- الشطي: استقبلوه بالتوبة وردّ المظالم إلى أهلها والوفاء بالعهود
- الكوس: أقبلوا على الله بالصيام والقيام والاستغفار والصدقة
- المذكور: أوقـات رمضان لا تعـوّض ولا تقدّر بثمن فاغتنموهـا
جاء رمضان ضيفا كريما محملا بالرحمات، ناشرا في القلوب أنوارا مشرقات، يستقبله المسلمون في كل بقاع المعمورة كل عام بقلوب متشوقة إلى سناه ومفعمة بالصدق والإخلاص والخير والبر والرحمة، يستقبلونه ببهجة وإعداد نفسي للطاعات وشتى القربات لأنه شهر يمن وبركة، تضاء البيوت فيه بنور القرآن.. فما واجبنا نحو الاستعداد له؟ وكيف نستقبله ونحتفي به؟
في البداية يقول د.خالد المذكور: ينبغي أن نستقبل رمضان بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لا تقليدا للآخرين، بل تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم، والاستماع المحرم فينبغي أن نحافظ على آداب الصيام من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل، وتعجيل الفطر إذا تحققنا من غروب الشمس، والزيادة في أعمال الخير، فقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه، كانوا يدعون الله ان يبلغهم رمضان ثم يدعونه ان يتقبله منهم، كانوا يصومون ايامه ويحفظون صيامهم عما يبطله او ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب، وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن كما كانوا يبذلون العطاء للفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وإفطار الصائمين فينبغي أن نقتدي بهم وأن نحافظ على صلاة التراويح احتسابا للأجر والثواب وأن نحيي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار اتباعا للسنة كما علينا تنظيم الوقت بحيث لا يضيع منا هباء، خصوصا أن أوقات شهر رمضان لا تعوض ولا تقدر بثمن، وعلينا استقبال رمضان بتصفية الخلافات وصلة الارحام وأن يراقب المسلم الله تعالى في كل أوقاته في سره وعلانيته.
وأشار د.المذكور إلى أن مقاصد الصيام في التعود على تقليل الطعام وإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة، فكثرة الطعام هي التي قست القلوب حتى صيرتها كالحجارة وأثقلت على النفوس الطاعة وزهدت الناس في الوقوف بين يدي الله، وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: كف عنا جشأك فإن اطولكم شبعا في الدنيا اطولكم جوعا يوم القيامة.
وأضاف: كما علينا الاكثار من تلاوة القرآن وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان كل ليلة، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل من قيامه وهكذا كان السلف والأئمة يولون القرآن في رمضان اهتماما خاصا، لذا ينبغي لنا ان نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكريم، وأن نجدد العهد مع الله عزّ وجلّ على التوبة الصادقة ولزوم الطاعة لله بامتثال اوامره واجتناب نواهيه.
من جهته، يقول الشيخ د.احمد الكوس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل رمضان بالبشر والترحاب وكان المسلمون يتنافسون في الطاعات وتقديم الخير والتقرب إلى الله عزّ وجلّ بالصيام والقيام والذكر وقراءة القرآن والاستغفار والصدقة والتحلي بكل خلق حسن، وكان صلى الله عليه وسلم يحرص على أن ينبه أمته لأهمية هذا الشهر الكريم ويدعوهم إلى المحافظة على صيام نهاره وقيام ليله وإلى التكافل فيما بينهم، فيكون استقبال شهر رمضان بالإقبال على الله سبحانه وتعالى، وأكد د.الكوس ان الواجب على كل مسلم تجاه الشهر المبارك ان يشمر عن ساعة الجد والاجتهاد وأن يعلن توبته لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) فالصيام دعوة إلى تحسين الخلق وترشيد السلوك وتحصين الصائم نفسه من أن يصدر منه إلى الناس شر أو أذى، فقد أحسن الله ثوابه وحصن صومه من ان ينتقص فيجب على المسلمين ان يتحلوا بسماحة النفس وحسن الخلق في العلاقات الإنسانية والاجتماعية فالصيام جنة وإذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله او شاتمه فليقل: إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وأضاف: وعلينا بالدعاء أن يتقبله الله منا، والحمد والشكر على بلوغ الشكر والفرح والابتهاج، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر اصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: «جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم» ثم نعزم ونصمم على اغتنامه بالأعمال الصالحة والطاعات، والعزم على ترك السيئات والآثام والتوبة الصادقة من جميع الذنوب وعدم العودة إليها فهو شهر التوبة أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
من جهته، يتساءل د.بسام الشطي: أرضيت عن نفسك في رمضان الماضي؟ وهل أنت مستعد للقاء شهر الجوائز لهذا العام؟ وهل قلبك موجه للعتق من النار ومغفرة الذنوب السابقة؟ وقد حددت الآية (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، فالحكمة من الصيام هي تحقيق التقوى في نفوس المؤمنين، حيث إن حقيقة التقوى ان يجدك الله حيث امرك، ولا يجدك حيث نهاك، فأمامك الفرص لكي تجاهد النفس، وتخضع لأوامر الله وأن تقوي علاقاتك الاجتماعية مع الأقارب وصحبة الصالحين في المساجد في صلاة التراويح والقيام ومدارسة القرآن وعلومه.
وزاد، وبما أن الله عزّ وجلّ أكرمنا بصيام هذا الشهر المعظم وبقدومه فعلينا أن نستعد للاستفادة منه، فهو من ابرز شهور التربية الروحية والتهذيب النفسي، وبصيامه تزكى النفس بطاعة الله تعالى، فيما أمر والانتهاء عما نهى وحفظ صحة البدن وجهاد النفس، ففي رمضان يعمنا نور القرآن الكريم فهو يهدي الناس إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم وإرشادهم، ففيه خصوصية تميز بها شهر رمضان عن بقية الشهور، حيث يوجه المؤمنين لأن يكونوا على قدر هذه المنح التي اقترن بها الشهر الكريم، ففي ذلك فليتنافس المتنافسون على عمل الخير والتسابق في أداء الطاعات والإخلاص لله في السر والعلن وأن يعطي المسلمون للصيام حقه، فلا يصدر منهم اللغو في الحديث في الغيبة والنميمة، فليس الغرض من الصيام ان يمتنع الانسان عن الطعام والشراب فقط بل يكف جوارحه عن كل ما حرمه الله، فيصون لسانه عن كلام السوء فلا يقول الا حقا، مؤكدا أهمية استقبال رمضان بالتوبة الصادقة الى الله والتخلص من الذنوب وإعطاء الحقوق لأصحابها ورد المظالم إلى أهلها والوفاء بالعهود، والتنافس في الطاعات والمروءات.