- لا أمطار ولا سيول في فترة نوء «التويبع» المتبع لـ «الثريا»
- البوارح ناتجة عن المنخفض الهندي الموسمي المسبب لرياح دائرية تسقط أمطارها في إيران وتهب على الجزيرة العربية حارة جافة
- البوارح 52 يوماً تنتهي مع نهاية أغسطس
تدخل حاليا منطقة شمال شرق شبه الجزيرة العربية بالفترة المناخية التي تعرف باسم البارح الصغير أو بارح المشمش وهذه الفترة مشهورة بهبوب الرياح الشمالية الغربية النشطة التي تثير الغبار والأتربة كما هو حاصل في هذه الأيام حيث تهب الرياح الشمالية الغربية النشطة التي تصل أحيانا سرعتها إلى فوق 65كم/ساعة مثيرة للغبار العالق وبعض الأحيان الأتربة خصوصا في المناطق المكشوفة من الصحراء او البر، حيث تستمر هذه الرياح لفترة زمنية محدودة في اليوم قد تصل أحيانا إلى أكثر من 6 ساعات ثم تنخفض سرعة هذه الرياح وتهدأ ثم يكون اليوم التالي هادئا مشمسا خاليا من الغبار أو الغبار العالق في الجو، ولكن نلاحظ في هذا اليوم الهادئ والمشمس أن درجة الحرارة في الجو تكون مرتفعة جدا بحيث تكون الحرارة ما بين 44 و46 درجة مئوية ويرجع ذلك إلى تعرض الأرض في هذه المنطقة لأشعة الشمس المباشرة حيث لا يوجد حاجز مثل الغبار أو الغيوم التي تمنع أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض ولذلك ترتفع حرارة الجو نتيجة ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض التي تسبب سخونة الهواء الملامس لسطح الأرض الذي يرتفع في طبقات الجو العليا.
وبارح الصغير أو بارح المشمش ينتهي فلكيا في يوم 5 يونيو من كل عام، حيث تدخل بعده مباشرة فترة البارح أو البارح العود المشهورة وتستمر فترة 40 يوما وتنتهي في يوم 15 يوليو.
وفترة البوارح هي الفترة التي تشتد فيها الرياح خلال فترة النهار أي من بعد التاسعة صباحا تقريبا حتى قبيل منتصف الليل حيث تهدأ الرياح ويترسب الغبار في الليل، ثم تعاود الرياح والغبار في اليوم التالي وهكذا يكون الوضع المناخي خلال هذه الفترة (غبار في النهار يترسب في الليل).
نوء التويبع
وفترة البوارح هي جزء من نوء الدبران أو التويبع وهو عبارة عن نجم الدبران من نجوم السماء الصيفية الذي تقرن به منزلة القمر عندما يكون في نوء الدبران، حيث اشتهر نجم الدبران باسم شعبي معروف في الكويت والجزيرة العربية باسم التويبع وهو الذي يأتي بفترة البارح العود أو ما يعرف بالتويبع وهو آخر نجوم أربعينية الصيف أو (القيظ)، حيث يبدأ في 20 يونيو.
والتويبع هو تصغير للفظة (تابع)، حيث إنه يتبع نجم الثريا ويمشي ويسير خلفها ويغيب أو يطلع بعدها وسمي أيضا الدبران لأنه يدبر نجم الثريا (أي يكون خلف الثريا ويتبعها) أثناء الدورة الظاهرية للكرة السماوية، حيث انه يشرق ويغرب بعد الثريا.
وكان العرب في الجزيرة العربية في الماضي يقولون عن فترة التويبع إنها فترة جفاف حيث يقول المثل عندهم (ما ذكر وادي في التويبع سال) أي لا أمطار ولا سيول في فترة التويبع أي إن هذه الفترة جافة خالية من الأمطار كما أنه في أيام الجاهلية كانوا يتشاءمون جدا من شروق نجم الدبران ويعدونه فالا سيئا لهم ويقولون إنه عندما تمطر السماء أثناء وقت شروق أو غروب نجم الدبران فإن السنة تكون جدباء.
وكان العرب قديما يقولون عن الجوزاء إنها تردف الثريا حيث إن (ردف) جرم لجرم آخر يعني أن الأول أصبح (ردفا) للثاني أي أصبح خلفه مردوفا وكان العرب يقولون (الجوزاء أردفت الثريا) وذلك لأن الجوزاء خلف الثريا كالردف أو الرادف.
وحسب ما تذكر الأساطير العربية القديمة، فقد كان نجم الدبران شخصا فقيرا معدما في حين أن نجم الثريا كانت فتاة جميلة وشابة وقد أبهرت نجم الدبران بجمالها فعزم على خطبتها ولكنه كان يريد لأحد أن يرافقه إلى الخطبة ولم يجد أحدا فذهب إلى القمر وطلب منه أن يحاول بقدر استطاعته تزويجه منها أي من الثريا فاستجاب القمر لهذا الطلب وذهب الثريا ولكنها رفضت وبعد أن ألح عليها القمر قالت (ما أصنع بهذا الدبران الذي لا مال له؟) فرجع القمر إلى الدبران وأخبره بما حدث ولكن الدبران أصر على الزواج من الثريا ولم يكن الدبران يملك إلا أغناما عددها عشرون فأخذها كلها إلى الثريا لكي تقبل بالزواج منه وهذه الأغنام العشرون التي ساقها الدبران إلى الثريا هي ما أصبح يعرف بالنجوم القلائص والتي أصبحت اسما لعنقود نجمي يظهر قريبا من الدبران في السماء والنجمان القريبان من الدبران هما كلباه حيث اصطحبهما معه ومع الأغنام وهكذا أصبح الدبران يدبر (يتبع) الثريا في السماء إلى الأبد ومعه أغنامه يدبرها أينما ذهبت وبهذا أصبح الدبران رمزا للوفاء في حين أن الثريا أصبح رمزا للغدر وقد جاء في بعض الأمثال العربية أوفى من الحادي (الدبران) وأغدر من الثريا، والدبران ثاني منزلة من منازل نجوم الصيف، وهو نجم أحمر نير حوله مجموعة نجوم كثيرة (ثاني يوم فيه أطول نهار في السنة وأقصر ليل) وفي أثنائه ينتهي قصر الليل ويتوقف ثلاثة أيام ثم يأخذ الليل في الزيادة مرة أخرى.
ما البوارح؟
السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ما البوارح وماذا تعني هذه الكلمة وما طول هذه الفترة؟
والبوارح هي كلمة عربية وهي جمع لكلمة بارح وهي تعني من بارح المكان أي من ترك المكان وغادره، ولكن تأتي هذه الكلمة في الوضع المناخي حيث تطلق هذه الكلمة على الرياح الشمالية النشطة المحملة بالأتربة والغبار الكثيف الذي يجعل الرؤيا متدنية جدا والبوارح هي الرياح التي تهب في فصل الصيف فقط ولا توجد بوارح تهب في الفصول الأخرى ويقول قدماء العرب: إن كل ريح شمالية تهب في (الصيف) هي من البوارح لاسيما الرياح التي تهب في خلال فترة برج الميزان (من 23/9 إلى 22/10) وهي رياح مختلفة كليا عن رياح البوارح المشهورة في الجزيرة العربية.
وأما عن كيفية تكوين رياح البوارح فإننا نقول إن البوارح هي عبارة عن رياح شمالية غربية جافة وحارة تهب على شمال شبه الجزيرة العربية ويتبين أثرها بصورة جيدة وواضحة في شمال حوض الخليج العربي.
وتهب هذه الرياح في فصل الصيف في شهري يونيو ويوليو من كل عام حيث تتأثر هذه المنطقة بمنخفض الهند الموسمي، حيث تتكون هذه الرياح من منخفض جوي يتكون في وسط المحيط الهندي وتتحرك رياح هذا المنخفض بحركة دائرية تكون دائما حركتها بعكس حركة عقارب الساعة وتتحرك هذه الرياح متجهة إلى جنوب شرق أسيا وشبه القارة الهندية فتدخل تلك المنطقة وبعد أن تسقط أمطارها هناك تتحرك هذه الرياح متجهة شمالا مرورا على جبال الهملايا ومن ثم تتجه غربا إلى جبال زاجروس، حيث تكون هذه الرياح قد أفرغت كامل حمولتها من الأمطار بالأراضي الإيرانية فتكون قد جفت وخلت تماما من الأمطار حين تدخل منطقة شمال الخليج وبدخولها منطقة الخليج فإنها تحدث ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة.
وتتأثر قوة اندفاع الرياح وسرعتها بمدى قوة المنخفض الجوي الذي يكون متمركزا في العادة بهذه المنطقة فكلما زاد المنخفض الجوي انخفاضا كانت الرياح سريعة ونشطة، والعكس صحيح ونظرا لأن الرياح تصل إلى المنطقة جافة خالية من المطر فإنها تنشئ منطقة صحراوية معدومة من الغطاء العشبي الذي يساعد على تماسك التربة فيها ولذا عندما تشتد قوة الرياح فإنها تكون مصحوبة بالغبار في اغلب الأوقات.
52 يوماً
ولكن ما المدة التي تستمر فيها فترة البوارح؟
هناك العديد من تقسيم المدد لهذه الفترة وكلها صحيحة إذا أخذنا في الاعتبار أن كل ما تقوله العرب أن كل ريح شمالية تهب في القيظ (الصيف) هي من البوارح، ولذلك يقولون موسم البوارح عبارة عن 4 أنواء كل نوء مدته 13 يوما أي أن مدة البوارح 52 يوما تبدأ من يوم 25 مايو حتى 28 يوليو والأنواء التي تدخل ضمن هذه الفترة نوء البطين ونوء الثريا ونوء الدبران أو التويبع ونوء الهقعة.
وهناك رأي آخر يقول إن البوارح 3 أنواء أي أن مدة البوارح 39 يوما والأنواء التي تدخل ضمن هذه الفترة نوء البطين ونوء الثريا ونوء الدبران أو التويبع 25 مايو حتى 15 يوليو، وهناك أيضا من يقول إن مدة البوارح 26 يوما وأن فترة البوارح مدتها نوءان هي التي تدخل ضمن هذه الفترة وهي نوء الثريا ونوء الدبران أو التويبع من يوم 7 يونيو حتى يوم 3 يوليو.
ولكن المشهور بين أغلب الناس هو البوارح التي تبدأ يوم 31 مايو بعد موسم السرايات مباشرة، ولكن رياح البوارح تشتد مع طلوع نجم الثريا الذي يظهر يوم 7 يونيو وتستمر إلى يوم 15 يوليو وهذه الفترة تسمى البارح العود أو الكبير والتي تستمر مدة أربعين يوما وهذا الموسم من المواسم الجافة التي لا تسقط بها الأمطار، ولذلك فإنها تكون من المواسم التي تهب فيها الرياح الشمالية الجافة والتي تسبب تطاير الغبار وكذلك الغبار المتصاعد الخفيف، ومن الملاحظ لتلك الحالة الجوية في البوارح أن يثار الغبار في وقت الظهيرة وفي بعض الحالات تنعدم الرؤية ويتزايد مع ارتفاع درجة الحرارة ولكن في الليل يترسب الغبار تدريجيا ويتلاشى عند الفجر ثم يعاود الظهور مرة أخرى في الظهيرة وهكذا، وتعتمد كمية الغبار على كمية سقوط الأمطار في الشتاء السابق فإذا كانت الأمطار قليلة فهذا يعني أن الغبار سوف يكون كثيفا وإذا زادت كمية الأمطار فان الأعشاب سوف تنبت وتساعد على تماسك التربة، ولذلك يقل الغبار في الموسم الصيفي الجديد.
كما تهب رياح السموم الشديدة الحرارة والتي ترفع من درجات الحرارة في الجو، حيث تصل إلى معدلات عالية وأحيانا تصل درجة الحرارة إلى معدلات قياسية ومن المعروف أيضا في البوارح انه نهاية فصل الأمطار.
كما في البوارح موسم الغلاق وهو الموسم الذي تقف فيه حركة السفن الكويتية سواء كانت هذه السفن للتجارة الخارجية أو للغوص ويستمر الغلاق شهرين هما شهرا يونيو ويوليو.
4 أنواء.. بوارح أم سرايات
وتقسم البوارح إلى أربعة أنواء هي كالآتي:
1 - نوء البطين أو فترة البارح الصغير أو بارح المشمش، وهي فترة قصيرة تبدأ من 25 مايو إلى 6 يونيو.
وهناك اختلاف حول هذه الفترة، فكثير من الناس يدخلون هذه الفترة ضمن فترة السرايات حيث والبعض الآخر يدخلها من ضمن فترة البوارح، حيث تهب الرياح عندما يبدأ تأثير المنخفض الهند الموسمي الذي يمتد حتى شمال الخليج العربي وترتفع درجات الحرارة في حوض الخليج العربي وشمال شرق جزيرة العرب.
وقد تثير الرياح النشطة الرمال والأتربة وتتدنى معها الرؤية في المناطق الصحراوية المكشوفة.
2 - الثريا أو فترة بارح الجوزة أو البارح الكبير، ويبدأ هذا النوء يوم 7 يونيو وينتهي يوم 19 يونيو ويبدأ هذا النوء عندما يظهر نجم الثريا في السماء بعد غياب أربعين يوما ظهور هذا النجم دليل على نهاية موسم السرايات ودخول موسم البوارح كذلك دخول موسم الصيف وهو أول نجومها حيث تبتدئ معه أربعينية الصيف وفي هذا النوء تهب الرياح الشمالية التي تسبب تطاير الأتربة والغبار، أما معدل درجات الحرارة في معدلها الأعلى فهي (45) مئوية ومعدلها الأدنى (26) مئوية.
(إذا طلع النجم غدية ابتغى الراعي شكيه وإذا طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء).
3- الدبران أو التويبع، ويبتدئ يوم 20 يونيو وينتهي يوم 2 يوليو ويعتبر هذا النوء جافا تماما وخاليا من سقوط الأمطار وفترته من الفترات التي يتطاير فيها الغبار بسبب هبوب الرياح الشمالية الغربية والتي تكون في العادة نشيطة وقوية ويكون الموج في البحر عاليا جدا كما تهب فيه أيضا رياح السموم وفيه يكون النهار في أقصى طوله والليل أقصى قصره، أما معدل درجات الحرارة فتكون في معدلها الأعلى (45) مئوية ومعدلها الأدنى (28) مئوية.
(إذا طلع الدبران يبست الغدران وتوقدت الأحزان وكرهت النيران واستعرت الذبان).
4 - الهقعة: يسمى هذا النوء بالجوزاء الأولى ويبتدئ هذا النوء يوم 3 يوليو وينتهي يوم 15 يوليو وتعتبر الجوزاء من الأنواء الحارة حيث ترتفع درجات الحرارة أكثر فأكثر والرياح تكون نشطة وفي هذه الفترة يكثر هبوب رياح السموم ويشتد حر الصيف بشكل واضح.
وهو الموسم الذي تنضج فيه ثمار العنب، وطوال هذا النوء تكون الحرارة مرتفعة جدا سواء في الليل أو في النهار، أما معدل الحرارة فتكون (44) مئوية في الحد الأعلى (29) في الحد الأدنى.
(إذا طلعت الهقعة تقوض الناس للقلعة ورجعوا عن النجعة وأورست الفقعة وأردفتها الهنعة).
وهناك الكثير من الناس من يعتبر الفترة التي تأتي من بعد فترة البوارح وهي الفترة الممتدة من (يوم 16 يوليو إلى يوم 28 يوليو) هي من ضمن فترة البوارح ويعتبرونها هي آخر فترة البوارح، ولكن تختلف مدة استمرار وقوة رياح البوارح من سنة إلى أخرى، وقد يعزى السبب للتغيرات المناخية بفعل قوة المنخفض الهند الموسمي المتمركز فوق المحيط الهندي وضعفه وتسمى هذه الفترة بالجوزاء الثانية وفيها نوء الهنعة وتكون فيها جمرة أو كلة القيظ أي شدة الحر.