- الشطي: الموسيقى كلها حرام باستثناء الدف للعرس والأدلة على ذلك عديدة في القرآن والسنة
- الجميعة: الصحابة أكثر الناس التزاماً بأوامر ونواهي النبي صلى الله عليه وسلم وما القول إلا افتراء وبهتان وتعدّ على مقامهم الشريف
اعتبر الشيخ أسامة إبراهيم الداعية الأزهري أن الذين يحرّمون الموسيقى يستندون إلى قول واحد لصحابي من صحابة رسول الله وهو عبدالله بن مسعود، وأن المذهب الحنفي يقول إنه لا يجوز جعل قول صحابي واحد تفسيرا مطلقا لكتاب الله بدليل أن كثيرا من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يمارسون العزف على آلة العود ومنهم عبدالله بن الزبير.. فما هو الرد على ذلك؟
في البداية، يتساءل د.بسام الشطي قائلا: من أين جاء قول الداعية الأزهري إن الصحابة كانوا يعزفون العود وأين دليله؟
مؤكدا ان كلامه غير صحيح وغير دقيق ووهم، فالموسيقى كلها حرام واستثناء الدف للعرس، وأدلة تحريمه في القرآن والسنة قال الله تعالى في سورة لقمان: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء، وقال مجاهد رحمه الله: اللهو الطبل (تفسير الطبري 40/21)، وقال الحسن البصري رحمه الله: نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير (تفسير ابن كثير 451/3)، وقال السعدي رحمه الله: فدخل في هذا كل كلام محرم، وكل لغو وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا (تفسير السعدي 150/6)، قال ابن القيم رحمه الله: (ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث)، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما ايضا انه الغناء، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن، وكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس: لهو الحديث الباطل والغناء، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في اذنيه وقرا، هو الثقل والصمم، وإذا علم منه شيئا استهزأ به، فمجموع هذا لا يقع إلا من اعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم.(إغاثة اللهفان 258/1-259).
وقال تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) عن مجاهد رحمه الله قال: استنزل منهم من استطعت، قال: وصوته الغناء والباطل، قال ابن القيم رحمه الله: «وهذه الإضافة اضافة تخصيص كما ان اضافة الخيل والرجل اليه كذلك، فكل متكلم في غير طاعة الله او مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام او طبل فذلك صوت الشيطان، وكل ساع الى معصية الله على قدميه فهو من رجله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته، كذلك قال السلف كما ذكر ابن ابي حاتم عن ابن عباس: رجله كل رجل مشت في معصية الله» إغاثة اللهفان.
وقال تعالى: (أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون ولا تبكون، وأنتم سامدون) قال عكرمة رحمه الله: عن ابن عباس: السمود الغناء في لغة حمير، يقال: اسمدي لنا اي غني، وقال رحمه الله: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية، وقال ابن كثير، رحمه الله: وقوله تعالى: (وأنتم سامدون) قال سفيان الثوري عن ابيه عن ابن عباس قال: الغناء، هي يمانية، اسمد لنا غنّ لنا، وكذلك قال عكرمة. تفسير ابن كثير.
عن ابي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: «لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف...». الحديث. (رواه البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91)، قال ابن القيم رحمه الله: (هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال: باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه)، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين: أولهما: قوله صلى الله عليه وسلم: «يستحلون» فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها اولئك القوم.
ثانيا: قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها (السلسلة الصحيحة للألباني 140/1-141 بتصرف)، قال شيخ الاسلام رحمه الله: فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند اهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها.
(المجموع 535/11)، وقال ابن القيم رحمه الله: (وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبدالله بن عمرو وعبدالله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبدالرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم.
عن نافع رحمه الله قال: «سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع اصبعيه على اذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال: فقلت لا، قال: فرفع اصبعيه من اذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا» صحيح ابي داود، وقد زعم قزم ان هذا الحديث ليس دليلا على التحريم، اذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد اذنيه، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك فيجاب: بأنه لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهناك فرق بين السامع والمستمع، قال شيخ الاسلام، رحمه الله: «اما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع، فالمستمع للقرآن يثاب عليه، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك، إذ الأعمال بالنيات، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك» المجموع 10/78، قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله: والمستمع هو الذي يقصد السماع، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما، وإنما وجد منه السماع، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة الى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق، وسد اذنيه، فلم يكن ليرجع الى الطريق، ولا يرفع اصبعيه عن اذنيه حتى ينقطع الصوت عنه، فأبيح للحاجة.
(المغني 10/173) (ولعل السماع المذكور في كلام الامامين مكروه، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك، رحمه الله، والله أعلم).
افتراء وبهتان
من جهته، قال د.جلوي الجميعة: العود آلة موسيقية وتصنف من المعازف فلا يجوز العزف عليها، ولا الاستماع لها، بدليل حديث ابي مالك الاشعري انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من امتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» رواه البخاري، والحر يقصد به الزنا، والحرير حرام على الرجال كما لا يخفى، والمعازف جمع معزف وهو اسم لما يعزف عليه، كما روى البخاري وابن ماجة من حديث ابي مالك الاشعري انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليشربن ناس من امتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الارض ويجعل منهم قردة وخنازير».
وقد علق الامام ابن القيم على هذا الحديث في كتابه القيم (اغاثة اللهفان في مصائد الشيطان) فقال: وهذا اسناد صحيح، وقد توعد مستحلي المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الارض، ويمسخهم قردة وخنازير.
والصحابة أفهم الناس بمراد النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر التزاما بأوامره ونواهيه من غيرهم وما القول هذا إلا افتراء وبهتان وتعدّ على مقامهم الشريف.