- النشمي: من اقترض بالربا يتحمل مسؤوليته والشريعة تقوم على العدالة
- المسباح: لا يجوز شرعاً إسقاط القروض أو شراؤها أو دفع فوائدها من المال العام
- العنزي: أمر طيب وعلينا أن نمنع أي قرض يجرّ فائدة لنبتعد عن الحرام
- الغانم: يجوز لبيت المال سداد مديونية المقترض وعلينا إلغاء الربا من أصله
ليلى الشافعي
انقسم الدعاة بين مؤيد ومعارض لاسقاط القروض أو شرائها أو شراء فوائدها من المال العام وفي هذا الصدد قال د.عجيل النشمي اطلعت على مواد القانون (الخاص بشراء فوائد القروض المقدم من مجلس الأمة) وخاصة المادتين الثالثة والثانية، وقد نصت المادة الثانية على أن تقوم الجهات الدائنة بإعادة جدولة مديونية العملاء المقترضين لديها حتى 30/9/2009 بعد اسقاط جميع الفوائد والعوائد المستقبلية التي تترتب على هذه المديونيات ويقسط رصيد القرض على العميل المقترض على أقساط شهرية متساوية، وبقسط لا يتجاوز 35% من الدخل الشهري للعميل، ومن دون فوائد وذلك نظير ما تم ايداعه من مبالغ نقدية لدى البنوك من قبل المؤسسات الحكومية حيثما كان ذلك ممكنا وعلى الحكومة ضمان وجود البديل في حال عدم كفاية هذه الودائع أو في حال عدم وجودها، وذلك وفقا للقوانين واللوائح المرعية، وأيضا وفقا لما تقرره مبادئ الشريعة الاسلامية.
وتوجد على هذه المادة عدة ملاحظات شرعية: الأولى ان اسقاط الفوائد والعوائد المستقبلية وجدولة القروض من قبل البنوك الدائنة مطلب شرعي وهام، ولكن الواقع ان البنوك هي الرابحة ولن تغرم شيئا ولن تساهم في حل مشكلة المقترضين، ذلك أن الدولة تقابل ما ستقوم به البنوك وتكافئها باعتبار أن ما تم ايداعه من مبالغ نقدية لديها من قبل المؤسسات الحكومية وهذا تحميل المؤسسات الحكومية ما لا شأن لها به، وخاصة أن من هذه المؤسسات شؤون القصر والأوقاف فالبنك يستفيد من هذه الأموال المودعة على حساب اصحابها من الايتام والقصر ونحوهم.
والثانية اقحام عبارة ما تقرره مبادئ الشريعة الاسلامية، فالحكومة تضمن وجود البديل حال عدم كفاية هذه الودائع أو في حال عدم وجودها بطريق التعامل مع البنوك والبنوك الاسلامية والشركات الاسلامية فالشريعة الاسلامية ومبادئها لا تجيز اتخاذها وسائل ولو بواسطة معاملات مالية مشروعة الغرض منها الايداع في البنوك، فالأمور بمقاصدها فإذا شرف المقصد جاز وإلا فلا.
أما المادة الثالثة والتي تنص على أن تتحمل الدولة جميع الفوائد والعوائد المستقبلية المترتبة على مديونيات المواطنين المشار إليها في المادة الثانية، فإن هذه المادة تحمل ميزانية الدولة ما لا ينبغي أن تتحمله فالدولة شخصية اعتبارية تنوب عن مواطنيها فلا تملك هي بذاتها وإنما هي تنفق في هذه الحال من الاحتياطي العام للدولة، وهو ملك المواطنين والأجيال اللاحقة فمن اقترض بالربا يتحمل مسؤولية تصرفه في الدنيا والآخرة فبدلا من ان تطلب الدولة من البنوك التنازل عن الفوائد الربوية يطلب ممن ليس طرفا ان يتحمل هذه التبعية والمسؤولية وهذا مما لا تقره الشريعة ومبادئها ولأنها تقوم على مبدأ العدالة والتي يلزم بها الشرع ولي الأمر والناس سواسية ـ كما نص الدستور ـ فلا مساواة بين من اقترض فينعم بهذا القانون ومن لم يقترض فيغرم، ومن اقترض قبل 3/9/2009 ينعم إزاء ذلك نناشد اعضاء مجلس الأمة المؤتمنين على أموال الدولة وتوجيهها الوجهة الشرعية أن يتحملوا مسؤوليتهم الشرعية أمام هذا القانون وان يكون مطلبهم اسقاط فوائد القروض وجدولتها من قبل البنوك فحسب مساهمة من هذه البنوك في حل مشكلة القروض لأنها اصيلة في سبب هذه المشكلة وهي الفوائد، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
وبدوره اكد رئيس لجنة الفتوى بجمعية احياء التراث الاسلامي الداعية ناظم المسباح انه لا يجوز شرعا اسقاط القروض او شراؤها او دفع فوائدها من المال العام، مؤكدا ان فوائد القروض ربوية ويجب اسقاطها من الدائن فقط وهو البنك وليس لنا ان نقوم بسدادها من خزائن المال العام، مشيرا الى ان ذلك يخالف الآيات القرآنية التي تنهى عن الربا.
وطالب الداعية المسباح بمعالجة سداد قروض المتعثرين بعيدا عن المال العام، كما دعا الى توزيع الثروة وفق اصول الشريعة بعيدا عن انتفاع فئة على حساب فئة اخرى.
شيء طيب ومطلوب
وقال رئيس مركز اشراقة أمل للاستشارات المحامي د.سعد العنزي: المسألة فيها تفصيل منها جانب ايجابي وآخر سلبي، بالنسبة للجانب الايجابي الكثير من افراد المجتمع والمتنفذين وخبراء الاقتصاد والعالم بأسره يعلم ان الربا لا يثمر بزيادة ولا بأرباح وليس فيه تنمية اقتصادية حقيقية لان الله عز وجل احل البيع وحرم الربا، وتلك القروض التي كان اساسها الربا، قد اصابت المجتمع بويلات وآلام ومآسٍ اقتصادية اثقلت كاهل الكثيرين من ابناء المجتمع ممن عانوا الامرين من القروض ولذلك نقول ان البيع الحلال واضح والربا بأنواعه محرم وايضا واضح، فعلى الدول الاسلامية والمصارف والمؤسسات الاقتصادية الاسلامية ان تتعامل بالاقتصاد الاسلامي، وما حدث في العالم من انهيار مؤسسات مالية واقتصادية كبيرة في العالم واثرت على دولها انما كان ذلك بسبب الربا.
واكد ان اسقاط الفوائد امر طيب ولكن لا يكفي بل علينا ان نمنع نهائيا اي قرض جر فائدة حتى نبتعد عن الحرام ونمنع التعامل بالربا بصفة عامة، اما الجانب السلبي فقال عنه د.العنزي إن القروض تختلف من شخص لآخر وعدم التساوي بين الناس في اسقاط القروض يؤدي الى ضرر لاشخاص وانتفاع لاشخاص آخرين، كما ان اسقاط القروض ليس فيه عدل بهذه الصورة لان هناك من يدان بملايين الدنانير وهناك من يدان ببضعة آلاف فهل يستويان؟ لذلك ارى ان تحل هذه المسألة بطريق آخر وبأسلوب آخر، ونحن مع تسوية اوضاع المتضررين ولكن تكون بشيء من العدالة في اطار الشريعة الاسلامية فمن الممكن تسوية اوضاع المقترضين بإسقاط الفوائد وأنا مع ذلك لأن هذه الفوائد ربا، واموال معطلة في الشريعة لذلك فاسقاط الفوائد امر طيب. اما بالنسبة للقروض فلابد ان تكون هناك عدالة في التعامل مع المواطنين والتسوية لاوضاعهم هي الصحيحة عن طريق التقسيط الميسر.
يجوز
وبدوره اوضح الباحث الاسلامي صالح الغانم ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال «من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا فعليّ»، فيجوز لبيت المال ان يقوم بسداد مديونية المتوفى وهذا يدل على جواز سداد مديونية الاحياء من المسلمين فاذا كان اصل السداد من بيت المال جائزا فيجوز والله اعلم سداد الفوائد على ان هناك امورا يجب مراعاتها اولا وهي العمل على تحقيق العدالة لقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان)، ثانيا العمل على الغاء الفوائد الربوية من اعمال وانشطة الدولة ومؤسساتها وكذلك القطاع الخاص لان الربا قال عنه الله تعالى: (فأذنوا بحرب من الله ورسوله)، فياحبذا لو ان همة النواب الذين صوتوا على اسقاط الفوائد تكون ايضا على الغاء الربا من اصله وهذا ما تدعو اليه احكام الشريعة الاسلامية، علما بأن بيت المال يجب ان ينتفع منه كل المواطنين على درجة المساواة والعدل فافراد الشعب سواسية.