انطلقت فعاليات الندوة الأولى من الملتقى الوقفي الخامس والعشرين الذي تنظمه الأمانة العامة للأوقاف على مدى يومين برعاية سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد تحت شعار «ربع قرن.. في خدمة الوقف»، وشملت الجلسة أربع محاضرات.
المحاضرة الأولى جاءت بعنوان «ملف التنسيق الدولي»، وألقتها كواكب الملحم مدير إدارة الدراسات والعلاقات الخارجية، والتي تتبع قطاع الإدارة والخدمات المساندة، والتي أكدت فيها التنسيق الدولي بين البلدان الإسلامية في مجال الوقف.
وقالت فيها: منذ نشأتها، اهتمت الأمانة العامة للأوقاف بإحياء سنة الوقف على الصعيدين المحلي والدولي. لقد طرحت الأمانة ضمن هذا الخط الاهتمام بالبعد الدولي للأوقاف من خلال تضمينه بشكل واضح وصريح في استراتيجيتها، حيث تبنت هذا التوجه وحددت له جملة من السياسات والأهداف وأدرجته ضمن نشاطاتها العامة.
ويلاحظ المتتبع لتجربتها أن اهتمامها بالبعد الدولي للأوقاف قد تفاعل بشكل طبيعي مع الجهود التي قام بها البنك الإسلامي للتنمية والمجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتكون في المحصلة توجها بارزا استطاع أن يجعل من إحياء سنة الوقف إحدى العلامات المميزة في التجربة الوقفية المعاصرة، واضطلعت فيه الأمانة العامة للأوقاف بالكويت بالدور المتقدم.
وبينت الملحم أن الأمانة عملت على دعوة البلدان الإسلامية من خلال المجلس التنفيذي لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى تبني اقتراح «منهجية عمل الدولة المنسقة» التي ينص على اختيار إحدى الدول الإسلامية لتقوم بدور المنسق والمسؤول عن قضية من القضايا الكبرى التي تكون مثار اهتمام العالم الإسلامي وتدخل ضمن مسؤوليات قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية بدول العالم الإسلامي كقضايا الوقف والزكاة والدعوة الإسلامية. وقد تبنى هذا المقترح المجلس في اجتماعه المنعقد بالمملكة الأردنية الهاشمية في أكتوبر 1996م.
وأشارت الملحم إلى أن الخطوة الحاسمة في هذا الأمر تمت بمناسبة انعقاد المؤتمر السادس لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية المنعقد بجاكرتا ـ اندونيسيا سنة 1997 الذي أقر وثيقة «الرؤية الاستراتيجية للنهوض بالدور التنموي للوقف» التي اقترحتها الكويت، وتكليف هذه الأخيرة ممثلة بأمانتها العامة للأوقاف بمهمة تنفيذ ما يعرف الآن بملف «تنسيق جهود الدول الإسلامية في مجال الوقف».
لا شك في أن استحداث هذا الملف قد مثل أول محاولة معاصرة من طرف الدول الإسلامية لإعادة الاعتبار للدور الدولي الذي يمكن للوقف أن يساهم به في دعم التفاعل بين المسلمين من مختلف البلدان.
المحاضرة الثانية
وفي المحاضرة الثانية بعنوان «المصارف الوقفة بين الحاضر والمستقبل» والتي ألقتها لينة المطوع مديرة إدارة الصناديق الوقفية، من قطاع المصارف الوقفية، استعرضت فيها عددا من المصارف الوقفية الموجودة في الأمانة العامة للأوقاف وبعض مشاريعها التنموية مثل مركز الكويت للتوحد ومركز صدى التعليم ومشروع رعاية طالب العلم ومشروع الرعاية السكنية.
وقالت فيها: سعت الأمانة إلى استحداث صيغة تنظيمية عصرية تحقق الرؤية الإستراتيجية الرامية إلى النهوض بالوقف، وتفعيل دوره في دعم جهود التنمية، وخلصت الأمانة إلى صيغة «الصناديق الوقفية والمشاريع الوقفية» واعتمدتهما كأداتين أساسيتين في تحقيق رسالتها.
وهنا سنتطرق إلى تعريف تلك الصيغ وذلك على النحو التالي:
أولا: الصناديق الوقفية: الصندوق الوقفي في مفهوم الأمانة هو قالب تنظيمي ـ ذو طابع أهلي ـ يتمتع بذاتية الإدارة، ويشارك في مسيرة التنمية الوقفية والدعوة للوقف والقيام بالأنشطة التنموية من خلال رؤية متكاملة تراعي احتياجات المجتمع وأولوياته، وتأخذ في الاعتبار ما تقوم به الجهات الرسمية والشعبية من مشروعات وأنشطة وبرامج.
وتهدف الصناديق الوقفية بشكل عام إلى المشاركة في الجهود التي تخدم إحياء سنة الوقف عن طريق طرح مشاريع تنموية في صيغ إسلامية للوفاء باحتياجات المجتمع، وطلب الإيقاف عليها بالإضافة إلى حسن إنفاق ريع الأموال الموقوفة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية.
ثانيا: المشاريع الوقفية: المشروع الوقفي، هو صيغة تنظيمية أخرى اعتمدتها الأمانة للصرف في مجال تنمية المجتمع، ويختلف المشروع عن الصندوق في أن المشروع صيغة أقل من حيث التنظيم والحجم، فهو يختص بقضية واحدة أو شريحة واحدة من شرائح المجتمع. وقد قامت الأمانة بإنشاء مجموعة من المشاريع الوقفية بهدف توفير خدمات أو القيام بأنشطة تنموية. حيث يمكن أن يكون المشروع عبارة عن مرفق عام، أو نظام لخدمات أو أنشطة عامة، أو خدمة لفئة خاصة في المجتمع.
كما استعرض جاسم بوغيث مدير إدارة الشؤون الشرعية والقانونية التابعة لقطاع الأمين العام أبرز ملامح الإجراءات القانونية لتوثيق الأوقاف ودورها في المحافظة عليه من الضياع.
بدأ المشرع الكويتي بعملية تقنين الوقف سنه 1951 بصدور الأمر السامي بتطبيق أحكام شرعية خاصة بالأوقاف الشرعية والذي تضمن احكاما خاصة بالأوقاف في عشر مواد. وجاء من بعد ذلك في القوانين ما يتعلق بأحكام الأوقاف فكان المرسوم بقانون رقم 67/1980.
بإصدار القانون المدني والذي عرج على أحكام متفرقة عن الوقف وجاء المرسوم رقم 51/1984 بإصدار قانون الأحوال الشخصية بنصوص متعلقة بتدخل النيابة العامة في جميع ما يتعلق بالنظام العام ومنه التدخل في قضايا الأوقاف وثم صدر الم رسوم رقم 257/1993 بإنشاء الأمانة العامه للأوقاف والذي جعلها صاحبة الاختصاص في الدعوة للوقف والقيام بكل ما يتعلق بشؤونه من إدارة أمواله واستثمارها وصرف ريعها في حدود شروط الواقف وبما يحقق المقاصد الشرعية للوقف.
بدورها، قدمت رئيسة قسم المتابعة والدراسات بإدارة الاستثمار في قطاع تنمية الموارد والاستثمار سارة المطيري محاضرة عن إدارة الأصول الوقفية في الأمانة العامة للأوقاف خلال ربع قرن، وجاء فيها:حرصت الأمانة العامة للأوقاف على الوفاء للواقفين من خلال استثمار الأصول الوقفية في استثمارات مدرة ومجدية في الأسواق المحلية والعالمية تتوافق مع الشريعة الإسلامية في سبيل تحقيق عوائد جيدة ومستمرة لصرفها على المصارف الوقفية وفق شروط الواقفين والتي تساهم في تلبية احتياجات المجتمع وتنميته.
وأضافت المطيري: بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها الأمانة خلال عملية استثمار الأصول الوقفية بسبب التقلبات الاقتصادية والسياسية وعوامل أخرى طرأت على البيئة الاستثمارية، فقد استطاعت بتوفيق من الله عز وجل تخطيها وتحقيق الموازنة في أداء المحفظة الاستثمارية من خلال توزيع استثمار الأصول الوقفية في مجالات استثمارية مختلفة مع التوسع في النطاق الجغرافي للاستفادة من التباين في العوائد وتوزيع المخاطر.