عندما ينظر الإنسان فيما حوله يرى كثيرا من التقلبات والأزمات ولتحقيق الثبات في وقت الأزمات والفتن يذكر المرء ربه فينشرح صدره (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ففي كتابه المجيد وعود أخبرنا بها الله عز وجل لتحقيق الثبات في وقت الأزمات والفتن، فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا ولم يتركنا هملا، وأن هذه الأمة تربى بأقدار الله.
حقيقة الثقة بالله
والثقة بالله هي اليقين الراسخ بأن الله لا يخلف وعده، وأنه على كل شيء قدير، والإيمان الصادق بكل ما أخبر به سبحانه وأن ما قدره سوف يكون. والثقة بالله في حقيقتها تقوم على أمرين: اليقين والتوكل.
اليقين: ان الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك وهو على كل شيء قدير وإليه ترجع الأمور وأن القوة لله جميعا (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير) (ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير) (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير) (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) (قل إن الأمر كله لله) (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) (لا قوة إلا بالله) (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
اطمئنان النفس
والناظر في آيات الله يشاهد مطلق حكمه وتدبيره لهذا الكون، وما أنت أيها الإنسان إلا جزء من هذا الكون محكوم بأمر الله عز وجل منضو تحت سلطانه، فإذا أيقن المرء بقدرة الله ووثق بموعوده، أسلم نفسه وأمره لله فبلغ حقيقة التوكل.
حقيقة التوكل
فسر التوكل بالثقة بالله والطمأنينة له والسكون إليه (ابن القيم) قال عز وجل آمرا بالتوكل عليه معرفا بقدرته (ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) وقال (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) أي اكتف به أن يتولى أمرك ومن توكل على الله كفاه. وثمرة التوكل هي الكفاية من الله كما قال تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) وإذا حقق الإنسان اليقين بالله في قلبه وتوكل على الله في كل أمره وثق بموعود الله واطمأن الى ما خص الله به عباده المؤمنين.
وعود الله
وعد الله المؤمنين بخيرات كثيرة في الدنيا والآخرة منها: الهداية، كما قال سبحانه (وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) كما وعد الله المؤمنين بالنصر فقال (وكان حقا علينا نصر المؤمنين).
الأمن والدفاع عنهم
كما قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) وقال تعالى في الدفاع عن المؤمنين (إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور).
الرحمة والحياة الطيبة
وعد الله المؤمنين في الدنيا والآخرة خيرات كثيرة منها الرحمة الخاصة، كما قال سبحانه (وكان بالمؤمنين رحيما) كما وعدهم بالحياة الطيبة (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) ووعدهم بحصول البركات في حياتهم فقال (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).
المعية الخاصة
وعد الله المؤمنين في الدنيا والآخرة بالمعية الخاصة كما قال سبحانه: (وإن الله مع المؤمنين) كما وعدهم بالطمأنينة (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
ووعدهم سبحانه بعدم تسلط الكفار عليهم (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) ووعدهم بالخلافة في الأرض والتمكين ووعدهم بالعزة والفلاح (قد أفلح المؤمنون).
نماذج قرآنية
وقد بين الله لنا نماذج من القرآن عديدة للمؤمنين الواثقين بموعود الله منها في سورة القصص التي مقصودها الثقة بموعود الله حين ذكر قصة أم موسى وثقتها بالله والتي اختبرت في ابنها ونجحت في الاختبار (طسم تلك آيات الكتاب المبين...الآية)، فلابد لنا من الثبات في المحن والثقة بموعود الله، وقد اخبرنا الله بقبول الدعوة فادعوه وأنت موقن بالإجابة.
فاغتنمي اختي المسلمة شهر رمضان من حفظ القرآن والتدبر والفهم والتفسير، فالعلم الشرعي متوافر بدولة الكويت ولا يوجد بلد في العالم الاسلامي يقدم العلم الشرعي بالمجان وأيضا توضع له مكافآت مالية الا في الكويت، ولا توجد منطقة الا وبها دور قرآن وأترجة فمن نافسك في الدين فنافسيه وأما من نافسك في دنياه فألقيها في وجهه، فالدنيا لا تنافس عليها والدنيا مزرعة للأعمال الصالحة في الآخرة والمنافسة على مراتب الآخرة فاستثمري ما سيكون لك بالدار الباقية، لابد ان تبني بيتا من بيوت الجنة وان تثقي بموعود الله بالرجوع إلى كتابه، واعلمي أن الدنيا منتهية والوقت قصير فاعملي على ما ينفعك.
ألقيت المحاضرة بمسجد المزيني بمنطقة الزهراء