- الوثيقة غابت عنها قضايا جوهرية أهمها التركيبة السكانية والتطوير القيادي
- إصرار الحكومة على تنفيذ مشروعاتها التنموية خير دليل على تعزيز دور القطاع الخاص في حل الأزمة الاقتصادية
- «رؤية المملكة 2030» انطلاقة حقيقية لتحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي
- غياب المحاسبة وعدم ربط الأجر بالإنتاجية مع غياب المحفزات أمام المستثمرين وراء هروبهم من السوق الكويتي
- ما تريده الكويت هو رؤية وإستراتيجية يكون الشباب وقودها والمرأة عمادها في ظل ظروف تتميز بالتغير والتطوير
أكدت الرئيسة التنفيذية لشركة linkage mena د.سلوى الشرقاوي أن سوق التطوير القيادي والمؤسسي في الكويت شهد خلال السنوات القليلة الماضية طفرة غير مسبوقة على مستوى الكم والنوع، مشيرة إلى أن هذا الاهتمام يعود وبالدرجة الأولى للاهتمام الكبير الذي توليه شركات القطاع الخاص في مختلف المجالات ووفق التسلسل القيادي الموجود بها.
وقالت الشرقاوي في حوار لـ«الأنباء»: انه على الرغم من تأكيد الحكومة على أهمية الاصلاح المالي والاقتصادي، إلا أن آليات تنفيذ تلك الإصلاحات لا تزال غائبة وغير واضحة في برامج وثيقة الاصلاح.
مبينة أن الترهل الوظيفي وغياب خطط واضحة لتأهيل موظفي القطاع العام يمثل عقبات حقيقية في تحقيق الاصلاح الاقتصادي والمالي المطلوب الذي تسعى الحكومة لتحقيقه، لافتة الى ان هناك حاجة ماسة لتأسيس هيئة مسؤوليتها تنمية وتطوير قيادات الصف الأول المسؤول عن تنفيذ خطط الاصلاح.
ورأت أن الدولة محقة في اتخاذ خطوات جادة وجريئة في تحقيق الاصلاح المالي والاداري ولكن على أن يسبقه تأهيل وتطوير للقدرات البشرية من موظفي القطاعين العام والخاص للقيام بالأدوار المطلوبة وبما يشجع على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة والتخلي عن مفهوم الدولة الريعية.
وحول رؤية السعودية 2030 وتأثيرها على دول المنطقة، قالت إن السعودية أكبر اقتصاد في منطقة الخليج وتنتج 30% من النفط الخام لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بما يقارب 10 ملايين برميل يوميا ولديها القدرة على تحقيق التوازن في السوق النفطي وهناك رؤية كبيرة لدى السعودية بتحقيق حلم التكامل الاقتصادي بين دول الخليج وتنفيذ السوق الخليجية المشتركة التي بلا شك سيكون لها آثار كبيرة على الأداء الاقتصادي والاجتماعي في المدى البعيد، مشيرة إلى أن السعودية تمكنت ومن خلال «رؤية 2030» من وضع ضوابط وآليات تنفيذية بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن بدالعزيز بهيكلة وزارات وإضافة أخرى وتغييرات واسعة النطاق بين الوزراء وذلك لمواكبة رؤية المملكة في تحقيق التنوع الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على أسعار النفط
.
وفيما يلي التفاصيل: حاورها: كريم طارق
بداية كيف تقيمين وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي؟
٭ الوثيقة جيدة وتحمل أفكارا اصلاحية كثيرة في ترشيد النفقات وإشراك القطاع الخاص في المشاريع التنموية، إلى جانب فتح المجال أمام المواطنين ليكونوا مساهمين حقيقيين في عدد كبير من المشاريع العملاقة، وهي أفكار جاءت كرد فعل على تراجعات أسعار النفط الذي يمثل عصب الإيرادات في الدولة، فضلا عن وضع التصنيف الائتماني للكويت من قبل المنظمات العالمية تحت المراجعة وهو ما استلزم ضرورة تحرك الدولة لوضع خطط اصلاحية يمكنها من الخروج الآمن من تراجع تصنيفها الائتماني.
البعض انتقد الوثيقة كونها تغافلت بعض القضايا الجوهرية، ما رأيك؟
٭ نعم، هناك الكثير من القضايا التي غابت عنها الوثيقة ولكن أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي على الاطلاق، فالتوجه الحكومي للإصلاح المالي وإحداث تغييرات جذرية شاملة في الأداء الحكومي وتنفيذ برنامج الخصخصة وتطبيق الضريبة لزيادة وتنمية الإيرادات، كلها أمور جيدة ومرغوب فيها، وسعت الحكومات المتعاقبة لتنفيذها، إلا أن استمرار ارتفاع أسعار النفط حال دون تحقيق تلك الاصلاحات في الماضي ولم يتم استثمار النفط بشكل صحيح، أي إنه لم تقم صناعات كبيرة تستخدم النفط كمادة أساسية وإعادة تصديره، ولم يتم ذلك إلا بشكل محدود وفي مجالات معينة مثل صناعة الأسمدة في قطاع البتروكيماويات مع العلم أن النفط يعطي عوائد كبيرة جدا في حال استخدامه في الصناعات خلافا لو تم تصديره كمادة نفط خام.
وفي اعتقادي أن وثيقة الإصلاح غابت عنها قضايا مثل علاج التركيبة السكانية والترهل الوظيفي وتوقيت تنفيذ الاصلاحات وكيفية تأهيل موظفي الدولة للقيام بهذا الدور.
كيف تقيمين اعتراضات نواب ومواطنين على الاصلاحات المطروحة؟
٭ اعتراضات بعض النواب على الاصلاحات المطروحة في الوثيقة معروفة ومبررة بأن هناك انتخابات مقبلة وبالتالي فالاعتراضات تهدف إلى تحقيق مكاسب انتخابية حتى إن كانت على حساب الوضع الاقتصادي، وبالنسبة للمواطنين لا يمكن إعطاء المواطن سنوات طويلة خدمات ومزايا ورواتب وكوادر وفجأة تأتي لتقول له لا لتلك المزايا وعلينا وضع إصلاحات جذرية برفع رسوم الخدمات وأسعار الكهرباء والبنزين ووضع حد للتعيينات في القطاع العام وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية عبر تحريره من القيود المفروضة عليه وإتاحة فرص كبيرة أمامه للعمل في كافة المشروعات وتخفيف حدة البيروقراطية التي يعانيها المستثمرون.
ثورة تشريعات
هل تحتاج الكويت إلى ثورة تشريعات اقتصادية أخرى؟
٭ الموجود حاليا من التشريعات الاقتصادية كاف للغاية، ولو نفذت الحكومة تلك الاصلاحات يمكن أن نرى كويت أخرى واقتصاد منافس للعديد من الاقتصادات المتقدمة على المستوى الخليجي والاقليمي، بل والعالمي كون الكويت أحد أكبر المستثمرين في شركات وبنوك عالمية كبرى.
هل اختلفت وثيقة الاصلاح عن خطة التنمية؟
٭ في اعتقادي وثيقة الاصلاح لا تختلف عن خطة التنمية بل هي جزء من خطة التنمية الخمسية التي أعلنتها الحكومة وأقرها مجلس الأمة من 2015/2016 إلى 2019/2020، وبالتالي فإن تنفيذ الوثيقة لا يمكن أن يختلف عن النهج الاصلاحي الذي تتبناه الدولة وتسعى لتنفيذه خلال سنوات خطة التنمية، وهنا أود الاشارة إلى أن الحكومة عليها الإسراع بالإعلان وتنفيذ برامجها التفصيلية خاصة أن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح أعلن أن الوثيقة نافذة ورأي مجلس الأمة عليها استرشادي وللحكومة حق البدء في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتنفيذ برامجها الاصلاحية على المدى البعيد.
رؤية السعودية 2030
نعود إلى رؤية المملكة 2030 ودورها في احداث التكامل الخليجي؟
٭ رؤية المملكة 2030 هي أحد أهم الرؤى الاصلاحية في العالم وتتبناه دولة تمتلك أكبر اقتصاد في منطقة الخليج ولديها احتياطيات نفطية هائلة وتنتج ما يوازي ثلث انتاج منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بما يعادل 11 مليون برميل يوميا. وطرح المملكة لرؤيتها في هذا التوقيت يأتي للقيام بدورها المتزايد بين دول المنطقة والعالم لتحقيق استراتيجية التكامل الخليجي وامتداد هذا التكامل مع دول عربية أخرى مثل الشقيقة مصر، التي وقعت مؤخرا معها اتفاقيات اقتصادية بالمليارات، ولعل تأسيس جسر الملك سلمان سيكون بداية انطلاقة كبيرة للتجارة والاستثمار بين السعودية ودول الخليج من جهة ومصر من جهة أخرى.
وفي تقييمي للوثيقة التي بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من خلالها بإحداث تغييرات جذرية واسعة النطاق في حكومة المملكة هو بمنزلة انتعاشة حقيقية على طريق تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي وتنفيذ السوق الخليجية المشتركة وهو من وجهة نظري بداية التنمية الحقيقية بعيدا عن تذبذب أسعار النفط عالميا وتأثر ميزانيات دول الخليج به.
كيف ستنعكس لغة الاصلاح على التطوير القيادي والمؤسسي؟
٭ لا شك أن سوق التطوير القيادي والمؤسسي في الكويت ودول الخليج سيشهد طفرة كبيرة ونوعية في الأداء على مستوى القطاعين العام والخاص، وهذا ما أكد عليه المسؤولون بأهمية صناعة القياديين وتنفيذ رؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، وأشير هنا إلى الأهمية الكبيرة التي توليها وزارات الدولة والقطاع الخاص ممثلا في البنوك وشركات الاستثمار وقطاع الخدمات لأهميته في تحقيق الاصلاح الاداري المطلوب وتنفيذ استراتيجية تلك الجهات بشكل احترافي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.
8 سنوات مرت على الأزمة المالية والكويت لاتزال تعاني منها، لماذا؟
٭ غياب المحاسبة ونقص الشفافية في التعامل مع البيانات وعدم ربط الأجر بالانتاجية وتفعيل تقييم الأداء الحكومي وتعزيز الدور الرقابي دون إفراط أو تفريط وغياب محفزات حقيقية أمام المستثمرين كلها دفعت الجميع للهروب بعيدا عن السوق الكويتي وآلياته على الرغم من المحفزات الكبيرة التي يتمتع بها السوق.
هل تعافى سوق التدريب في الكويت من تداعيات الأزمة؟
٭بالتأكيد هو في طريقه للتعافي ولكن ليس بالدرجة التي كان عليها قبل الأزمة العالمية التي أثرت وبشدة على الاقتصاد العالمي والإقليمي وكذلك الكويت التي كان سوق التدريب والتطوير فيها أول ضحايا تقليص النفقات في الشركات، وهو ما أدى إلى خفض الإنفاق عليها بمتوسط زاد على 50% في بعض الشركات، خاصة أن العامين الأخيرين شهدا اهتماما متزايدا بأهمية عنصر التدريب والتطوير، والتطوير القيادي والمؤسسي والذي بات استراتيجية في عمل وأداء الشركات لإيمانها بأهميته في تحقيق الكفاءة المطلوبة للاستراتيجيات المختلفة.
هل يمكن للقطاع الخاص أن يؤدي دورا كبيرا في انعاش قطاع التدريب؟
٭لا يمكن بأي حال من الأحوال تناسي قدرات القطاع الخاص في انعاش سوق التدريب، وفي اعتقادي أن إصرارالحكومة على تنفيذ مشروعاتها التنموية المدرجة في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تتجاوز كلفتها 30 مليار دينار هو خير دليل على تعزيز دور القطاع الخاص في حل الأزمة الاقتصادية التي تواجه الدولة، بالإضافة إلى أن المشروعات التنموية لابد أن تحدث انتعاشا كبيرا سواء في مجال الإنشاءات أو على واقع الشركات أو حتى زيادة دور القطاع الخاص في العمل وإنعاش الدورة الاقتصادية، إلا أن خطة التنمية عليها أن تعزز من دور البشر في العملية التنموية كما تعزز من بناء الحجر، فهناك الكثير من الإصلاحات الإدارية مطلوبة والتطوير القيادي والمؤسسي على مستوى الدولة والحكومة، وكذلك فإن اشراك القطاع الخاص يرفع من مستوى تطوير الموارد البشرية.
بنك متميز ومؤسسي
البنك الوطني أهم عملاء شركة linkage mena، هل يختلف عن الآخرين؟
٭ البنك الوطني مؤسسة مالية عريقة تعمل وفق إطار مؤسسي ويسعى باستمرار لتطوير وتحسين كفاءات موظفيه عبر برامج تدريب نوعية تراعي المتطلبات العالمية وفق أحدث النظم المطبقة عالميا و«الوطني» بشكل عام لديه رؤية واستراتيجية في العمل وإدارة التدريب لديه تتمتع بدرجة عالية من التميز والاتقان وتمكنت من خلال نوعية البرامج لتكوين جيل متميز من القيادات سواء على مستوى الصف الأول والثاني، مع التأكيد الدائم على هويته المحلية التي تناغمت بشكل كبير مع تطلعات المستقبل والتطورات العالمية في هذا الخصوص.
ولهذا نحن نجد البنك الوطني الأول في كل شيء وتضعه مؤسسات التصنيف العالمية في مراتب متقدمة كونه الأكثر أمانا ويقدم منتجات مالية نوعية لعملائه وكذلك لديه رؤية مستقبلية متميزة.
اهتمت الشركة بتطوير المشروعات الصغيرة وكان لها تجربة في هذا الخصوص، ماذا عنها؟
٭ نعم، للشركة اهتمام كبير بتطوير القدرات الشبابية من خلال التعاون مع وزارة الدولة لشؤون الشباب حيث قامت الشركة بتنفيذ مبادرة التفكير الإبداعي «wannabiz» في7 شهور بدأت من نهاية يوليو وحتى نهاية فبراير وتمت الاستعانة بمستشارين عالميين استعانت بهم الشركة في هذا المجال لإعطاء الشباب قدرات تمكنهم من مواجهة مخاطر التسويق والتمويل، موضحة أن الاهتمام بالمبادرين يأتي في إطار الشراكة التي تربط شركة «linkage mena» مع الشركة الكويتية لتطوير المشروعات والتي جاءت لتعزز دور الشباب في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعزز دورها في بدء عمل الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والذي رصدت الكويت له ملياري دينار إيمانا منها بأهمية تنويع مصادر الدخل.
مازلنا في حاجة إلى المزيد من الاهتمام بدور المرأة
قالت د.سلوى الشرقاوي ان الاهتمام
بدور المرأة وتجاربها في مجال العمل
الحر مازال بحاجة الى المزيد وذلك
في ظل النجاحات الكبيرة التي حققتها المرأة، ليس على مستوى العمل
الحكومي فقط وإنما على مستوى
القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وهنا أشير إلى أن الاهتمام الحكومي المتزايد بخطط التنمية وتأهيل قيادات جديدة قادرة على الاضطلاع باستراتيجية ورؤية الحكومة على المدى البعيد كان وراء الاهتمام بالتطوير القيادي على مستوى الشركات العاملة في القطاع العام، خاصة أن ما تريده الكويت هو رؤية واستراتيجية يكون الشباب وقودها والمرأة عمادها في ظل ظروف تتميز بالتغير والتطوير بشكل متواصل.