أعد النائب السابق والمحامي عبدالله الكندري دراسة قانونية عن قضية إبطال عضوية النائب د. بدر الداهوم أكد فيها أن عقوبة النائب الداهوم في الجناية كأن لم تكن بقوة القانون وهو ما تأيد بـ«التمييز».. وأثره القانوني على حكم «الدستورية».
وجاء نص الدراسة كالتالي:-
يقول الله عز وجل في محكم كتابه (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون).
أولا: أحيل د.بدر الداهوم الى المحاكمة الجزائية وذلك بالقضية رقم 13/2012 جنايات أمن دولة والقضية رقم 148/2014 جنايات العاصمة، وفي عام 2014 حكمت محكمة التمييز الجزائية الاولى بإدانته بالطعن رقم 600/2013 تمييز جزئي بالمساس بالذات الاميرية ـ بالحبس لمدة سنة وثمانية اشهر مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات يلتزم فيها الدكتور بحسن السير والسلوك ـ وكما هو معلوم ان القانون فرق بين الجنحة والجناية ومعياره هو العقوبة المقتضي بها، فإذا كانت العقوبة اكثر من ثلاث سنوات تكون عقوبة جناية، اما ان كانت العقوبة حبس ثلاث سنوات فأقل فتكون العقوبة عقوبة جنحة، وترتيبا على ان العقوبة التي حكمت محكمة التمييز بها ضد د.بدر الداهوم هي عقوبة جنحة، وهي عقوبة اصلية، والمعلوم ايضا ان قانون الجزاء الكويتي قنن اكثر من نوع للعقوبات، فهناك عقوبات تبعية تتبع العقوبة الاصلية دون الحاجة لذكرها في الحكم، وهناك عقوبات تكميلية والتي يجب على القاضي ان ينطق بها مرادفة للعقوبة الاصلية في منطوق الحكم الذي يصدره ضد المتهم، وبالنظر لاحكام قانون الجزاء الكويتي 16 لسنة 1960 في مادته 66 و68 واللتان تنصان على العقوبات التبعية والتكميلية في القانون الجزائي والتي تؤكد على حرمان من الترشح لعضوية المجالس او التعيين فيها في حالة الحكم بعقوبة جناية، والخلاصة ان العقوبات التبعية المذكورة في المادتين 66 و68 تتبع عقوبات الجنايات وليست الجنح كما سبق وحكم على د.بدر الداهوم.
ثانيا: نفاذ قانون الحرمان السياسي
وفي 27/6/2016 نشر القانون رقم 27 لسنة 2016 بتعديل بعض احكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الأمة، وجاء في المادة الثانية «كما يحرم من الانتخاب كل من ادين بحكم نهائي في جريمة المساس بـ: أ ـ الذات الإلهية، ب ـ الأنبياء، ج ـ الذات الأميرية»، وجاء في مذكرته الايضاحية في الفقرتين السادسة والسابعة «وتقديرا لعظمة الذات الإلهية، وتوقيرا للأنبياء طبقا للمادة الثانية من الدستور وحماية للذات الاميرية باعتبارها رمز الولاء للأمة، يجب الاخلاص لها من ممثلي الأمة طبقا للمادة 91 للدستور، فقد اعد هذا القانون المرافق ليمنع من ممارسة حق الانتخاب بأثر مباشر ـ من يوم نفاذه ـ وليعمل مقتضاه في الحذف من الجداول الانتخابية ـ كل من صدر عليه حكم نهائي بالادانة ـ أي كان منطق الادانة ـ في اي جريمة من الجرائم المذكورة.
ثالثا: محكمة التمييز تؤيد عدم انطباق قانون الحرمان السياسي على الداهوم بتاريخ 24/11/2016 وبإعلان الدعوة للانتخابات في 2016، ترشح د.بدر الداهوم، فقامت لجنة فحص طلبات الترشح بشطب د.الداهوم وذلك استنادا على القانون رقم 27/2016 المادة الثانية، فتبع ذلك الطعن على قرار الشطب من قوائم الترشح والانتخاب المقام من د.الداهوم بحجة عدم سريان القانون سالف الذكر بأثر رجعي، فقامت محكمة اول درجة بإلغاء قرار شطبه وتأييد طعن الدكتور باعتبار عدم رجعية القانون وعدم انطباقه عليه، وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم، فطعنت الجهة الادارية بالتمييز بالطعن رقم 2321/2016 مدني/1 والذي انتهى الى تأييد القرار الصادر من لجنة فحص طلبات الترشح بشطب د.بدر الداهوم من قوائم المرشحين والناخبين، وجاء في حيثيات حكمها «لما كان ذلك وكان الثابت من الاوراق ان الحكم الجزائي البات الصادر في الطعن رقم 300/2013 جزائي قد أدان المطعون ضده عن العبارات والالفاظ التي صدرت منه علنا في ندوة عامة وبأنها جاءت واضحة الدلالة والمعنى في الطعن في حقوق الامير وسلطاته والعيب في ذاته والتطاول على مسند الامارة وما ينطوي على تجريح يمس الهيبة ويؤذي الشعوب وان ذلك يمس كرامة الامارة.. وهو ما يعد جريمة مخلة بالشرف والامانة في حق المطعون ضده (د.بدر الداهوم) تفقده شرطا قانونيا يمنعه من الترشح لعضوية مجلس الامة لعام 2016 ومن ثم يكون القرار الاداري المطعون في رقم 3729 لسنة 2016 الصادر من الطاعن الاول بصفته باستبعاد المطعون ضده (د.بدر الداهوم) من الترشح في هذه الانتخابات متفقا وصحيح القانون».
وقد اسست محكمة التمييز حكمها في المادة 82 من الدستور والتي نصت على انه: يشترط في عضو مجلس الامة: 1 ـ أن يكون كويتي الجنسية بصفة اصلية وفقا للقانون. 2 ـ ان تتوافر فيه شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب. 3 ـ ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية. 4 ـ ان يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها.
ونص قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 في مادته الثانية «يحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية او في جريمة مخلة بالشرف او بالامانة الى ان يرد اليه اعتباره».
ولم تؤسس حكمها على القانون رقم 27 لسنة 2016 (قانون الحرمان السياسي) رغم ان اسباب طعن الفتوى والتشريع متمسكا بتطبيق قانون الحرمان السياسي على الداهوم، وذلك يؤكد عدم سريانه بأثر رجعي كون أن حكم محكمة التمييز صدر بتاريخ 24/11/2016 اي بعد نفاذ قانون الحرمان السياسي.
رابعا: الأحكام الصادرة من محكمة التمييز لا معقب عليها 8/2/2017 وتلى ذلك الطعن المقام من د.بدر الداهوم امام المحكمة الدستورية المقيد بالرقم 9 لسنة 2016 لجنة فحص الطعون ضد كل من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووكيل وزارة الداخلية بصفتهما، فقالت لجنة فحص الطعون كلمتها الاخيرة بتاريخ 8/2/2017 بعدم قبول الطعن، وجاء في حيثيات حكمها «لما كان الثابت بالاوراق ان المنازعات الموضوعية قد حسمت بالحكم البات الصادر من محكمة التمييز، وهو ما يمتنع معه مراجعتها فيه والتعقيب عليه، ويغدو الفصل في صحة قضائها برفض الدفع بعدم الدستورية ـ وعلى ما ساقه الطاعن في طعنه ـ امرا غير مجد، اذ لا اثر للحكم في هذا الشأن على الفصل في النزاع الموضوعي الذي لم يعد قائما، وذلك أخذا بالاعتبار ان الطعن امام هذه المحكمة لا يقوم على اختصام الحكم المطعون عليه في حد ذاته من ناحيته المجردة».
معنى ما تقدم ان لجنة فحص الطعون لا يجوز لها ان تعقب على احكام محكمة التمييز او ان تراجعها، وايضا ان المحكمة الدستورية لا تقبل الطعون المقامة على احكام قد صدرت من محكمة التمييز.
خامسا: الدستورية تؤكد ان قضاء التمييز قضاء فصل له حجيته لا يجوز الطعن فيه وذلك بتاريخ 3/5/2017 وبعد ذلك، قام د.بدر الداهوم بالطعن المباشر في صحة انتخابات مجلس الامة التي اجريت بتاريخ 26/11/2016 بالطعن رقم 41 لسنة 2016 وذلك تأسيسا على شطبه دون وجه حق، كما يدعي، فجاء رد المحكمة الدستورية بتاريخ 3/5/2017 بعدم قبول الطعن، وجاء في حيثيات حكمها «لما كان ذلك، وكان الثابت من الاوراق ان الطاعن قد طعن في الانتخابات التي تمت في 26/11/2016، وأقام طعنه على محض الادعاء بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 والمضافة بالقانون رقم 27 لسنة 2016 والتي تنص على كما يحرم من الانتخاب كل من ادين بحكم نهائي في جريمة المساس: أ ـ الذات الالهية، ب ـ الانبياء، ج ـ الذات الاميرية، وبأن القرار الصادر من وزير الداخلية رقم 2508 لسنة 2016 بتاريخ 19/10/2016 بتشكيل لجنة فحص طلبات الترشيح لعضوية مجلس الامة والبت فيها، قد شابه عوار من شأنه ان يفضي الى بطلانه، قولا من الطاعن باستخدام تلك اللجنة سلطتها في حرمان الناخبين من حق الترشيح، وقيامها باستبعاد اسمه من قائمة المرشحين بمقولة ادانته في جريمة من الجرائم المخلة بالشرف والامانة وافتقاده شرط حسن السمعة وذلك بالمخالفة للدستور، ومخالفة هذه اللجنة لاحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة، كما جاء تشكيل تلك اللجنة مفتقدة الحيدة والتجرد، وهو ما ينصرف ـ في حقيقته ـ الى نزاع بشأن قرار استبعاده من قائمة المرشحين، وهو امر لا يمكن نسبته الى عملية الانتخاب ذاتها من تصويت او فرز او اعلان بالنتيجة، وانما يستنهض اختصاص القضاء الاداري المختص للنظر في امره، وبالتالي لا يكون النزاع بشأن هذا القرار متعلقا بصحة الانتخاب، فلا يمتد اليه اختصاص هذه المحكمة، لاسيما ان الثابت من الاوراق صدور حكم بات من محكمة التمييز بتأييد القرار الاداري الصادر بشطب الطاعن من قوائم المرشحين في الدائرة الخامسة، وهو قضاء فصل له حجيته لا يجوز الطعن فيه او التعقيب عليه».
ومعنى ذلك، ان المحكمة الدستورية اقرت باختصاص القضاء الاداري وحجية احكامه، فلا يمتد اليها اختصاص المحكمة الدستورية بصحة الترشح من عدمه، لاسيما بانتهاء النزاع بصدور حكم بات من القضاء الاداري ولا تعقب على احكامها كونها تتمتع بحجية الامر المقضي والتي تسمو على النظام العام.
سادسا: انتخابات 2020 بين الشطب وصحة الترشح وبسنة 2020 صدرت الدعوة لانتخابات اعضاء مجلس الامة والتي اقيمت بتاريخ 5/12/2020 فقام د.بدر الداهوم بالترشح لخوض الانتخابات، وبعد ايداع طلب ترشحه قامت لجنة فحص طلبات الترشح بشطب د.بدر الداهوم كونه مدانا بسنة 2014 بالمساس بالذات الاميرية، مما ينتفي معه شرط من شروط الانتخاب والذي يضحى معه ترشح د.بدر الداهوم باطلا. طعن د.بدر الداهوم بالقرار الوزاري رقم 955 لسنة 2020 الصادر بتاريخ 10/11/2020 باستبعاد ترشحه في انتخابات اعضاء مجلس الامة، حكمت محكمة اول درجة بتاريخ 19/11/2020 بتأييد قرار شطبه تأسيسا على ان شرط عدم الادانة في جريمة المساس بالذات الاميرية منتف لدى الطاعن والذي يتعين معه رفض دعواه لصحة اسباب لجنة فحص طلبات الترشح لعضوية مجلس الامة في استبعاده من كشوف الناخبين والمرشحين، استأنف د.بدر الداهوم الحكم السالف البيان بالاستئناف رقم 1521/2020 اداري عقود وافراد 4، فقالت محكمة الاستئناف كلمتها بتاريخ 26/11/2020 فقضت قبول الاستئناف شكلا وبإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 955 لسنة 2020 الصادر بتاريخ 10/11/2020 مع ما يترتب على ذلك من آثار اخصها ادراج اسم المستأنف (د.بدر الداهوم) في جدول المرشحين في انتخابات مجلس الامة المزمع اجراؤها في 5/12/2020.. واسست قضاؤها «ولما كان ذلك كذلك، وكان البين من الاوراق وما تجلى فيها ان المستأنف (د.بدر الداهوم) ادين بجريمة المساس بالذات الاميرية، وقضي فيها بتاريخ 8/6/2014 بحكم نهائي وبات من محكمة التمييز بعقوبة الحبس سنة وثمانية اشهر وامرت بوقف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدوره على ان يوقع تعهدا مصحوبا بكفالة مالية قدرها ألفا دينار يلتزم فيها بألا يعود الى الاجرام، كان قد مضى اكثر من ثلاث سنوات من صيرورة الحكم نهائيا دون صدور حكما بإلغاء وقف التنفيذ بما لازمه اعتبار الحكم الصادر عن تهمة المساس بالذات الاميرية كأن لم يكن فيضحي هو والعدم سواء تقريرا لحكم المادة 82 من قانون الجزاء 16 لسنة 1960 وهو ما دلل عليه كتاب النيابة العامة المؤرخ في 13/11/2018 في معرض ردها على الطلب المقدم من المستأنف بخصوص رد اعتباره في جريمة المساس بالذات الاميرية «بعدم وجود سوابق له يمكن رد اعتباره عنها قضائيا وهو يتوافق مع نص المادة 82 من قانون الجزاء في شأن وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات فإذا انقضت هذه المدة دون ان يصدر حكم بإلغاء وقف التنفيذ اعتبر الحكم الصادر بالعقاب كأن لم يكن».. وهو ما يزول معه عن المستأنف (د.بدر الداهوم) ذلك الحرمان نتيجة زوال سببه.
سابعا: «التمييز»: عقوبة الداهوم كأن لم تكن لم ترتض الجهة الادارية هذا القضاء فطعنت عليه بالتمييز وذلك بالطعن رقم 2850 لسنة 2020 اداري/3 فقضت محكة التمييز الادارية بتاريخ 3/12/2020 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه، اي انها ايدت محكمة الاستئناف باعادة ادراج اسم د.بدر الداهوم في جداول المرشحين والناخبين، وجاء في حيثيات محكمة التمييز «وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز ان المشرع يكون قد اعدم كل اثر للحكم المشمول بإيقاف التنفيذ واعتبره كأن لم يكن متى انقضت مدة الايقاف ولم يصدر في خلالها حكم بالغائه، وكان الثابت بالاوراق وبلا خلاف بين الخصوم، ان المطعون ضده (د.بدر الداهوم) قد ادين بالجريمة آنفة البيان بموجب حكم محكمة التمييز الجزائية الصادر بتاريخ 8/6/2014 بالحبس سنة وثمانية اشهر وامرت بوقف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم، واذ كان الثابت بالاوراق ان مدة وقف التنفيذ قد انقضت في 8/6/2017 دون ان يصدر حكم بإلغاء وقف التنفيذ من المحكمة التي اصدرت الحكم بالادانة بما يعتبر الحكم الصادر ضد المطعون ضده (د.بدر الداهوم) كأن لم يكن بقوة القانون».
معنى ذلك ان محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز قد اوضحتا للجهة الادارية ان بالتطبيق القانوني الصحيح على د.بدر الداهمو انه لا يجوز شطبه من جداول المرشحين والناخبين كون د.الداهوم لا سوابق قضائية عليه وان صحيفته الجنائية بيضاء لا تشوبها شائبة. فخاض د.بدر الداهوم الانتخابات النيابية التي اقيمت بتاريخ 5/12/2020 وحاز ثقة الناخبين واعلنت الهيئة القضائية المشرفة على الانتخابات فوزه.
ثامنا: الطعن ببطلان عضوية الداهوم وأسبابه بعد ذلك، قام محمد عبدالهادي حسين مبارك بالطعن المباشر على نتيجة انتخابات مجلس الامة التي اجريت بتاريخ 5/12/2020 في الدائرة الخامسة فيما تضمنته من اعلان فوز المطعون ضده الاول (د.بدر الداهوم) وذلك بتاريخ 20/12/2020 طالبا بإبطال عملية الانتخاب التي اجريت في الدائرة الخامسة والتي اسفرت عن فوز د.بدر الداهوم وبعدم صحة عضويته في مجلس الامة، واسس طعنه على «لما كان ذلك وكان الثابت بالاوراق ان د.بدر الداهوم قد ادين في القضية رقم 13/2012 جنايات امن الدولة ـ محافظة العاصمة ـ عن جريمة الطعن علنا في حقوق الامير وسلطته ـ وقد صدر بتاريخ 8/6/2014 حكمة من محكمة التمييز الدائرة الجزائية بحبسه لمدة سنة وثمانية اشهر مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم.
وعليه، فإنه يتبين ان المعلن اليه الاول (د.بدر الداهوم) قد فقد شرطا يمنعه من الترشح لعضوية مجلس الامة لعام 2020، كما يترتب عليه حرمانه من ممارسة الحق في الانتخاب وذلك بحذف اسمه من الجداول الانتخابية، طبقا لاحكام القانون رقم 27 لسنة 2016 بتعديل بعض احكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة، لافتقاده شرطا من شروط الترشح لعضوية مجلس الامة 2020، عملا بحكم المادتين 2/الفقرة2، 19 من قانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة وتعديلاته».
وبالنظر لاسباب الطعن التي اقيمت، نرى انها ذات الاسباب التي بني عليها قرار الشطب رقم 955/2020 الصادر 10/11/2020 من لجنة فحص طلبات الترشح والذي سبق وعُرض على القضاء الاداري والذي قضى بحكم نهائي بات بإلغاء القرار السالف الذكر وذلك لمخالفته للقانون، حيث ان د.بدر الداهوم لا سوابق قضائية عليه وحالته الجنائية بيضاء لا تشوبها شائبة، ومن المعلوم ان هذا اختصاص القضاء الاداري وهو ما اكدته المحكمة الدستورية في الطعن رقم 41 لسنة 2016 الصادر بتاريخ 3/5/2017 والذي سبق عرض حيثياته.
ومن المعلوم ان الاحكام التي تصدر من محكمة التمييز هي احكام باتة تحوز على قوة الامر المقضي وحجية الامر المقضي، فلا يجوز اعادة بحث النزاع مرة اخرى من اي محكمة كانت وذلك احتراما للاحكام القضائية.
تاسعا: حكم الدستورية ببطلان العضوية وبعد عرض الطعن المقام من محمد عبدالهادي حسين مبارك في المحكمة الدستورية والتي حجزت الدعوى للحكم واصدرت حكمها بتاريخ 14/3/2021 وقضت بـ «بطلان اعلان فوز المطعون ضده الاول (د.بدر زايد حمد الداهوم) في الانتخابات التي اجريت بتاريخ 5/12/2020 في الدائرة الخامسة وبعدم صحة عضويته في مجلس الامة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، اخصها اعادة الانتخاب مجددا في هذه الدائرة لشغل المقعد الانتخابي الذي حصل عليه».
وبمطالعة حيثيات حكم المحكمة الدستورية آنف الذكر «ومفاد ذلك ـ وحسبما جرى به قضاء هذه المحكمة ان الاصل ان من توافرت فيه الشروط الواردة في المادة 82 من الدستور يصح له ان يترشح لانتخاب اعضاء مجلس الامة، ويكمل هذا الاصل ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1963 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة المضافة بموجب القانون رقم 27 لسنة 2016، حيث نصت على حرمان كل من ادين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، او المساس بالانبياء، او المساس بالذات الاميرية، من حق الانتخاب، وبالتالي فإن الشرط الثاني الوارد بالمادة 82 من الدستور والمتعلق بالشروط المتطلبة في عضو مجلس الامة، والنص الوارد في الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 متكاملان لا يستقيم ان ينظر لاحدهما بمعزل عن الآخر، مما لازمه انه يشترط في عضو مجلس الأمة ألا يكون قد أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، او المساس بالأنبياء، او المساس بالذات الأميرية ويحرم من حق الانتخاب ومن حق الترشيح وتبطل عضويته إذا ما تم انتخابه».
وتعليقا على هذه الجزئية، فقد حكمت محكمة الاستئناف وتلتها محكمة التمييز في نفس الموضوع المذكور أعلاه بأن د.بدر الداهوم ليس مدانا بالمساس بالذات الاميرية وذلك بقوة القانون.
ومن ثم عادت المحكمة الدستورية بتطبيق القانون على غير محله واستطردت بـ «متى كان ما تقدم جميعه، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 2016 قد نصت على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد نشر هذا القانون في «الكويت اليوم» في ملحق العدد 1294 السنة الثانية والستون الصادر 29/6/2016، وكان الثابت من الأوراق ان المطعون ضده الأول (د.بدر زايد حمد الداهوم) قد تمت إدانته بتاريخ 8/6/2014 بحكم بات من محكمة التمييز في جريمة المساس بالذات الأميرية، والطعن علنا في حقوق الأمير وسلطته، وان هذه الادانة في حد ذاتها تستتبع لزوما تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون، ومن حق الترشيح تبعا لذلك منذ تاريخ نفاذ القانون المشار اليه في 29/6/2016، والذي صدر قبل انتهاء مدة وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية في حق المطعون ضده الاول في الجريمة سالفة البيان، ومتى ثبت ان المذكور قد تخلف في شأنه شرط جوهري من الشروط اللازم توافرها في عضو مجلس الامة طبقا للدستور والقانون منذ هذا التاريخ، وكانت ارادة الناخبين قد وردت في محل معدوم غير صالح للاقتراع عليه، لا يولد اثرا، او يكسبه مركزا يعتد به، فيكون اعلان النتيجة بفوزه في الانتخابات بالدائرة الخامسة قد شابه عيب جسيم لا ينشئ لصاحبه حقا، ويضحى هو والعدم سواء بعد ان ثبتت عدم سلامة اجراءات عملية الانتخاب، وعدم صحة اسباغ صفة العضوية على المطعون ضده الاول تغليبا لحكم الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء ببطلان انتخابه في الدائرة الخامسة، وبعدم صحة عضويته، واعادة الانتخاب مجددا في هذه الدائرة لشغل مقعده الانتخابي».
وبعد ذلك، ناقشت المحكمة الدستورية موضوع قد سبق وحكم به من قبل قضاء التمييز الاداري على الرغم من ان المحكمة الدستورية اكدت في الطعنين المقامين من د.بدر الداهوم في 2017 ـ بعد ان تم شطبه من جداول الناخبين والمرشحين في انتخابات 2016 ـ امام لجنة فحص الطعون وامام المحكمة الدستورية وقالتا في حيثيات احكامهم «لاسيما ان الثابت من الاوراق صدور حكم بات من محكمة التمييز بتأييد القرار الاداري الصادر بشطب الطاعن من قوائم المرشحين في الدائرة الخامسة، وهو قضاء فصل له حجيته لا يجوز الطعن فيه او التعقيب عليه»، وبعكس الواقعة صدر حكم من محكمة التمييز بصحة ترشح د.بدر الداهوم بتاريخ 3/12/2020، فهل معقول بجواز نظر الطعن بعد ما قضت المحكمة الدستورية بعدم جواز نظر احكام محكمة التمييز التي سبق وان فصلت في نزاع وهو قضاء فصل له حجيته لا يجوز الطعن فيه او التعقيب عليه؟! وفي لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية، قالت المحكمة بحيثيات حكمها «وذلك أخذا بالاعتبار ان الطعن امام هذه المحكمة لا يقوم على اختصام الحكم المطعون عليه في حد ذاته من ناحيته المجردة»، الا انها تجاهلت قضاءها السابق وفصلت بالطعن المقام من محمد عبدالهادي مبارك والذي اتجه طعنا على حكم صادر من محكمة التمييز وذلك لأن محكمة التمييز قد فصلت في اسباب شطب د.بدر الداهوم وقضى بعدم صحة الاسباب التي بني عليها القرار واعادته الى جداول المرشحين والناخبين.
عاشرا: الخلاصة مما سبق عرضه والذي نرى معه ان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية قد جاء مقصرا في تسبيبه فانتقص حقا قانونيا واضحا وجليا للدكتور بدر الداهوم وهو باعتبار العقوبة كأن لم تكن وفقا لنص المادة 82 من قانون الجزاء 16 لسنة 1960 «يجوز للمحكمة اذا قضت بحبس المتهم مدة لا تجاوز سنتين او بالغرامة، ان تأمر بوقف تنفيذ الحكم، اذا تبين لها من اخلاق المتهم او ماضيه او سنه...، يصدر الامر بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صيرورة الحكم نهائيا، فإذا انقضت هذه المدة دون ان يصدر حكم بإلغاء وقف التنفيذ اعتبر الحكم الصادر بالعقاب كأن لم يكن..».
وتفسيرا لنص القانون باعتبار العقوبة كأن لم تكن مفاده بأن الحكم الصادر بالعقاب يمحى وتمحى معه جميع آثاره من عقوبات تبعية او تكميلية وان العقوبة لم تصدر، وذلك ليس بطلب يقدم للقاضي الذي اصدر امرا بوقف تنفيذ العقاب ليصدر حكما باعتبار الحكم الصادر بالعقاب كأن لم تكن وانما بقوة القانون، وتؤيدنا بالرأي محكمة التمييز التي استصدرت حكما بتاريخ 3/12/2020 بصحة ترشح د.بدر الداهوم وجاء في حيثيات حكمها «بما يعتبر الحكم الصادر ضد المطعون ضده (د.بدر الداهوم) كأن لم يكن بقوة القانون» السابق بيانه.
فقضت المحكمة الدستورية مقصرة في تسبيبها لبطلان عضوية د.بدر الداهوم، اذ ان هذا الحرمان لا يشمله وذلك كون د.بدر الداهوم ليس مدانا بحكم ماس بالذات الاميرية بقوة القانون وبحجية الامر المقضي وذلك وفقا لحكم محكمة التمييز السابق عرضه.
واخيرا، للخروج من هذا المأزق القانوني إما بتعديل أو إلغاء قانون المسيء، وبضرورة انشاء هيئة للانتخابات تنقح الجداول الانتخابية بصفة دورية حتى لا تكون ارادة الناخبين تنصب على العدم.