- الخراز: نشر العلم الشرعي والرفقة الصالحة وجهاد النفس والتواصي بالحق تخلصكم من الرذائل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فالاخلاق في الاسلام لها مكانة عالية، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ان اقرب الناس منه مجلسا يوم القيامة وأحبهم اليه احسنهم اخلاقا، وقد مدح الله عز وجل الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن خلقه، فقال (وإنك لعلى خلق عظيم)، وهناك من ابتلي بالاخلاق السيئة، فما طرق التخلص من هذه الاخلاق السيئة؟ هذا ما يوضحه لنا الشيخ خالد الخراز.
في البداية، يقول الشيخ خالد الخراز موضحا اثر الاخلاق السيئة: ان الاخلاق السيئة اذا سرت في الامة وسُكت عنها تكون سببا في هلاكها او اصابتها بشر مستطير يصيب المذنب والبريء، قال تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ـ الانفال: 25)، لذا يجب اجتثاث الاخلاق السيئة من جذورها لخطورتها على الأمة.
وعن طرق التخلص من الاخلاق السيئة، يحدد الشيخ الخراز عدة وسائل يذكر منها: نشر العلم الشرعي الذي به يعرف الانسان ما امر الله به فيتبعه وما نهى عنه فيجتنبه، وافضل العلوم واشرفها علم الشريعة كما ذكر د.خالد بن حامد الحازمي في كتابه «مساوئ الاخلاق واثرها على الامة» (158) وانا بدوري اوافق الكاتب على رأيه هذا، فقد كفى هذا العلم المسلم مؤونة البحث والاستنباط اذ فصل في الحديث عن الاخلاق بنوعيها وما على المسلم الا ان يعرف نفسه على هذين النوعين من الاخلاق ليعرف موضعه فمنها ثم يعمل جاهدا على التخلص مما ساء منها والتمسك بما صلح منها.
الرفقة الصالحة
ثم انتقل الى توضيح اثر الرفقة الصالحة والتي هي من ابرز المؤثرات السلوكية التي تدل الانسان على الخير وترغب في التخلق به وتحذره من الشر وتكره له سلوك طريقه، مؤكدا على ضرورة تطبيق العقوبات الشرعية وليس ثمة تشريع في المجتمعات قاطبة يحد من الانحرافات السلوكية الا التشريع الاسلامي لتوافق العقوبة فيه مع ضرر الجريمة ولعدم وجود مجال للتهاون في التطبيق مما يغرس في الافراد البعد عن الانحرافات السلوكية.
واضاف الشيخ الخراز معلقا على تقييم د.الحازمي للاعلام ان استغلال وسائل الاعلام الحديثة والقديمة ممثلا في وسائله المقروءة والمسموعة مؤثر تربوي فاعل، خصوصا في الآونة الاخيرة من هذا الزمن، ونجده يقترح العلاج لهذه الظاهرة بقوله «والاسلام هو المنهج المنجي للبشرية من اوكار الرذيلة والتفكك، وعليه فإنه يجب ازاء ذلك بناء اعلام اسلامي يرتكز على الدعوة الى الاسلام والصدق في التوجيه والنصح والبعد عن اشاعة الفواحش».
حسن استغلال المساجد
وزاد: من نعم الله على الامة ان شرع لهم صلاة الجماعة التي هي مركز دعوة ومنبر توجيه تعمر القلوب بالخير وتزيل عنها اخلاق الجاهلية، وغبش المعاصي وويلاتها، وبدوري اوافق الكاتب على رأيه في دور المسجد في كل مكان من ديار الاسلام، اذ كان كذلك في ماضي الامة ولايزال في حاضرها.
ويؤكد الخراز ان جهاد النفس من الطرق المهمة في التخلص من الاخلاق السيئة، لأن في النفس دواعي للشر والانحراف ويزين ذلك للانسان شياطين الانس والجن، فقد تميل النفس الى ذلك ما لم تكن هناك مجاهدة فإن مجاهدة النفس من اعلى مراتب الجهاد.
بُعد النظر
ويضيف ان نظرة الانسان الطويلة الى ما بعد الدنيا حافز فاعل وقوي لهجر المساوئ الخلقية والتمسك بالفضائل الاسلامية، واما قصر النظر واستعجال ملذات الدنيا واشباع انحراف الهوى فهو دليل ضعف بصيرة.
ويرى الشيخ الخراز ان ما ذكر من الطرق غير كاف برأيه للاجهاز على الاخلاق الوضيعة وان هناك طريقتين اخريين لهما اثر جلي في هذا المجال يستطيع ان يقوم بهما كل من اخلص النية في الاصلاح وهما: الاولى التواصي بالحق كما في سورة العصر، والنصح المباشر العلني بأدب او على انفراد بطريقة حكيمة كما يرى الامام الشافعي ـ رحمه الله ـ وكم من نصيحة نفعت من كان سادرا في غيه، اذ ان النصح والتذكير والتنبيه البناء كثيرا ما ينجح ويؤثر ويفوق بدرجات تأثير بعض الطرق الاخرى، والثانية القدوة العلمية، ان الدعوة الى الخلق الكريم المقرونة بالتنفيذ اوقع في النفس من الدعوة القولية.
وأكد الشيخ الخراز ان العلم ضروري ليعرف المسلم بأي خلق يتخلق ومن اي خلق يتخلص، فبه يتعرف الانسان على الاخلاق الحسنة التي امر بها الاسلام وانواع الاخلاق الرديئة التي نهى عنها وان يربط بين ما تعلمه من انواع الاخلاق والايمان بالله وتقواه لينال رضا الله تعالى ودخول الجنة وان يخلص نفسه من الاخلاق السيئة ليزكي نفسه (قد افلح من زكاها)، ويؤدي العبادات التي تقوم الاخلاق وتطهر النفس وتكون وقاية للانسان (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، مشيرا الى ان من علامات المحب لله عز وجل متابعة اخلاق الرسول وافعاله واوامره وسنته، والرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في الاخلاق، فتحرروا من الاخلاق السيئة، وقد بين لنا الاسلام ان ثواب وجزاء من يتحلى بالاخلاق الحميدة هو الفردوس الاعلى في الجنة (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).