- رمضان: مواسم الغبار زادت من 3 أشهر في السنة إلى 9 أشهــر وسرعة 35 كيلومتراً للرياح تخفض الرؤية إلى أقل من 1000 متر
- الدوسري: متوسط الغبار على الكويت 270 طناً لكل كيلومتـــر مربع سنوياً والظاهرة باتت مستمرة في مختلف الأشهر
- العوضي: التأهيل الذاتي للأراضي من أفضل الوسائــل وتكلفته الاقتصادية منخفضة مقارنة بإنتاجه الفطري
- العلي: هبوب الرياح حتى بسرعات قليلة لا تتعدى الـ 20 كيــلومتراً في الساعـة تحمل معها نسباً عالية من الأتربة
من المتوقع ان يشهد الصيف المقبل ارتفاعا في الظواهر الغبارية بنسبة 50% وفقا لما تشير اليه الحسابات الفلكية والأرصاد الجوية.
ولا يخفى على احد ان ما نشهده اليوم من عواصف رملية وظواهر غبارية مستمرة له أسباب متعددة ومصادر متعددة منها المحلية ومنها الاقليمية.
ولعل الجفاف الذي شهدته المنطقة والكويت خصوصا خلال موسم الشتاء الماضي اذ لم تتعد كمية الأمطار الهاطلة 48 مل وفي ظل غياب أي إجراءات للعمل على تثبيت التربة ـ وان وجدت فإنها ستأخذ وقتا لتصبح فعالة ـ فانه من المتوقع ان يثار الغبار حين وصول سرعة الرياح الى 20 كيلومترا في الساعة او ما دون بعد ان كانت اثارة الغبار لا تتم الا بسرعة 35 كيلومترا في الساعة فما فوق.
وبالنظر الى كميات الغبار الواقعة على الكويت وحجم التأثيرات الاقتصادية والصحية والتأثير على الملاحة الجوية والبرية والبحرية وضع المشاركون في ندوة «الأنباء» عدة توصيات كإجراءات يمكن اتخاذها للحد من هذه الظاهرة المرجحة للتزايد عاما بعد عام.
وقد شارك في الندوة أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر، رئيس قسم الجيولوجيا في جامعة الكويت د.جاسم العلي وخبير التنبؤات الجوية عيسى رمضان والباحث في معهد الكويت للأبحاث العلمية د.علي الدوسري والاستاذ في قسم علوم الأرض والبيئة في جامعة الكويت د.جاسم العوضي، فإلى التفاصيل:
أدارت الندوة وأعدتها للنشر: دارين العلي
بداية، اعتبر رئيس وحدة نظم المعلومات الجغرافية في جامعة الكويت د.جاسم العلي ان ازدياد ظاهرة الغبار له تأثيره السلبي على الأصحاء والمرضى في آن معا كما له تأثيره على الملاحة بأنواعها وعلى الطرقات، مشيرا الى ان ظاهرة الغبار كانت موجودة ومازالت وستبقى اذ انها من الظواهر الطبيعية التي تساهم في التوازن الطبيعي الا ان تزايد هذه الظاهرة وارتفاع كميات الغبار والأتربة المحمولة بالرياح أمر بات ملحوظا ومؤثرا على الصحة العامة.
ازدياد ظاهرة الغبار
ولفت الى ان ازدياد هذه الظاهرة يعود لأسباب محلية وأخرى اقليمية، فضمن حدود الدولة هناك الكثير من العوامل وأبرزها الاختفاء الشبه كامل للغطاء النباتي سواء في المناطق الشمالية او الجنوبية بسبب الرعي الجائر وتفضيل اصحاب الثروة الحيوانية تركها في البيئة البرية بدون حساب مخاطر ذلك، عدا عن التخييم وعشوائيته وان كان خلال السنة الأخيرة قد تم وضع ضوابط وتحديد للمواقع، هذا عدا حروب الخليج وما احدثته الحربين الثانية والثالثة من تدهور للتربة وتلف للغطاء النباتي في البيئة الكويتية بفعل حركة المركبات والآليات العسكرية.
وقال ان هذه الأسباب وغيرها جعلت من التربة غير ثابتة وبالتالي فان هبوب الرياح حتى بسرعات قليلة لا تتعدى الـ 20 كيلومترا في الساعة تحمل معها نسبا عالية من الاتربة والغبار بعد ان كانت في السابق لا تثير الرياح الغبار الا بوصولها السرعة 30 كيلومترا فما فوق.
أما الاسباب الاقليمية فلفت العلي الى ان ارتفاع نسب الغبار والاتربة وزيادة العواصف الرملية تعود ايضا لأسباب تحصل في الدول المجاورة التي تصدر لنا الغبار بفعل حركة الرياح وخصوصا ان الرياح السائدة في الكويت هي الرياح الشمالية الغربية وتحمل معها الأتربة والغبار من شمال غرب البلاد خصوصا بعد تجفيف الأهوار وتدهور الأراضي هناك.
وأوضح العلي ان وضع حد لتزايد هذه الظاهرة تتطلب حلولا وتدابير على المستوى الدولي وكذلك المحلي مشيرا الى انه في قمة الارض عام 1992 تم طرح أجندة القرن 21 وأحد بنودها الأساسية مكافحة التصحر وتم تشكيل لجان متخصصة لذلك في 165 دولة عضو في الاتفاقية وكذلك فعلت الكويت التي وقعت على الاتفاقية عام 1997، مشيرا الى ان نطاق عمل هذه اللجنة المشكلة برئاسة الهيئة العامة للبيئة حصر اسباب التصحر الذي هو جزء من اسباب اثارة الغبار في البلاد.
وشدد على ان الحل يتطلب تضافر الجهود على المستويين المحلي والاقليمي وتعاون الدول المعنية ببؤر الغبار مشيرا الى ان قانون البيئة المحلي الجديد قد وضع الكثير من الضوابط التي من شأنها مساعدة البيئة البرية على التعافي، مشيرا الى ان اولى خطوات الحل تثبيت التربة وذلك عبر عدد من الخطوات اهمها تنظيم التخييم وحركة المركبات في الصحراء ومنع الرعي الجائر والجواخير العشوائية في شمال البلاد.
وأشار الى ان عملية التخضير والتشجير من الأمور المهمة جدا لتثبيت التربة وخاصة في الجزء الشمالي من الدولة التي لا يوجد فيها آبار نفطية وبالتالي تعتبر مكانا مناسبا للمزارع الخاصة بالأمن الغذائي الذي يوفر فائدة مشتركة تتمثل أولا بالأمن الغذائي عبر انتاج هذه المزارع وثانيا التخفيف من حدة زحف الرمال الذي تؤمنه عملية الزراعة.
عمليات انتقال الغبار
وفصل خبير الأرصاد الجوية عيسى رمضان عملية انتقال الغبار اقليميا، لافتا الى ان ابرز مصادر الغبار من خارج الكويت هي من مناطق شمال غرب العراق وجنوب شرق سورية او ما يسمى بالمناطق الرعوية والتي كانت زراعية وتحولت الى أرض بور بعد ان تركها المزارعون بسبب نقص المياه في دجلة والفرات وجفاف البحيرات التي تحولت الى ملحية وبالتالي الى بؤر للغبار، لافتا الى ان هنالك مصادر مؤقتة للغبار في شرق الاردن تتكون بسبب الجبهات الهوائية التي تمر بها المنطقة.
وأوضح ان هناك 3 حالات تؤثر على انتقال الأتربة وهي الجبهات الهوائية في المنخفضات الجوية القبرصية والسودانية والانحدار في خطوط الضغط الجوي قد يوصل سرعة الرياح الى 65 الى 100 كيلومتر في الساعة وبالتالي تحمل معها الأتربة.
ولفت الى ان الحالة الثانية لإثارة الأتربة تحصل بسبب عدم التجانس في درجات الحرارة بين الطبقات الجوية الدنيا والعليا ما يسبب دوامات هوائية تحمل معها الأتربة لافتا الى ان العواصف تتحرك في منطقتنا على مساحات تمتد من 1500 الى 200 كيلومتر مربع وقد تستمر لمدة أسبوع في تحركها، لافتا الى ان 10 الى 25% من العواصف في المنطقة تهب في منطقة شرق آسيا بينما تصل من 50 الى 70 في شمال أفريقيا.
أما المنخفض الجوي الهندي (رياح البوارح) فهي وفق رمضان الحالة الثالثة لإثارة الغبار وهي رياح شمالية غربية جافة محملة بالغبار من الصحراء العراقية والكويتية.
ولفت رمضان الى ازدياد معدل متوسط أيام الغبار ي البلاد منذ 1968 وحتى 2012 لتبلغ 137 يوما من الظواهر الغبارية في البلاد في السنة منها 58 حالة من حالات الغبار العالق و63 حالة من الغبار المتصاعد و16 حالة من العواصف الرملية، لافتا الى انه منذ العام 2000 وحتى اليوم فإن اي زيادة في سرعة الرياح تصل الى 35 كيلومترا في الساعة تنخفض معها الرؤية الى اقل من 1000 متر لأنها تحمل ذرات صغيرة من الغبار تحجب الرؤية، مشيرا الى ان مواسم الرياح والغبار زادت من 3 أشهر في السنة يونيو ويوليو واغسطس الى 9 أشهر تضم الفترة الانتقالية بين المواسم.
وتحث رمضان عن العواصف الرعدية المثيرة للغبار والتي ممكن ان يصل تأثرها من 150 الى 500 كيلومتر مشيرا الى ان الرياح الهابطة منها بسرعة 120 كيلومترا تضرب الأرض وتحمل معها كميات من الاتربة وتنتقل الى منطقتنا وتأتي الى الكويت من الجنوب بشكل عاصفة رملية.
الأحزمة النباتية والمنتجعات البيئية
أما عن الحلول المقترحة فلفت رمضان الى ان زراعة الأحزمة النباتية من بعض الأشجار المدروسة عالميا والتي تتحمل قلة المياه ولا تسبب حساسية للانسان وتعطي كميات كبيرة من الاوكسجين وتمتص كميات أكبر من ثاني اكسيد الكربون ما سيساهم حتما في تثبيت التربة وفي تخفيف نسبة ثاني اكسيد الكربون في الهواء لافتا الى ان هذا الحل ستقدمه الكويت من ضمن الحلول التي ستنقلها الى الامم المتحدة والمختصة بتخفيض هذا الغاز في الجو لافتا الى ان الكويت اختارت هذا الحل لفوائده الثلاث في تخفيف الحرارة ووقف زحف الرمال وتخفيف الانبعاثات.
ولفت الى ان الأحزمة النباتية ممكن ان تشكل مدخلا الى السياحة البيئية والمنتجعات البيئية التي كثيرا ما تساهم في تثبيت التربة بشكل كبير كون الأشجار بنوعيات معينة قادرة على امتصاص كميات كبيرة من الاتربة والغبار، لافتا الى عمليات التحريج التي تمت في الكويت منذ الستينيات والتي مازالت بعض اشجارها موجودة الى الآن كالأثل والسدر وذلك دون اهتمام او اي مصادر للماء.
بوبيان أبرز المصادر
الباحث في معهد الكويت للابحاث العلمية عضو اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر د.علي الدوسري قال انه يجب اولا فهم هذه الظاهرة وتقدير المشكلة التي تقع في حال ازديادها سواء في تأثيراتها الصحية أو الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت الى ان معهد الأبحاث لديه دراسات عن هذه الظاهرة منذ 1979 وهناك قراءات منذ ذلك التاريخ وحتى الآن تدل على ازدياد هذه الظاهرة فعلا مع السنين، لافتا الى انه في العام 2007 بينت قراءاتها ارتفاع نسب الغبار وأكثرها في جزيرة بوبيان حيث وصلت كميات الغبار الى 112 طنا لكل كيلومتر مربع لافتا الى ان التحاليل اثبتت ان نوعية الغبار مختلفة تماما عن نوعية التربة الموجودة في الجزيرة ما يعني انها أتت من مصادر خارجية.
ولفت الى انه وفق مصائد الغبار فانه منذ عام 2009 وحتى العام 2011 كانت كمية متوسط الغبار الذي يتساقط على الكويت 270 طنا لكل كيلومتر مربع سنويا لافتا الى ان ظاهرة الغبار لم تعد تقتصر على اشهر معينة في السنة بل باتت تحصل في مختلف الاشهر.
وأوضح ان الدراسات اثبتت ايضا ان الغبار بحد ذاته ليس المسبب الرئيسي لحالات ازدياد الربو والحساسية وانما حبوب اللقاح التي تحملها ذرات الغبار معها مشيرا الى ان مختلف الباحثين في المجال الصحي قد اثبتوا ذلك بينما تبين في تحليل لحبوب اللقاح انها تأتي في أغلبها من مصادر خارجية غريبة عن نباتات الكويت واغلبها من سورية.
سلبيات اختفاء الغبار
وشدد على ان الغبار جزء من النظام الايكولوجي، واختفاؤها قد يتسبب في زيادة الحشرات وغياب التوازن الطبيعي كما أن في الغبار معادن عديدة تساهم في خصوبة التربة إذا ما تم تجميعه بصورة ميكانيكية عديدة بعد التعقيم الحراري للتخلص من الكائنات الدقيقة المصاحبة للغبار.
يعتبر الغبار بمحتواه من حبوب اللقاح والمواد العضوية والعناصرية وخاصة الحديد مغذ رئيس للكائنات البحرية ومحفز لتحرير كثير من المغذيات عبر تفاعلات كيميائية معقدة لذا تعتبر مثل هذه الدراسة مفتاحا للقيام بدراسات أخرى في هذا المجال.
ومن الحلول التي اقترحها الدوسري لتخفيف هذه الظاهرة والمساهمة في تثبت التربة هي جعل المناطق الشمالية التي تهب منها الغبار مناطق محمية لعدة سنوات حتى تعيد بناء نفسها بنفسها ومن ثم تفتح للرعي في أوقات معينة من السنة اي في فصل الربيع حيث تكون النباتات في كامل نموها وممكن ان تستفيد منها الماشية، لافتا الى ضرورة ايجاد نظام ادارة المراعي بالتعاون المشترك بين الزراعة والبيئة والبلدية الأعضاء جميعا في المجلس الأعلى للبيئة والذي يمكنه اتخاذ قرارات في هذا الشأن مشيرا الى ان الأمر يحتاج ايضا الى هيئة عليا للحياة الفطرية تكون قادرة على التحكم في الرعي وتعمل على اعادة الحياة الفطرية الى البيئة البرية التي من شأنها المساهمة بقدر كبير في تثبيت التربة.
ملوثات الغبار
الاستاذ في قسم علوم الأرض والبيئة في جامعة الكويت د.جاسم العوضي تحدث عن مصادر الغبار، لافتا الى انها ظاهرة كانت موجودة قبلا وستبقى وهي متعددة المصادر في مختلف بلاد العالم سواء مصادر داخلية او خارجية مشيرا الى ان الحرارة يمكن ان تشكل سببا لإثارة الغبار ايضا والذي يبدأ بالترسب عند برودة الأرض أي مع غياب الشمس والتغيرات المناخية.
وأشار الى ان ازدياد هذه الظاهرة وما يحمله الغبار معه من ملوثات بسبب مستجدات تطرأ على البيئة الطبيعية لمناطق هبوب الرياح كتجفيف الأهوار والبحيرات نظرا لما كان يستخدم فيها من مبيدات وغيرها هو ما يجعل من تلك الظاهرة الطبيعية خطرة نظرا لما يمكن ان يحمله الغبار من ملوثات قد تؤثر على صحة الانسان وتكون سببا للكثير من الأمراض.
وتحدث عن الغبار المترسب في المدن فمثلا مدينة الكويت تعتبر الأرصفة والشوارع مصدرا للغبار الراكد الذي يتحرك ويثار مع حركة السيارات التي تعتبر مصدرا مصطنعا للغبار حيث انها تثير الغبار الذي يتشبع بالانبعاثات النفطية وعوادم السيارات ويؤثر ايضا على الصحة العامة.
ولفت العوضي الى انه لابد من دراسة الامكانيات و الحلول التي توضع للتخفيف من هذه الظاهرة ما يضمن التوازن بين الموارد الطبيعية وعناصر الاستدامة، لافتا الى ان الحلول المحلية تبقى جزئية ونسبية مقارنة بما يجب ان يتخذ من اجراءات في الدول المحيطة التي تعتبر مصدرة للغبار الينا.
ولفت الى عدم جدوى المزارع التي أنشئت أساسا بهدف تطوير المنتجات المحلية وبهدف الأمن الغذائي، لافتا الى انه في غياب اسلوب الادارة للمزارع بدأ هذه الأخيرة تستغل لغير أغراضها وخاصة في الوفرة التي بات استهلاكها اكبر من انتاجها بعد ان تحولت الى منتجعات داخلها بحيرات وليست اراضي زراعية تساهم في تثبيت التربة ودعم الأمن الغذائي.
وشدد على ان اي حل يجب ان تسبقه دراسات تؤكد نجاحه، لافتا الى ان الانسان بدأ يدمر هذه الارض حتى وصلت الى مرحلة متقدمة من مراحل السرطان وباتت اعادة تأهيلها صعبة ومكلفة جدا، مشيرا الى ان التأهيل الذاتي أفضل الوسائل وتكلفته الاقتصادية منخفضة مقارنة بانتاجه الفطري، لافتا الى انه يجب رفع نسبة المحميات وفتحها امام الرعي في اوقات محددة من السنة لافتا الى وجوب وجهود جهة عليا تنسق في هذا الشأن وتجعله نافذا.
«البيئة»: 5 ملايين طن من الغبار على مساحة الكويت خلال السنة الواحدة
تعتبر الهيئة العامة للبيئة نقطة الاتصال لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وبالتالي أنشئت اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر برئاستها ووفق نائب مدير عام الهيئة العامة للبيئة للشؤون الفنية م.محمد العنزي فان اللجنة تقوم حاليا بإعداد الاستراتيجية وبرامج العمل الوطنية لمكافحة التصحر بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة unep، وصندوق البيئة العالمي gef.
وتهدف الاستراتيجية إلى تقييم الوضع البيئي الراهن في الكويت وتتضمن مشاريع مكافحة التصحر من جميع الجهات سواء القطاع الحكومي أو الخاص أو النفطي والمؤسسات المدنية. وتتناول أربع محاور رئيسية هي: الغبار ـ المراقبة البيئية ـ إدارة المحميات ـ برنامج التوعية البيئية الشامل.
وفي محور الغبار قال العنزي إن هذه الظاهرة ازدادت في الآونة الأخيرة لأسباب طبيعية وغير طبيعية، محلية وإقليمية، حيث تأثر تلك الظاهرة على عدة جوانب منها الجانب البيئي والصحي والأمني والاقتصادي وتنقسم مصادر الغبار إلى مصادر محلية وأخرى إقليمية وتسعى الهيئة العامة للبيئة إلى الحد من ظاهرة الغبار ووضع الحلول للحد من أضرارها وذلك بالتعاون مع كافة الجهات المختصة والخبراء المختصين بدراسات ظواهر الغبار سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي ولفت الى ان الهيئة قامت بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة unep وذلك لإعداد البرنامج الإقليمي لظاهرة الغبار وتسعى للمشاركة في إعداد دراسات متقدمة تتناول مواضيع مختصة عن ظاهرة الغبار والعواصف الترابية وتعتبر الكويت متقدمة في مجال أبحاث ودراسات ظاهرة الغبار.
وأشار العنزي الى تعدد أسباب الغبار ومنها الطبيعية ومنها اسباب بشرية وتنحصر في الأنشطة البشرية مثل الرعي الجائر واستخراج المواد المقلعية والتخييم وغيرها لافتا الى تأثر ظاهرة الغبار بصورة كبيرة على الجانب الصحي حيث تبلغ كمية الغبار المترسب ما يعادل خمسة ملايين طن من الغبار على مساحة الكويت خلال السنة الواحدة.
وتعتبر تكلفة معالجة الأمراض الفطرية عالية جدا نتيجة موجات الغبار من خلال رش المبيدات وإعادة التأهيل للمحاصيل الزراعية، تدهور الغطاء النباتي نتيجة لفقد خصوبة التربة بسبب النحت الريحي للمواد العضوية اللازمة لنمو النباتات.
أما ابرز ما قامت به الهيئة في هذا الشأن فلفت العنزي الى تنظيم المؤتمر الإقليمي للغبار والعواصف الترابية ـ نوفمبر 2012 لطرح كافة الدراسات والأبحاث التي تتناول ظاهرة الغبار محليا وإقليميا سواء دراسات محلية أو إقليمية حيث شارك بالمؤتمر خبراء وباحثين من جميع الدول وذلك للاستفادة من كل التجارب والأبحاث والمشاريع التي تحد من تأثير ظاهرة الغبار، بالاضافة الى اعداد التقرير الوطني لمكافحة التصحر ـ الكويت المطلوب عبر اتفاقية الأمم المتحدة ويشكل ملخص لكل ما تم انجازه من مشاريع وأعمال تطوعية وتوعوية تخدم البيئة البرية والحد من تدهورها خلال الفترة السابقة من تاريخ إرسال التقرير، وقد تضمن التقرير الأخير البيانات الخاصة بعدد 41 مشروعا من المشاريع الخاصة بظاهرة التصحر والجفاف على مستوى الكويت.
الكويت أعلى معدل غبار
قال الدوسري ان العواصف الغبارية خلال النهار التي تتعرض لها الكويت على سبيل المثال تمثل 25% من أيام السنة. وإن المعدل الطبيعي للعواصف الغبارية في الكويت هو 26 عاصفة في السنة وهو معدل يفوق بأضعاف المعدل الطبيعي للعواصف الغبارية في الدول المجاورة.
إن معدلات الغبار المتساقط على الكويت تحدث خلال هذه الأيام خسائر في الأرواح والممتلكات انعكست بشكل واضح من خلال بيانات الطوارئ في المستشفيات وحوادث الطرق.
مصادر الغبار
٭ مصادر إقليمية: الصحراء الغربية للعراق والبادية الشامية، أهوار العراق والسهل الفيضي للرافدين، المنطقة لإيرانية المحصورة بين جبال زاجروس من الشرق وشط العرب ونهر دجلة من الغرب، صحراء الدهناء وتكوين الدبدبة، المصادر العالمية معظمها من الصحراء الأفريقية الكبرى.
٭ مصادر محلية: جزيرتا وربة وبوبيان، مسطحات المد والجزر في جون الكويت وخور الصبية والإخوار المتفرقة في الكويت، الخباري الصحرواية ورواسب الطمي والغرين في بعض مجاري الأودية وخاصة الشمالية الغربية، السبخات الساحلية، الكثبان الرملية وخاصة المتواجدة في نطاق الهويملية، المساحات الخالية والأراضي المتدهورة وندرة الغطاء النباتي سواء في المناطق السكنية أو الصحراوية.
التوصيات
أوصى المجتمعون في الندوة على تنفيذ عدد من الإجراءات التي من شأنها تثبيت التربة والتي في مقدمتها الالتزام ببنود الاتفاقيات الخاصة مكافحة التصحر سواء على الصعيد المحلي أو الاقليمي، ومن هذه التوصيات:
٭ إنشاء مزارع خاصة بالأمن الغذائي وخاصة في الجزء الشمالي من البلاد ما يوفر فائدة مشتركة تتمثل أولا بالامن الغذائي عبر انتاج هذه المزارع وثانيا التخفيف من حدة زحف الرمال الذي تؤمنه عملية الزراع.
٭ زراعة الاحزمة النباتية من بعض الاشجار المدروسة عالميا والتي تتحمل قلة المياه ولا تسبب حساسية للانسان وتعطي كميات كبيرة من الاوكسجين وتمتص كميات أكبر من ثاني اكسيد الكربون.
٭ ايجاد نظام ادارة المراعي وجعل المناطق الشمالية التي تهب منها الغبار مناطق محمية لعدة سنوات حتى تعيد بناء نفسها بنفسها ومن ثم تفتح للرعي في أوقات معينة من السنة اي في فصل الربيع حيث تكون النباتات في كامل نموها وممكن ان تستفيد منها الماشية.
٭ انشاء هيئة عليا للحياة الفطرية تكون قادرة على التحكم بالرعي وتعمل على اعادة الحياة الفطرية الى البيئة البرية التي من شأنها المساهمة بقدر كبير في تثبيت التربة.
٭ رفع نسبة المحميات وترك المجال لها للتأهيل الذاتي الأقل كلفة والأكثر انتاجا.
تدهور مناطق التخييم
ذكر د.جاسم العلي ان الدراسات تشير الى ان نسبة تدهور الغطاء السطحي في الأماكن التي يتم التخييم فيها تبلغ 70% مقارنة بالأراضي التي لم تشهد عمليات تخييم، لافتا الى ان حركة السيارات والآليات بشكل عشوائي في البيئة البرية تحدث ضررا كبيرا عليها ويجب تداركه.
الغبار الأحمر
أوضح الفلكي عيسى رمضان ان آخر عاصفتين هبتا على الكويت احداها كانت من جنوب العراق والثانية من شمال شرق المملكة العربية السعودية، لافتا الى انها كانت محملة بالغبار والرمال بينما عندما تتحول السماء الى حمراء فيعني انها نتيجة للأتربة التي تحملها الرياح وتكون آتية من سورية وشمال غرب العراق.
الجفاف
قال رمضان ان جميع الدراسات الدولية الخاصة بالارصاد والتي يعمل فيها اكثر من 3 آلاف خبير تؤكد ان المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية ستتأثر حتى العام 2050 بجفاف شديد يقابله مطر شديد في المنطقة الجنوبية من الجزيرة العربية ما سيؤثر على بنيتها التحتية غير المجهزة لاستقبال اكثر من 100 مل من المياه يوميا ما يجعل من تلك المناطق تعاني معاناة شديدة، أما المناطق المالية ومنها الكويت فستعاني من الجفاف وبالتالي من زيادة أكيدة بالغبار والرياح المحملة بالملوثات نتيجة لجفاف البحيرات سواء في العراق او في سورية التي توضح صور الاقمار الاصطناعية انها بؤر لملوثات مضرة للصحة.
السالمية الأكثر غباراً
قال د.علي الدوسري ان منطقة السالمية وبالرغم من انها بعيدة نسبيا عن الصحراء وتقع على البحر الا انها من اكثر المناطق التي تتعرض للغبار الذي يأتيها من جهة البحر من جزيرة بوبيان لافتا الى ان الغبار عابر للبحار والمحيطات ولا يعرف حدودا ومساحات مشيرا الى ان الغبار في الكويت دقيق جدا وذراته صغيرة جدا ولذلك يتأخر لكي يترسب مقارنة بأنواع أخرى من الغبار كالامارات مثلا حيث تترسب فيها الاتربة بسرعة لأنها رمال ثقيلة.
سوء استخدام المزارع
انتقد د. جاسم العوضي سوء استخدام المزارع التي تحولت عن اهدافها الى منتجعات لافتا الى ان بعض هذه المزارع قد أسرفت في استخدامها للمياه الجوفية في حفر الآبار الى اعماق غير مسموح بها ما يؤذي هذا المخزون الذي يعتبر بديلا رئيسيا للدولة لافتا الى ان الموارد الطبيعية تكاد تشح اذ لا يوجد استهلاك مدروس لها بغياب التفكير بالاستدامة والاجيال المقبلة.
الغبار ومزاج الإنسان
قال الخبير عيسى رمضان ان ازدياد الظواهر الغبارية والايام المغبرة بالاضافة الى انها تؤدي الى تعطيل حركة الملاحة البرية والبحرية والجوية، فانها تترك آثارا سلبة على صحة الإنسان فعدا عن الربو والحساسية فان هذه الظاهرة لها تأثيراتها على مزاج الانسان حيث تزيد من الشحنات السلبية لديه وتكون سببا في التأثير على نفسيته.
زيادة الظواهر الغبارية 50% خلال الصيف الحالي
توقع خبير التنبؤات الجوية عيسى رمضان ان تزيد الظواهر الغبارية بنسبة 50% خلال فترة الصيف لافتا الى ان البلاد ستتأثر بالعواصف الرملية من المناطق التي تعتبر بؤر للأتربة والغبار ومنها جنوب العراق، مشيرا الى انه كلما نشطت الرياح ستثير معها الغبار بجميع أشكاله المتصاعد والعالق والمنجرف «السديم» ويعود ذلك الى شح الأمطار في موسم الشتاء الماضي اذ لم يتجاوز معدل سقوط الأمطار الـ 48 مل ولذلك يعتبر هذا العام من الاعوام الشحيحة اي شديدة الجفاف، لافتا الى انه وفق توقعات البلاغ الوطني الذي يتم اعداده حاليا فان شحوح الأمطار سيستمر حتى عام 2023 اذ سيكون معد هطول الأمطار أقل من 80 مل بعد أن كان في عام 1990 حوالي 125 مل وفي السنوات القليلة الماضية بلغ حوالي 116 مل وهذا ما يرجح ازدياد ظاهرة الغبار في السنوات المقبلة أيضا اذ لم يتم اتخاذ اجراءات جدية لتثبيت التربة.
حبوب اللقاح
في دراسة أجراها معهد الكويت للأبحاث العلمي تم رصد وتحليل حبوب اللقاح في الكويت من العينات الشهرية لمدة عامين ووجد أن الكثير منها كحبوب اللقاح الصنوبرية التي تتواجد كثاني أكبر كمية من الحبوب المترسبة على الرغم أن منبتها ليس في الكويت بل من مناطق إقليم البحر المتوسط (سورية) مما يدل على أن المصادر الإقليمية هي المصدر الرئيس للغبار المتساقط في الكويت فسورية والصحراء الغربية للعراق وبلاد الرافدين تعتبر منشأ الكثير من العواصف الغبارية عبر مسار طبيعي للرياح باتجاه الكويت.
حبوب اللقاح الناتجة من شجيرات الرمث هي المشكل الرئيس لحبوب في العينات المجموعة وهذه الشجيرات تتوافر في شمال الكويت وجنوب العراق في الصحراء الغربية مما يدل على أن المصادر الإقليمية القريبة هي الأكثر مساهمة كمصادر طبيعية للغبار.