محمد هلال الخالدي
«ياما في «التربية» مظاليم»، بهذه العبارة يندب كثير من المعلمين والمعلمات حالهم بسبب تخبط القياديين والتواجيه الفنية بقرارات متسرعة وغير مدروسة وظالمة يتضرر منها الطلبة والمعلمون على حد سواء كل عام، بل إن أكثر المتضررين من أخطاء المسؤولين هم الوزراء أنفسهم الذين يتحملون في نهاية المطاف المسؤولية السياسية لأخطاء فنية لا ذنب لهم فيها، ولكنهم شركاء بالتأكيد في حال عدم اتخاذهم إجراءات قانونية سليمة لمحاسبة المخطئين والمقصرين والمتسببين في ضياع مستقبل الطلبة وحقوق المعلمين وتدمير النظام التعليمي. ومن هذه الأخطاء التي تواجه وزير التربية ووزير التعليم العالي د.نايف الحجرف هذه الأيام ما جرى من عبث في درجات الطلبة واختباراتهم في الفترتين الدراسيتين الأولى والثانية، والتي بدأ الحجرف فعليا خطوات جريئة ساهمت في الحد من آثارها السلبية وانصاف الطلبة، لكن ما فائدة ذلك كله إذا لم يحاسب من تسبب في تلك الكارثة، فمن يضمن حينها عدم تكرار المأساة وبصورة أبشع؟
وفي الوقت الذي يؤكد فيه جميع المختصين على أن قرار إعادة توزيع الدرجات الذي طبق بعد بداية العام الدراسي الحالي كان قرارا خاطئا بكل المقاييس ومتسرعا واتخذ بصورة فردية ومزاجية وخلافا لكل التوصيات التي قدمها الخبراء وأهل الاختصاص في جميع اللجان الفنية التي تم تشكيلها لهذا الغرض، وبالتالي ما فائدة هذه اللجان التي كلفت ميزانية الدولة الملايين مادامت القرارات في النهاية تؤخذ بصورة اعتباطية ومزاجية؟ ثم من يتحمل مسؤولية كل ما جرى من أخطاء وجرائم بحق الطلبة وأولياء الأمور وهل أصبح تحويل أبناء الكويت إلى «حقول تجارب» لبعض القياديين في وزارة التربية واقعا علينا تقبله والاستسلام له؟
وفي مقابل التدمير المنظم الذي حدث للنظام التعليمي بسبب التخبط والمزاجية في اتخاذ القرارات، تبرز كل عام مشكلة الرسوب الجماعي للمعلمين في اختبارات الترقي للوظائف الإشرافية. والتي وصفها البعض بأنها وصمة عار في جبين وزارة التربية، فكيف يرسب كل هذا العدد من المعلمين في اختبارات الوظائف الإشرافية ثم يعودون للتدريس وكأن شيئا لم يحدث، وهو أمر يثير الغرابة فعلا؟ فكيف يرفض قياديو التربية ترقية المعلمين الراسبين في الاختبارات في حين يقبلون منهم الاستمرار في تدريس أبناء الكويت؟ هل الترقية أهم من التدريس في عقلية هذه القيادات «التربوية»؟ في حين يؤكد كثير من الموجهين الفنيين المختصين أن الخلل ليس في المعلمين على الاطلاق وإنما في آلية الترقي للوظائف الإشرافية وفي الاختبارات التحريرية تحديدا، وأشاروا إلى أنها مخالفة تماما للقوانين وقرارات الخدمة المدنية التي تنظم عملية الترقيات والوسائل السليمة للمفاضلة بين عدة مرشحين والتي تطبق على جميع الموظفين في جميع وزارات الدولة.
حقوق المعلمين
كما يطرح كثير من المعلمين تساؤلا هاما ربما يشكل أزمة قانونية كبرى لوزارة التربية في حال اتجه المعلمون المتضررون للقضاء الإداري، فبأي حق تقوم التواجيه الفنية باختبار المعلمين بالمادة العلمية وهم حاصلون على شهادات جامعية معترف بها، فهل التوجيه الفني جهة مختصة باختبار المعلمين والحكم عليهم بالرسوب، وهل تطبق التواجيه الفنية المعايير السليمة في هذه الاختبارات؟ الواقع يقول سنويا بأن اختبارات التواجيه الفنية هي أسوأ اختبارات في وزارة التربية على الاطلاق،
وجميع الشكاوى والمشكلات الطلابية ومشكلات المعملين سببها اختبارات التواجيه الفنية وليس اختبارات المدارس التي يقوم بها المعلمون، وبالتالي فكيف يحرم آلاف المعلمين من حقوقهم في الترقية كل عام وبأي حق يوصمون بالفشل والرسوب سنويا بسبب أخطاء التواجيه الفنية وتعسفها وتفننها في ظلم المعلمين؟ بل إن هناك بعض التواجيه الفنية التي تجبر المعلمين على أداء اختبارات في مواد علمية من غير تخصصهم في مخالفة صريحة للقانون واستهتار كامل بالتخصص وشهادات المعلمين. يذكر أن عددا من المحامين أبدوا استعدادهم التطوع للدفاع عن المعلمين المتضررين من اختبارات الوظائف الإشرافية مؤكدين أن للمعلم الحق في الطعن بها والاعتراض على نتائجها وإبطالها.
تصفية غير عادلة
هناك من يحاول تفسير هذا التعسف في آلية الترقي واستغلال صمت كثير من المعلمين خوفا من بطش المسؤولين بأنه وسيلة لتصفية أعداد المتقدمين للوظائف الإشرافية، بحيث يكون الرسوب الجماعي للمعلمين وسيلة فعالة لتأخير أكبر عدد ممكن من المعلمين وتعطيل ترقياتهم بسبب عدم توافر الشواغر الكافية لهم، متناسين أن مثل هذه الأساليب الظالمة يتجاوز مداها وتأثيرها المدمر حدود الترقية والمنصب لتصل إلى تدمير العملية التعليمية برمتها، إذ كيف نتوقع أداء معلم محبط ويشعر باستمرار بالغبن والظلم وتعسف المسؤولين معه، وبأي وجه يطلب منه المسؤولين الاخلاص والتفاني والاجتهاد وهم يظلمونه ويحاربونه في رزقه ويحرمونه حقوقه المشروعة في الترقية؟ بل بأي وجه نتوقع من المعلمين الأفاضل مواجهة طلابهم في ظل هذا التخبط والتعسف؟
شكاوى المعلمين ورغم تشابه معظم شكاوى المعلمين من نفس المشكلات في اختبارات الوظائف الإشرافية، إلا أن بعضها فاق حدود المعقول حتى تحولت هذه الاختبارات إلى عنصر طارد للمعلمين ومصدر احباط وانكسار في نفوس من يتبقى منهم. فقد اشتكى عدد من معلمي الرياضيات من اختبارهم وقالوا بأن هناك تعمدا واضحا لخلق أزمة واستبعاد المعلمين الكويتيين، وإلا كيف نفسر قول التوجيه الفني لهم بأن الاختبار من مذكرة لسنة 2008 ثم يأتي الاختبار بأسئلة لا يعرف مصدرها ولا طبيعتها ولا وضوح المطلوب فيها. بينما اشتكى عدد من معلمي اللغة العربية من عدم تحديد مراجع ما جعلهم يدخلون الاختبار بلا استعداد، في حين عبر عدد من معلمي الاجتماعيات عن غضبهم قائلين بأن معاناتنا هي الأكبر، فنحن نجبر على أداء اختبارات بغير تخصصاتنا، فمعلم علم النفس يجبر على الاختبار بمادة الفلسفة والعكس، ومعلم التاريخ يجبر على أداء اختبار بالجغرافيا والعكس، فهل هناك إهانة وتدمير لمهنة التعليم أكثر من هذا؟
الأمل بالوزير
ورغم قتامة الصورة وبشاعة الحدث الذي يتكرر كل عام تاركا المعلمين في حالة انكسار واحباط ويأس، إلا أن الأمل لايزال موجودا وبقوة في وزير التربية ووزير التعليم العالي د.نايف الحجرف، والذي أثبت فعلا وليس بالقول عزمه على إصلاح الأمور في هذه الوزارة التي تعج بالفساد والمفسدين، حيث يعقد الكثير من المعلمين الآمال عليه بأن يعيد النظر في آلية الترقي للوظائف الإشرافية، وأولها إلغاء الاختبارات الظالمة والمهينة والمسيئة للنظام التعليمي في الكويت قبل إساءتها للمعلم نفسه، إذ من العار أن يوصف معلمون أفاضل يقومون بتدريس أبناء الكويت بالفشل والرسوب نتيجة اختبارات التواجيه الفنية الفاشلة. كما ينبغي مراجعة آلية المقابلات الشخصية ووضع آليات تضمن حياديتها وموضوعيتها لضمان حقوق المعلمين وكراماتهم التي تستباح أحيانا في تلك المقابلات. فعدم توافر شواغر كافية لا يعطي مسؤولي وزارة التربية والتواجيه الفنية الحق في إهانة المعلمين وهدر كراماتهم بهذه الصورة السيئة.
تعليقات عدد من المعلمين على خبر «الأنباء»
تفاعل عدد من المعلمين مع خبر «الأنباء» «المعلمون على خطى الطلاب.. رسوب جماعي في اختبارات الوظائف الإشرافية» طوال اليومين الماضيين في مواقع التواصل الاجتماعي وأعلن عدد من المحامين عن استعدادهم للدفاع عن المعلمين المتضررين من هذه الاختبارات من خلال رفع دعاوى في المحكمة الادارية بينما علق عدد من المعلمين على الخبر في موقع الجريدة على الانترنت ومن هذه التعليقات:
٭ عبدالله: بعد ان أقر الكادر رغما عن إرادتهم كقيادات للتربية ثقوا تماما معاشر المدرسين المساكين ان نسبة الترقي ستكون دائما وأبدا في الحد الأدنى إذ لا يمكن للقياديون قبول نسب كبيرة من المرقين للوظائف الاشرافية لأنه لتلك الترقيات علاوات لا يفرح القياديين بإقرارها للمعلمين كأنهم سيدفعونها من جيوبهم حسبنا الله ونعم الوكيل، وزارة الحسد فيها وصل لنخاع العظام بالنسبة للقياديين والدليل الطلبة ونسبة رسوبهم ونقل النظار الذين يشعر الطالب معهم بأخذه لحقوقه كطالب بالإضافة إلى الرسوب في اختبارات الترقي اللهم عفوك.
٭ بو عبدالله: معالي وزير التربية الموقر: زوجتي أحد من لم يحالفهم الحظ بالترقي لتصبح مديرة مدرسة رياض أطفال بسبب عدم معرفتها فقط بسؤال يدور عن أسماء قياديين بوزارتكم بالرغم من إجابتها النموذجية لجميع الأسئلة الفنية الأخرى فهل أسماء قيادييكم المحترمين احد شروط الترقية؟ وهل هذا النوع من الأسئلة يستحق ان يكون ضمن أسئلة الترقي لهذه المرحلة المتقدمة؟ وهل إذا لم يعرف احد أسماء القياديين سيتوقف العمل والانجاز؟ لذا أتمنى ان تكون لجانكم المشكلة لاحقا للترقيات من دكاترة بجامعة الكويت أفضل كثيرا.
٭ الغيور: الأخ العزيز وزير التربية المحترم أرجو الانتباه الى الوظائف الإشرافية حيث ان النظام المتبع نظام ظالم بالاختبارات واليوم كان اختبار الرياضيات اختبارا صعبا جدا وكنا دارسين من المذكرة التي توزعت علينا ومن السي دي للأسف الأسئلة كانت خارج نطاق المذكرة وبهذا نرجو تغيير النظام إلى النظام السابق بالمقابلات الشخصية.
٭ معلمة محبطة: أقول حق اللي حاط الاختبارات حسبي الله عليك أو على منو قالك حط الاختبار التعجيزي والله اني قاعدة ادعي عليكم من أمس دعوة مظلوم يا رب مستجابة دعوتي عسى الله لا يوفقكم لا بالدنيا ولا بالآخرة.
٭ معلمة: أنا برأيي ليش الأسئلة التعجيزية لرئيس القسم ما هو بالنهاية بس يستلم المنصب مهمته رح تقتصر على إصدار الأوامر وتنسيق عمل القسم وحضور اجتماعات الإدارة والإشراف على ورشات العمل وكله هاد عمل إداري.
الخبر المنشور في «الأنباء» ويبدو فيه تعليقات القراء