بقلم: السفير الصيني لي مينغ قانغ
يصادف الثالث من سبتمبر 2020 الذكرى الـ 75 لانتصار المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية.
قبل 75 عاما كانت الحرب العالمية ضد الفاشية أكبر حرب خلفت أفدح خسارة في تاريخ البشرية، حيث اجتاحت نيران الحرب أكثر من ملياري شخص في أكثر من 80 دولة ومنطقة.
في تلك الحرب المدمرة، قاتلت جميع الدول والشعوب المحبة للسلام في العالم بشجاعة جنبا إلى جنب وفازت أخيرا بالنصر العظيم في الحرب العالمية الثانية.
كانت حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني جزءا مهما لا يستغنى عنه في الحرب العالمية ضد الفاشية. هذه الحرب التي بدأت أولا واستمرت لوقت أطول شهدت تضحيات وطنية هائلة بأكثر من 35 مليون قتيل وجريح في ذلك النضال العظيم.
بعد 14 عاما من القتال المضني، حقق الشعب الصيني انتصارا عظيما في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وبذلك تمكن من المحافظة على ثمار الحضارة الصينية التي تبلورت فيما يزيد على 5000 عام من التاريخ، ودعم قضية سلام البشرية.
شكلت ساحة الحرب في الصين الساحة الرئيسية الشرقية للحرب العالمية ضد الفاشية، ودعمت الحرب في الصين بشكل استراتيجي العمليات في الساحات الأوروبية والآسيوية، وكان لمساهمة الصين في النصر الكامل على الفاشية عالميا أهمية تاريخية لا تمحى.
انتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني هو انتصار عظيم حققه الشعب الصيني والحلفاء المناهضون للفاشية وجميع شعوب العالم من خلال قتالهم المشترك.
تلتزم الصين بدعم وتعزيز النظام العالمي والمساهمة فيه. من أجل حماية نتائج الانتصار الذي تحقق بشق الأنفس في الحرب العالمية الثانية، أسس المجتمع الدولي يدا بد النظام الدولي المتمحور حول الأمم المتحدة والقائم على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة كحجر الزاوية، ما فتح فصلا جديدا في تاريخ العلاقات الدولية، وبنى دفاعات متينة للسلام والتنمية العالميين في حقبة ما بعد الحرب.
شاركت الصين بنشاط في هذه العملية التاريخية وقدمت مساهمات مهمة فيها، وكانت أول دولة توقع على ميثاق الأمم المتحدة. في الـ 75 عاما التي أعقبت هذا الانتصار العظيم، مع التركيز على تطوير ذاتها، أوفت الصين بأمانة بمسؤولياتها والتزاماتها وواجباتها الدولية، ولعبت دورا بناء في تعزيز السلام والتنمية العالميين وكذلك حماية وتحسين النظام الدولي بعد الحرب.
بصفتها عضوا مؤسسا في الأمم المتحدة وعضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ظلت الصين تؤيد بثبات الدور المركزي للأمم المتحدة في الحوكمة العالمية، وتدافع عن التعددية وتمارسها باستمرار، وتعزز بحزم التعددية القطبية في العالم ودمقرطة العلاقات الدولية.
بينما يظل السلام والتنمية عنوان عصرنا، يمر العالم بتغيرات عميقة ومعقدة لم نشهدها منذ قرن. لقد شهدنا تغيرات هائلة ومتسارعة في الأوضاع الدولية وتحديات جديدة متزايدة للنظام الدولي الحالي.
تظهر التوجهات نحو تفكيك العولمة مثل النزعة الأحادية والحمائية والتنمر. عقلية الحرب الباردة التي محورها العبة الصفرية آخذة في البزوغ.
ومع تسبب جائحة «كوفيد-19» المفاجئة في الدمار بمختلف أنحاء العالم تتعرض صحة وسلامة البشرية لتهديد خطير، ويواجه الاقتصاد العالمي رياحا معاكسة غير مسبوقة. كل هذه التحديات والمخاطر تمثل سيف ديموكليس الذي لايزال يخيم على البشرية.
إن التضامن والتعاون هما الموروثان التاريخيان واللذان لا يقدرا بثمن للحرب العالمية الثانية. ومن خلال البصيرة والفهم العميق لعلاقات الصين مع العالم في العصر الجديد، فقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مفهوما جديدا لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وهو مفهوم مصمم لبناء نوع جديد من العلاقات الدولية باعتبار التعاون المتبادل المنفعة جوهرا لها.
تسعى الحكومة الصينية إلى الحفاظ على نظام التجارة الحرة العالمي والاقتصاد العالمي المنفتح، بحيث طرحت مبادرة الحزام والطريق المسترشدة بمبدأ التشاور والتعاون والمنفعة المتبادلة.
وبعد ما يقرب من 7 سنوات من التنمية منذ انطلاق مبادرة «الحزام والطريق» حقق التعاون في إطارها فوائد كبيرة لعدد متنام من البلدان والمناطق، وتلقى استجابة إيجابية من المجتمع الدولي. وبحلول نهاية عام 2019 وقعت الصين 197 وثيقة تعاون تحت إطار بناء «الحزام والطريق» مع 137 دولة و30 منظمة دولية.
وبفضل قدرتها المتزايدة على التأثير والجذب باتت مبادرة الحزام والطريق السبيل الصيني للمشاركة في التعاون المنفتح العالمي، وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وتعزيز التنمية والازدهار المشتركين عالميا، وبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، لتتحول المبادرة من مفهوم إلى فعل، ومن رؤية إلى حقيقة.
إن الصين والكويت دولتان محبتان للسلام، لديهما مصالح مشتركة واسعة النطاق في العديد من القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، وتحافظ البلدان على التنسيق والتعاون الوثيقين في المنظمات الدولية والآليات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة.
والكويت تقدر بشدة مبادرة الحزام والطريق، وتستجيب لها بشكل إيجابي، وقد كانت أول دولة عربية توقع اتفاقية تعاون بشأن مبادرة الحزام والطريق مع الصين.
وتعتبر الصين الكويت شريكا مهما لها للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين في منطقة الخليج، وهي على استعداد للعمل مع الكويت في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لتعزيز الربط بين استراتيجيات التنمية وتكثيف الاتصال والتنسيق وتعميق التعاون العملي في مختلف المجالات والعمل المشترك على تعزيز السلام والاستقرار، والتنمية والازدهار في الإقليم.
إن الهدف من احتفالنا بالذكرى الخامسة والسبعين لانتصار الحرب العالمية الثانية هو أن نستذكر التاريخ، ونعتز بالسلام، ونفتح المستقبل.
فقبل 75 عاما، فازت الصين وجميع الدول المحبة للسلام، من خلال القتال جنبا إلى جنب، بانتصار الحرب العالمية الثانية، وأنقذت البشرية من تهديد وجودي.
وبعد 75 عاما، ستواصل الصين التزامها بطريق التنمية السلمية ورفع راية التعددية عاليا، ورفض قطعا عقلية الحرب الباردة التي محورها اللعبة الصفرية، وتعارض الهيمنة وسياسة القوة، والحفاظ على ثمار الانتصار في الحرب العالمية الثانية والسلام العالمي الذي تم تحقيقه بشق الأنفس.
والصين مستعدة للعمل مع الدول الأخرى للدفع ببناء نوع جديد من العلاقات الدولية ذات التعاون المتبادل المنفعة باعتباره جوهرا لها، وتحسين هيكل الحوكمة العالمية، والتعاون في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وكتابة فصل جديد من السلام للبشرية جمعاء «في حقبة ما بعد الجائحة».