- منصورة عزالدين: الأحلام من المصادر الرئيسية للإلهام في الكتابة ويمكن للكاتب أن يحول الأحلام إلى أفكار لكتاباته وإخراج عمل مميز
- دخيل الخليفة: الشعر القديم لم يعد يصلح في الوقت الحالي لأن الزمن تجاوزه وتجاوز الأغراض المحددة فيه.. والجيل الحالي غير قارئ
- داليا تونسي: «تكوين» لها مستقبل رائع وهي ليست فقط منصة للإبداع بل هي تقدم المكان المناسب لكل من يريد أن يحدث تغييراً
- أروى خميس: الأساطير والحكايات والقصص الخيالية والأهازيج والمغامرات كانت للجميع بلا استثناء وكان الكبار والحكماء يتوارون خلف الأسطورة
آلاء خليفة - عبدالله الراكان
في منصة الفن المعاصر واصل مهرجان «رحلة المعنى» فعالياته لليوم الخامس بتنظيم من مكتبة تكوين.
وكانت البداية مع ورشة عمل بعنوان تقنيات كتابة النص الحديث للشاعر الكويتي دخيل الخليفة حيث شرح فيها التقنيات المستخدمة في كتابة الشعر، مشيرا إلى أن الشعر القديم لم يعد يصلح في الوقت الحالي لان الزمن تجاوزه وتجاوز الاغراض المحددة فيه، مؤكدا ان هذا الشكل من الشعر قديم ويقتضي فنا آخر وهو فن الاضافة او بمسماه الآخر البصمة الخاصة، وبالتالي تكون ابداعاتك وبصمتك شخصية، وهي من وجهة نظره من الصعب ان تتم في الوقت الحالي لانها تتطلب مجهودا كبيرا.
وركز الخليفة في الورشة على الفرق بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، مضيفا ان قصيدة التفعيلة تأسست على يد جماعة الحداثة في العراق مثل الشاعر بدر شاكر السياب والشاعر نازك الملائكة وكيف تأثروا بالقصيدة الغربية والشعر الحر واستغلوا هذا النموذج في تطبيقه بالشعر العربي ونتج عن ذلك قصيدة التفعيلة، لافتا الى ان قصيدة النثر وهي التي بدأت في فرنسا عام 1777 وطورها الشاعر الفرنسي بودلير وهو الذي استفاد من تجربة لويس بيترن في ديوانه (قسبرليه) واستطاع بودلير ان يستحدث قصيدة النثر حتى بمسماها ومنها أيضا تأثرت الشعرية العربية بمسمى قصيدة النثر والتي اتبعته جماعة مجلة شعر وهم ادونيس وبقية رفاقه.
وقام الخليفة بشرح توضيحي عن تقنيات الكتابة في قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة وكيف تتم تدارك الاخطاء ليتجاوزها الشاعر ومميزات القصائد والاغراض التي يتجاوزها بالكتابة والاشياء التي توقعهم في فخ الكتابة، مشيرا الى ان جيلنا الحالي جيل غير قارئ، لافتا الى ان البعض يريد ان يكتب الشعر بدون ان يقرأ كتابا واحدا وبعضهم لم يقرأ للشاعر الراحل محمود درويش ولا للشاعر سعد يوسف ولا ادونيس، مشيرا إلى ان اي شاعر شاب يجب عليه ان يهضم التجربة المحلية في بلده ثم ينتقل للتجربة العربية ويختار منها المناسب لتجربته، متمنيا من الشباب ان يتخذوا الثقافة المنطلق الاول لفهم هذا العالم.
المعيار الفني
وفي منصة الفن أيضا قامت مديرة البرامج التعليمية في مؤسسة بصيرة الافكار للاستشارات التعليمية والتربوية داليا تونسي بورشة عمل تحت عنوان «المعيار الفني»، وقدمت فيها تونسي العلامة الفارقة بين الفني وغير الفني حتى تثير تساؤلات الجمهور، حيث طلبت من الحضور ان يحددوا هل هذا فن ام لا؟ وهل اذا ما كان فنا نحتاج ان نعرف الاسباب وراء كونه فنا، وسألت تونسي الحضور ما رأيكم بفكرة المعيار الفني؟
وقالت تونسي ان المشاركة والتفاعل من الحضور كان شيئا جميلا، موضحة ان الحوار راق بين الحضور سواء اختلفوا في الرأي او اتفقوا، لافتة الى انها شاركت في فعاليات مكتبة تكوين في السابق، مؤكدة ان «تكوين» لها مستقبل رائع وهي ليست فقط منصة للإبداع بل هي تقدم المكان المناسب لكل من يريد ان يحدث تغييرا.
وأشارت تونسي الى اننا نحتاج الى ان تكون الثقافة على الوسائل الاعلامية الممكنة كي نستقطب اكبر فئة من المثقفين ومحبي الثقافة خاصة الشباب المتطلع لها.
نصوص الصغار والكبار
واختتمت منصة الفن فعالياتها مع الاستاذ المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة وصاحبة دار نشر أروى العربية اروى خميس بورشة عمل عن النصوص الموجهة للصغار والكبار، قائلة: قد اختلف مؤرخو الادب حول بداية التراث الادبي للأطفال لكنهم اتفقوا على وجوده محكيا وليس مدونا ضمن الادب الشعبي، ولم يكن هناك ما يسمى بأدب الاطفال، فالأساطير والحكايات والقصص الخيالية والاهازيج والمغامرات كانت للجميع بلا استثناء، وكان الكبار والحكماء يتوارون خلف الاسطورة والعوالم الخيالية ليعبروا عن افكارهم ولينقدوا مجتمعاتهم وليرسموا احلامهم بطريقة شفهية محملة بالمعاني والرسائل والحكم والجماليات عبر حكايات تناثرت خيوطها ولا يمكن معرفة نساجها.
وأضافت خميس: لقد كان التعبير الشفوي النواة الاساسية المكونة لآداب الشعوب على هذه الارض في جميع الحضارات كالإغريقية والرومانية والفارسية والفرعونية وصولا الى العربية وفي الثقافة العربية ايضا لم تكن هناك اشارة خاصة للأدب الخاص بالأطفال، ولم يتم تدوين الا بعض الاغاني والاشعار والتي كان يرقص بها الاطفال والوصايا التي كانت موجهة من مؤدبي ومعلمي الصبية، اما القصص الشعبي المحكي العفوي فهو جزء من ثقافة اي مجتمع عربي تداولها المجتمع بكافة اطيافه دون الالتفات للسن.
وتابعت: لعل كتب الاطفال بأهدافها الاخلاقية المباشرة وبخصوصيتها الموجهة للطفل بدأت مع ظهور المدارس النظامية في الولايات المتحدة عام 1837 وفي بدايات القرن العشرين بدأ أدب الاطفال يتجه اتجاها مستقلا ومختلفا يتناسب مع العصر الجديد ويتبلور مع احتياجات المجتمع الجديد.
ركام الواقع
كما قدمت الكاتبة المصرية منصورة عز الدين ورشة عمل بعنوان «كيف نحول ركام الواقع في فن» وعرفت عز الدين نفسها في بداية الورشة بأنها قدمت 4 روايات و3 مجموعات قصصية، وقد اختيرت عام 2009 بين افضل 39 كاتبا عربيا تحت سن الاربعين ضمن مهرجان بيروت، ووصلت روايتها «وراء الفردوس» الى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2010 وفازت روايتها «جبل الزمرد» بجائزة افضل رواية عربية من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2014، كما وصلت مجموعتها القصصية «مأوى الغياب» الى القائمة الصغيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية 2018.
وقالت عزالدين: في بداياتي كان التعبير عن الفكرة من اصعب الامور التي واجهتها لكن فيما بعد تمكنت من الكتابة، مضيفة: عليكم تغيير زاوية الرؤية والعيش بعمق وعيش اللحظة وتسجيل الملاحظات طيلة الوقت.
وتساءلت: هل الكتابة بالضرورة تحتاج الى خبرات عظيمة؟ واجابت قائلة: كل شخص يحاول الوصول الى ما يريده وفقا لظروفه الحياتية والشخصية، موضحة انه على الانسان الاستفادة من ظروفه واخراج الافكار منها.
وذكرت عزالدين ان هناك نوعين من الكتاب، نوع يتحرك افقيا في كل قصة يتحدث عن عالم مختلف ومدينة مختلفة نظرا لخبراته المتعددة ونوع آخر يحفر في الصخر للوصول الى مناجم الذهب الموجودة من افكار ولابد على الكاتب ان يبعد عن الحجج وايجاد مبررات لعدم الانجاز، موضحة ان جزءا كبيرا من العوائق تكون نابعة من الانسان نفسه، وذكرت عزالدين ان الكاتب من وجهة نظرها لابد ان يتعامل مع العالم بدهشة وتعجب وبحث وتحليل وتفكير منطقي، موضحة ان الكاتب عندما يمر بتجربة صعبة يمكنه تسجيل الاحاسيس وتحويلها الى فن.
ومن ناحية اخرى، قالت عزالدين: قرأنا جميعا عن ربات الالهام الاغريقيات، وشعراء الجن في وادي عبقر، وتحدث كثيرون عن الالهام كما لو كان يحتاج الى قوى عليا في حين ان آلية يمكن تعزيزها وتقويتها ذاتيا بل بالامكان تخليقها.
متابعة: قد تكون الحياة روائيا رديئة كما يؤمن الروائي الاسباني خابيير ماريس غير انها منصة الانطلاق الاساسية نحو سحر الفن.
وذكرت عزالدين ان الفكرة كلها تكمن في زاوية النظر الملائمة لرؤية العالم من حولنا كفنانين، وفي قدرتنا على العيش والتفكير ككتاب طوال الوقت، كيف نخرج بأفكار للكتابة عن التفاصيل اليومية المكررة؟ كيف نطور هذه الافكار وننميها، بحيث تبتعد عن أصلها الواقعي؟ كيف نعثر على مصادر الالهام من اكثر التفاصيل العادية؟
موضحة ان ورشة العمل تهدف الى التدرب على تلك النقاط مع استعرض امثلة من كتابات كتاب معروفين.
وأوضحت عزالدين ان في وصف المشاهد افضل شيء في الكتابة، موضحة ان على الكاتب الا يقول بشكل مباشر ما تشعر به الشخصية وترك المجال لخيال القارئ كما ترك الكاتب لخياله ان يكتب روايته، متابعة: لابد ان تكون هناك امور مثيرة للخيال في العمل الفني بحيث يصبح القارئ مشاركا في العمل ويفسح له المجال في التخيل والتفكير، وافادت عزالدين بأن الكتابة مهنة شاقة، والذي يريد التعامل معها بجدية فلابد ان يكون جاهزا لها في جميع الاوقات وليس في وقت الكتابة فقط لأن تحويل الافكار الى كتابة يأخذ وقتا طويلا، موضحة ان الكاتب يمكن ان يشاهد تفاصيل مختلفة في حياته اليومية وبالتالي يتوجب عليه ان يدون تلك الملاحظات للاستفادة منها اثناء الكتابة.
واضافت قائلة: يمكن للكاتب ان يحول الاحلام الى افكار لكتاباته ويمكن ان يضيف عليها تفاصيل عدة، موضحة انها مع الكتابة الخيالية وان كانت هناك كتابات واقعية عظيمة.
وافادت عزالدين بأن الاحلام من المصادر الرئيسية للالهام في الكتابة، مشيرة الى ان الفن عبارة عن تجميع تفاصيل مع بعضها البعض والتعبير عنها، متحدثة عن فكرة استلهام الافكار وتطويرها لاخراج عمل فني مميز.
واقرأ أيضاً: