعد الله عز وجل على ما توفره الشرعية الدولية من حماية، فالكويت كانت دائما من الدول التي تحترم القانون والحريات، وهذا ما جعل العالم يقف معنا خلال محنة الاحتلال العراقي لدرجة جعلت سيناتور بمجلس الشيوخ الاميركي يقول اننا لن نسمح لدولة غير قانونية (العراق خلال حكم المقبور صدام حسين) بأن تلغي وجود دولة قانونية هي الكويت، ولكن عندما تخرق الحكومة القانون بهذا الشكل الصارخ وهي التي وقعت في عام 1996 على اتفاقية العهد الدولي فإنها تعرض الكويت كلها للخطر وتجعلها عرضة لوصفها بأنها دولة لا تحترم حقوق الانسان ولا المعاهدات الدولية.
وانتقد د.عبيد الوسمي اطلاق الصلاحية في قضايا الجنسية للسلطة التنفيذية وحرمان القضاء من النظر في دعاوى الجنسية، معتبرا ذلك نقيصة يجب ان تعالج من خلال مرسوم بقانون يجب ان يتبناه اعضاء مجلس الامة.
واشار الى ان وزير الداخلية هو المعني بمنح الجنسية وقد شهد بنفسه عبر التلفزيون على نزاهة ووطنية احد الاشخاص من البدون، وقال انه يستحق الجنسية، فكيف اذن يخرج بعد ذلك من يطالب بسحب الجنسية من شخص شهدت له مختلف الجهات على وطنيته؟ واكمل ان للدولة الحق في ان تضع معايير لمنح الجنسية ولكن ليس لها الحق في حرمان من تنطبق عليه تلك المعايير من حقه في الحصول على الجنسية.
فنانون ومطربون
وبدوره انتقد النائب السابق مبارك الوعلان قيام الحكومة بإعطاء الفنانين والمطربين الجنسية ومنعها عن جنود قدموا التضحيات وسالت دماؤهم من اجل الكويت قائلا: اننا لسنا ضد هذه الفئة (اي الفنانين) ولكننا نتساءل: من هو الاحق؟ واضاف: ان العالم من حولنا يتقدم ونحن في تراجع وانحدار، والعالم وقف معنا عندما تعرضت بلادنا للاحتلال، لأن الكويت كانت دولة تحترم القانون وحقوق الانسان ومبادئ الديموقراطية، ولكن الحكومة مع الاسف الشديد باتت تنسف كل ذلك وستعرض الكويت للخطر بسبب هذه الممارسات، وأكمل: انني سأتحدث بكل وضوح عن قضية ياسر الصبيح تحديدا وكلكم تعرفون ان اعلى المؤسسات العسكرية في الكويت منحت شهادة تثبت وطنيته وخدماته الجليلة للكويت، وشهد له وزير الداخلية بنفسه، ثم نفاجأ بالحكومة تريد ان تسحب منه الجنسية التي منحت له عن استحقاق! هذا يعني ان المواطن سيصبح غير آمن لأن الحكومة تريد ان تنسف كرامة الناس وثقتهم وتهددهم في هويتهم الوطنية، واضاف الوعلان: انني اطالب نواب الحكومة بأن يتحملوا مسؤولياتهم ويحاسبوا الحكومة على هذا القرار الظالم الذي يضر بسمعة الكويت ومصالحها.
المادة 103
كما تحدث رئيس المكتب السياسي في الحركة السلفية فهد الهيلم عن خطورة مثل هذا القرار الذي اعتبره مؤشرا على استبداد الحكومة، وهاجم نواب الامة واعتبرنهم خذلوا المواطنين، خاصة النواب الذين يدعون أنهم اسلاميون ولا يتحدثون الا بـ«قال الله وقال الرسول ژ» في الوقت الذي يصمتون فيه عن هذه المظالم، وقال: على النواب الاسلاميين ان يستقيلوا من الحكومة ان كانوا صادقين لأن الحكومة لم تعد مؤتمنة على مصالح الناس.
ثم وجه الهيلم رسالة الى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد قائلا: أطالب الحكومة بتفعيل المادة 103 وتقديم الاستقالة، فقد سئمنا المحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية على حساب مصلحة الكويت، وآن الأوان ليتحرك الناس وألا يكتفوا بمجرد الكلام والأسف لأن الكويت تعاني من تمييز عنصري بين المواطنين بسبب قانون الجنسية الذي يميز بينهم، واضاف: ان الناس مازالوا يصفقون للنواب والحكومة لأنهم يجهلون حقوقهم، وهذا بسبب سوء التعليم والرقابة على وسائل الاعلام.
المجتمع المدني
بعد ذلك فتح باب النقاش والاسئلة فتحدث د.فارس الوقيان عن دور مؤسسات المجتمع المدني المتخاذل، مشيرا الى ان جمعية حقوق الانسان جثة هامدة ليس لها اي دور فيما يحدث من مظالم، وقال ان الناس مصابون بالسلبية حتى اصبحنا نتحدث ولا نفعل شيئا، اصبحنا ننتقد ولكننا لا نحرك ساكنا لأن الحكومة لا تستمع فأين دور مؤسسات المجتمع المدني؟