جاء الإسلام بمبادئ تدعو إلى شيوع المحبة والمودة بين الناس، ومن هذه المبادئ أن يكون المسلم هاشا باشا منفرج الأسارير طلق الوجه تعلوه الابتسامة وتخرج من فيه الكلمات الطيبة اللينة، فيحبه الناس ويقبلون عليه ويستفيدون من عقله وخلقه ودينه، فكانت الدعوة إلى استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه، وليس العبوس، ولذلك نرى القرآن الكريم يوجه النداء إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وإلى كل مسلم بعده، فيقول: (واخفض جناحك للمؤمنين- الحجر: 88) والتعبير هنا بخفض الجناح يوحي بكل معاني الرحمة والمحبة والرعاية بين المؤمن من الناس، كما يحنو الطائر على صغاره ويحوطهم بالحب والحماية والرعاية، بل ان الله عز وجل يذكر ان من رحمته بعباده أنه ارسل اليهم رسولا أودع فيه كل صفات الحنان والرفق، والله بهذا يمتن على المؤمنين بذلك فيقول: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم- التوبة: 128).
ويؤكد الله تعالى هذا المعنى بقوله أيضا: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك- آل عمران: 159)، أي ان لين جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أسباب إقبال الناس على دعوته ودخولهم في دينه، والتفافهم حوله.
والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يؤكد هذه المعاني من طلاقة الوجه وطيب الكلام، فيقول ايضا: «الكلمة الطيبة صدقة»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» رواه مسلم.
ورغم كل هذه الآيات وتلك الأحاديث نجد بعض المتدينين يظهرون بوجه عابس وأسلوب قاس وكلام جاف، وهم يتصورون أنهم بذلك يرضون ربهم ويخافونه ويحذرون الآخرة.. مع أن المؤمن دائما يكون بين الخوف والرجاء فلا يغلب جانب الخوف ولا يغلب جانب الرجاء، والله عز وجل يقول: (ويرجون رحمته ويخافون عذابه- الإسراء: 57).
ويقول تعالى أيضا في وصف المؤمنين: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا- السجدة: 16).
وربما يدعي هؤلاء المتشددون ان عبوس وجههم وقسوة كلامهم سببهما ما يرون من معاص وفساد، وأنهم بذلك يظهرون غضبهم واستنكارهم، ولو فطنوا الى ما يقرأون من آيات القرآن لعلموا أن العاصي والبعيد عن الله أولى من غيره بكلمة هادئة وابتسامة خفيفة، وإشعاره بحرص المؤمن على مصلحته، فيكون ذلك أدعى إلى قبوله للنصيحة.
وهل هناك من هو أظلم وأطغى من فرعون؟! ومع ذلك فإن الله تعالى حين ارسل اليه موسى وأخاه هارون قال سبحانه وتعالى لهما: (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى- طه: 44).
فلنكن نحن المسلمين من أسباب حب غير المسلمين للإسلام، وذلك يتحقق حين نكون على خلق كريم وسفراء جيدين لإسلامنا في كل مكان، ولنجعل الابتسامة عنوان معاملاتنا اليومية.