- الدوسري: تقصير بعض الرجال مادياً والقسوة في تعاملهم تخسرهم الطرف الآخر
- الشريف: أساس العلاقة الزوجية المصالحة بين العبد وربه
- صبري: الذنوب هي أكثر ما يؤثر على الحياة الزوجية
- يوسف: الصلح مع الله يصلح العلاقة مع الناس
أميرة عزام
ما الذي يدمر العلاقة الزوجية التي أسماها الله سبحانه بالميثاق الغليظ، هل الذنوب والمخالفات الشرعية؟ أم المشاكل النفسية؟ أم تدخلات الآخرين؟ أم ذلك كله؟ بازدياد معدلات الطلاق، وتفاقم المشكلات الأسرية التي غالبا ما يكون ضحيتها الأطفال.. لابد من معرفة الأسباب حتى يتسنى لمن لا تزال الفرصة بيده يغير النتائج، ويحول السلبيات إلى إيجابيات ويحفظ بيته وأسرته من التفكك والانهيار، لذلك استفتت «الأنباء» أهل الاختصاص لتجنب ما يدمر الحياة الزوجية.
في البداية، أوضح العميد المساعد لشؤون الطلبة بجامعة الكويت للأنشطة الطلابية وأستاذ الدعوة بكلية الشريعة د.سعود الدوسري أن عدم التوافق الفكري هو أقوى الأسباب لدمار الحياة الزوجية، بالإضافة إلى أن بعض الرجال لا يقومون بالواجب المادي والبعض آخر تعاملهم جاف وقاس مع زوجاتهم، ويتطاول البعض أحيانا بالضرب وليس الضرب التأديبي، وإنما الضرب الناتج عن القسوة التي تظهر عدم المحبة، وحذر الدوسري من الظاهرة المنتشرة في الفترة الأخيرة وهي استغلال راتب الزوجة، فالأصل في الإنفاق للرجل وهو ما يهبه القوامة على زوجته ويجعلها تحت مظلته، وربما لظروف الحياة الحالية يحتاج الرجل الى أن تساعده زوجته وهو أمر مباح شرط رضاها بالاتفاق معها وحبها للتعاون فيما بينهما وليس بإجبارها على دفع الإيجار أو الخادمة مثلا.. وعلى الجانب الآخر ينبغي ألا ترهق المرأة زوجها بطلب السفر وشراء الحاجيات الباهظة الثمن بسبب الغيرة من صديقاتها أو تقليد غيرها، وأكد الدوسري أن الضرر نوعان معنوي بالمنة عند الإنفاق ومادي بقلة الإنفاق والصحيح هو الالتزام بينهما بلا بخل أو اسراف. وختم الدوسري حديثه بأن الأصل في الإسلام في الزواج هو الأبدية، فليحرص الجميع على حسن الاختيار قبل الزواج وليجعل من زواجه استقرارا وأمانا ليضمن استمراره وبقائه.
من جانبه، يقول أستاذ الفقه بكلية الشريعة د.محمد عبدالغفار الشريف ان أساس العلاقة الزوجية المصالحة بين العبد وربه، فإن أعلن العبد الحرب على ربه فمن باب أولى سيعلن الحرب على الجميع، فالبعيد عن ربه يخرب بيته بيده وستكون علاقته متوترة بينه وبين زوجته وأولاده، وستؤدي أفعاله للاعتداء على زوجته وأولاده.. كالكذوب والبخيل وشارب الخمر والمدمن والسارق.. الخ، تؤدي أفعالهم لإيذاء من حولهم. ويؤكد الشريف اهتمام الإسلام باختيار الزوجين بقول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» رواه الترمذي وغيره، وأيضا قوله «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس» رواه ابن ماجة والديملي.. وأوضح أهمية السؤال عن وضع الرجل بتوازن بين ناحيتي الدين والأخلاق لأن بعض الناس يكون صاحب دين ولكنه عصبي أو بخيل، مما يصعب اختياره من الناحية الخلقية، كما أوصى الشريف باختيار المتجنب للمعاصي وغير المتشدد في أحكام الدين لأنه «لن يشاد الدين أحد إلا غلبه».
بدوره، يبين عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأستاذ الفقه بالأوقاف والشريعة د.مسعود صبري أن الحياة الزوجية لها ارتباط بالطاعة والمعصية، فبيوت الطائعين يغلب عليها السكينة والرحمة، وبيوت العاصين يغلب عليها الهم والغم والشقاق، وارتباط المعاصي بعدم استقرار الحياة الزوجية قاعدة مستقرة عند السلف، حتى قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله: «إني لأعصي الله فأجد ذلك في خلق دابتي وامرأتي». فإن الحياة الزوجية من أولى الدوائر التي تتأثر بالمعصية. وتابع صبري بقوله ان البعض يظن أن المعاصي التي تتعلق بالحياة الزوجية كالخيانة والزنى وغيرها هي التي تؤثر على الحياة الزوجية وحدها فحسب، وهذا فهم قاصر، فالمعاصي بجميع أنواعها تؤثر على الحياة الزوجية، وأخطرها على الأسرة ارتكاب الكبائر كالزنى والفاحشة، وكذلك التعامل بالربا، وشرب الخمر، والسرقة، والرشوة، وغيرها، وكثيرا ما يشتكي البعض، وهو يظن أنه يقوم بواجبه مع أهله، فيرى مشكلات تحصل بينه وبين أهله، وهو يرى نفسه زوجا مثاليا لأنه ليست له علاقات مع نساء أخريات، وأنه يوفر لزوجته مطالب الحياة، لكنه لا يتقي الله في عمله، أو أنه يرتشي، أو يأتي من المحرمات التي يظن أنها بعيدة عن الحياة الزوجية.
وأضاف: أن الحكمة في تأثير الذنوب بشكل عام على الحياة الزوجية، أن الإنسان مخلوق الله تعالى، وهو صنعته، وقد جعل الله تعالى لهذا الكون قانونا، فمن سار على قانون الله استقام مع الكون الذي يسبح بحمد الله.
أما الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف وعضو رابطة العلماء السوريين ياسر يوسف فيقول: أنه لا يخلو بيت مهما شرف وسما وعز وكرم من مشاكل وقلاقل تخترق جدر البيوت الزوجية. وقدم يوسف بعض النصائح التي تجنب الطلاق وهو أبغض الحلال عند الله - وعلى رأس النصائح - خشية الله عز وجل وعدم مخالفة أموره، ولهذا الأمر تأثيره الكبير على سير العلاقات الزوجية من مد وجزر، فإذا أطاع الزوجان ربهما وخافاه في نفسيهما وكل واحد منهما إياه في الآخر رأيت الحياة بينهما تجري في انسيابية تامة لا تعتريها منغصات ولا قلاقل... والعكس أيضا صحيح فحين تغيب خشية الله من حيز حياتهما تطفو على السطح بعد زمن الخلافات الغريبة وإن تسترا على ذلك وتكتما عليه، ولمح يوسف بالإشارة إلى هذا المعنى من خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أفسد ما بينه وبين الله أفسد الله ما بينه وبين الناس، وشرح يوسف بعض الأسباب التي تقوض سعادة الحياة الزوجية كسعي كل طرف إلى إثبات نفسه وفرض وجوده على الآخر، ومضي كل طرف منهما في تنفيذ مخططاته حتى يصلا إلى طريق مسدود لا منفذ منه إلا إلى الفراق، بالإضافة لافتقاد كل طرف العطف والحنان والكلمة الغزلية اللطيفة من الطرف الآخر وشعوره بالفراغ العاطفي.. فيلجأ احدهما او كلاهما إلى وسائل التواصل الاجتماعي مما يثير حفيظة كل جهة واتهامها للأخرى بالانصراف والتشاغل عن واجبات وحقوق الجهة المقابلة، فيقع النزاع ويقوم الشقاق فلا يهدأ. وخلص يوسف الى القول بأنه لا بد من أخذ هذه الأسباب وغيرها بعين الاعتبار، فهي ليست من منظور شرعي فحسب، بل واجتماعي، واخلاقي.
المزيدي: «الاحتواء بذكاء» الحل الأمثل للمشكلات الزوجية.. وصبر الزوجة يصلح الزوج
يقول الباحث الأسري الحارث المزيدي ان الواقع والإحصائيات التفصيلية التي أصدرتها وزارة العدل توضح ان المشاكل النفسية وتدخلات الاخرين والذنوب والمخالفات الشرعية هي أغلب الأسباب لدمار الحياة الزوجية، وشرح هذه المدمرات كلا على حده، مع العلاج المقترح لكل منها. وذكر ان أولى مدمرات الحياة الزوجية هي المشكلات الشرعية والخلقية، ومن أمثلتها: عدم طاعة الزوجة لزوجها، الألفاظ البذيئة والشتائم بين الزوجين، الخيانة الزوجية، إدمان الكحول، مضيفا أن الحل في الاستقامة الدينية.
وانتقل المزيدي إلى ثاني المشكلات المدمرة للحياة الزوجية وهي المشكلات النفسية الشخصية ومن أمثلتها شدة الغضب، والانفعال، والحدة المدمرة بين الزوجين، وذكر أن الحل أن تتعلم الزوجة كيف تتعامل مع زوجها العصبي بألا تنفعل الزوجة مع انفعاله وألا تتأسف ولا تتجاهل الزوج وتمشي حين غضبه ولكن الحل في كلمتين (الاحتواء بذكاء)، كأن تحتوي الزوجة غضب زوجها وتتذكر أنها كلما كانت هادئة كلما خفت الخسائر، وهو ما ينطبق على الزوج أيضا. علل المزيدي المشكلة الثالثة بعدم القيام بمسؤوليات الحياة الزوجية، وأكد أنه كلما أظهر الزوج المسؤولية كلما تعلق قلب شريك حياته به.
وعن المشكلة الرابعة قال المزيدي انها التسلط على شريك الحياة وقال إن الحل مع الشريك المتسلط هو ان نذكره بأن الحياة الزوجية والعلاقة الزوجية ليست علاقة عشوائية ولا مزاجية، بل علاقة مرتبة بنظام وضعه الله سبحانه وتعالى، واذا عرفنا هذا النظام، وعرف كل من الزوجين الحقوق التي له والتي عليه، كان ذلك أحرى ألا يتجاوز هذا الحق، والا يتسلط على الطرف الاخر.
وانتقل المزيدي للمدمر الخامس وهو المشكلات الاجتماعية، ومن أمثلتها تدخلات الأهل، وتأثير اصدقاء السوء حين تبدأ المشكلة من إشاعة ما يحصل بين حيطان البيت الأربعة، وعدم حفظ ما يدور فيها من مناقشات ومشاكل. وقال في ذلك: ان استشارة الأهل قد توغل صدورهم على الزوج، وقد تكون إجابتهم منطلقة من دافع العاطفة على ابنتهم فلا يكونون عادلين، ولذا فإن استشارة احد المختصين أولى من استشارة الأهل.
أما المدمر السادس فهو القدوة السيئة التي تجدها الزوجة في بيت أهلها فتتأثر بها، أو أن يضع الزوج الحواجز بين الزوجة وأهلها، فيمنعها من زيارتهم في الأيام العادية، مما يثير أهل الزوجة.
وختم المزيدي حديثه بنصائح تفيد الأزواج وهي مد الجسور الطيبة مع أهل شريك الحياة والتعامل معهم بإيجابية وعدم اعتبارهم مصدر أذى وخراب للحياة الزوجية، وتقديم الهدايا لهم وزيارتهم.
الشطي: تهيئة الجنسين قبل الزواج نفسيا تحمي الزواج من مدمراته
يقول د. منصور الشطي استشاري نفسي وأسري بمركز الاستشارات السلوكية والعائلية وأستاذ علم النفس بالجامعة العربية انه من الضروري اهتمام الجنسين بالدورات في كيــــفية الاختيار قبل الزواج وكيــــفية المعاملة بعد الـــزواج، وأوضح مسببات الضغوط النــفسية التي تؤدي لدمار الحياة الزوجية هي المـــشاكل المادية واختلاف التربية والعادات والأفكار وضغوط العمل والحياة وانشغال كل طرف عن الاخر وعدم تحمل الازواج للمسئولية وفقدان الوعي في المجتمع والتقليد الأعمى في طلب الغني والوسيم وما شابههما، وتحديد هدف للزواج من البداية، كخلاص الفتاة من أهلها لعدم حريتها أو الرغبة في الانجاب فقط أو زيادة الراتب بالعلاوة بعد الزواج، بالإضافة لعدم وجود بعد نظر ودراسة على المدى الطويل للزواج.
وضرب الشطي مثالا لذلك بالخطيبين المتحدثين قبل الزواج في أمور تافهة لا تفيد، وبعد الزواج ينصدم كل طرف بمعلومات عن الطرف الآخر تجعـله نادما لعدم دراسة الزواج بجدية.
وأكد الشـــطي على ضرورة تهيئة البنت للزواج نفسيا، بألا تكون مضطرة بسبب ضغوطات الأهل بالزواج لأنها ستنفجر عــــلى زوجها لاحقا، كما يجب أن تنصح الأسرة الشاب في المقابل دون أن تتدخل في اختياره لئلا يحملهم مسئولية اختيارهم لها لاحقا.
أزواج وزوجات: الغيرة الزائدة قاتلة للحب.. والتسلط يحول المنزل إلى سجن
دانيا شومان
السعادة الزوجية حالة مشتركة لابد أن يشعر بها الزوجان معا وإلا خرت قواعدها وخارت قواها ولم تقم لها اي قائمة. وبصفة عامة فقد اتفق المتخصصون على أنه لا توجد مشكلة تنشأ بين زوجين إلا وكان سببها مرتبطا بأحد أمور خمسة رئيسية وهي الغيرة والحساسية المفرطة وحب السيطرة والتوقعات العالية وكثرة اللوم والعتاب.
لإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع، «الأنباء» التقت مجموعة من الأزواج والزوجات ليحكوا خلاصة تجاربهم في التعامل مع هذه الأمور الخمسة وكيف تجاوزوها أو كيف قاموا بحلها وبعضهم يشرح كيف أحالت تلك المسببات للمشاكل إلى أسباب مكاشفة بينه وبين شريك حياته. تفاصيل الآراء في السطور التالية:
الحساسية
البداية، كانت مع شيماء أحمد ـ 25 عاما ـ ومتزوجة منذ عامين، وتقول انها ولأنها حديثة التجربة فقد مرت بكل تلك المشكلات في البداية واهمها الحساسية المفرطة وتوضح: «انا وزوجي نشترك في هذه المشكلة وليس هو وحده فأنا اقل كلمة ممكن أن تجعلني اغضب أو اقل رفض منه ممكن أن يغضب مني كثيرا ويتسبب بمشكلة بيني وبينه، وهو الآخر بدوره كان يرى أن اعتراضي على أمر ما بمنزلة عصيان أو خروج عن الطاعة وكان يتعامل انا وهو مع هذه الأمور بحساسية مفرطة خاصة في أشهر السنة الأولى، ولكن ولله الحمد، وبفضل وجود أطراف من اسرتينا، خاصة والدتي ووالدته واللتين كانتا تقدمنا لنا النصح دوما عندما تعرفان أننا غاضبان من بعضنا، ومع الوقت تجاوزنا تلك المشكلة».
غيرة وهاتف نقال
من جانبها، أم علي ـ والمتزوجة منذ أكثر من 20 عاما ولها 5 أولاد وتمتلك عملها الخاص تقول: «بسبب الغيرة المفرطة لم يسمح لي زوجي بالعمل بعد زواجنا بل كانت غيرته في السنوات الأولى لا تحتمل، فكان يمنع عني الخروج بل كان أصلا يمتنع حتى عن الخروج بصحبتي إلى مطعم أو مكان عام أو سوق، وحتى السوق عندما كان يصحبني اليه يشترط علي إلا اقضي بداخله أكثر من نصف ساعة، ويكون مستعجلا ويعبس بوجهي بل انه كان يصرخ بوجهي أحيانا وسط السوق إذا ما تأخرت، وظللت لأكثر من 12 عاما وهو يتصرف معي بهذه الطريقة، وبلغت غيرته انه منعني من أن اقتني هاتفا نقالا، وانا حتى العام 2005 لم يسمح لي زوجي باقتناء هاتف، أي حتى بعد 12 عاما من زواجنا، رغم أنني كنت قد انجبت له 4 أولاد، وبالمناسبة زوجي رجل طيب جدا، وحنون معي، ويحب أولاده، ولكن غيرته كانت فوق الحد الذي يمكن أن يتصوره احد، حتى جاء العام 2005 وتحديدا في أواخره وأنجبت له ولدنا الخامس، لا اعرف ما الذي حصل ولكنه تغير تماما، أعني أن زوجي تغير تماما وبدأت حدته في الغيرة تخف كثيرا، وكانت هديته لي سيارة وهو الذي كان يرفض أن اقتني هاتفا نقالا، وبعدها بدأت تتغير حياتي معه وأسست عملي الخاص، وتغير كل شيء، أما ما الذي غير زوجي فلا اعلم حقيقة، ولكنني واجهت الغيرة المفرطة بالصبر، والحمد لله الصبر جاء بنتيجة، وطبعا زوجي لايزال يغار علي ولكنه الآن اصبح لا يخرج عن حدود المعقول في غيرته».
الغيرة النسائية
أما أبو احمد فيمثل الجانب الآخر من حديث أم علي عن غيرة زوجها المبالغ فيها حيث يتحدث عن مشكلته مع غيرة زوجته (السابقة)، قائلا: «الغيرة النسائية يمكن أن تهدم أسرة كاملة»، ويضيف متحدثا عن تجربته مع غيرة زوجته: «لا يمكن أن يتخيل احد كيف كانت زوجتي تغار وبشدة بل بشكل جنوني، ومنذ بداية زواجنا لاحظت عليها خصلة الشك، والغيرة المبالغ فيها واعتقدت أنها ستختفي أو تخف حدتها مع الأيام ولكن للأسف استمرت، وكانت تعتقد أن تجاوزي عن غيرتها وتصرفاتها ضعفا مني، ولكنني كنت لا أريد أن أهدم بيتي خاصة أنها حملت بابننا الأول في العام الأول من زواجنا.
من تصرفاتها أنها كانت تتصل علي أكثر من ١٥ مرة وانا في عملي، تسألني (وينك؟)، وإذا عدت إلى المنزل تسألني كلما رن هاتفي (من يتصل بك؟)، وكلما وصلتني رسالة تريد أن تطلع عليها، حتى أن الأمر اصبح يشكل خرقا لخصوصيتي، بل وخصوصية من يتصل بي، ولكنها استمرت، وحاولت أن اعدل منها مرارا ولكنها كانت تزيد، ولم تتغير بل تحولت غيرتها إلى ما يشبه حب السيطرة وبشكل مخيف، واكثر من مرة كانت تذهب إلى منزل أهلها غاضبة لأنني كنت أصد غيرتها، حتى حصل الطلاق بيننا».
سجن منزلي
تقول أم محمد ـ ٣١ عاما ـ أن مشكلتها الأساسية مع زوجها هو انه شخص محب للسيطرة إلى درجة انه لا يريد أن يسمع رأيا غير رأيه، وانه لابد وان يكون على الدوام على صواب وجميع من حوله على خطأ، وتقول:« بلغ حبه للسيطرة انه كان يفرض علي صديقاتي ويطلب مني أن أقاطع فلانة والا ارد على فلانة، وكأنه يختار لي صديقاتي، وكنت وللأمانة أجاريه في هذا الأمر، ولكن حبه للسيطرة ولأنني كنت أتجاوب معه فاق الحد، فبدأ يحدد لي ويفرض علي من استضيف من أقربائي إلى منزلي ومن لا يجب أن استضيف، وجاريته أيضا في هذا على مضض، ولكنه بدأ يحدد من يحق لها من شقيقاتي أن تزورني ومن لا يجب أن تزورني، وهنا كانت القاصمة، حيث قمت بالثورة في وجهه، وأخرجت كل ما في صدري من صمت سنوات على حبه للسيطرة، وانتهت ثورتي بوجه زوجي بان رحلت عن المنزل إلى منزل أسرتي، وطلبت الطلاق فلم اعد احتمل هذا النوع من السيطرة التي تشبه السجن المنزلي».
وتضيف أم محمد:« جلست في منزل أسرتي أكثر من ٦ اشهر، رفضت خلالها كل الوساطات التي كان يبعثها لي مع أقربائي ووالدته وشقيقاته بل وأشقائي أيضا، وكنت مصممة على الطلاق، لأني لم اعد احتمل العودة إلى سجنه الذي يحيطه بقضبان حب السيطرة التي تتعدى المعقول، وقررت أن أمنحه فرصة أخرى، وعدت إلى منزلنا معه على شرط أنني سأغادر مع اول خطأ يرتكبه في العودة إلى سيرته الأولى، ولكنه ولله الحمد كان قد تغير خاصة انه اعترف أمام الجميع من أهلي وأهله بانه هو المخطئ وانه يحب السيطرة والتحكم، واعتقد أن اعترافه أمام الجميع وبشكل شفاف وواضح كان جزءا من علاجه لنفسه من حب التسلط، ولله الحمد تغير زوجي كثيرا ».