جرير بن عبدالله البجلي، كان فيمن نزل الكوفة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامه في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وسلم وكان سيدا في قومه وبسط له رسول الله ثوبا ليجلس عليه وقت مبايعته له، فجلس على الارض فقال النبي: أشهد إنك لا تبغي علوا في الارض ولا فسادا ثم قال النبي: إذا أتاكم كريم قوم، فأكرموه، وكانت تلك البداية لجني ثمرات الخير فيقول جرير: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك. وكان في الجاهلية بيت في اليمن فيه نصب تعبد يقال له: ذو الخلصة فيما يشبه الكعبة لهؤلاء، فبعث رسول الله جريرا إليها ليريحه منها، وكان جرير إذا ركب فرسا لا يثبت عليه، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم يده في صدر جرير وقال: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا فما وقع عن فرس بعد هذا اليوم، وذهب الى هناك جرير وعاد بعد ان كسرت الاصنام وأسلم اهل ذلك البيت، لقد رزق جرير قدرا عاليا من الحسن والجمال حتى كانوا يلقبونه بيوسف هذه الأمة، وكان من لقبه بهذا اللقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال عنه عمر ايضا: نعم السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد كنت في الاسلام، واستقرت محبته في قلوب الصحابة حتى قال علي بن ابي طالب: جرير منا اهل البيت ظهرا لبطن، قالها ثلاثا، وشهد جرير مع المسلمين يوم المدائن وله فيها اخبار مأثورة ذكرها اهل السيرة، ولما مصرت الكوفة نزلها فمكث بها الى خلافة عثمان.
اعتزل جرير الفتنة التي كانت بين علي ومعاوية وظل متمسكا لهدي النبي حتى توفي سنة إحدى وخمسين من الهجرة النبوية المباركة وهو يتمنى نفس الامنية التي تمناها يوسف النبي حيث قال: توفني مسلما وألحقني بالصالحين.