أسامة أبوالسعود
في يوم العاشر من المحرم (عاشوراء) تتجدد ذكرى الألم والحزن والأسى على فراق سيد شباب اهل الجنة وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم واشبه الناس بجده، الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.
ففي مختلف حسينيات ومساجد الشيعة في البلاد استمر الحزن والأسى وغط السواد والبكاء والنحيب معظم الوجوه وجدد خطباء المنبر الحسيني مشهد قتل الحسين وآل بيته في هذا اليوم الذي لن ينساه التاريخ واكدوا ان كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.
ففي حسينية معرفي تحدث الشيخ حبيب الكاظمي عن مشهد قتل الإمام الحسين مؤكدا انه مهما قيل فلن يصف ذلك اليوم الذي ضحى فيه الإمام الحسين بجسده الشريف وروحه الطاهرة فداء لأمة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لم اخرج اشرا ولا بطرا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.
وتابع قائلا: وهي رسالة عظيمة من قائد عظيم يجب الاقتداء به وتخليد ذكرى يوم استشهاده مذكرا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «حسين مني وأنا من حسين».
وفي الحسينية الجديدة تحدث الشيخ مرتضى البالدي ايضا عن يوم استشهاد الامام الحسين بن علي عليهما السلام والمشهد الرهيب لقتله عطشان يريد شربة ماء لكن الظالمين منعوه اياها رغم ماء العراق الوفير فكان ان شرب من حوض جده الشريف محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى لأنه منزل سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.
من جانبه، قال وكيل الإمام السيستاني في الكويت أبوالقاسم الديباجي إنه في اليوم الثالث من شهر شعبان للعام الرابع من الهجرة النبوية المباركة كانت ولادة الامام الحسين بن علي عليه السلام، الامام الثالث من شجرة الامامة الطاهرة، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسينا، وعق عنه كبشا حين ولادته وكان يكنى بأبى عبدالله، وهو السبط الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم وثمرة قلبه، ومن أحب الخلق اليه اسوة بأمه وأبيه وأخيه عليه السلام.
وتابع الديباجي قائلا: قد كانت حياته عليه السلام مليئة بالأحداث، طافحة بالوقائع، صبغها استشهاده الدامي في العاشر من محرم الحرام عام 61 بثوب أحمر قان فغطى على أكثر ما سواه واحتواه، فاستشهاده عليه السلام وهو المؤسس لصرح الثقافة العاشورائية والابرز بلا منازع في التاريخ الثوري للعالم أجمع لم يكن في سبيل بسط العدل ورفع الجور عن العالم وحسب، بل كان ايضا في سبيل الحفاظ على ثوابت الدين الإسلامي وصيانتها من اي عبث او تحريف وتأويل، فكانت ثورته عليه السلام من أجل نشر التعاليم السامية والأسس الصحيحة للدين الإسلامي بين الناس عن طريق اتباعه وتطبيقه لفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر نظرا لأهميتها كواجب مفروض على كل مسلم ومسلمة، فعلى أساس هذه الفريضة قامت جميع حروب الإمام علي عليه السلام في عصر خلافته المباركة وعليها قامت ثورة الحسين عليه السلام.
وأضاف: ونتيجة لهذا كانت صرخة الحسين عليه السلام مدوية كالرعد في آذان الطواغيت وشياطين الانس والجن، وكانت كالبرق الذي أضاء الأرض بعدما كادت أن تغوص في بحار الظلام والظلم، صرخة نابعة من خوفه ودفاعه عن شرف وحقوق المسلمين وكرامة البشرية مع ثلة من المؤمنين ممن احبوا الجهاد وعشقوا الشهادة في سبيل الله ونصرة دينه، فضحى في سبيل ذلك بنفسه وماله وأهله وأصحابه.
وزاد: قد يتساءل البعض عما الذي يمكننا أن نستفيده من ثورة الحسين عليه السلام وما هي الدروس والعبر التي يمكن نخرج بها من هذه الثورة المباركة لتطبيقها في حياتنا وتعاملاتنا اليومية؟
وأوضح أن ثورة الحسين عليه السلام احتوت على رسالة ومعنى عظيم وسام لكل إنسان على وجه الأرض، الا وهي رسالة الاصلاح في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال «واني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وسلم وأريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي صلى الله عليه وسلم وسيرة أبي علي بن ابي طالب عليه السلام».
وقال الديباجي: لقد كان خروجه عليه السلام تنفيذا عمليا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبأوضح صوره وأشكاله، فكان بحق مدرسة كبرى تعلمت منها الأجيال كيف يجب أن ترفض المنكر وتعارضه، وتدعو الى المعروف، لان في خلاف ذلك ضياعا للاسلام ولقيمه، وللمجتمع السليم ووجوده، وهذا ما غفلت عن حقيقته الكثير من الجماعات فأصابها الخسران، وأحاط بها الظلم والفساد وخسرت كل شيء، بعد أن توهمت أنها بسكوتها ورضاها عن واقع الحال الذي تعيشه سوف تبقى لها البقية التي تراها، والفتات الذي تقتات منه، متناسية حقيقة كبرى هي أن الفساد لا يتوقف الا أذا اوقف وجوبه، فهو كالنار التي تزدرد كل شيء أمامها وتحيله الى رماد.
وشدد الديباجي في ختام كلمته على القول: لذا وجب علينا كمسلمين أن نتوحد في مواجهة الظلم وعدم الخنوع أو الرضوخ له، وأن نرفض المنكر بجميع أشكاله وصوره وأن نأمر بالمعروف وندعو للخير ونبدأ بأنفسنا قبل الآخرين، وأن نضحي في سبيل ذلك بالغالي والنفيس، فبوحدتنا وتضحيتنا كمسلمين وباتباعنا لاوامر رب العالمين ثم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وباستفادتنا من دروس وقيم ثورة الحسين عليه السلام ينصلح حال امتنا ويعلو شأنها، ويجب على كل مسلم أن يكون حصنا ودرعا للإسلام في وجه أعدائه ممن يريدون شق صفوفه وتفرقه جمعه وتقطيع اوصاله عن طريق المكائد والدسائس وبث روح الفتنة الطائفية وقانا الله شرها، ولا يمكننا أن نقف في وجه اعداء الإسلام وأن نصد كل تلك المكائد والمؤامرات إلا بالحفاظ على وحدتنا كمسلمين وأن يكون كل مواطن داعيا ومنبرا مناديا للوحدة الوطنية قولا وفعلا.
الديباجي يفتي: حفظ الوحدة الوطنية واجب شرعي
أصدر الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي سماحة السيد آية الله أبوالقاسم الديباجي فتوى شرعية امس شدد فيها على ان الوحدة الوطنية واجب شرعي وهي الرسالة الأساسية التي نستلهمها من يوم عاشوراء وهي ان نقابل كل عدو لمصالح الاسلام والمسلمين بالحرص على حفظ الوحدة الوطنية. وقال آية الله الديباجي في فتواه: على هذا المبدأ القويم لابد من ان نجعل بيننا وبين الله ميثاقا غليظا للحفاظ والدفاع عن الوحدة الوطنية لأنها السبب الرئيسي للعز والكرامة وجميع فضائل الأخلاق.
من أجواء إحياء عاشوراء
-
توافد آلاف الشيعة من الرجال والنساء والأطفال والكبار منذ السابعة صباحا الى مقار الحسينيات حيث ملأت الباحات الداخلية والساحات المحيطة في احياء ذكرى يوم عاشوراء.
-
انتشر عدد من بائعي الكاسيت والتيشيرتات وغيرها للاستفادة من هذا الحدث الكبير وتوافد آلاف الشيعة، وقدمت الحسينيات العصائر ووجبات الأطعمة والمشروبات طوال يوم امس.
-
أقامت الكثير من الحسينيات سرادق عزاء بهذه المناسبة وخياما خاصة للنساء وتم عرض بث حي ومباشر من كربلاء عبر عدد من الفضائيات الشيعية الكويتية.
-
قام رجال الإدارة العامة للمرور وإدارة الدوريات وجميع اجهزة وزارة الداخلية بجهود كبيرة لتأمين سلامة رواد الحسينيات امس حيث قاموا بتنظيم المرور وحفظ الامن والعمل على تيسير جميع أمور رواد الحسينيات وهو جهد متواصل منذ الأول من شهر المحرم انتهى أمس.
العوضيان: لا خلاف بين آل البيت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في محاضرة جماهيرية حافلة بالحضور، التقى الداعية نبيل العوضي يصاحبه د.محمد العوضي بجموع المصلين في مسجد الشايع بالزهراء ليدور النقاش حول موضوع من موضوعات الساعة دار حوله صخب وجدل عبر الازمنة وكان سببا في تفريق الامة رغم انه كان ينبغي ان يكون سببا في توحيد الصف وجمع الكلمة واستلهام العظة والعبرة واعمال العقل والبصيرة وهو مقتل الحسين عليه السلام.
وقد بدأ الداعية نبيل العوضي محاضرته ممهدا ومستلهما بعضا من المواقف والاحداث والمشاهد التي حدثت مع الرسول صلى الله عليه وسلم قبل مولد الحسين، فقد رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة وذلك قبل وفاته بشهر او شهرين، حيث قال: اما بعد ايها الناس فإنما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي، فأجيب «انك ميت وانهم ميتون» واني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.. واهل بيتي.. اذكركم الله في اهل بيتي، اذكركم الله في اهل بيتي، اذكركم الله في اهل بيتي. يقول حذيفة في حديث انه تبع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فسمعت صوتا فقال لي الرسول صلى الله عليه وسلم اسمعت هذا الصوت؟ قال: نعم يا رسول لله، يقول: أرأيت هذا العارض مثل الطيف؟ يقول حذيفة: ما هذا يا رسول الله؟ فيقول: هذا ملك من الملائكة لم يهبط الارض قبل هذه الليلة استأذن ربه ان يسلم علي ويبشرني ان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، وان فاطمة سيدة نساء العالمين (اكرم بفاطمة البتول وبعلها، وبمن هما لمحمد سبطان، غصنان اصلهما بروضة احمد، لله در الاصل والغصنان)، ثم تطرق الداعية نبيل العوضي الى مولد الحسين ورؤية ام الفضل وكيف انها وضعت الحسين في حجرها واعطته للرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ الرسول يقبله ثم دمعت عيناه فقالت له: ما الذي يبكيك يا رسول الله؟ فقال: ان جبريل قد جاءني وقال لي يا محمد ان امتك ستقتل ابنك هذا.
العقل والخرافة
وتحدث د.محمد العوضي موضحا ان حادث مقتل الحسين هو حدث تاريخي له خصوصيته غير ان الواقع المعاصر زاد من هذه الخصوصية، وهناك إجماع على ان الحسين مات شهيدا، مات مظلوما، قتل وهو في غاية البطولة والتضحية رافعا راية الانتصار لمبدأ الشورى والحق والوقوف امام الطغيان السياسي، غير ان الحدث قد شطر المسلمين وولد قراءات متنوعة ومتواترة من اطراف متعددة، فأوجد فعلا ورد فعل في غفلة من الكثيرين ان التاريخ الذي تناول الحدث ليس مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي، لكنه قد يكون مصدرا من مصادر الثقافة او التراث، ويؤخذ للاعتبار والاستفادة من تجارب الآخرين وضرورة النظر لرجال التاريخ نظرة موضوعية تنتمي للعقل بعيدا عن العاطفة وذلك لأن العاطفة تؤسس للخرافة وتسلط الضوء على اللامعقول.
مكانة الحسين
ثم تطرق الداعية نبيل العوضي الى مكانة الحسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند الخلفاء الراشدين من بعده، مؤكدا ان من يزعم ان هناك خلافا بين آل البيت والصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان فهو كاذب ومفتر، وان كان الصحابة بشر يخطئون ويصيبون، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الحسن الحسين «ريحانتاي من الدنيا»، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ذات مرة الحسين وهو يلعب مع الصبيان، فهم الرسول صلى الله عليه وسلم ليمسك به والحسين يفر منه حتى امسكه الرسول صلى الله عليه وسلم ووضع يده تحت فك الحسين وقبله على رأسه ثم قال والناس يسمعون: حسين مني وانا من حسين، احب الله من احب حسين، حسين سبط من الاسباط، وفي عهد ابي بكر الصديق كان يقول: لقرابة رسول الله احب الي حتى ان الحسين سمى احد ابنائه ابا بكر وذلك حبا في الصديق، فلما جاء عمر اميرا للمسلمين كان للحسن والحسين منزلة عظيمة، فكان يعطيهم من عطايا اهل بدر رغم انهما لم يشهدا بدرا حتى ان ابنه عبدالله بن عمر قال له اعطني كما تعطي الحسن والحسين، فقال له الخليفة عمر: ائتني بأب كأبيهم وام كأمهم وجدا كجدهم اعطك عطاءهم، حتى ان الحسن سمى احد ابنائه عمر، كذلك في عهد عثمان الذي كان زوجا لخالتيهما رقية وام كلثوم كان الحسين يحارب في جيوش عثمان في افريقيا، حتى حدثت الفتنة فذهب الحسن والحسين بسيفيهما يدافعان عن عثمان في منزله، فلما قتل عثمان وحدث التحكيم بين علي ومعاوية واصبح علي خليفة للمسلمين حتى قتل غدرا من اهل العراق والكوفة، فأصبح الحسن بن علي حاكما حتى تنازل بعد ستة اشهر من الحكم لمعاوية حتى يوئد الفتنة ويصلح بين المسلمين كما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل، ثم توالت الاحداث حتى رأى معاوية ان تكون الخلافة من بعده لابنه يزيد فاعترض الحسن وكانت بعد ذلك فتنة الكوفة.