هناك العديد من الأمور التي يجب ان تنضبط في النفس البشرية، وأن يتحكم فيها الإنسان حتى لا تكبر وتتحول إلى مشكلة لديه ويتأثر بها الآخرون أيضا، ومن هذه الأمور مسألة الغلو والتطرف، حيث إن الغلو هو تجاوز الحد والإسراف في أمر ما الى الحد الذي يخرج فيه الشخص من الحق ويدخل في دائرة الباطل والخطأ.
كما ان الغلو قد يكون بالفكر، فترى الذين يغالون في تطرفهم الفكري ويصدرون الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبسبب الفهم السقيم للأمور قد يجرون الويلات على أنفسهم وعلى المجتمع، فهم قد لا يحترمون الآخرين، بل قد يرون كل مخالف لهم في الرأي إنسانا لا يستحق الحياة أو متطرفا، ويجب التخلص منه وهذا هو بعينه الغلو والتطرف والفساد في الأرض.
كما قلنا سابقا فإن الغلو هو تجاوز الحد، وإذا اردنا أن نتحدث عن الغلو في الدين والعبادات كمثال قوي وشائع على هذا الأمر، فسنتحدث عن الغلو في العبادات لدرجة ان تفعل ما ليس من السنة أو من الدين، فكثرة الصلاة بلا توقف، واستمرار الصيام بلا افطار، واليقظة بلا نوم هي من الغلو في العبادات التي لم يكن عليها نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد كان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يصلي ويرقد ويصوم ويفطر، فكان وسطا بين الأمور صلى الله عليه وسلم، والوسطية والاعتدال هي خير.
ومن نيران الغلو ورجم التطرف الفكري والتشدد العقلي خرجت الجماعات التي ألهت افكارها واستبدت بآرائها، فحكمت على الآخرين بالخطأ والفشل والرجعية، ونصبوا انفسهم أربابا للحق وحماة له، والغلو مما لا شك انه يقتل التنوع في المجتمع، ويقضي على الإبداع الفردي والجماعي، كما انه يجعل الشخص مبغوضا عند الناس لتعاليه عليهم برأيه واستبداده به، والغلو هو في نهاية الأمر نار لا تأكل إلا أصحابها.