- الموسوي: العظة والنصائح المباركة من ذوي العلم والخبرة فيها منفعة كبيرة للفرد والمجتمع
عادل الشنان
استذكر خطباء الحسينيات سيرة القاسم بن الحسن، وكيف تحلى بالشجاعة وهو في سن صغيرة، مضحيا بنفسه في سبيل الدفاع عن القيم والفضائل، مؤكدين أن مشاهد كربلاء تجسد أسمى معاني التضحية والفداء في سبيل الله وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حسينية كريم أهل البيت (ع)، ارتقى المنبر الحسيني سماحة السيد عبدالوهاب الموسوي قائلا: كان الإمام الحسن بن علي عليه السلام في الساعات الأخيرة من عمره وكان يصارع الموت حيث دخل عليه أحد العلماء وقال له انصحني أو عظني يا ابن بنت رسول الله، وهذا يعتبر ذكاء من العالم، حيث حرص على أن ينهل العلم من موارده مهما كان الوضع والزمان، مشددا على أهمية تقبل العظة والنصائح المباركة من ذوي العلم والخبرة لما فيها من منفعة كبيرة على الفرد والمجتمع والسعي لنيلها لا الاكتفاء بتلقيها.
وعرج الموسوي على طرح ما قدمه القاسم بن الحسن بن علي يوم واقعة كربلاء في الطف، حينما كان صغير السن وتقدم مرارا وتكرارا إلى عمه الحسين طالبا الإذن بالذهاب للقتال، لكن الحسين رفض لصغر سنه، إلى أن لبس لامة أبيه وترسه وأخذ سيفه وبيده وصية من أبيه تحثه على القتال إلى جانب عمه الحسين بعد أن مدته بذلك أمه السيدة الطاهرة رملة، وقالت له اذهب إلى عمك الحسين وهنا أرخى الحسين عليه السلام عينيه الشريفتين بالدموع وأعطاه الإذن وراح القاسم يقاتل الأعداء إلى أن انقطع شسع نعله وارتجل ليربطه، فكمن له العدو وأصابه في رأسه، فصاح القاسم (عمي يا حسين عليك مني السلام)، فتقدم له الحسين عليه السلام وكشف العدو عنه ونزل حمله على صدره وعاد به إلى المخيم ووضعه في خيمة الشهداء، متوسطا الشهيدين عون وجعفر ابنيّ الإمام علي عليه السلام.
واشار الموسوي الى شرح معاناة الأم الفاقدة لولدها الوحيد من خلال عدد من الأبيات الشعرية الحزينة، متضمنة قصة القاسم بن الحسن بن علي وأمه رملة وكيف حرص على الجهاد في سبيل الله بين يدي عمه الحسين.
وفي الحسينية العباسية، ارتقى المنبر الخطيب الحسيني الشيخ د.فاضل المالكي الذي استهل محاضرته بقوله: «قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مخاطبا أهل الكوفة (أيها الناس لقد كان أمري وأمركم على ما أحب حتى نهكتكم الحرب وقد أخذت منكم وتركت وهي لعدوكم أنهك، لقد كنت آمراً فصرت مأمورا، وقد كنت ناهياً فصرت منهيا، وكانت الأمم تخاف ظلم رعاتها وقد أصبحت أخشى ظلم رعيتي كأنني المقود وأنتم القادة)، مشيرا إلى أن هذه قطعة تبين مدى معاناة أمير المؤمنين عليه السلام من عشرات القطعات من كلامه».
وأضاف المالكي أن أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في هذا المجال ليست للاطلاع التاريخي فقط بل هي تجربة تستفيد منها البشرية لان التاريخ جعله الله عبرة لمن اعتبر (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) مضيفا ان القرآن الكريم ربما كان اغلبه قصصا ولكن القرآن ليس كتاب قصص وإنما هو عبارة عن عبر تجسدت على الأرض سواء كانت هذه العبر بآفات نزلت بالأمم أو بمشكلات أو بنعم. وتابع المالكي: «لهذا دعينا للوقوف على مواضع العبرة والمرور بمساكن الظلمة كمساكن الصالحين، فالقرآن الكريم حثنا على أن نمشي على الأرض وأن ننظر لعاقبة من كانوا قبلنا».
ولفت المالكي إلى انه عندما وقف أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام على طاق كسرى في المدائن في طريقه إلى النهر، وإن قال بسم الله الرحمن الرحيم (كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم كذلك أورثناها قوما آخرين) مؤكدا أن التاريخ لا ندرسه من اجل متعة معلومات وإنما ندرسه بتجارب مرت بها البشرية لعل الإنسان يستفيد منها والسعيد من اتعظ بغيره انه إذا رأى عبرة استفاد منها، فالظلم والبغي والخيانة هذه أمور لا يخرج الإنسان من الدنيا حتى يعاقب عليها.
وتطرق المالكي إلى أهل تفسير الكوفة ومن هم أهلها بقوله: «من هم أهل الكوفة فالكوفة معناها المعسكر حيث إن جيش الفتح الإسلامي عسكر بها عند الفتوح الإسلامية للاستراحة وفيها نهر الفرات ومنطقة زراعية فاتخذتها الدولة مكانا لانطلاقة القوات إلى بقية المناطق فعبر عنها بكوفة الجند ففيها يستريحون ويستعدون ويتدربون ويتزودون بالزاد الكافي للمقاتلين».
وتابع بقوله: «كان القادمون إلى الكوفة يتحالفون مع القبائل الموجود فيها فكان يعبر عنه بمصطلح مولى، حيث كان يؤتى بالأسرى إلى الكوفة فكانوا يتحالفون مع القبائل الموجودة في الكوفة وأصبحت أعدادهم كبيرة في الكوفة».
وأوضح المالكي أن الكوفة عبارة عن حاضرة اجتماعية وسياسية كبيرة متنوعة من مختلف الملل والأديان والمذاهب فيها المسلون في الدرجة الأولى واليهود والنصارى ولهم أديار وكنائس مؤكدا أن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لم تعرف حكومته في الكوفة الطائفية أو التفرقة.
وأشار المالكي الى أن الغلبة في الكوفة لم تكن للإمامية بل كانت لمن يحب أهل البيت عليهم السلام المحبة العامة، مشيرا إلى أنه عندما يقال إن الكوفة شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام أي محبي علي عليه السلام، لم يكن يوجد بلد في ذلك الوقت فيه محبون لأهل البيت أكثر من الكوفة ولكن المحبة العامة.
وأكد المالكي أن المحبة وحدها لا تكفي وكما قال الفرزدق عندما سأله الإمام الحسين عليه السلام: كيف تركت أهل الكوفة؟ قال: قلوبهم معك ولكن السيوف عليك، لافتا إلى انه اذا اردنا ان نعرف لماذا سيوفهم على الإمام عليه السلام فهناك أسباب عديدة ومنها انهم لا يعتقدون بعصمة الإمام عليه السلام فيعاملونه على المحبة العامة.