فسخ العقد بسبب فيروس كورونا
أنا صاحب شركة وعندي عدد كبير جدا من العمال يعملون باسم شركتي لدى الدولة، ونظرا للظروف الحالية الاستثنائية لتفشي وباء فيروس الكورونا التي طبقتها الدولة اجباريا، فقد توقف العمل، ويستحيل علي دفع مرتبات العمال، لأن مورد الرواتب قد توقف ولم أتسلم أي تعويض يكفي لسداد الرواتب، فهل عليّ إثم شرعي بفسخ العقود للأسباب المذكورة.
٭ ما حدث من وباء الكورونا وآثاره الاقتصادية الكبيرة محليا وعالميا فهو يعد من الكوارث او الجوائح بل هو أشد أنواع الجوائح التي لا دخل للطرفين فيها، وهي تعد من أقدار الله تعالى، ولا يجوز أن تنسب الى الطبيعة بأن يقال «كوارث طبيعية» باعتقاد أنها من الطبيعة.
وفقهاء المسلمين يعبرون عنها بالأعذار والجوائح، فإذا وصل الأمر الى استحالة تنفيذ العقد من الطرفين - كما هو في الحال المسؤول عنها وهو عقد اجارة وهو ملزم في الأصل وسواء كان العدد كبيرا او قليلا مادام وصل حد استحالة تنفيذ العقد، فينقض الالتزام، ويسقط عن كل طرف التزامه، وينفسخ العقد.
ومذهب الحنفية أجاز فسخ العقد في مثل هذه الأحوال وهي التي تسمى في القانون «الظروف القاهرة».
وفي هذه الحال إذا عوضت الدولة صاحب العمل مرتبات عماله كاملة او جزءا منها، فهذا المال من حق العمال، يدفعه لهم أو يحتفظ لمن سافر منهم مثلا. وأما اذا كانت الحالة لا تصل إلى حد الاستحالة، وإنما يكون فيها تنفيذ الالتزام مرهقا لأحد الأطراف او كليهما.
فيرد القاضي الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وهذا ما ذهب اليه المالكية والحنابلة في الجوائح تصيب الثمار فينقصون من الثمن بقدر ما أصاب الثمر من الضرر، وتوزع الخسارة على الطرفين، وهذا ما يسمى في القانون «الظروف الطارئة».
وسواس الشيطان للمتدين
أنا شخص مسلم ومتدين كثيرا والحمد لله ولكن أحيانا يخطر على البال أمور كفرية فماذا أفعل وهل أنا محاسب على ذلك.
٭ هذا من تعرض الشيطان فهو يتعرض لأهل الإيمان، وخاصة أهل العلم منهم بوساوس الكفر التي يلقيها إليهم من أجل فتنتهم عن دينهم.
قال ابن تيمية: المؤمن يبتلى بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما ورد «أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» أخرجه أحمد في المسند (1/ 235) من حديث ابن عباس.
وفي حديث آخر: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم في الوسوسة: قال: تلك محض الإيمان» أخرجه مسلم (1/ 119).
يعني أن حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب - هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه.
وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية فدفعوها، فخلص الإيمان فصار صريحا، قال: ومن الناس من يجيب تلك الوساوس فيصير كافرا أو منافقا، والشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه، والتقرب إليه، والاتصال به، فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم، ويعرض للخاصة أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة، ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم ومن وساوس الشيطان في هذا الباب ما نبه إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» أخرجه البخاري (الفتح 6/ 336)، ومسلم (1/ 120) من حديث أبي هريرة.
جنون المدين
أطالب شخصا بمبلغ كبير من المال كان قد اقترضه مني وهو قريب وصديق ولكنه مرض مرضا شديدا حتى فقد عقله فهل يحق لي المطالبة بالدين وأتسلمه فورا أو أنتظر لحين موعد سداد الدين بعد حوالي سنة.
٭ إذا جن من عليه الدين المؤجل أو من له الدين، يرى الحنفية والشافعية والحنابلة جنون المدين لا يوجب حلول الدين عليه لإمكان التحصيل عند حلول الأجل بواسطة وليه، فالأجل باق، ولصاحب الحق عند حلول الأجل مطالبة وليه بماله.
ولأن الأجل حق للمجنون فلا يسقط بجنونه كسائر حقوقه ، ولأنه لا يوجب حلول ما له قبل الغير، فلا يوجب حلول ما عليه، وأما المالكية فقد نصوا على أن الدين المؤجل يحل بالفلس والموت ما لم يشترط المدين عدم حلوله بهما وما لم يقتل الدائن المدين عمدا، ولم ينصوا على الجنون معهما مما يدل على أن الجنون عندهم لا يحل الدين المؤجل.