اذا كان الله عز وجل حرمنا نعمة الكلام والسمع فلماذا نحرم من حقنا في التعليم والعمل والمعاملة الحسنة، لماذا ينظر الينا على اننا فئة نشكل عبئا على المجتمع ولا تتاح لنا فرص التعليم والتأهيل، ندخل المدارس لمدة 12 عاما ونتخرج بشهادة «ثاني متوسط» لا تؤهلنا لمتابعة تعليمنا، يفرض علينا التحول الى التأهيل المهني في مهن لم تعد مقبولة بالمجتمع، ابواب القطاع الخاص مؤصدة في وجوهنا بسبب الشهادة، الوزارات تعمل بها على الدرجة السابعة وفي وظائف ادارية متدنية المستوى؟! نحن لا نطلب المستحيل بل نريد ان نعامل مثل غيرنا من ابناء هذا الوطن في التعليم والتوظيف، الدولة والحمد لله غير مقصرة اجتماعيا وماديا لكن نحن نريد مدارس وشهادات معترفا بها وان يتم قبولنا في المعاهد والجامعات. سنوات طويلة مرت ونحن نسمع عن تعديل السلم التعليمي وتغيير المناهج لكن ذلك كان كلاما بكلام، لذا نريد افعالا، هذا بعض ما استعرضه ابناؤنا من فئة الصم خلال لقاء مع «الأنباء» تطرقوا فيه لمعاناتهم التعليمية والتوظيفية. البداية كانت مع امين السر العام لنادي الصم الرياضي ماهر الغنام الذي استهل كلامه بالقول «تعبنا من الكلام» ولم نجد آذانا صاغية، الى متى هذا التجاهل لهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة؟! ورأى ان اهم العوائق التي تواجه فئة الصم هي المشكلة التعليمية حيث يدخل الطالب الى المدرسة ويتخرج بعد 12 سنة ليجد نفسه حائزا شهادة «ثاني متوسط» لا تؤهله الى القيام بأي شيء، الى جانب عدم وجود مراحل تعليمية ولا مستوى للتعليم حيث يتخرج الاصم دون ان يعرف يقرأ أو يكتب.
وعن وضع المدرسين حدث ولا حرج للأسف المدرسون في مدارس الصم لا يعرفون لغة الاشارة، كما ان نفس المنهج لا يتغير من السنة الاولى الابتدائية حتى التخرج.
وتساءل: متى سيتم تعديل السلم التعليمي الذي نسمع به ولكن لا نرى شيئا؟ ومتى سيتم تطوير مراكز التأهيل المهني لتكون على مستوى الحداثة؟
وأضاف الغنام: نحن مطالبنا بسيطة تتلخص في حقنا في تقرير المصير بين الاختيار والمتابعة الأكاديمية والتأهيلية وتعديل شهاداتنا وفتح المجال لنا لاستكمال دراستنا الجامعية فهل هذا كثير لكي نحرم منه؟ لا ادري، وأتساءل: لماذا لا يوجد تواصل مع النادي الخاص بالصم، ويستبعد عن كل مناقشة؟ ولماذا لا تكون لغة الاشارة مادة تدرس في الجامعات والمعاهد التطبيقية لسد النقص الكبير في هذه اللغة؟
التوظيف والعمل
وعن التوظيف قال الغنام ابواب القطاع الخاص موصدة بسبب الشهادة هم يريدون شهادات للتوظيف ونحن لا نملك، وفي الوزارات الحكومية (طباعة، نجارة، تصوير فوتوغرافي) او اي عمل اداري على الدرجة السابعة، ونستمر في نفس الدوام والراتب حسب الدرجة والشهادة.
واشار الغنام الى ان مشكلة النقص في مدرسي لغة الاشارة هي أم المشاكل لماذا لا يتم تعيين متخصصين بلغة الاشارة من الدول ذات المستوى المتطور في هذه اللغة؟
ولماذا لا يكون هناك قسم خاص للصم في الجامعة؟ المملكة العربية السعودية فتحت جامعة خاصة لفئة المعاقين ونحن في الكويت مازالت شهاداتنا «مستوى ثاني متوسط» هذا حرام نحن نرفع صوتنا على امل ان يُسمع، نريد فرصة التعليم.
طموح كبير
اما جاسم الكندري فيحلم ولديه طموح كبير منذ الصغر دخل المدرسة على امل التخرج منها بشهادة لكنه تخرج يقرأ ويكتب فقط.
لكن لم يقف طموحه عند هذا الحد بل دخل معهدا للكمبيوتر مع مترجم بلغة الاشارة وقال: وجدت القراءة صعبة رغم ذلك صممت على التعلم وحققت طموحي بالتعامل مع الحاسوب، وأرى ان مشكلتنا في الكويت تكمن في نظرة المسؤولين في وزارة التربية الى فئة الصم فهي لا تؤمن بقدراتهم وتساويهم بفئات الاعاقات الذهنية وهذا خطأ ومدارس الصم مستوى التعليم فيها لا يرتقي للمستوى المطلوب والمناهج متدنية المستوى وهناك نقص في المترجمين وعدم الاعتراف بشهاداتنا.
والمشكلة تحل بتعديل السلم التعليمي واعادة النظر في المناهج، ومعادلة الشهادة لتكون جسر العبور لنا الى الحياة العملية.
وتابع: أنا لم أتوقف عن الإلمام في دراسة الحاسوب بل دخلت الى مركز أنشأته وزارة الأوقاف داخل نادي الصم وتعلمت فيه والآن الحمد لله أستطيع القراءة والكتابة وتمكنت من العمل في وظيفة مرموقة. ونتمنى ان تتخطى معاهد التربية الخاصة مشكلة المناهج والسلم التعليمي وتقلع عن تخرج صم لا يقرأون.
مترجم اللغة الذي رافق «الأنباء» في هذا اللقاء فيصل النويعم اكد ان هذه الفئة تتمتع بمستوى عال جدا من الذكاء ولديها قدرات على الاستيعاب اذا ما تم تأهيلهم بشكل مدروس وجيد.
وقال المشكلة ان عدد مترجمي لغة الإشارة في الكويت قليل جدا، وبالتالي يأتي مترجمون من الخارج ولا يتم إجراء اختبارات فعلية لقدراتهم، وبالتالي ينعكس ذلك على أدائهم سلبا على مستوى الأبناء.
نقص الاهتمام
واضاف: أنا متطوع كمترجم لغة إشارة مع نادي الصم وأستطيع التأكيد ان لديهم طاقات إبداعية متميزة لكن ينقصهم الاهتمام من سن مبكرة.
والحمد لله نحن في دولة خيرها ينتشر في كل أرجاء العالم ولم تبخل في يوم من الأيام على هذه الفئة لكن نحتاج الى خطة من التربويين لتطوير تعليم هذه الفئة وإعطائها حقها في الاختيار بين متابعة التحصيل العلمي العام، او الالتحاق بالمعاهد التطبيقية.
وأريد ان أشيـــر الى ان هنـــاك أبــــناء من فئــــة الصم تغلبوا على مشاكل التعليم وذهبوا الى الــخارج علــــى نـــفقتهم الخاصة وتابعــــوا تحصيلهم العلمي وعادوا الى الديرة بشهادات عليا وحاليا يعملون في مراكز وظيفية عليا. اما علي الثـــويني فقد كـــشف لـ «الأنــباء» عــــن إقـــــدام وزارة التربية على تعديل السلم التــــعليمي للصم، وحاليا باشـــرت بتطبيقه في المرحلة الابتــــدائية وهــــي جــــادة في إعــادة النظر في البرامج وإن شاء الله سيتم التغلب على جميع المشاكل المزمنة التي تعاني منها هذه الفئة، وهناك اجتماع مرتقب سيعقد بين مجموعة من ابناء هذه الفئة ومدير التعليم الخاص دخيل العنزي لمناقشة وجهة نظرهم والوقوف على آرائهم في مجال تطوير التعليم لهذه الفئة.
مهندس كمبيوتر
اما أحمد مال الله من فئة الصم فتجربته متميزة حيث استطاع تجاوز جميع العقبات والصعوبات التي اعترضته، حيث انه ومنذ الصغر درس في مدارس التعليم العام مع الاسوياء وتخرج مهندس كمبيوتر، ويعمل حاليا في وزارة المالية.
مال الله التقته «الأنباء» في النادي، وعن تجربته قال: بفضل أمي وأبي استطعت تخطي كل الصعوبات التي واجهتني في مختلف المراحل التعليمية، عندما أعود من المدرسة الى البيت يتولوا اعادة شرح كل الدروس حتى أفهمها، ودرست في التعليم العام مع الاسوياء وليس مدارس التربية الخاصة، كما ان زملائي في المدرسة كانوا يتعاملون معي بشكل طبيعي.
ودرست في المعهد التطبيقي سنتين ونصف السنة، وبعد معادلة الشهادة التحقت بالجامعة بالاردن وتخرجت عام 2008 مهندس كمبيوتر وحاليا اعمل موظفا في وزارة المالية.
وبين مال الله انه الاصم الثاني الذي تخرج في الجامعة، هو في الاردن ورائد الفريح تخرج في اميركا.
ونتمنى على وزارة التربية فتح المجال للصم للتعلم والذين أصبحوا في مراحل عمرية كبيرة ان يتابعوا تحصيلهم العلمي خلال الدراسة في الفترة المسائية.
وأملنا ان نشهد قسما للصم في جامعة الكويت لكيلا نضطر للسفر الى الخارج لمتابعة التحصيل العلمي.
وكذلك ان يتم الاهتمام بجميع فئات الاعاقة وتلبية متطلباتهم واحتياجاتهم وفق اسس علمية مدروسة، وبالشكل الذي يمكن ان يساعد في اندماجهم ضمن المجتمع، وان يكونوا افرادا فاعلين في اسرهم ومجتمعهم.
التوصيات
اجمع كل الذين التقتهم «الأنباء» في نادي الصم على ضرورة قيام وزارة التربية بالمبادرة الى تعديل السلم التعليمي وتغيير المناهج بالاضافة الى تشديد الرقابة على جميع العاملين مع هذه الفئة سواء كانوا مدرسين او فنيين او اداريين وادخال لغة الاشارة كتخصص مستقل في جامعة الكويت، واستقدام مترجمي لغة الاشارة من الدول ذات المستوى المتطور وفتح فصول خاصة للصم داخل مدارس التعليم العام ومعادلة الشهادة الممنوحة لهذه الفئة بما يفسح المجال لاستكمال الدراسة سواء التطبيقية او الجامعية واشراك ممثلين عن الصم في لجنة اختيار المدرسين الوافدين لمدارس الصم وتنظيم دورات في لغة الاشارة لجميع العاملين في مدارس الصم وخصوصا الموجهين.