عبدالله قنيص ـ هاني الظفيري
في تحرك نادر خرج المئات من أبناء فئة «غير محددي الجنسية» في شوارع تيماء امس مطالبين بمعالجة قضية «البدون» واضطر رجال الامن والقوات الخاصة الى التدخل ميدانيا لفض التظاهرة بعد ان فشلت المفاوضات السلمية واستخدم رجال القوات الخاصة المياه المضغوطة لتفريق التجمهر وبعدها حصل اشتباك بين المتجمهرين ورجال مكافحة الشغب ما ادى الى اصابة 20 بينهم 7 من رجال الأمن، هذا وأعلن مصدر أمني القبض على نحو 100 شخص ممن شاركوا في التظاهرة وقاموا بأعمال شغب وقادوا الصف الأمامي للتظاهرة للصدام مع رجال الأمن وفق رواية المصدر الأمني.
وكانت التظاهرة قد انطلقت بنحو 300 شخص في بدايتها بعد صلاة الجمعة من المسجد الشعبي الكائن في منطقة تيماء وفي الساعة الواحدة بدأت اعداد المتظاهرين تزداد حتى بلغت نحو الف شخص ليساهم تجمهرهم في اغلاق مدخل المنطقة الرئيسي تماما ويشل حركة السير ما حدا برجال الأمن الذين حضر على رأسهم الوكل المساعد لشؤون الأمن العام اللواء خليل الشمالي واللواء د.مصطفى الزعابي الى محادثة المتجمهرين الذين احتلوا الشارع العام ومطالبتهم بالمغادرة، وتحدث الزعابي للمتجمهرين عبر مكبر الصوت بان مطالبهم ستصل وان عليهم المغادرة لان تجمرهم بدأ يخل بالأمن العام ويعطل حركة السير.
وبعد نحو الساعة من المفاوضات التي قادها اللواء الزعابي التي لم يذعن لها المتجمهرون تدخل رجال القوات الخاصة وتحديدا رجال فرقة مكافحة الشغب واشتبكوا مع المتظاهرين والقوا القبض على عدد منهم حتى اضطر رجال القوات الخاصة لاطلاق الرصاص في الهواء والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتجمهرين لينجح تدخل رجال القوات الخاصة في فض المتجمهرين وانسحابهم من الساحة الترابية خلال ساعة وتمكن رجال الأمن من القاء القبض على عشرات الاشخاص من المتجمهرين تم اقتيادهم الى التحقيق. وقال مصدر امني لـ «الأنباء» ان الاجراءات التي ستتخذ بحق المقبوض عليهم قانونية حيث سيواجهون تهما تتعلق بتنظيم مسيرة غير سلمية والاخلال بالنظام والأمن العام. ونفى المصدر ان يكون رجال القوات الخاصة قد استخدموا الرصاص المطاطي ضد المتظاهرين.
مظاهرة الصليبية
ونحو الساعة السادسة انطلقت مظاهرة محدودة في الصليبية شارك فيها نحو 60 شخصا قاموا بالسير في الشارع الرئيسي للمنطقة بين قطعتي 5 و8 ما ادى الى تدخل رجال امن ومباحث الجهراء وقاموا بإلقاء القبض على 5 اشخاص بعد ان نجحوا في فض المظاهرة، وكان المتظاهرون ساروا نحو الساعة مرددين شعارات تطالب بحقوق البدون.
وقال مصدر امني ان التدخل الامني السريع حال دون ازدياد عدد المشاركين في المظاهرة موضحا أنه تم ارسال عدد من فرق القوات الخاصة والتي اقام رجالها نقاط تفتيش وتمركزوا بآلياتهم في مخفر الصليبية كإجراء احترازي تحسبا لاندلاع اي مظاهرات.
هذا وحضر الى موقع المظاهرة النائب مسلم البراك الذي تحدث لمجموعة منهم محاولا تهدئتهم ومطالبا اياهم بالانسحاب والعودة الى منازلهم، ووعدهم بانه سيسعى بشكل شخصي لحل مشكلتهم.
تأمين مبنى اللجنة المركزية
الى ذلك، كشف مصدر أمني أن المدير العام للجنة المركزية للبدون أرسل كتابا إلى مديرية أمن الفروانية يطلب فيه قوة أمنية لزيادة الحراسة على المبنى خاصة بعد ورود معلومات بأن مجموعة من البدون ينوون الاحتشاد أمام المبنى اليوم.
المتظاهرون يتحدثون
وتحدث عدد من المتظـــاهرين لـ «الأنباء» قائلين: «نناشد صاحب السمو الأمير التدخل لانهاء معاناة أبنائه البدون الذين اصبحت قضيتهم محل اتجار من قبل النواب والحكومة ومن لا يخاف الله ونحن لا نرضى حكما إلا آل صباح ولا أرضا إلا الكويت، وقد مللنا الوعود النيابية والحكومية منذ أكثر من 35 عاما ونحن نريد الحل من سموه ولا نريده من غيره فهو بالنسبة للكويت واهلها الوالد الحنون ولا نريد سواه ممن يتكسب على حساب القضية، لا يصح ان يكون الفضالة هو القاضي والجلاد ومن معه أعداء للبدون ولا يصح أن يكونوا المعنيين بحل القضية ونريد أن نحال الى القضاء العادل ليحكم بما يراه ان كانوا يرون أننا جواسيس أو خونة أو حتى لسنا اصحاب حق كما ان فئة البدون تضم الاطباء والمهندسين والمعلمين والمثقفين إلا أنها فئة محجمة من المساهمة في بناء الوطن وتنميته من خلال عدم السماح بالعمل او الزواج حتى وصل الأمر لعدم السماح بالموت من خلال عدم استخراج شهادة وفاة.
ردود فعل نيابية
هذا وتوالت ردود الفعل النيابية من تجمع البدون وتعامل قوات الأمن معه حيث حذر النائب مبارك الوعلان الداخلية من محاولة قمع التجمع السلمي لاخواننا البدون في الجهراء، مضيفا: هذا ما حذرنا منه بأن حقوقهم لابد ان يسمع لها بدلا من ان تدول قضيتهم، ويبقى في النهاية انهم ابناء هذا الوطن ولا نشك في ولائهم الذي قدم الكثير من الشهداء وندعو لتحرك سريع لحل مشكلتهم، اما النائب صالح عاشور فقال: على الداخلية عدم محاولة قمع التجمع السلمي لاخواننا البدون في الجهراء، ونقول ان حقوقهم لابد ان يسمع لها وكفى لجانا وآن الأوان لقرارات فاعلة بحقهم، وزاد: يبقى في النهاية انهم ابناء هذا الوطن ولا نشك بولائهم فقد قدموا الكثير من الشهداء وندعو لتحرك سريع لحل المشكلة.
في الجانب المقابل صرح النائب عادل الصرعاوي: اقول لمن يحرض اخواننا البدون على التجمهر والنزول للشارع اتقوا الله في الكويت ومثل هذه الدعوات تسيء للكويت واخواننا البدون انفسهم، فالكويت لم ولن تبخل عليهم بالتعليم والصحة وغيرها لا في السابق ولا في المستقبل، والجميع يعلم ذلك.
وتابع: أما حجة تدويل القضية فهي بمثابة التآمر على الكويت حيث سبق ان فند ذلك الوزير العفاسي في المنظمات الدولية اما اذا كان الهدف هو التجنيس العشوائي فسنتصدى له بكل قوة، وزاد: التاريخ السياسي والوطني للاخ الكبير صالح الفضالة كفيل بالرد على المشككين فيه وهو اكبر بكثير من ان ينتقده اي من المقيمين بصورة غير قانونية، فليحترموا القانون وسيادة الدولة.
وطالب النائب مبارك الخرينج بان تتعامل الحكومة بانسانية مع المتظاهرين في الجهراء، وقال: لم يخرجوا للشارع الا بعد ان فاض بهم الكيل، وزاد: ادعو الحكومة الى تقليص المدة الممنوحة للجهاز المركزي لمعالجة اوضاع المقيمين بصورة غير قانونية بدلا من خمس سنوات الى عامين ونصف العام وألا يجدد لها وعلى الحكومة تجنيس من يستحق وترحيل من لا يستحق بعد ان يثبت جواز سفره من دولته الأم.
واكد النائب د.ضيف الله أبورمية انه آن الاوان ان تصدر الحكومة قرارات فورية لحل قضية البدون وكفاها مماطلة على حساب كرامة اخواننا البدون، فمنهم من نزل تحت خط الفقر وهذا الامر مرفوض الاستمرار فيه وعلى وزارة الداخلية التصرف بعقل والسماح للبدون باتمام هذه المظاهرة السلمية والمقصود منها ايصال مطالبهم واصواتهم الى المسؤولين.
ودعا النائب د.جمعان الحربش الى التعامل السلمي والراقي مع مظاهرة البدون، محذرا من اسلوب القمع والاعتقال، وزاد آن الآوان لطي هذا الملف واعطاء كل ذي حق حقه.
واعتبر النائب حسين القلاف خروج البدون في الجهراء نذير انفجار متوقع، وارجو ان يتصرف المسؤولون ومن بيده القرار بحكمة وبعد نظر، بحيث تتخذ خطوات عملية توافق بين مصلحة البلد ورفع معاناة هذه الفئة التي تم حرمانها من ابسط مقومات العيش الكريم.
واكد النائب عسكر العنزي ان مطالبات التجمع السلمي لاخواننا البدون مشروعة ومستحقة، وزاد: هم جزء لا يتجزأ من الشعب الكويتي وقدموا تضحيات كبيرة للبلاد، وندعو الحكومة لتحرك سريع لحل مشكلة البدون واقرار حقوقهم.
وشدد النائب محمد هايف على اهمية النظر في قضية البدون بكل جدية ووعي لخطورة هذه القضية الانسانية، فإن تأخير الحل يفاقم المشكلة ويعقدها، وقد حذرنا اكثر من مرة من ان قضية البدون تعتبر قنبلة موقوتة اذا لم تنته هذه القضية بحل عادل وسريع.
وشدد النائب د.حسن جوهر على ان تظاهرة البدون نتيجة طبيعية بسبب العناد والمكابرة الحكومية وبعدما ضاقت بهم كل السبل لنيل حقوقهم، ونحذر الداخلية من استخدام القوة بحقهم، ويجب اقرار قانون الحقوق الإنسانية للبدون فورا.
وتمنى النائب د.يوسف الزلزلة ان تمر فترة أعياد الكويت بالخير على اخواتنا البدون، فبعد معاناة كل هذه السنوات أصبح لزاما على الحكومة أن تفتح أبواب الفرج لهم لحل قضيتهم ليعم الفرح والسرور على كل من هو على ارض الكويت الطيبة.
وأكد النائب فيصل الدويسان ان استخدام القوة لتفريق البدون غير مقبول لاسيما في هذه الأيام، فللبدون الحق في معرفة مآل قضيتهم المستمرة منذ 40 عاما، فمن يطأ الشوك حافيا ليس كمن يسير على الورود.
من جهته، دعا رئيس لجنة الداخلية والدفاع النائب شعيب المويزري من له حق من الاخوة البدون الى ان يطالب به بأسلوب حضاري، رافضا اي محاولات للاعتداء على رجال الأمن، مشيرا الى ان من يحاول إثارة البلبلة سيتحمل المسؤولية، مؤكدا انه لا يقبل ظلم أحد.
وقال المويزري في تصريح صحافي: يجب ان تتعامل الحكومة مع ملف البدون بوضوح ووفقا للمصلحة العامة وإلا فسنحاسبها فنحن مع من له الحق، أما من لا يستحق فلا يجوز ان يخرب على أصحاب الحق.
وخاطب المويزري فئة غير محددي الجنسية قائلا: أقول لاخواننا البدون «الركادة زينة» وسنساند من له حق وفقا لمبدأ رفع الظلم عنه، أما من ليس له حق فنقول له اتق الله في مطالبك ولا تخرب على الآخرين.
ودعا المويزري أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية الى التعامل مع ملف البدون بما يتوافق مع المصلحة العامة.
تسلسل زمني للأحداث
12:30: انطلقت المظاهرة بـ 200-300 شخص من البدون وبدأت مسيرتهم من المسجد الشعبي الكائن في منطقة تيماء بعد صلاة الجمعة.
12:45: توقف المتظاهرون الـ 300 في الساحة الترابية الفاصلة بين قطعتي 1 و2 وبدأوا بترديد شعارات «حريتنا لن تضيع في ظل قائدنا»، و«نطلب نطلب جنسية»، و«مللنا الوعود»، و«يسقط الفضالة».
1:00: تزايدت اعداد المتظاهرين الى 500 وقامت دوريات الأمن بتطويق المنطقة وحضرت آليات القوات الخاصة ووضعت على أهبة الاستعداد.
1:15: تحدث الوكيل المساعد لشؤون العمليات اللواء د.مصطفى الزعابي الى المتجمهرين الذين كانوا قد بلغوا نحو الـ 700.
1:20: حضر الوكيل المساعد لشؤون الأمن العام اللواء خليل الشمالي.
1:30: شكل رجال الأمن ورجال القوات الخاصة وفرقة من امن الدولة غرفة عمليات مصغرة للتعامل مع المتظاهرين.
1:45: خرج اللواء مصطفى الزعابي الى المتجمهرين الذين كانوا قد اغلقوا تماما الطريق المؤدية الى منطقة تيماء وطالبهم بفض التجمهر والعودة الى منازلهم ومنحهم حتى الساعة 2:15 للرحيل وإلا فالقوات الخاصة ستتدخل لفض التجمهر بالقوة.
2:15: عاد اللواء مصطفى الزعابي وخاطب المتجمهرين الذين وصل عددهم الى 1000 وطالبهم بالانسحاب، قائلا: مطالبكم وصلت وأسمعتم صوتكم ولكن تجمهركم يخل بالأمن والنظام العام.
2:30: خاطب احد المتجمهرين رجال الامن بأنهم لن يرحلوا وأنهم باقون حتى تنفيذ كافة مطالبهم.
صلاة العصر: أدى المتجمهرون الصلاة في ذات الساحة.
3:15: بدأ رجال القوات الخاصة بإطلاق تحذيرات للمتجمهرين بالانسحاب من الساحة الترابية وإخلائها ومنحوهم 5 دقائق لتنفيذ هذا الاجراء.
3:20: بدأ رجال القوات الخاصة الدخول الى الساحة بآلياتهم وبدأوا برش المتجمهرين بالماء لتفريقهم.
قام المتجمهرون بإلقاء الحجارة على رجال القوات الخاصة، وخلال ذلك حطم بعض من المتجمهرين «ونشا» تابعا لوزارة الداخلية، مع استمرار قذف رجال القوات الخاصة ودوريات الامن بالحجارة على ايدي المتجمهرين.
قام رجال الامن خلال محاولاتهم تفريق المتجمهرين بإطلاق اعيرة نارية في الهواء.
3:30: دخل رجال القوات الخاصة (فرقة مكافحة الشغب) الساحة الترابية التي كان يتجمهر فيها نحو 200 شخص بعد انسحاب اكثر من 800، واشتبك المتجمهرون مع رجال مكافحة الشغب، وأصيب خلال المواجهة رجلا امن و7 من المتجمهرين، فيما تمكنوا من القاء القبض على عدد من الاشخاص، ونقل المصابون الى مستشفى الجهراء والذي قام بتأمينه رجال امن الجهراء خشية اي تطورات قد تحدث في محيطه.
استمرت المواجهات نحو الساعة قام خلالها المتجمهرون الذين لجأوا الى الشوارع الجانبية والداخلية في المنطقة بقذف رجال الامن بالحجارة والقناني الزجاجية الفارغة وبدأوا برشق دوريات المرور التي تواجدت لتأمين السير بعد انسحاب المتجمهرين من الساحة الترابية وتم تحطيم زجاج عدد من الدوريات.
4:20: تمكن رجال القوات الخاصة من اخلاء الساحة الترابية من المتجمهرين.
4:25: انسحب نحو 200 شخص من المتجمهرين وانتقلوا جماعيا الى الساحة الترابية في منطقة النعيم المقابلة لمنطقة تيماء، غير ان رجال الامن تمكنوا من فض تجمعهم الذي لم يستمر سوى 10 دقائق وألقي القبض خلالها على 10 متجمهرين آخرين (ليصبح مجموع المقبوض عليهم 20 شخصا) حتى الساعة 4:30.
4:30: بدأ رجال امن الدولة بقيادة وكيل جهاز أمن الدولة الشيخ عذبي الفهد بالدخول الى المنطقة بعد تأمينها وألقوا القبض على 4 اشخاص كان رجال الامن قد القوا القبض عليهم سابقا (ليصبح مجموع المقبوض عليهم 24 شخصا).
4:45: اخليت الساحة الترابية بين قطعتي 2 و3 في تيماء.
5:00: اجتمع نحو 200 شخص في ساحة ترابية مقابلة لقطعة 2 بتيماء احاط بهم رجال الامن والقوات الخاصة وتم فضها سلميا.