أكدت الأستاذ المساعد في فسيولوجيا وأيكولوجيا الحشرات بكلية التربية الأساسية د.جنان الحربي ان الفراشة المنتشرة حاليا والتي تزين معظم أرجاء الكويت هي فراشة «السيدة الملونة» او فانيسا أو سينثيا كاردوري، وتسمى أيضا بالسيدة الحسناء التي تنتمي لعائلة الحورائيات وهي فراشة جميلة مميزة بجاذبية ألوانها، موضحة انه لم يتطرق أحد الى الأسباب الأساسية او الفسيولوجية وطرق التكيف التي ساعدت هذه الحشرة على الانتشار مقارنة ببقية الفراشات.
وقالت الحربي: تعتبر هذه الفراشة من الحشرات المهاجرة وهذا النوع من أكثر أنواع الفراشات نجاحا في رحلاتها الهجرية وبالتالي تعد من أكثر الأنواع انتشارا في العالم فلا تغيب إلا في الأقطار القطبية وفي أستراليا، وطيران هذا النوع من الفراشات سريع جدا ويصعب القبض عليها حتى عند اقترابها من الأرض وذلك لكفاءة أداء جهازيها العصبي والهرموني، بالإضافة إلى تكيف جهازها العضلي الذي يعمل على امدادها بالحرارة أثناء الطيران، فتقضي معظم حياتها مهاجرة، فأفضل ان أطلق عليها اسم الفراشة المهاجرة تناسبا مع طبيعة حياتها.
وأضافت: هناك تساؤلات وصلتني حول سبب تواجد هذا النوع من الفراشات بالذات في معظم أرجاء الكويت، أعتقد ومن خبرتي العلمية والعملية كوني متخصصة في الحشرات وتكيفاتها أن أحد أهم الأسباب الذي أدى إلى انتشار هذه الحشرة هو يرقاتها التي تتميز باستراتيجية دفاعية غير معتادة تجعلها تنجو من الافتراس مقارنة بالأنواع الأخرى من اليرقات، فلون جسم اليرقة رمادي داكن مغطى بالأشواك فيصعب على الطيور او الحشرات الأخري أن تصطادها، كما أنها تقوم بلف أوراق النباتات التي تقتات بها وتثبتها بخيوط من حرير لتصنع منه غطاء صغيرا حول جسدها لتختفي فيه وانطلاقا من الأمان الذي يوفره هذا الغطاء تزحف اليرقة حول الشجيرات التي تتغذى عليه خاصة في أوقات الفجر، وهذه الاستراتيجية تمكنها من البقاء والاستمرارية المستقبلية بأعداد كبيرة مقارنة بيرقات الفراشات والحشرات الأخرى.
وتابعت: السبب الآخر هو قدرتها على التزاوج في جميع فصول السنة بما في ذلك فصل الشتاء ولكن بنسبة أقل ويعود السبب إلى الهجرة المستمرة التي تساعدها دوما في الحصول على البيئة الخصبة للتكاثر، ناهيك عن كمية البيض الذي تضعه ما يقارب 400 ـ 500 بيضة وتكون خضراء اللون بحجم رأس الدبوس مطابق للون ورقة النباتات كنوع من التمويه Camouflage ضد الافتراس، وتستغرق فترة نضوج أطوارها الحياتية أقل من 33 يوما لكي تصبح حشرة يافعة، وتعيش هذه الفراشة لمدة لا تزيد على ثلاثة أسابيع وتتسارع بالتزاوج بأسرع وقت لتضع أكبر قدر ممكن من البيض وتنتج في السنة 8 أجيال، وهذه أحد الأسباب التي أدت إلى انتشارها وزيادة عددها بشكل ملحوظ وخاصة مع توافر الظروف البيئية المناسبة، وبسبب ارتفاع معدلات الأمطار عن الطبيعي مما ساعد على تماسك التربة وازدهار الغطاء النباتي والازهار بشكل أسرع فأصبح لدى هذه الحشرة بيئة خصبة للتغذية وللتكاثر مقارنة بالسنوات السابقة، بالإضافة إلى ما تتميز به يرقة هذه الفراشة من حيث التنوع الواسع في التغذية الذي قد يتجاوز المائة نوع من النباتات المختلفة مثل فول الصويا، لسان الثور والبنجر والنباتات الشوكية وغيرها مقارنة ببقية اليرقات التي تعتمد على الغذاء المحدود على نوع او نوعين من النباتات.
وذكرت ان تلك الحشرة تهاجر في شهر مارس وابريل من فلسطين والاردن والسعودية وتصل إلى الكويت، فهناك احتمالية أن يكون سبب آخر لارتفاع تعداد هذه الفراشة هجرتها إلى الكويت من الدول المجاورة مع حلول فصل الربيع، موضحة انه لا توجد مخاوف من الفراشة اليافعة ولكن هناك مخاوف على بعض المحاصيل الزراعية مع وجود الأعداد الهائلة من اليرقات التي من الممكن أن تكون آفة تهدد الكفاءة الإنتاجية لمختلف المحاصيل الزراعية كونها متعددة التغذية.