بقلم: حنان بدر الرومي
[email protected]
تمضي السنوات مسرعة.. جيل يسلم الأمانة للجيل الذي يليه.. أصبحوا ماضيا، كما أصبح الحاضر حاضرا، أما المستقبل فبعلم الغيب.. ولكن يظل لكل زمان أهله وحكاياتهم التي نسجوها.. منها ما كانت البسمة عنوانه وأخرى صاحبت الألم وبعضها عزفت بألحان المشاعر الإنسانية المتنوعة. سلسلة جديدة من الحزاوي ستأخذنا أحيانا للزمن الماضي بكل عبقه الجميل، كما ستحط بنا الرحال في وقتنا الحاضر لنروي حكايات أشخاص حقيقيين ومن جنسيات متعددة، منهم من رواها لي بنفسه والبعض الآخر وصلني من المقربين منهم أو ممن عاصروهم.. حكايات متنوعة نستقي منها العبر والدروس التي لا تحصى.. وتظل الدنيا حكاية.
ترفع بدرية كمادات الثلج عن وجه والدتها المتورم وهي تقول: سأضعها بالفريزر وأحضر لك غيرها.. هل تريدين أن أجلب لك شيئا من المطبخ؟
تفتح الأم عينيها بكسل وترد بنبرة ناعسة: يا ليتك تعدين لي إبريق شاي.. لقد نمت لساعات طويلة بفعل المسكنات وأريد أن أصحو..
تهز بدرية رأسها بالإيجاب وتخرج مسرعة من الغرفة.. تغمض الأم عينيها..
بعد ربع ساعة تدخل بدرية للغرفة وهي تحمل بيديها صينية الشاي.. تضعها على الطاولة وتقربها من والدتها الممددة على الكنبة العريضة.. تساعدها على الجلوس بحرص..تئن أم صالح بتوجع وهي ترفع جسمها المصاب لتأخذ وضعية الجلوس.. ترفع بدرية الكمادات من الصينية وتوزعها واحدة على خد أمها المتورم وتلف البقية على يد أمها اليسرى وعلى ساقيها.
تنظر أم صالح لرجليها الممدودتين بحيرة ثم غمغمت قائلة: يا للكره الذي تحمله منيرة ضدي.. حسبي الله ونعم الوكيل.
تناول بدرية والدتها استكانة الشاي وتقول: كلما تذكرت الموقف شعرت بالرعب، كيف دفعتك بهذه القوة والسرعة؟!
يسرح ذهن أم صالح تتذكر تلك اللحظات الأليمة.. كان الفرح منظما وأهل العروسين يباشرون معازيمهم باهتمام والأغاني منوعة.. وعندما علا صوت المطرب بسامرية (يا سعود فات من الشهر خمسة وعشرين) نزلت.. رقصت باندماج وانسجام مع ايقاع الأغنية.. تمايلت بفن أصيل متناسق حتى ان الكثيرات وقفن صفا واحدا للتصفيق والتمايل معها تشجيعا لها.. بعد انتهائها تقدمت بسعادة نحو الصندوق المخصص للأثواب الكويتية والقريب من أحد المدرجات انحنت قليلا لتضع الثوب وفجأة وجدت جسدها يهوي بقوة ليصطدم رأسها بحافة المدرج.. لم تشعر بنفسها كان الدوار قويا والدماء تنساب بغزارة على وجهها.. أحست وكأن أصوات الناس تتداخل مع أصوات الغناء ثم غابت عن الوعي.
***
أخبرتها ابنتها فيما بعد أن منيرة السيدة التي اقترب عمرها من الستين عاما كانت تمشي وراءها وبيدها ثوبها وعندما انحنت أم صالح دفعتها بقوة وهربت.. ولعلها ظنت أنه لن يلحظها احد فالجميع في العرس مشغولون بالغناء أو بالرقص ولكن خاب ظنها فهناك من شهد بأنها الفاعلة.. كما ان بعض الموبايلات التقطت المشهد كاملا.
بشيء من الشك توجه بدرية سؤالها إلى والدتها: أمي.. ان كره منيرة لك أصبح مؤلما وليس هناك من يستطيع إيقافه،
زفرت أم صالح زفرة غاضبة بانت ملامحها على وجهها: صدقت للأسف كلما كبرنا بالعمر ازداد كرهها لي..لقد كنا نسكن في فريج واحد وهي تكبرني بثلاث سنوات ولكنها حولت ملاعب طفولتنا إلى ساحة عنف ومصارعة وخصام دائم.. لقد ضربتني مرات عدة وكان إخوتي وأختي يدافعون عني دائما حتى وصل الأمر لتدخل والدتي ولكن بلا فائدة.. حتى في المدرسة كانت تجتهد لإغاظتي وإهانتي.. وعندما بلغنا مرحلة الشباب ازدادت كراهيتها لي، كانت دائمة التذمر مني والنميمة.. نسجت العديد من القصص حولي وأتعبتني وأتعبت أهلي، تصمت الأم قليلا لتلتقط أنفاسها المتسارعة ثم تعلّق: إنها تمثل لي كابوسا حقيقيا لا أعلم متى سينتهي.
***
بدرية بنبرة قلق: ولكن لماذا هذه الكراهية غير المنطقية؟
ارتشفت أم صالح رشفة صغيرة من الاستكانة، وقالت: لا أعلم، ولكن، والداي وإخوتي وجيراننا أجمعوا على أنها تغار مني بشدة وتحسدني على ما حباني الله من ملامح جميلة وشعر كثيف أسود فاحم وعلى محبة الناس لي.. سبحان الله كما أن المحبة رزق فالكره بلاء يبتلى به الإنسان، تبلع ريقها وتضع الاستكانة الفارغة على الطاولة وتنظر الى ابنتها الصامتة أمامها، وتردف: فرقتنا الأيام وأصبحت لقاءاتنا قليلة جدا ولكنها ما أن تراني حتى تشيح بوجهها عني بغضب أما بناتها فيتصرفن معي بوقاحة ولقد شاهدتهم ذلك بأنفسكم.. ولكن أن تدفعني وتسبب لي رضوضا في كل جسمي وخياطة جرح في رأسي ونحن في هذا العمر فأمر مرفوض.. لقد وصل بها الحقد والحسد إلى حد لا يطاق (تتوقف عن الكلام انها تشعر وكأن لهيبا يشتعل بنفسها فيحتقن وجهها بقوة).
شعرت بدرية بشفقة تجاه والدتها فسعت لتغير دفة الحديث: لقد انتقيت مجموعة من الفتيات الجميلات في العرس لنضمهن لقائمة عروس أخي منصور.
تبتسم الأم بسعادة: لقد زادت أعدادهن ولا أعلم متى سيقرر الزواج.
بدرية: لم نعد نراه كالسابق.
أم صالح: المسكين منذ أن ترقى في وظيفته وانتقل للمبنى الرئيسي للبنك وهو مشغول باستمرار.. لقد افتقدت أحاديثه وضحكاته.
***
يحتل منصور المرتبة الخامسة بين إخوته يكبره ولدان وابنتان ويتبعه شقيقه والذي يصغره بخمس سنوات.. يتميز عن إخوته بهدوئه وقناعته بكل ما يحصل عليه وحنانه الدائم لوالديه.. لا تتذكر أم صالح أنه أتعبها في تربيته وحتى في مراهقته كان عاقلا ملتزما بدراسته، حريصا على صلاته، قليل الطلبات.. لذلك احتل مكانة مميزة في قلبها.. صممت أم صالح على مساعدته ماديا عند زواجه ومن دون أن تخبر أحدا بذلك.. انها تعي تماما انهم عائلة متوسطة الحال وان تأخر منصور بالزواج لرغبته في جمع المال.. فشخصيته لا تقبل أبدا أن يكون سببا في أي ضرر لوالديه أو لزوجة المستقبل.. استطاعت أم صالح أن توفر من راتبها التقاعدي مبلغ ستة آلاف دينار ستعطي منصور منه خمسة آلاف وستهدي زوجته هدية قيمة بالمبلغ المتبقي.. وكلما تأخر منصور بالزواج سيرتفع المبلغ أكثر.
***
بعد حوالي ثلاثة أسابيع تتشافى أم صالح وتعود لممارسة حياتها العادية.. لم يعد منصور يجلس معها كالماضي لقد ازدادت انشغالاته الوظيفية كما افتقده والده وجميع اخوته.
بشوق عارم ورغبة حقيقية تسأل ام صالح ابنها: ألا تفكر في الزواج؟ لقد سجلت لك أسماء عديدة لتنتقي من ترتاح إليها.
ابتسم بثقة واضحة تطل من عينيه ليرد: أظن أنني حسمت رأيي بالزواج.
ينفرج ثغر أم صالح فرحا لما سمعته فتقترب منه أكثر وتهمس بهدوء: وما شروطك يا حبيبي؟
منصور: أظن أنني سأريحك من همّ البحث.. فهناك فتاة أعجتني وأريد التقدم لها.
أم صالح: أعطني اسمها كاملا وسأوافيك بكل تاريخها العائلي والشخصي بعد أيام..
يتنحنح قليلا ثم يرد بثقة: لا داعي فأنا واثق من اختياري.
يلقي منصور اسمها كمن يلقي صخرة في الماء الراكد.. لقد اختار ابنة منيرة.
***
كابوس حقيقي تعيشه أم صالح فابنها مولع بابنة منيرة والتي تعرف عليها في مركز عمله الجديد.. انه يتحدث عنها كمن يتحدث عن ملاك يمشي في الأرض.. لقد زلزل الخبر الصادم كيان أم صالح وهز أعماقها.. ان جميع أبنائها يعرفون كل تاريخها السيئ مع منيرة فكم من مرة اشتكت لهم عنها وقد شاهدوا بأنفسهم بعض هذه الحوادث.. فكيف حدث ما لم يكن في الحسبان؟ وكيف تسللت ابنة منيرة لقلب ابنها؟ جاهدت أم صالح كثيرا لإخفاء اضطرابها وكابرت على ذاتها وسعت لإقناع ابنها بعدم جدوى هذا الزواج.. كان يفند كلام والدته ويطلب منها أن تعطي من اختارها فرصة وألا تجمعها بصورة والدتها التي في بالها.
***
لقد بدأت الصورة تتضح أكثر لأم صالح بعد أن جمع لها أبناؤها الأخبار.. فابنة منيرة رسمت خطتها بذكاء للوصول لمنصور منذ انتقاله للمبنى الرئيسي.. فرغم أنها تعمل في قسم مختلف وبينها وبينه ستة أدوار إلا أنها نجحت.. كانت تقول لزميلاتها إنه لن يهنأ لها بال حتى تصبح زوجته.. كانت تدفع المال للعامل الآسيوي في قسمه ليزودها بأخبار حضوره وانصرافه وحالاته المزاجية.. كما أهدت احدى موظفات قسمه هدية غالية عندما أبلغتها ببعض التطورات المهمة في عمله والتي أدت فيما بعد لحصوله على مكافأة مجزية وترقية.. جمعت معلومات عن كل ما يحب ويكره.. ثم انتقلت إلى قسمه واستطاعت بدهاء أنثوي كبير إقناعه باهتمامها وحرصها عليه ومشاركتها لنجاحه حتى تعلق بها.
واجهت أم صالح ابنها بالمعلومات وأبلغته بحزم رفضها زواجه من امرأة هي من خططت للزواج منه وبشهادة موظفات وموظفي البنك.. دار نقاش حاد بين الأم وابنها وفي لحظة انفعال غاضب خلع منصور النعل من قدمه ورفعها في وجه والدته وهو يصرخ بانه سيضرب كل من يتحدث عن خطيبته بالسوء..ارتجف جسد أم صالح حتى انها تصلبت في مكانها لهول المنظر.. هل هذا هو ابنها العاقل الحنون..لا لقد تبدل ابنها انه يصرخ ويشتم ويتوعد الجميع.. في هذه اللحظة دخل الأب للغرفة ليستطلع سبب الصراخ.. فوجئ بالمشهد الأليم فأمسك بثياب ابنه وأخذ يجره إلى الخارج وتعالى صراخ الاثنين، وأم صالح واقفة في مكانها تنظر لهما بوجوم.. في لحظة غضب شديدة هوت يد الأب على وجه منصور وأخذ يضربه بكل قواه ويصرخ بعنف.
***
أصبحت أجواء البيت كئيبة وحزينة.. وأصبح الشجار سلوكا يوميا بين منصور ووالديه وإخوته وأخواته.. كست تعابير الحيرة وخيبة الأمل وجه أم صالح.. باءت كل محاولاتها لاثنائه عن هذا الزواج بالفشل.. لقد أغلق منصور باب التعقل وبدا كمن حسم رأيه رغما عن الجميع.. كان الأب سدا حاميا لزوجته من جنون منصور.. كان يقضي معظم يومه في المنزل قريبا من شريكة حياته.
في أحد الأيام دخلت الخادمة لغرفة المعيشة وناولت أم صالح شنطة من الورق الفاخر لحفل زفاف..كانت دعوة حضور لزفاف ابنها.. كتب اسم منيرة بحروف ذهبية كبيرة في أعلى الدعوة.. صرخت أم صالح وكان قلبها يكاد يتوقف: يا للحقيرة لقد سارت خطتها بنجاح شديد.
قررت مواجهة ابنها رغم نصائح زوجها كانت تشعر بسكاكين تنغرس في قلبها.. حدثت ابنها بكل ما يجول في بالها ولكنه ضحك باستهزاء قائلا: أمي انك بحاجة لطبيب نفسي ليعالجك من أوهامك المريضة.
***
تزوج منصور ولم يحضر أحد من عائلته حفل زفافه الفخم وسكن في شقة ولم يعد يزور بيت أهله.. استطاعت منيرة وابنتها وجميع عائلتها أن يحيطوه بمكر شديد وملأوا فراغ يومه المحدود.. انهمك منصور بعمله وسعى لتطوير قدراته المهنية.. عندما انجبت زوجته ابنه البكر ذهب لإبلاغ والديه وما ان دخل عليهم في غرفة المعيشة بعد مرور أكثر من عام على مغادرته حتى خرجت أم صالح من الغرفة بسرعة ليلحقها زوجها.. كانت في طريقها لباب البيت الخارجي.. أمسك الأب ثيابها وأخذ يجرها للداخل وهي تصرخ بأعلى صوتها: اتركني أخرج أنا لن أكون في مكان واحد مع هذا الغريب.
طرد الأب منصور من البيت وقال له بالحرف الواحد: نحن لا نستقبل الغرباء.
***
اجتهدت منيرة وابنتها لاستغلال الحدث لمصلحتهم فأوغروا صدره ضد والديه مع الاجتهاد لجذبه أكثر نحوهم.. نسي والديه واخوته ولم يعد يسعى لزيارتهم أو محاولة ارضائهم.. مرت السنوات وبزغ نجم منصور كشخصية اقتصادية وتولى العديد من المناصب..وتسابقت الشركات للتعاقد معه.. أصبح من الأثرياء.. توفي والده ورفضت أم صالح استقباله للتعزية.. فوجئ الجميع بان الأب قد كتب بيت الحكومة باسم أم صالح.. حاولت منيرة وابنتها اثارة غضب منصور لرفع قضية واسترداد حقه في المنزل.. رفض منصور ذلك فهو ثري ويمتلك بيوتا داخل وخارج الكويت فلماذا يفعل هذا بوالدته العجوز.. أسقط الأمر من يدي منيرة وابنتها.
***
نجاح منصور الكبير وشهرته واستقراره الأسري لم تحقق له الراحة النفسية.. كان يشعر بوحشة غريبة في داخله.. لا يسعده شيء حتى وان تظاهر بعكس ذلك.. كان يغرق نفسه بالعمل والسفر حتى يقاوم هذه المشاعر التي لا يعرف سببها.. زار العديد من العيادات المتخصصة في العالم ونصحه الاستشاريون بالراحة وتجديد حياته ولكنه لم يجد أي فائدة من ذلك، فالوحشة في داخله عميقة ومؤلمة.. قرأ عليه آيات الله الكريمة العديد من شيوخ الدين وكبار القراء بلا فائدة.. في إحدى الليالي حلم بوالدته تنظر له نظرة عتاب حزينة..عندما أخبر زوجته قالت له لعله تناول عشاء دسما فالأحلام من الشيطان.. تكرر الحلم مرات عديدة.. ولم يعد يخبر زوجته بذلك.
***
في إحدى الأيام وبعد خروجه من دعوة غداء لأحد كبار التجار وجد نفسه يقود السيارة لمنزل والده، نزل من السيارة وأخذ ينظر للمنزل البسيط بحب وشوق كبير..ذهب لإخوته جميعا وأخواته يطلب منهم أن يحدثوا والدته لتسمح له بزيارتها ولكنها رفضت، سعى لدى جميع أفراد العائلة للتوسط ولكنها أصرت على الرفض.. كان يقف عند باب البيت يلتمس مشاهدتها عند خروجها ودخولها للمنزل.. لم تكن تلتفت له أبدا وكأنه شخص غريب.. اقترب أكثر من مرة نحوها ليحدثها ويقبل رأسها كانت تضربه بشدة وتبتعد عنه وهي تغطي وجهها بالعباءة.. أصبح منظره مألوفا لدى الجيران وهو يقف عند البيت يتحسس الحائط ويتابع والدته من بعيد بشوق ووله.
سعى لإعادة علاقته بإخوته وأخذ يزورهم ومعه أولاده ليتعرفوا على أهلهم.. بنى ديوانا كبيرا لعائلته وفتحه لكل أبناء عمومته.. لم تعد لزوجته قدرة على منعه من التواصل مع أهله.. بلغ عمر أكبر أبنائه ثلاثة وعشرين عاما..وهو لا يزال على زياراته اليومية لبيت والده والوقوف في الخارج طمعا برؤية والدته ولو للمحة عابرة.
***
في أحد الأيام دخل جميع الأبناء على أمهم العجوز وهم في حالة توتر شديدة وأخبروها بوفاة منصور في حادث سيارة.. أطرقت الأم برأسها ثم نظرت لأبنائها الذين يعتلي الوجوم جباههم، وقالت: إن ابني قد مات منذ أن رفع النعال في وجهي وطلب مني زيارة الأطباء للتخلص من أوهامي.. لقد مات عندما طعنني في قلبي وتزوج من أعدائي وشمتهم فيني.. أنا لست قاسية كما تعتقدون فأنا أم وهو قطعة مني.. لقد بكيته أياما وليالي حتى جف دمعي.. كنت أتظاهر أمامكم بالهدوء وأبتسم في وجوهكم ولكن والدكم شهد عذابي وآلام فراقي لفلذة كبدي..لهذا سجل البيت باسمي ليحميني من غدره.. من مات فليرحمه الله.. أما أنا فلا أعرف هذا الشخص ولن أتلقى أي عزاء له.
حاول الأبناء أن يثيروا عطفها بأحاديث دينية وبعض الذكريات ولكنها انتفضت من فوق مقعدها وقالت بحدة: لن أمنعكم من حضور دفنه فهو يحمل نفس اسمكم.. ولكنني لن أتلقى أي عزاء.. وأريد الآن أن أذهب لمكة للعمرة ولزيارة قبر الرسول الكريم في المدينة.. أريد زيارتهم لأسبوعين، فمن منكم سيذهب معي؟
يتبادل الأبناء النظرات باستغراب..ولكن ثبات الأم يجعلهم يتداركون أنفسهم ويبدأون في التخطيط للسفر لبيت الله الحرام.