|
محمود صلاح |
«البيوت أسرار» ..ولا يحق لأحد أن يدخل بيتا دون استئذان لكن إذا فتح البيت بابه وقلبه لأخيه الإنسان فقد يجد في ذلك راحة وتفهما
إعداد: محمود صلاح
اليتيمة.. والشعر الأبيض!
هل يمكن ان يكون هناك لقاء بين الربيع والخريف؟
أليست هناك معجزة تجعل شروق الشمس، يلتقي مع الغروب؟
أنا فتاة في الثالثة والثلاثين من عمري.
توفي أبي وأنا طفلة في الثانية عشرة، لكنني مازلت أذكره حتى اليوم، كان أبي كما رأيته وعشت معه أعظم إنسان في العالم.. كان رجلا مميزا في كل شيء، كان وسيما رغم الشعر الأبيض الذي يكسو رأسه، الحقيقة ان اكثر ما أذكره فيه هو ذلك الشعر الأبيض الذي كان يعطيه مزيدا من الوسامة والوقار، وكان محبا حنونا الى درجة كبيرة، وكان يدللني باستمرار ويقول انني القمر الذي يضيء حياته.. ولأنني كنت الابنة الوحيدة، فقد استأثرت برعاية امي وحنان أبي، لكن طبع السعادة انها لا تدوم، فقد مرض أبي بمرض القلب، وغادر الدنيا وتوفي دون مقدمات.. وأصابني حزن هائل، شعرت ان كل الدنيا قد اسودت واهتزت الأرض تحت قدمي، رفضت الطعام واستعصى علي النوم، وكادت امي ان تموت من شدة حزنها وقلقها عليّ، بعد ان اصابتني حمى لم أشف منها بسهولة!
لكن الحياة مضت.. لم يعد لدى أمي شيء في الحياة سوى الاهتمام بي، وبصحتي وتفوقي في دراستي، ورغم انشغالي بالدراسة ورعاية امي، إلا انني لم انس أبي الراحل، ما أكثر ما رأيته في أحلامي واستيقظت والدموع في عيني، وما اكثر ما كنت أذهب الى الأماكن التي كان يصطحبني اليها ونمرح معا كالأطفال.
ومضت سنوات وسنوات.. وأنهيت دراستي بتفوق، شيء واحد كان يزعج امي، وهو ان احدا لم يتقدم لطلب يدي، رغم جمالي وسمعتي الطيبة، كنت ارى هذا التخوف في عينيها، كلما سمعت عن زواج فتاة من قريباتي في مثل عمري، وكانت تدعو لي في كل صلاة ان يرزقني الله بالزوج الصالح الذي استحقه، وقد تقدم لي بالفعل اكثر من شاب، لكن مشروع الزواج لم يكن يكتمل في كل مرة، والغريب انني لم اكن أحزن، بل كنت أشعر بارتياح كبير!
وقد بدأت حكايتي عندما جاء الى العمل مدير جديد، يتخطى الخمسين من عمره، كان انسانا مهذبا ومن اليوم الأول بدأ يعاملني باحترام ومودة ولطف، وأحسست في قلبي انه يميزني بهذه المعاملة عن زميلاتي.
ويوما بعد يوم..
بدأت أعيد النظر الى مديري، وذهلت عندما وجدت نفسي أميل اليه بمشاعري، وانني أذهب كل يوم للعمل ليس لأنه عملي، وانما لكي ارى مديري، الذي تعودت عليه، وآنست الى حديثه واهتمامه، واكتشفت سببا آخر لهذا الشعور وانا أفكر فيه، هو تلك الخصلات من الشعر الأبيض التي تميزه!
ولأول مرة تتحرك مشاعري.
أدركت انني احب لأول مرة في حياتي، لم أختبر من قبل مشاعري، لقد أصبحت أدور في فلكه، أصبحت أحفظ عن قلب ماذا يحب وماذا يكره، حتى آراءه في الحياة، حتى ملابسه، حتى العطر الذي يستخدمه!
نعم.. أنا أحبه!
انه أرمل، توفيت زوجته من سنوات طويلة، وعنده ولد وبنت، وهو ليس عجوزا بالمعنى المفهوم، فارق السن بيننا 25 سنة فقط!
أليس من حقي ان أحب؟
وهل من الجنون ان أحلم بأن يتزوجني مديري الذي أحبه؟
بدون توقيع
من حق كل إنسان ان يحب.. لكن السؤال: من يحب؟
هل لمجرد ان تعلقنا وأعجبنا بشخص معين؟
هل لمجرد ان القلب يخفت.. والنفس تهفو؟
أخشى يا ابنتي ان تكون حكايتك هي حكاية الفتاة التي افتقدت الأب وعطفه وحنانه، وشعره الأبيض!
والزواج لا يقوم على الحب فقط، بل لابد ان يكون هناك تكافؤ بين الطرفين في أشياء كثيرة، سواء في العمر، او الظروف الاجتماعية، او الأفكار والتربية.
وأرجو ان تعيدي التفكير في هدوء وان تسألي نفسك وتردي عليها.. بكل الصدق: هل تحتاجين الحب.. أو الحنان؟!
وأرد بصدق على سؤالك الذي بدأت به حديثك.
لا.. لم يحدث ان التقى الربيع مع الخريف.. في واقع الحياة.
ولم يحدث في الواقع ايضا .. لقاء بين شروق الشمس.. وغروبها!
لماذا تخضع المرأة.. لزوجها؟
سألت البنت أباها: ماذا تعني طاعة الزوجة لزوجها.. لماذا تخضع لزوجها، أليس في ذلك إهدار لكرامتها، ان أي علاقة إنسانية سوية لا بد ان تكون فيها مساواة.. فكيف ذلك؟
قال لها الأب: في الزواج من رجل محب صادق شريف ومخلص كريم وشجاع يعرف ربه، تسلم الزوجة نفسها، تسلم حريتها وتخضع بإرادتها بلا تحفظ، تعطي نفسها بالكامل لزوجها بإرادتها أيضا وطوعا، ليس خضوع المهزوم، لكنه خضوع القوي الشجاع المؤمن بالحب والزواج، الواثق من نفسه وفي الطرف الآخر.
وأضاف الأب قائلا لابنته: وحين تسلم المرأة حريتها، فإن الرجل يجب ان يحتوي هذه الحرية، ويكون مسؤولا عنها، وهي مسؤولية كبيرة ورهيبة تحتاج الى رجل ناضج قوي ومؤمن وشجاع يشعر بانه ليس غازيا منتصرا، وزوجته مهزومة بل هي خاضعة وواثقة من نفسها وبأنوثتها، وتؤمن بدورها في الحياة، ويجب ان يكون زوجها أكثر قوة وشجاعة وأعمق إيمانا.
وان يفهم ان زوجته خضعت له وأعطته كل شيء لأنها تحبه كما هو بعيوبه ومميزاته، ولأنها تراه على حقيقته وارتضته زوجا.
وينبغي ان تفهم المرأة انها حين سلمت نفسها لزوجها ستشعر بمتعة التسليم وروعة الاخلاص والانتماء.
وهذا لا يحدث الا في الزواج والحب الحقيقي الذي هو تسليم وأمان وسلام وثقة.
والزوجة لا تسلم نفسها الا لزوج تثق به لأنه صادق ويستحق.
ويفهم ان خضوع زوجته هدية غالية من السماء يقدرها حق قدرها، ويشعر بالخوف لمسؤوليتها، وما دامت زوجته سلمت نفسها له فإن عليه ان يكون مسؤولا عنها يرعاها ويحميها ويحترمها ويعمل على إسعادها طوال حياتها، ويعطيها أكثر مما أعطته.
وعلى المرأة يا ابنتي ان تفهم ان تسليمها لزوجها تحقيقا لذاتها وكينونتها ما دامت تحب زوجها وتحترمه.
يا ابنتي.. هذا سر من أسرار الزواج.
امرأة .. تحمد ربها!
لم أعرف في حياتي سوى رجل واحد.
ولم أحب في حياتي إلا نفس الرجل.. زوجي الحبيب.
تزوجنا منذ خمسة وأربعين عاما.. رحلة عمر طويلة، منها الأيام الحلوة والأيام الصعبة، عشنا الحياة بتقلباتها وأفراحها ومشاكلها، أنعم الله علينا بنعمة الأولاد وكبروا وبدأوا يضعون أقدامهم على أرض الحياة ومضى كل في طريقه.
وبقي لي زوجي.. وحبي الوحيد.
لكن المشكلة بدأت وأنا أقف أمام المرآة لأكتشف هذه التجاعيد التي بدأت تظهر على ملامح وجهي.
هو الزمن.
وانقبض قلبي وساءت نفسيتي.. هل أصبحت امرأة عجوزا؟ وهل يمكن ان تتغير مشاعر زوجي تجاهي؟ انني احبه وأعلم انه يحبني، لكن أريد ان أبدو صغيرة في عينيه كما كنت دائما، أريد ان يراني جميلة دائما.
وصارحته بما يدور في نفسي من قلق ومخاوف.
قلت له: هل تمانع من ان اجري عملية تجميل؟
سألني بدهشة: لماذا؟
قلت له: أريد إزالة هذه التجاعيد التي ظهرت على وجهي، أريد ان تراني جميلة.
فوجئت به يسألني من جديد: ولماذا؟
حتى تظل تحبني.
ابتسم زوجي..
وقال: أنت مخطئة يا امرأة.. وأنا لا أوافق على إجرائك أي عمليات تجميل.
سألته: لماذا؟
قال بهدوء: لنفس السبب، لأنني أريد ان استمر في حبك.
وقال لي: انت لا تفهمين انني أراك اليوم أجمل مما كنت أراك فيما مضى، ان التجاعيد التي تكرهينها هي شهادات الزمن على قصة حبنا.
نعم كنت في الماضي أحب جمال وجهك، لكن عرفت جمالك الحقيقي طوال سنوات عشرتنا معا، عرفت اخلاصك وعرفت قدر حبك لي، تزوجتك فتاة صغيرة جميلة، ورأيتك مع السنوات امرأة محبة مخلصة، وزوجة لا مثيل لها، وأما رؤوما ترعى أولادها وتربيهم أحسن تربية.
بكيت واسترحت عندما وجدته يقبل رأسي ويقول لي: هل تسمحي لي.. ان اقبل تجاعيد وجهك؟
امرأة تحمد الله
أنت امرأة محظوظة.
احمدي الله على هذا الرجل.. فهو من أفضل الرجال!
زوجي ذئب نساء.. ولكن!
كتمت أوجاعي في قلبي طويلا.. تحملت ومازلت أتحمل ما لا تستطيع امرأة تحمله، ولا أعرف كيف لم أفقد عقلي وأصاب بالجنون حتى اليوم، لكن الكيل قد فاض، وكل ما أفكر فيه الآن ان أهدم المعبد فوق رأسي ورأس من أحب.. انه زوجي والرجل الوحيد في حياتي، أحببته بجنون من اللحظة الأولى التي وقعت فيها عيناي عليه، رأيته في إحدى المناسبات الاجتماعية، وسيما، مرحا، جذابا، حلو الحديث، من عائلة ثرية معروفة، ورغم اعجابي الشديد به الا انني لم أجرؤ على الحديث معه، ولذلك كدت أطير من الفرح عندما فوجئت به يتحدث معي ويقدم لي نفسه.
واتصل بي هاتفيا بعد أيام، ولم أسأله كيف عرف رقم هاتفي، فرحتي كانت أكبر من فضولي، وعشت اجمل لحظات عمري، هاهو فتى الأحلام، يقدم لي نفسه على صينية من ذهب.
قال لي انه يعرف انني فتاة محترمة ومن عائلة طيبة، ولذلك سوف يدخل البيوت من أبوابها، وطلب مني أن أسأل والدي ان كان يوافق على ان يتقدم لطلب يدي.
كنت كأنني أطير فوق السحاب، وافق أبي وبارك زواجي وتم الزواج بسرعة خلال شهور قليلة، هكذا أصبحت زوجة الرجل الذي طالما حلمت به، واعترف بأنني عرفت لأول مرة في حياتي طعم السعادة الحقيقية، ذقت العسل الشهد معه وعلى يديه، كان مثال الرجولة والحنان والعطف، يعاملني برقة وحنان، وكثيرا ما كنت أسأل نفسي: هل هناك امرأة على ظهر هذه الأرض سعيدة مثلي؟
لكن الأيام الحلوة في حياتنا لا تعيش العمر كله، فبعد ثلاث سنوات فقط من زواجي، بدأت اكتشف جانبا آخر في شخصية زوجي الحبيب، انه ذئب نساء من الطراز الأول، تتحلق حوله النساء في أي مكان وفي أي مناسبة، فهو مازال يتمتع بالوسامة والجاذبية، وقد اصبح نجما في مجال عمله، وما زال في عز شبابه.
والمرأة اذا أحبت فهي قادرة على اكتشاف أي تغيير يحدث لزوجها، وبغض النظر عما كنت أسمعه أحيانا من بعض صديقاتي عن سمعة زوجي ومغامراته، ومع ان احدا لم يقدم لي دليلا قاطعا على خيانته، إلا انني دائما كنت أشم في جسده رائحة امرأة مجهولة.
صحيح انه لم يقصر في حقي يوما، وما زال يعاملني نفس المعاملة الطيبة، لكن شكوكي الصامتة حولت حياتي الى جحيم.. دائما أنا متأكدة انه يعرف امرأة أخرى، لكن من هي، وما مدى هذه العلاقة؟ لا أعرف، وقد زاد ذلك من عذابي، وحولني الى رجل بوليس سري، فأنا أفتش في أوراقه وأفتش في أرقام هاتفه، وأشم ملابسه، وأترصد حركته وتحركاته، لكنني لم أعثر يوما على الدليل القاطع على خيانته، لم أضبطه متلبسا بالجرم المشهود، لكني في قرارة نفسي متأكدة من ان ذلك سوف يحدث وساعتها سأحطم كل شيء بيدي، سأقتله وأنتحر وسيذهب كل شيء الى الجحيم.
معذبة
رويدك يا سيدتي..
لا توجد امرأة عاقلة تفعل ما تقولين انك تعتزمين عمله، لا أحد يهدم سعادته بيديه، لمجرد شكوك وأحاسيس لا دليل عليها.
ربما شدة حبك له وخوفك عليه هو الذي يضخم أوهامك وشكوكك، وأظن سيدتي انك تحتاجين الى مراجعة أفكارك بهدوء.. أنت تقولين انه ما زال على سيرته الأولى معك، وان معاملته الطيبة لك لم تتغير، الذي تغير هو تلك الشكوك المجنونة التي تعذبك.. لا تتهوري.. فكري بهدوء في الأشياء الطيبة الجميلة بينكما.. فكري في بيتك وسعادتك.. وأبعدي عن تفكيرك هذه الأفكار السوداء.
كوني.. عاقلة.
رحمها الله
تزوجتها وأنا أعرف انها متوسطة الجمال، كانت الابنة الثانية لرجل محترم أعرفه، لم تكن جميلة مثل اختها الكبرى، ولم يكن لي سابق معرفة بها، وإنما رشحتها لي أمي، لكني تزوجتها بكل إرادتي ووعيي، وفي اليوم الأول لزواجنا اكتشفت أنها امرأة جامدة في مشاعرها، بل ظننت انها باردة، كانت تصرعلى ان تطفئ نور حجرة النوم، ولم أكن اسمع لها صوتا حتى ظننت انها تخجل من التعبير عن مشاعرها أو احاسيسها، وربما اعتقدت انها بلا مشاعر أو أحاسيس.
صحيح انها كانت تعاملني بكل احترام، لكنها كانت دائما متجهمة الملامح غاضبة من ماذا؟ لا أعرف، لا تميل الى المرح، وان كانت لا تشكو علانية من أي شيء.
وعشنا سنوات في هذه الحياة وفي بعض الأحيان كنت أشعر انني تزوجت لكني لم اعرف طعم السعادة، وان القدر كتب علي ان أعيش تعيسا بقية عمري مع هذه المرأة جامدة الاحاسيس.
حتى حدث من ثلاث سنوات ان شعرت ببعض التعب واكتشف الأطباء اصابتي بمرض خبيث، قالوا انه في مرحلة متأخرة، وان حياتي لن يبقى فيها الكثير.
وفوجئت برد فعلها..
كانت تبكي حتى تورمت عيناها.. رفضت تناول الطعام.
كانت تصلي طول الوقت، ترعاني وترقد تحت قدمي بل انها كانت تقبل رأسي ويدي وقدمي، فوجئت بها وكأنها إنسانة أخرى لا أعرفها رغم كل تلك السنوات من الزواج، كانت تقول وهي تبكي انني حبها الوحيد، وانها تطلب من الله ان يأخذ من عمرها ويعطيني عمرا جديدا.
وفوجئت بها تقدم لي مبلغا كبيرا كان كل ما ورثته عن والدها، وتطلب مني ان نذهب في رحلة علاج الى الخارج، من يعلم فالطب فيه كل يوم شيء جديد.
وسافرنا..
وكانت المفاجأة ان التحليلات والاشاعات التي اجريتها في فرنسا أكدت ان حالتي ليست كما قال الأطباء تماما، وانها مجرد أورام غير خبيثة، ولا تحتاج الا لعلاج بسيط.
وشفاني الله..
وعدنا الى الوطن، وعندما عدنا نظرت اليها وجدتها أجمل نساء الدنيا، وحمدت الله على ان أعطاني هذه المرأة المخلصة المحبة، وندمت على اللحظات التي كنت أظن فيها أنني إنسان تعيس.
لكنها في إحدى ليالي العام الماضي..
فجأة ودون إنذار.. نامت ولم تستيقظ.
ماتت..
زوجتي الحبيبة رحلت روحها إلى بارئها.
زوج مكلوم
ابكتنى كلماتك وقصتك مع زوجتك التي رحلت وأنت راضٍ عنها .. فليرحمها الله .. رحمة واسعة.
في البيت.. اختفى الكلام!
شيء غريب حدث في حياتي مع زوجي، بعد كل تلك السنوات من العشرة الزوجية التي أحمد الله عليها، فجأة اكتشفت اننا لم نعد نتكلم معا في البيت، كما كنا في الماضي، اختفى الكلام بيننا، اختفى الحوار وأصبحنا لا نتبادل سوى كلمات قليلة باردة. حياتنا أصبحت تلغرافية.
اسمعه يقول: التلفون.
واسمع نفسي أقول: الغداء.
اين الكلام.. كنا في الماضي نستمتع بالحديث معا، كنت أحب سماع آرائه وكان يناقشني في افكاري وتصرفاتي، كان حديثنا معا متعة جميلة، حتى انني كنت أعشق نبرات صوته وهو يتكلم، وكان يصغي لحديثي في نفس الوقت بكل اهتمام، كنت أتكلم معه وكأنني أردد أفكاري بصوت مسموع، وكان ذلك يسعدني، ويجعلني أشعر اننا روح واحدة في جسدين.
ما الذي جرى لنا؟.. ولماذا مساحات الصمت بيننا طغت على مساحات الكلام؟ ولماذا لم نعد نتحدث معا بنفس الحماس؟ لقد اصبحت أشعر بالملل من هذا الصمت المخيف، بل انني بدأت أفعل مثله، وألوذ بالصمت فيقابل صمته صمتي.. لكنني اعترف.. انني حين استعيد كلماته القليلة معي اكتشف انه مازال كما هو تجاهي، ما زال يحبني ولم يتغير، صحيح ان كلامه اصبح قليلا ونادرا، لكنه يتكلم في المعنى ولا يقول إلا الصحيح.
هل تغيرنا؟
حائرة
كل شيء يتغير سيدتي، التغيير سنّة الحياة، لكن الى اي تغيير، الحياة الزوجية عموما لا يمكن ان تبقى على وتيرة واحدة طوال العمر، وكذلك الحماس والحب.
وحتى اللسان يا سيدتي قد يتعب يوما من كثرة الكلام، والمعروف ان هناك فوارق طبيعية تجعل المرأة أكثر استخداما للكلام من الرجل.. ان ابتسامة صادقة من زوجك، تساوي أكثر من مليون كلمة. ونظرة حانية.. أفضل من قاموس كلمات.
لكن عليك ايضا مسؤولية يمكنك بذكاء اختيار موضوعات للحوار تدخل ضمن نطاق اهتمامات زوجك، تحدثي معه عما يشغله ويؤرق باله، كوني منصتة جيدة، وتعاملي بذكاء ولطف.
حدثيه عما يدور داخلك من أحاسيس ومشاعر.
تجاهلي الصمت.. تكلمي وسوف يتكلم.
للتواصل
[email protected]