- رواد معرض الكتاب لـ «الأنباء»: بطء التوزيع و«الثورة الرقمية» أبرز معوقات كتاب الطفل
- دعم لا محدود من قبل الجهات الثقافية لتشجيع الأطفال وحثهم على القراءة
- إقبال أولياء الأمور والأطفال على الكتب الإنجليزية يجعل «العربية في خطر»
كريم طارق
تولي الجهات المعنية بالطفولة والناشئة في الكويت اهتماما كبيرا للقراءة وذلك لمدى تأثيرها على ثقافة الطفل في مختلف المجالات، وهو ما يظهر بشكل واضح من خلال تخصيص المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - رأس الهرم الثقافي في الكويت - العديد من الفعاليات السنوية التي من شأنها أن تخلق جيلا واعيا مدركا لأهمية القراءة في حياة الشعوب، فمع انطلاق واحدة من أضخم الفعاليات الثقافية السنوية في الكويت وهي معرض الكتاب في نسخته الـ 42، لم يغفل القائمون على المجلس أهمية تخصيص جناح خاص لثقافة الطفل وهو ليس الأول الذي يشهده المعرض ففي كل عام يظهر هذا الجناح الاهتمام البالغ من قبل الجهات المعنية لجعل القراءة بمنزلة النواة التي تزرعها الجهات المعنية في نفوس أبنائنا من أجل غد أفضل.
وقد تميز جناح ثقافة الطفل هذا العام بتنوع كبير من حيث عدد دور النشر المشاركة من مختلف أنحاء الدول العربية والعالم، إذ يشارك أكثر من 44 دار نشر مختصة بثقافة الطفل بالإضافة الى عدد من دور النشر العامة التي خصصت ركنا خاصا لإصداراتها المعنية بالطفل في مختلف المجالات، كما لوحظ حرص دور النشر الكويتية المختصة في هذا المجال بالتواجد والمشاركة على نطاق واسع، إذ شهد الجناح مشاركة أكثر من 15 دار نشر كويتية خالصة، فضلا عن جملة من الفعاليات اليومية مثل فقرة قراءة القصة والمرسم الحر والعديد من الورش المتنوعة.
«الأنباء» حرصت على التواجد في جناح مراقبة ثقافة الطفل الذي شهد إقبالا جيدا من حيث عدد الطلبة والأطفال وأولياء أمورهم، كما استطلعنا آراء عدد من دور النشر وأولياء الأمور والطلبة حول أبرز القضايا التي تعوق وصول الكتاب إلى الطفل والناشئة، والذين بدورهم أكدوا أن «ندرة الكتب التراثية» و«مشاكل التوزيع والتسويق» وانتشار «الأجهزة الذكية» هي أبرز القضايا التي تخلق حاجزا بين الطفل والكتاب.
في البداية، اشار ممثل مكتبة عالمي الممتع عبداللطيف العنزي الى الإقبال المميز الذي يشهده جناح مراقبة ثقافة الطفل في معرض الكتاب، متوقعا أن يشهد المعرض في أيامه الأخيرة إقبالا كثيفا على جناح الطفل خاصة في ظل تزايد عدد زيارات المدارس المختلفة في الكويت وحرصها على تعزيز ثقافة القراءة في نفوس الطفل والناشئة.
وأشار العنزي إلى تنوع واختلاف الفئات العمرية من الأطفال الزائرين للجناح، لافتا إلى ان الشريحة العمرية امتدت لتشمل الأطفال من فئة ٤ سنوات حتى ١٢ سنة، وذلك بتنوع اهتماماتهم الادبية والعلمية.
العربية في خطر بدوره، قال ممثل مكتبة الناشرون اللبنانية حسين شرف الدين انه على الرغم من الإقبال المميز من قبل أولياء الأمور والأطفال على المعرض، إلا أن هناك توجه ملحوظ على الكتب الإنجليزية، وهو ما يجعل لغتنا العربية والمقوم الأساسي لحضارتنا الثقافية في خطر، مؤكدا ضرورة اهتمام أولياء الأمور بلغتنا الأم كونها جزءا لا يتجزأ من هوية الطفل الثقافية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية تعلم اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة العصر.
من جهته، تحدث ممثل مؤسسة أطفال ومعلمون محمد أحمد حول ميول الطفل وأكثر القصص التي يحرص أولياء الأمور على اقتنائها للأطفال، مشيرا إلى أن الكتب التي تعزز القيم والمفاهيم الأخلاقية مثل قصص الأنبياء هي التي تصدرت المشهد خلال اليومين السابقين من المعرض.
واضاف أن الأطفال من الفئات العمرية الأقل من ٤ سنوات كان لها نصيب أيضا من الشراء في المعرض، نظرا لحرص أولياء الأمور على شراء الألعاب التفاعلية التي من شأنها أن تنمي قدراتهم الذهنية والعقلية، لافتا إلى أن الطفل في هذه المرحلة العمرية يميل إلى الألعاب الحسية التفاعلية لصغر سنه وعدم قدرته على القراءة بشكل كبير.
وأشارت الناشرة فدوى البستاني من دار البستاني للنشر والتوزيع إلى أن تزايد الإقبال على كتب الأطفال نتيجة الدعم اللامحدود الذي توفره دول الخليج بصورة عامة والكويت على وجه الخصوص.
مزاحمة الكترونية وفيما يتعلق بقضية المفاضلة بين الكتاب الورقي والالكتروني ومدى تأثير الثورة الرقمية على ثقافة الطفل، أكدت البستاني أنه على الرغم من مزاحمة الكتب الالكترونية المخصصة للأطفال للنسخة الورقية خاصة في ظل انتشار أجهزة الآيباد وغيرها إلا أن النسخة الورقية لاتزال تحتفظ برونقها واحترامها لدى جميع الفئات العمرية بما فيها الأطفال.
كما التقت «الأنباء» عددا من أولياء الأمور الذين أكدوا حرصهم على اصطحاب أبنائهم للمعرض، تأكيدا منهم على مدى أهمية القراء وقيمة الكتاب لبناء مستقبل وشخصية أطفالهم في ظل التطور الرقمي وعزوف عدد كبير منهم عن القراءة.
ومن هؤلاء د. فيصل الحيدر الذي أكد على أهمية تشجيع وتعزيز قيمة القراءة في نفوس أبنائنا، مشيرا إلى ان المعضلة الأساسية في تلك القضية هي كيفية جذب الطفل للكتاب وترغيبه في القراءة، مؤكدا أن الحل والخطوة الأولى في هذا المشوار تتمثل في اختيار المحتوى البسيط المفيد والخالي من التعقيدات اللغوية التي قد تشعره بالملل أو الصعوبة في القراءة والفهم، حتى يتمكن الطفل بفطرته السليمة من الإيمان بأن الكتاب هو غذاء الروح وأنه بحاجة له كحاجته للطعام والشراب.
وفي سياق متصل، بين محمد الخالدي أن تعزيز مفاهيم القراءة وقدرتها على تنمية شخصية الطفل هي مسؤولية مجتمعية بالدرجة الأولى، موضحا أنه من المؤسف أن نجد بعض الآباء من الأصل لا يدركون قيمة القراءة وهو ما ينعكس بشكل سلبي على الأبناء الذين يقلدون الاباء والأمهات في كل فعل يقومون به.
كما كان لنا لقاء مع عدد من الأطفال والناشئة الزائرين للمعرض، والذين أكدوا ولعهم بتلك الثمرة التي زرعتها أسرهم فيهم منذ الصغر، فلم يكن من الغريب أن تقع عينيك في كل جناح من أجنحة المعرض على الأطفال الذين توافدوا مع أولياء أمورهم لاختيار الكتب بأنفسهم مع اختلاف اهتماماتهم.
وقد أكدت الطفلة منى العبيدي على عشقها للقراءة، لافتة إلى أن الإقبال بشكل عام على المعرض يؤكد اهتمام مختلف فئات الشعب الكويتي بهذه القيمة التي تلقي بظلالها على ثقافة الإنسان، مشيرة إلى أن الفئة العمرية التي تتراوح أعمارهم من ١٢ إلى ما فوق هي الأكثر إقبالا على الشراء والتسوق خلال المعرض.
ولفتت العبيدي إلى أن ثمرة القراءة لن ندرك أهميتها ونستفيد منها في الوقت الحالي بقدر ما قد تكون نافعة ومفيدة في المستقبل لما تضيفه إلى شخصية الناشئة من خبرات لا يمكنهم الحصول عليهم في حياتهم اليومية، فقد تكون جملة بسيطة في أحد الكتب مصدر إلهام الطفل في يوم من الأيام، مشيرة إلى دور الأهل في نقل هذه العادة والإرث إلى أبنائهم.
استثمار شخصي أما شقيقها فيصل العبيدي فأكد ان القراءة سلاح الطفل في المستقبل، إذ يعتبر القراءة مجالا من مجالات الاستثمار الشخصي، مستغربا سيطرة الهواتف على عقول وعيون الأطفال والشباب قبل الكبار.
وتوجه فيصل بالنصح للأباء قبل الأبناء قائلا: «خصصوا لأولادكم وقتا كافيا للقراءة.. وإن رفضوا فاسحبوا أجهزتهم الالكترونية ليعودوا مرة أخرى إلى الكتاب».
العجمي: تنظيم الزيارات للمعرض وتحفيز الطلبة على القراءة
أكد رئيس جمعية المعلمين مطيع العجمي أن الجمعية لا تدخر جهدا من خلال مشاركتها في معرض الكتاب الـ 42 لتذليل جميع الصعاب التي تقف أمام الطلبة وتعوقهم عن تعزيز قيمة القراءة في نفوسهم، داعيا جميع الطلبة الى ضرورة زيارة المعرض وجناح «المعلمين» الذي يقدم العديد من مذكرات التقوية الرامية إلى رفع مستواهم العلمي والأدبي في مختلف المواد.
وناشد العجمي جميع الإدارات المدرسية الإسراع بتنظيم الزيارات المدرسية للمعرض من أجل التحفيز على القراءة وتشجيع أبنائنا الطلبة على هذه المهارة، مؤكدا أهمية مواكبة التطور التكنولوجي المتعلق بالكتاب والقراءة، نظرا لأهميته لدى الطالب.
وأضاف أن الكتب التفاعلية شهدت انتشارا واسعا على مستوى المدارس والمجتمع أيضا، ولكن هذا لا يعني استغناء الطالب عن الكتاب الورقي سواء المدرسي أو غيره الذي يحقق له الاستفادة ويعمل على توسيع مداركه وتنوع ثقافته.
بطي: نحتاج لكتب تعرف الطفل الكويتي بتراث آبائه وأجداده
قالت مؤسسة دار سيدان ميديا - أول دار نشر كويتية متخصصة في مجال الطفل والناشئة - الكاتبة لطيفة بطي انه من أبرز المشاكل التي يعاني منها القارئ الصغير هي ندرة الكتب والقصص التاريخية والتراثية المتعلقة بالكويت، فهو على دراية بعادات وتقاليد ومفاهيم أخرى قد تخرج في بعض الأحيان عن ثقافتنا المجتمعية نظرا لاطلاعه على الأفلام الكرتونية الأجنبية مثل «ديزني» وقراءته للكتب والقصص الأجنبية، وذلك دون أن يتعرف على ما تحمله «الديرة» من تراث جميل أيضا.
وتطرقت بطي إلى محاولاتها الجادة لمعالجة تلك القضية عبر تأسيسها لدار سيدان في عام 2013 كأول دار كويتية متخصصة في نشر القصص والحكايات، وهو ما يسهم بشكل كبير في نشر العادات والتقاليد والقيم المتأصلة في هذا الشعب العريق، مشيرة إلى أنها سعت جاهدة لإعادة الحكايات والقصص الشعبية الكويتية الى مخيلة الأطفال والذين نادرا ما يكونون على دراية بها، فضلا عن ابتكار واستلهام الشخصيات المختلفة وإدخالها في حبكات قصصية متنوعة تهدف إلى تعزيز مفاهيمه الأخلاقية والاجتماعية وتساعده على تقبل الاختلاف مع الآخر منذ طفولته واستثماره فيما يفيد.
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه دور النشر المختصة بالطفل في الكويت، أكدت أن المشكلة الأولى التي تعاني منها تلك الدور هي القدرة على التسويق في ظل البطء الملحوظ فيما يتعلق بتصريف الكتاب، مشيرة إلى ندرة مراكز التسوق وتوزيع كتب الأطفال في الكويت، مشددة على ضرورة الاستعانة بالاختصاصين في مجال التوزيع والتسويق حتى تصل بشكل كبير إلى أيدي الأطفال.