آلاء خليفة - محمد هلال الخالدي
هزت فاجعة الجهراء ضمير جميع من قرأ عنها أو سمع بها أو شاهد صورها على شاشات التلفزة أو على صفحات الصحف، وقد تواصلت ردود الافعال المنددة بالحادثة، معتبرة انها جريمة نكراء خارجة عن المألوف. وكان لاساتذة الاجتماع وعلماء النفس آراؤهم حول هذه الحادثة عبر احاديث متفرقة اجرتها معهم «الأنباء»، وفيما يلي التفاصيل: في البداية، حذر أستاذ علم النفس بجامعة الكويت د.عويد المشعان من خطورة النزعة الانتقامية التي قد تسيطر على بعض الأفراد، وقال: بداية نعزي أهل الكويت جميعا بهذا المصاب الجلل ونعزي أهالي الضحايا بشكل خاص ونسأل الله لهم الرحمة والمغفرة.
وأضاف أن الحادث مأساوي بكل المقاييس ويمثل كارثة على المجتمع الكويتي الذي لم يعتد مثل هذه الأمور، خاصة أن ضحايا الحريق كلهم من النساء والأطفال وهي فاجعة كبرى تهز أركان المجتمع بكل تأكيد. وأشار د.المشعان الى أن لدى الزوجة الأولى نزعة عدوانية وانتقامية خطيرة لديها، والنزعة الانتقامية عادة ما تكون قاتلة اذا ما سيطرت على الانسان، لذلك لابد من ضبط النفس وتحكيم العقل والتحدث مع العقلاء الذين يفترض فيهم أن يقوموا بتهدئة الشخص وتذكيره بخطورة النزعة الانتقامية، وأضاف أن مبدأ الانتقام خطير جدا ويؤدي اذا ما استمر الى كوارث تلو الكوارث ولذلك أنصح رجال الأمن في وزارة الداخلية الحذر والتريث في عملية اتمام التحقيقات فيما يتعلق بتمثيل المتهمة للجريمة في هذه الفترة لأن النفوس غاضبة وبعض أهالي الضحايا ربما يكون فيهم من يشعر هذه الأيام برغبة في الانتقام من المتهمة، وهو أمر خطير وندعو الجميع الى الهدوء والحكمة وضبط النفس.
شخصية عدوانية
وحول ملابسات الحادث والكيفية التي تمت بها بحسب المعلومات المتوافرة عن القضية، قال د.المشعان: ان المعلومات المتوافرة دليل على أن المتهمة تتصف بشخصية عدوانية خطرة، ولا يعفيها من المسؤولية ادعاؤها أنها لم تكن تعلم بما سيحدث لأنها جهزت البنزين وأحرقت الخيمة وهي تعلم بالتأكيد أن الخيمة تحترق بسرعة، الكل يعلم ذلك حتى الأطفال، كما أنها قامت بتهديد أهل زوجها مسبقا وبفترة طويلة وهذا يدل على سيطرة فكرة الانتقام عليها وهي حالة خطرة وهستيرية تجعل المرء يتصرف بجنون ولا يبالي بما يحدث، فالمهم عنده هو أن يتم انتقامه بغض النظر عن النتائج التي ستترتب على أفعاله. وأضاف أن صغر سنها له علاقة بتصرفها بالتأكيد، فأي امرأة بالعالم لا يمكن أن تقبل أن تشاركها امرأة أخرى في زوجها مهما بلغت من العقل والحكمة، فهذه هي طبيعة المرأة العاطفية، لكن أن تصل الأمور الى القتل وليس قتل الزوج فقط بل قتل العشرات فهذه كارثة، وهذه الزوجة قامت بقتل عشرات الأنفس بتصرفها العدواني والانتقامي وقتلت أطفالا ونساء أبرياء لا ذنب لهم ولا جريمة، لذلك يجب على الجميع أن يحذر من سيطرة روح الانتقام وعلى الجميع تحكيم العقل عند التعامل مع الأمور والمشاكل، ونصح المشعان أهالي الضحايا بعدم كتم مشاعرهم والبوح بما يجول في صدورهم للمقربين منهم خاصة ممن يحملون نزعة الانتقام، شرط أن يكون هؤلاء الأشخاص من العقلاء ويقومون بتهدئتهم وتذكيرهم بعواقب الأمور وضرورة ترك العقاب للقضاء وقبل ذلك لله عز وجل الذي لا يخفى عنه شيء.
كوابيس
كما تحدث د.عويد المشعان عن الحالة النفسية التي قد تعيشها المتهمة الآن، مؤكدا أنها لن تشعر بالراحة وستطاردها الكوابيس والأحلام المزعجة والشعور بالذنب طوال حياتها، لأنها قتلت عدة أنفس من الأطفال والنساء ممن لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بمشكلاتها الزوجية، كما أشار الى الصعوبات النفسية التي ستواجه الزوجة الجديدة وزوجها والجرح الأليم الذي سيبقى تأثيره لفترة طويلة مؤثرا في نفوسهم. وحول حديث البعض عن تأثير هذا الحادث المؤسف في المجتمع وخاصة في مسألة الزواج بأخرى قال المشعان ان هذا الحديث سخيف ولا يقوله إلا الناس الجهلة، فمن غير المعقول ولا المقبول أن يتحدث البعض عن تحذير الأزواج من الزواج بأخرى ويستشهدون بهذه الحادثة المأساة الآن، فأجواء الحزن تخيم على كل أفراد المجتمع ومن غير المناسب الحديث بهذه الصورة السخيفة عن أمور الزواج التي لا تحتمل المزاح السخيف على مصائب الناس وآلامهم.
الإحباط
من جهته، اكد رئيس مركز الاسرة للاستشارات الاجتماعية واستاذ علم النفس بجامعة الكويت د.خضر البارون انه لا يمكن القول ان زواج زوج السيدة التي قامت بحرق عرس الجهراء يبرر سلوكها الانتقامي، لكن لابد من التوضيح ان الانسان في بعض الاحيان يقع تحت تراكمات من الاحباطات والانفعالات السلبية والتي تكون ناتجة عن معاناة قاسية تعرض لها هذا الشخص فتنفجر عنده في لحظة من اللحظات ودون تفكير سليم ودراية ومعرفة نتائج هذا السلوك بما يجعله يقدم على مثل تلك الخطوة الشنيعة التي لا تغتفر من حيث القانون والشريعة.
وتابع قائلا: لقد قضت بفعلها هذا على ارواح بريئة ليس لها اي ذنب او شأن بما تعانيه تلك السيدة، لكن في اعتقادي انها تعرضت لمعاملة سيئة من زوجها وقسوة وتهميش دورها، كما تم تحطيمها نفسيا مما خلق لديها حالة سيئة جدا وارادت ان تنفس وتعبر عن الظلم الذي تعرضت له لكنها استخدمت طريقة خاطئة جدا ومضرة سواء لنفسها او للمجتمع ككل، خاصة انها أم لأطفال، واعطت صورة سلبية سوداوية مظلمة لهؤلاء الاطفال. وأردف قائلا: وقد يصاب أطفال تلك السيدة بتبعات فعلتها الشنيعة وسيعانون الكثير من الامراض النفسية ومنها الانسحاب من المجتمع ولن يختلطوا او يكونوا الصداقات مع زملائهم كونهم سيشعرون بالخجل عندما يتحدث معهم زملاؤهم عما قامت به والدتهم من جريمة بشعة، وايضا فهي حرمت ابناءها من عطفها وحنانها ومساندتها وقد يصابون بأمراض نفسية كونها اعطتهم نموذجا خاطئا في التعامل مع المجتمع.
وزاد د.البارون قائلا: كذلك هذه المرأة لم تراع مشاعر الآخرين كونها ازهقت ارواحا ابرياء لهم اهمية كبيرة في أسرهم، وبالتالي سيكون هناك نوع من ردود الافعال السلبية جدا تجاه تلك المرأة وقد يتطور الامر الى ان تهدد بحياتها وحياة اطفالها، لكن دوما نقول انه يجب ان يكون هناك انضباط في النفس، صحيح ان الحياة بها الكثير من القسوة والضغوط النفسية والمشكلات لكن علينا دائما ان نتمالك انفسنا ونفكر بشكل صحيح، فالعنف المتجه للانسان القاسي والظالم هو عنف غير مبرر، نظرا لأن الدولة تحكمها مؤسسات معينة ويجب الا نترك السيطرة لـ «قانون الغاب»، فلابد ان يكون هناك تفكير موضوعي وعقلاني، فهناك جهات كثيرة يمكن ان يأخذ الانسان حقه عن طريق تقديم شكوى ولكن لا يجب ان تكون ردود الافعال دوما مصحوبة بالعنف أو رد العداء بالعداء فلابد من التروي والتفكير في حل المشكلات بطريقة حضارية لا تؤذي الآخرين، خاصة أن ديننا الاسلامي دعانا الى التسامح والتآلف والمودة فيما بيننا، وبالتالي فإن ما قامت به تلك السيدة يعد تصرفا خاطئا من خلال انتقامها من طليقها عن طريق زهق ارواح الابرياء.
السماك: معاناة الجانية من اضطرابات غير متوافقة أثرت في سلوكها
أوضحت استشارية علم النفس الاكلينيكي بجامعة الكويت والاستشارية النفسية بوزارة العدل د. أمينة السماك أن المرأة مخلوق يختلف عن الرجل فهي عاطفية بشكل كبير بحكم هرمونات الانوثة التي تأتي من الغدة النخامية وتؤثر على سلوكها، وتلك السيدة تعرضت لضغوط الخلافات مع الزوج والتي زادت بعدما تعرضت للخلافات واصابتها بضغوط تسمى علميا «اضطرابات التوافق» وقد تمتزج مع الاكتئاب او القلق او الاثنان معا.
وتابعت: بالتأكيد اصيبت تلك السيدة اثناء فترة زواجها بحالة من العصبية والقلق نتيجة الخلافات الزوجية واصيبت بحالة من عدم الاستقرار وعدم القدرة على السيطرة على التركيز والاستيعاب والحساسية الزائدة والتي تؤدي الى التوترات العضلية والاضطرابات في النوم وهذه الحالة تصيب الانسان الذي يتعرض للمشاكل.
واضافت: وزادت تلك الاعراض عندما بدأ الزوج بتهديد زوجته انه سيطلقها ويتزوج بأخرى ولاسيما ان عمرها لم يتجاوز الـ 23 عاما، ومن ثم فإنه لم يكن هناك تكافؤ بالعمر او بالثقافة، والانسان عندما يدخل في اضطرابات التوافق تظهر لديه علامات عدم الاستقرار حتى في النواحي الاجتماعية والمهنية والدراسية، واذا تعرضت تلك السيدة للطلاق منذ 6 اشهر فإنها في تلك الحالة تكون قد تعرضت لاضطراب حاد اما اذا زادت المدة عن 6 اشهر فيتحول الاضطراب من حاد الى مزمن، واصبح مزاجها مكتئبا وتبكي لفترات طويلة واصابتها مشاعر يأس.
وتابعت د.السماك: حتى ان لم تكن تقصد قتل هؤلاء الضحايا ولكن الدافع وراء قيامها بذلك هو معاناتها من اضطرابات غير متوافقة أدت الى التأثير على سلوكها وانتهاك حقوق الآخرين، فهؤلاء نساء حضرن الى العرس ولم يكن لهن اي ذنب في زهق اوراحهن بهذه الطريقة البشعة وقد تكون تلك السيدة لم تقصد قتل هؤلاء النساء والاطفال، انما كان القصد من فعلتها تخريب حفل الزواج حتى تقتل فرحة طليقها، ولكنعلى باي حال فنتيجة فعلتها كانت بشعة للغاية، وتلك الامور لم تتوقعها تلك السيدة.