تسجيلات صوتية، صور، فيديوهات، أو حتى صور المحادثات الهاتفية.. يظل شبح «القرينة» يحوم حول كل مستند يقدمه المتقاضي امام المحكمة مخافة رفض القضاء لهذه المستندات واعتبارها قرينة وليس دليلا يستند عليه في ابتناء حكمه، وعلى الرغم من أن التعديلات التشريعية الأخيرة أعطت القضاء سلطة التقدير في اعتبار الفيديو او التسجيل الصوتي دليلا او قرينة على خلاف الوضع السابق الذي كان يعتبرها قرينة فقط، فإن هذا التعديل غير كاف، فمن غير المعقول أن يسند للقضاء مهمة اختصاصي تعنى باستكشاف ما اذا كانت الصور مفبركة او التسجيل الصوتي حقيقيا او حتى الفيديو، إذ إن هذه المهام منوطة بخبراء تقنيين مختصين فالقضاء يختص بالنظر في القضايا لكن الخبراء التقنيين وحدهم من بإمكانهم تقريب «بكسلز» الصور لمعرفة ما إذا كانت مفبركة او تم تغييرها بالفوتوشوب من عدمه، وهم وحدهم من بإمكانهم الكشف عن صحة التسجيلات الصوتية وكذا الفيديوهات في ظل التطور التقني الحديث فهذه المهام تحتاج الى المختصين، ومن هنا يتضح النقص التشريعي في التعديل الأخير الذي لم يتطرق بتاتا الى فكرة إنشاء قسم خبراء مختصين لفحص كل هذه الأدلة ومعرفة حقيقتها والعمل جنبا إلى جنب مع القضاء لإنجاز العدالة.
كما أنه من غير المعقول أن يتطلب تصوير حادثة او شخص يرتكب جريمة إذنا مسبقا من الجهة المختصة، فهل هناك من يتنبأ بالجريمة ويجهز لها؟ وان كان يعلم انها سترتكب فالأجدر أن يمنعها بدلا من تصويرها؟ ثم يقف القانون على كاميرات المراقبة للأماكن الخاصة والمنازل فلا يطلب لها إذن مسبق استنادا الى رضا أصحاب المنزل.
لكن في حال زيارة أشخاص آخرين هذا المنزل فكيف سينظر القانون لهذا التصوير؟ «تصوير زوار دون رضائهم»، هل سيتطلب إذنا مسبقا أم إنه سيغطي رفض الزوار على موافقة أصحاب المنزل؟ وهل سيعتبر دليلا أم قرينة؟