- مجلس التعاون أثبت قدرته على تجاوز العديد من التحديات منذ إنشائه قبل 30 عاماً من خلال مبادئ حسن الجوار واحترام سيادة كل دولة
الرياض ـ كونا: تستضيف المملكة العربية السعودية الدورة الـ 32 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي غدا ولمدة يومين ضمن الجهود التي بدأها المجلس قبل 30 عاما باتجاه التكامل والوحدة ومواجهة التحديات بما يحقق الأمن والاستقرار في دوله.
واستطاعت دول المجلس خلال العقود الثلاثة منذ انشاء المجلس في الـ 25 من مايو 1981 تجاوز العديد من التحديات على المستوى العربي والاقليمي والدولي وواجهت بحكمة الظروف التي مرت بالمنطقة في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
وتأسس المجلس وسط ظروف عسكرية حرجة كانت تمر بها المنطقة التي شهدت احدى أطول الحروب في العصر الحديث بين العراق وإيران والتي استمرت ثماني سنوات هددت خلالها أمن المنطقة واستنزفت طاقاتها فكان قيام ذلك المجلس ضرورة لتلك الدول من أجل مواجهة التحديات التي تهدد أمنها وتعيق مسيرة التنمية فيها.
وأكد القادة الخليجيون في الدورة الأولى لاجتماعهم الذي عقد في 25 مايو 1981 في ابوظبي تمسكهم بمواثيق الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة.
وأثبت مجلس التعاون لدول الخليج العربية قدرة على تجاوز العديد من التحديات منذ انشائه قبل 30 عاما من خلال مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على أراضيها واعتماد حل النزاعات بالطرق السلمية.
ولعل أول تلك التحديات التي واجهت مسيرة المجلس هو ولادته تحت وقع الحرب العراقية ـ الايرانية التي استمرت خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي وما تسببت فيه تلك الحرب من تهديد لأمن دول المجلس واستنزاف طاقاته.
ولم تكن الحرب العراقية ـ الإيرانية خلال تلك الفترة رغم خطورتها على دول المجلس والمنطقة لتشغل قادة دول الخليج عن القضايا العربية والإسلامية والدولية فكانت القضية الفلسطينية على رأس تلك القضايا والتي مازالت حاضرة ضمن أولويات المجلس الذي يرى «انه لا سبيل للسلام العادل في منطقة الشرق الأوسط الا بانسحاب اسرائيل من جميع الأراضي العربية بما فيها القدس وازالة المستعمرات وقيام الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني».
وحظيت القضايا العربية الاخرى والصراع الداخلي في لبنان بالاهتمام منذ القمة الأولى وكذلك تطورات العلاقات بين اليمن الجنوبي والشمالي والحرب في أفغانستان.
وما ان انتهت الحرب العراقية الايرانية وما أحدثته من اضطرابات في المنطقة حتى عكف المجلس على تكثيف وتسريع وتيرة التنسيق بين دوله في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي وبلوغ هدف الوحدة فاصدر مجموعة من القرارات المهمة منها السماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة المشتركة والجديدة العاملة في الأنشطة الاقتصادية وفق القواعد المقترحة.
كذلك اقر مساواة مواطني دول المجلس في المعاملة الضريبية مع مواطني الدولة العضو التي يتم فيها الاستثمار ونظام تشجيع وتنسيق وإقامة المشاريع الصناعية بدول المجلس ونظام حماية الصناعات الوطنية الناشئة وخطة الطوارئ الاقليمية للمنتجات البترولية بين دول المجلس ومعاملة مواطني دول المجلس معاملة مواطني الدولة العضو التي يقيمون فيها في مجال الخدمات الصحية الى جانب الاتفاقية الاقتصادية التي وقعها وزراء المال في بداية عمل المنظمة.
كما صادق المجلس الاعلى على اتفاقية التعاون في لوكسمبورج بتاريخ 15 يونيو 1988 مع المجموعة الأوروبية بهدف التعاون التجاري بين الطرفين التي عكست الرغبة الحقيقية للمجلس في تحقيق التكامل الاقتصادي بين دوله وتحقيق الرفاهية لشعوبه.
الا ان تلك الرغبة المهمة اصطدمت بأكبر تحد واجه المجلس وهدد كيانه ووضعه امام اختبار كبير وهو احتلال العراق للكويت في اغسطس عام 1990 ذلك التاريخ الذي غير ملامح المنطقة وادخلها في حرب شاركت فيها معظم دول العالم لنصرة الحق الكويتي واسترجاع الارض المغتصبة.
ودان المجلس الاعلى في دورته ال11 التي عقدت بقطر خلال فترة احتلال الكويت في ال22 من ديسمبر 1990 ذلك العدوان بشدة واكد «وقوف الدول الاعضاء حكومات وشعوبا مع دولة الكويت في محنتها ومساندتها المطلقة وتضامنها التام مع شعبها وحكومتها في جهادهما حتى التحرير الكامل».
اما الصراع العربي الاسرائيلي والاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية في الجولان ولبنان وفلسطين فقد ظلا على رأس اولويات دول المجلس التي تدعم النضال العربي والجهود العربية ماديا وسياسيا واجتماعيا وتدعو لتحرير تلك الاراضي وتتمسك بالحق العربي فيها.
وفي الألفية الجديدة بقيت الحرب على الارهاب والحرب الأميركية على العراق وقضايا الصراع العربي الاسرائيلي والجزر الاماراتية حاضرة باستمرار الى جانب خطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس والتي شهدت تسارعا على خطى التحقيق.
وفي اطار توسيع المشاركة الشعبية في تطوير العمل الخليجي قرر قادة المجلس الاعلى في اجتماعه بالكويت عام 1997 الموافقة على مقترح الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد خلال قمة الدوحة عام 1996 بتأسيس الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بواقع خمسة أعضاء من كل دولة لتقديم المشورة للمجلس الأعلى في كل ما من شأنه تعزيز مسيرة العمل المشترك.
وفيما يخص المجال الأمني فقد وضع المجلس استراتيجية امنية شاملة لدوله تم تحديثها في عام 2007 وتهدف الى توطيد الأمن وحماية الحدود وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الامنية ومواجهة التحديات والمخاطر الاقليمية.
اما في المجالات الاقتصادية فان المجلس حرص ومنذ انطلاقه على تطوير التبادل التجاري والاقتصادي بما يحقق الرفاه لشعوب دوله ومنها الاتفاقية الاقتصادية التي صدرت في 1981 واستبدلت بالاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس الجديدة عام 2001 بعمان.
وقام الاتحاد الجمركي اعتبارا من الاول من يناير 2003 فيما حقق المجلس خلال القمة التي عقدت في الكويت في ديسمبر 2009 خطوة عملية باتجاه اصدار العملة النقدية الموحدة التي وضع برنامجا زمنيا لتنفيذها خلال قمة مسقط عام 2001 حيث وجهت قمة الكويت الى انشاء المجلس النقدي وكلف مجلس إدارته بتكثيف العمل لانجاز ما أوكل اليه من مهام بموجب الاتفاقية بما في ذلك تحديد البرنامج الزمني لاصدار العملة الموحدة وطرحها للتداول.
كما يعتبر مشروع الربط الكهربائي ومشروع السكك الحديد من اهم الخطوات والمشاريع التي يسعى المجلس الى تحقيقها.
وتنتظر القمة المقبلة تحديات كبيرة في ظل ما تشهده المنطقة العربية فيما يعرف بالربيع العربي الذي ادى الى تحولات جذرية وتطورات كبيرة تحتاج الى حكمة وادراك في التعامل معها.
السلطان قابوس يرأس وفد سلطنة عمان إلى القمة
مسقط ـ كونا: أعلن أمس ان العاهل العماني السلطان قابوس بن سعيد سيرأس وفد بلاده الى أعمال الدورة الـ 32 لقمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمقرر عقدها في الرياض غدا الاثنين.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية بيانا صادرا عن ديوان البلاط السلطاني أمس جاء فيه «إيمانا بأهمية المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وبنتائج اللقاءات الأخوية التي تجمع الأشقاء قادة دول المجلس في تحقيق المزيد من تطلعات شعوبها يشارك السلطان قابوس في القمة المقبلة بالرياض».
وأشار البيان الى ان السلطان قابوس سيرافقه وفد رسمي رفيع المستوى يضم كلا من نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد ووزير ديوان البلاط السلطاني خالد بن هلال البوسعيدي ووزير المكتب السلطاني الفريق أول سلطان بن محمد النعماني.
كما سيضم الوفد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي ووزير العدل الشيخ محمد بن عبدالله الهنائي والوزير المسؤول عن الشؤون المالية درويش بن اسماعيل البلوشي ومستشار السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي محمد بن الزبير ووزير الشؤون القانونية د.عبدالله بن محمد بن سعيد السعيدي ووزير التجارة والصناعة الشيخ سعد بن محمد بن سعيد المرضوف السعدي.
الزياني: أعمال القمة الـ 32 حافلة بقضايا العمل المشترك
الرياض ـ كونا: أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د.عبداللطيف الزياني الدعم المتواصل والمستمر الذي تلقاه المسيرة المباركة من قبل قادة دول مجلس التعاون منذ إنشائه وحتى الآن.
وأضاف الزياني في تصريح صحافي أمس بمناسبة احتضان الرياض للقمة الخليجية المقبلة الـ 32 غدا الاثنين ان هذا الدعم، قد ساهم في جعل المجلس علامة بارزة وكيانا راسخا ومتجذرا، مبينا ان انجازات المجلس أصبحت مؤشرا بالغ الدلالة على صلابة الإرادة وقوة العزيمة والتصميم.
وقال ان مجلس التعاون تجاوز مرحلة الاحتفاء بمجرد استمرارية لقاءات القادة بالرغم من اهميتها وعمق دلالاتها إلا ان طموحات القادة وتطلعات شعوب دول المجلس تنظر الى هذه اللقاءات باعتبارها موسما للحصاد وجني ثمار ما زرعه القادة من مشروعات مشتركة تؤسس للوصول إلى التكامل المنشود في جميع المجالات.
وأوضح الزياني أن جدول أعمال القمة سيكون حافلا بموضوعات العمل المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقارير المتابعة والتي تتطلب إقرارها من مقام المجلس الأعلى وأخذ التوجيهات بشأنها.
التداخل الإيراني في سورية والبحرين على جدول الأعمال
يناقش القادة الخليجيون خلال قمتهم في الرياض ملفات شائكة كالعلاقات الصعبة مع إيران وتشابكها مع الاحداث في سورية والبحرين والعراق، في ظل ادوار متشعبة ومبادرات اقرها التكتل المتجانس في اليمن وغيرها منذ بدء حركة الاحتجاجات التي اطاحت بأنظمة ولا تزال تهدد أخرى.
وقال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبدالله لوكالة فرانس برس ان الملف السياسي سيتطرق الى «كثير من الاوضاع الراهنة التي تفرض نفسها كالعلاقات مع إيران والأوضاع في اليمن وسورية».
وأضاف ان «الكثير من قضايا الشرق الأوسط ستعرض على اجتماع القمة من باب واقع الامر وواقع الظروف التي تفرض نفسها على اجتماع القمة».
وقال ان «قادة دول المجلس سيتبادلون الآراء حول تلك القضايا وستصدر التوجيهات المشتركة حول كيفية التعامل معها» مشيرا الى ان «هناك مسائل متفق عليها في إطار دول المجلس خصوصا في التعاون والبرامج المشتركة».
من جهته، قال مصدر رفيع في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي رافضا كشف اسمه لـ «فرانس برس» ان «القادة سيناقشون العلاقات مع إيران والمبادرة الخليجية في اليمن مؤكدين دعمهم لها».
وأضاف ردا على سؤال ان «ملف سورية موجود لدى جامعة الدول العربية».
وأشار الى ان «الانسحاب الأميركي من العراق يبقى شأنا داخليا (...) وحتى الآن، ليس هناك أي اعلان خليجي بخصوص هذا الأمر». وختم مؤكدا ان القادة «سيبحثون شؤونا خليجية مشتركة مثل الاتحاد الجمركي والتعاون الاقتصادي».
بدوره، قال خالد الدخيل استاذ الاجتماع السياسي في جامعة الملك سعود «هناك موضوعان حساسان للغاية هما اليمن وسورية فما يجري هناك مهم جدا لدول المجلس».
وأضاف اعتقد ان «التداخل والتشابك الإيراني في مسائل سورية والعراق والبحرين ستكون موضع نقاش القادة».