تمثل مشاركة الكويت المرتقبة في الدورة الـ22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP 22) الذي ينطلق في مدينة (مراكش) المغربية اليوم ترجمة حقيقية للاهتمام البالغ الذي توليه بالملف البيئي بشتى أبعاده محليا وعالميا.
وتتماشى المشاركة الكويتية في المؤتمر الذي يستمر حتى 18 الجاري مع التحركات الدولية بشأن هذا الملف وحرص الكويت على متابعة الملف الخاص بالتغير المناخي انطلاقا من التوجيهات السامية لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بهذا الخصوص.
وتقف دول العالم أمام تحد كبير في مؤتمر المناخ بمراكش وهو تنفيذ (اتفاق باريس لتغير المناخ) بعد دخوله حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي إثر مصادقة الأطراف الرئيسية مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين والاتحاد الأوروبي أخيرا عليه.
وكان سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء بصفته ممثلا لصاحب السمو الأمير وقّع (اتفاق باريس لتغير المناخ) في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في 22 أبريل الماضي باسم الكويت إلى جانب نحو 170 دولة تزامنا مع اليوم العالمي للأرض وبعد خمسة أشهر من مؤتمر باريس للمناخ.
وجاء ذلك التوقيع تلبية لرسالة مشتركة تلقتها الكويت من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيسة الدورة الـ21 لمؤتمر باريس حول المناخ سيغولين رويال تتضمن الدعوة لتوقيع ذلك الاتفاق.
وسبق ذلك مشاركة الكويت في المؤتمر الـ21 للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 21) الذي استضافته باريس في الفترة من 30 نوفمبر حتى 11 ديسمبر 2015.
وخرج المؤتمر باتفاق دولي غير مسبوق للتصدي للاحتباس الحراري وتحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال عقود وإبطاء سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وفي ذلك المؤتمر حرصت الكويت على أن تكون مشاركتها إيجابية للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق دول المنطقة في السير باتجاه تحقيق التنمية المستدامة تماشيا مع الاستراتيجيات والأولويات التنموية الوطنية.
وفي موازاة توقيع الاتفاق في مقر الأمم المتحدة بنيويورك دعت الكويت دول العالم لاسيما الأكثر تسببا بالانبعاثات إلى سرعة التصديق على الاتفاق العالمي حول المناخ من أجل الاستجابة العالمية الفعالة لتنفيذ بنودها للبقاء على متوسط درجة الحرارة العالمية أقل بدرجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وحينها حث المدير العام للهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الأحمد الحمود الصباح الدول المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها في التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات بهدف تحفيز ودعم الدول النامية للتكيف مع تأثيرات تغير المناخ لأن أي تأخير من شأنه أن يفضي الى عواقب تؤدي الى تزايد التأثيرات الضارة لهذه الظاهرة.
وقال الشيخ عبدالله الأحمد وكان عضو الوفد المرافق لممثل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء في كلمة ألقاها على هامش مراسم توقيع الاتفاق العالمي حول المناخ في نيويورك: إن مواصلة الجهود الدولية الرامية إلى مواجهة تأثير التغيرات المناخية تشكل تحديا عالميا من أجل بلوغ مستويات أعلى من التخفيف ومستويات أفضل من التكيف، مشيرا الى أن الكويت تسعى الى التكيف مع الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ.
ولفت إلى تأكيد الكويت مبدأ الشفافية الكاملة للوصول الى تلك الأهداف وأهمية إدماج استراتيجيات التكيف في السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ليتزامن مع توفير الدول المتقدمة للتمويل اللازم للدول الأقل نموا من أجل ضمان العيش الكريم في سياق خطط التنمية.
وأوضح أن هذه الخطوات من شأنها رفع مستوى الطموح والإسراع في جعل العالم مكانا أكثر استدامة بشكل يعزز أنماط الاستهلاك والانتاج المستدام مع الأخذ بالحسبان الظروف والإمكانيات الوطنية والإقليمية.
وأشار إلى سعي الكويت إلى الوصول لهذه الخطوات عبر تنويع مصادر الطاقة وتحسين كفاءتها والاهتمام بالطاقة المتجددة والانتقال الى نظام اقتصادي منخفض الانبعاثات، ومجمل ذلك يأتي «إيمانا منا بدورنا الإنساني وبأهمية البيئة والمناخ المحيط بالإنسان لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة».
ومن خلال توقيع الكويت الاتفاق أكد الشيخ عبدالله الأحمد أنها تبين بذلك دعمها للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في هذا المجال حيث دعت جميع الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ الى تبادل المعارف العلمية والخبرات وتعزيز تدابير الاستجابة ونظم الإنذار المبكر للحد من مخاطر الكوارث.
وللعلم فإن الكويت من الدول السباقة في التوقيع والمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 28 ديسمبر 1994 وأصبحت نافذة بتاريخ 28 مارس 1995 كما وقعت الكويت بروتوكول (كيوتو) الملحق بها عام 2005.
ووفق الشيخ عبدالله الأحمد فإن الهيئة العامة للبيئة باعتبارها نقطة الاتصال الوطنية لاتفاقية الامم المتحدة لتغير المناخ قدمت وثيقة مساهماتها الخاصة بمكافحة ظاهرة التغير المناخي لسكرتارية الاتفاقية في نوفمبر من العام الماضي والتي تعكس الرؤية الأميرية السامية لتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري والانتقال الى اقتصاد منخفض الكربون.
واحتوت الوثيقة أيضا على المشاريع التي تم إقرارها في خطط التنمية المتوسطة والطويلة الأجل حتى عام 2035 والتي من شأنها الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن منشآت الدولة.
وتناولت الوثيقة قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 والمعدل بعض أحكامه بالقانون رقم 99 لسنة 2015 وأثر تطبيقه على البيئة الكويتية بشكل عام في الحد من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بشكل خاص.
وأشار إلى أن الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ لم تلزم الدول النامية بأي اجراء كونها متضررة من آثار التغير ولا تقع على عاتقها أي مسؤولية تجاه ما حدث للمناخ بل أقرت مبدأ المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة في انبعاثاتها الغازية منذ عصر الثورة الصناعية عام 1860.
وفي السياق ومحليا أيضا فقد سبق للشيخ صباح الخالد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس المجلس الأعلى للبيئة أن أكد الاهتمام البالغ الذي توليه الكويت بالملف البيئي اتساقا مع التحركات الدولية حول هذا الملف وحرصها على متابعة الملف الخاص بالتغير المناخي انطلاقا من التوجيهات الأميرية السامية.
وقال الشيخ صباح الخالد عقب اجتماع سابق للمجلس الأعلى للبيئة الكويتي إن الاهتمام الدولي بهذا الملف انعكس على الكويت التي تولي الموضوعات البيئية أهمية قصوى وتضعها أعلى سلم أولوياتها حيث ظهر ذلك جليا في تقريرها الخاص بحقوق الإنسان، مشيدا بدور الهيئة العامة للبيئة في تنفيذ مواد قانون البيئة.
ولطالما أكدت الكويت رؤيتها الواضحة تجاه مؤتمر تغير المناخ والقائمة على ضرورة اعتماد وتطبيق المبادئ الأساسية للاتفاقية الدولية للتغير المناخي وما ورد في بروتوكول (كيوتو) الذي وقعته في 11 مارس عام 2005.
وتنطلق تلك الرؤية من الحرص الكويتي على مواكبة التطورات العالمية المساهمة في التصدي لظاهرة التغير المناخي وانبعاثات الغازات الدفينة وتأثيراتها السلبية على البيئة وحققت بصمة واضحة في المشاريع الرائدة لحماية الطاقة الناضبة واستثمار الطاقات النظيفة المتجددة.