-
العمير: نرفض التشكيك في النوايا وقناعتنا أن الدستور قابل للتعديل
-
الفيلي: تنظيم الحياة السياسية يقتضي وجود أحزاب سياسية
أكد النائب علي الراشد أنه آن أوان لإجراء تعديل على مواد الدستور ليواكب متطلبات العصر والتطور الطبيعي للمجتمع، جاء ذلك خلال الندوة التي أقامها تجمع الكتاب بديوان البرجس في منطقة هدية مساء أمس الأول والتي كانت بعنوان «تعديل الدستور.. التوقيت والمبررات» وشارك بها النائب د.علي العمير والخبير الدستوري د.محمد الفيلي.
وقال الراشد «لا شك في ان دستور 1962 عندما وضع من قبل رجال أفاضل، وضعوا لنا فيه مواد أنارت لنا الحياة البرلمانية في الكويت، حيث أوضحوا لنا ان هذا الدستور وضع لـ 5 سنوات بشكل تجريبي، وبعد ذلك يجب ان يتم تعديله، ولكن ظروف الحياة السياسية في ذلك الوقت لم تسمح حيث حصل تزوير في الانتخابات وأعقبها أحداث سياسية كثيرة».
الحياة السياسية لم تستقر
وأضاف «فلا يوجد مجلسا منذ بداية الحياة السياسية في الكويت استمر حيث ان الحياة السياسية لم تستقر أبدا، ولذلك تم إيقاف التعديل على الدستور حتى تتم تهيئة الأجواء ويكون هناك الوقت المناسب للتعديل»، موضحا «فعندما رشحت نفسي لمجلس الأمة في عام 2003 فكرت في دستور الكويت وطبعت نسخة من الدستور بينت من خلالها فكرة التعديل ووزعتها على الناخبين».
واستطرد الراشد «كتبت على هذه النسخة ان الدستور «ما هو إلا عقد بين الحاكم والشعب وعندما وضع كان نبراسا للديموقراطية وآن الأوان لتعديله ليواكب متطلبات العصر، متوجها بالرد على كل من اتهمنا بأن فكرة تعديل الدستور هي توجهات حكومية وما تقدم هو دليل على صدق كلامي بأن فكرة تعديل الدستور هي فكرة نابعة من إحساسي بالمسؤولية تجاه وطني».
وتساءل: «إلى متى يريدون منا ان ننتظر ونصبر على تنقيح وتعديل الدستور فأنا شخصيا مرّ على وجودي 4 مجالس نيابية وبعض المعارضين يقول لم يئن الأوان»، موضحا «ان دساتير الدول ذات الديموقراطية الراقية يتم التعديل عليها مرارا وتكرارا الى ان وصلوا الى ما هم عليه الآن مثل فرنسا والولايات المتحدة وكذلك مصر، إلا نحن أصبح الدستور لدينا وكأنه قرآن أو أعظم من القرآن فالله أنزل القرآن ونسخ منه آيات إلا الدستور الكويتي لا يريدون تغييره».
وأفاد الراشد «ان من يعارض ما أطرحه اليوم من تعديلات هم من قدموا التعديلات المكتوبة على الدستور في وقت سابق، فالأمر واضح وفيه شخصانية، ومن وجهة نظري التعديلات التي قدموها تنسف النظام الدستوري في الكويت وليس مادة من الدستور، لكن القضية قضية شخصانية وليست قضية قانونية للأسف يريدون أن يدار البلد بهذه الطريقة، اما ان ندخل عبر بوابتهم أولا، اما ان يقدموا هم التعديلات وهم حراس البوابة الدستورية او هذه التعديلات سيئة وانبطاحية وحكومية بوجه نيابي».
وأضاف «فالقضية واضحة وشخصية، فجميع من هاجمني في هذا الاتجاه اما انه تقدم شخصيا بتعديل الدستور أو انه يؤيد من قام بطلب التعديل في محاولة تغيير المادة الثانية من الدستور والتي تنسف النظام الدستوري».
وأعلن الراشد «المواد التي يقترح تعديلها على الدستور، فهذه المواد ليست رغبة شخصية فدستور الكويت دستور جامد وصعب ولا يتم تغييره وتعديله بسهولة كما يظن البعض فلتقديم الطلب احتاج إلى 22 نائبا وبعد ذلك يرفع هذا التعديل الى صاحب السمو الأمير ليقول رأيه فيه، مؤكدا على ان تعديل الدستور يحتاج الى توافق نيابي ـ حكومي، ومن هاجمني استغل ما طرحته في الندوات للنقاش وأنا أطلب من جريدة «القبس» اعادة دعوتها لمؤتمر شعبي لتعديل الدستور فهذا الجمود الذي نعيش في ضوئه الى أين يقودنا؟
وذكر الراشد المواد التي الى الآن اعتبرها مسودة ولم أقم بتقديمها انما اطرحها اليوم لسماع وجهات النظر اذا كانت هناك تعديلات او اضافات فأنا قابل لتعديلها وإذا كانت هناك مادة أنا اخطأت فيها فلنتناقش فيها وأنا على استعداد لالغائها وإذا كانت هناك مادة لم أتطرق اليها ونسيتها فأنا على استعداد لإضافتها ولكن يجب ان نتناقش بموضوعية بعيدا عن الشخصانية وهذه الاتهامات هي التي تقود الكويت الى أمر لا نتمناه، فمن لا يتغير لا يتطور فنحن نحتاج الى تغيير هذا الدستور.
التعديل بعد 5 سنوات
بدوره، قال الخبير الدستوري محمد الفيلي: التوقيت الدستوري هو انه بعد خمس سنوات يجوز تعديله، موضحا ان الدستور كنص امامنا لم يوضع لخمس سنوات، فالدستور لم يكن مصمما لعمر خمس سنوات بل يجوز تعديله بعد خمس سنوات.
وأضاف: فالدستور الكويتي جامد ولا يتم تعديله الا لضرورة ويجب ان نبرز مبررات التعديل وأهميات قصوى لذلك، وعندما اتحدث عن دستور جامد فهو وضع للعمل به لمدة اطول، وهذا يعني ان الاندفاع للتعديل دون دراسة متأنية سيؤثر على الكثير.
وأشار الفيلي: فاليوم من الصعب ان نناقش افكار علي الراشد ولكن لدي ملاحظة عامة فهو يحاول المحافظة على التركيبة في الدستور من حفظ مكانة رئيس الوزراء، مبينا ان الدستور لم يصمم على ان الاستجواب هو طرح للثقة ونحن الآن نعيش تطورا سياسيا بعد ان استطاعت الحكومة التخلص من فوبيا الاستجواب ولذلك يجب ان تتم دراسة التعديلات بشكل أوسع من خلال مشاركة المجتمع المدني.
خبراء
وتابع الفيلي: ونود من الراشد ان يعرض هذه التعديلات على الخبراء قبل عرضها على اعضاء مجلس الامة وهذه افكار للنقاش، وهو من الناحية الاجرائية لم يتقدم به فعليا بل هو مارس دوره كمواطن، لافتا: فاليوم الأولوية لدينا هي تنظيم الحياة السياسية ويجب ان تقدم على تعديل الدستور فيجب ان تقر الأحزاب السياسية في البلد ويجب تداركها بوضع قانون للأحزاب السياسية.
وقال الفيلي: عندما تصادفنا مشكلة موقف الحكومة من التلويح بالمساءلة السياسية فهل الحل بتقليص اجراءات المساءلة السياسية ام بتطوير داخل الحكومة لمواجهة هذه المساءلة؟ قضية التعديل مطلوبة في العالم الثالث ولكن بشكل مدروس من خلال تنظيم الحياة السياسية.
وتساءل: هل التعديلات لضبط الاستجواب أم لضبط طرح الثقة؟ فان كانت القضية الاستجواب فلا مصلحة كبيرة منها، واذا كانت القضية ضبط الاستقرار الوزاري فيمكن ذلك من خلال الاختيار السليم.
وشدد الفيلي على ان اي تعديل يجب ان يكون ضروريا وواضحا من حيث تبعاته، واتخاذ القرار فيه يجب ان يكون بعد بحث، ويفضل الا يقدم الاقتراح الا بعد ان يطرح للنقاش الشعبي.
الأحزاب السياسية
وختم الفيلي بأن تنظيم الحياة السياسية مقدم اليوم كأولوية على تعديل الدستور وهذا التنظيم يقتضي احزابا سياسية، وهذا يعني ان جزءا من عدم الانضباط في الاداء البرلماني ليس ناتجا عن احكام المسؤولية السياسية الموجودة في الدستور وليس ناتجا عن عدم وضوح الاتجاه البرلماني في الدستور بل انه ناتج عن ضعف تنسيق وتنظيم وعدم وجود احزاب سياسية، موضحا ان هذه هي الاولوية اليوم ويمكن تحقيقها من خلال وضع قانون للأحزاب السياسية.
ومن جانبه قال النائب علي العمير «نحن سعداء اليوم بهذا الطرح الذي سمعناه ولا شك عندما تناقش هذه الامور في وجود المختصين لن يكون مصيرها الا النجاح والاثراء»، مبينا «انه لا يختلف احد حول نص المادة 175 من الدستور ان الدستور قابل للتعديل بعد خمس سنوات وهذه الفترة وضعت كاختبار للدستور ان كان يعكس اي استقرار سياسي ام لا».
واضاف «كذلك فكرة رفض تعديل الدستور ليس لها اي مبرر والدستور ليس قرآنا وهذا حق والدستور من وضع الرجال والدساتير لا تصنع الرجال والدول بل ان الرجال والمجتمعات هي من تصنع الدساتير وهي التي تختار ما يناسبها وما يؤدي الى مصلحة هذه الدول والمجتمعات»، مشيرا الى «اننا وقعنا في مأزق عندما يأتي التعديل من شخص نقول انه مشروع لانه من (فلان) وعندما يأتي التعديل من غيره اصبح الاتهام والتنابذ والتحقير لما يقدم».
التشكيك مرفوض
واكد العمير «على ان النائب علي الراشد لا يمكن ان يقدم شيئا فيه ضرر للمجتمع خاصة في النواحي الدستورية فنحن نختلف كثيرا في قضايا الاقتراحات والقوانين والتوجهات السياسية ولكن التشكيك مرفوض واعتقد ان فيه نوعا من التجني»، متابعا «فمع اقتناعنا بأن الدستور قابل للتعديل ولكن علينا ان ننظر الى ما يدعونا الى اختيار هذه المرحلة لتعديل الدستور خاصة انه مرتبط بأذهاننا وليس بعيدا عنا مجلس 1981 عندما حاولت الحكومة ادخال التعديلات على الدستور وكان من بينها مواد تقيد الحريات». واشار الى ان هذا الامر اذا اقترن بالفترات التي مررنا بها من محاولات ازدراء الدستور وانه ليس وثيقة بين الحاكم والمحكوم تدعونا دائما الى التريث بل الى التوجس من اي دعوة تقدم لتعديل الدستور وهذا ما دعانا الى ان نقول ان «الدستور خط احمر» و«إلا الدستور».
وبين العمير «ان من التعديلات الواجبة قبل كل شيء، راجيا ممن يخالفني الرأي ان يتسع صدره، تعديل المادة الثانية من الدستور وهي التي يجب ان ننظر لها والتي جعلت شرع الله مع باقي الشرائع ولم تميزه وهذه مادة من الممكن تعديلها وكدنا سابقا نصل الى العدد المطلوب حتى نقدم التعديل ومن التعديلات المطلوبة الاعراف الدستورية حيث اصبح لدينا هناك خطاب سام قبل الخطاب الاميري وقسم للوزراء غير قسمهم امام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وغير هذا وتوضيح الاشياء المختلف فيها مثل حضور الحكومة من عدمه وصحة الجلسات». قال امين عام تجمع الكتاب مفرج الدوسري «ان التجمع يتصدى لكل من يحاول شق الوحدة الوطنية».
تعديل المواد 80 و 98 و 100 و147
بين النائب علي الراشد ان هناك معارضة على التعديلات التي تقدم بها أخيرا على الدستور، مطالبا النواب المعارضين بمناقشة هذه التعديلات قبل مباشرة العمل فيها «وسيكون هذا ردا على من يقول انها تعديلات حكومية بوجه نيابي». وأوضح الراشد في تصريح صحافي في مجلس الأمة أمس ان من ضمن التعديلات ان الحكومة ممثلة في سمو رئيس الوزراء يجب ان تقدم برنامج عملها قبل مباشرة عملها ويصوت عليه بالثقة من قبل النواب «كما هو في التجربة الأردنية».
وكشف الراشد ان التعديلات ستشمل 4 مواد، (80) و(98) و(100) و(147)، مبينا ان التعديل في المادة (80) يشمل عدد الدوائر بحيث تصبح (6) دوائر وكل دائرة يمثلها 12 نائبا بمجموع 72 نائبا.
وأضاف الراشد ان المادة (98) ستعدل بحيث يصبح هناك تصويت على الثقة بالحكومة من قبل النواب بعد تقديمها برنامج عملها، لافتا الى ان التعديل على المادة 100 هو ان الاستجواب اذا كان مقدما الى وزير يجب ان يزكى من قبل 4 نواب اضافة الى النائب المقدم للاستجواب بحيث يصبح المجموع 5 واذا كان مقدما الى رئيس الوزراء يزكى من 9 نواب اضافة الى النائب المستجوب.
«وفي الحالتين يصعد على المنصة نائب واحد فقط»، و«النائب الذي لا يستطيع إقناع 4 نواب باستجوابه أعتقد ان استجوابه غير جدي».
وأشار الراشد الى ان عدم التعاون مع رئيس الوزراء في التعديلات يستلزم ان يقدمه 15 نائبا وليس 10 وذلك لزيادة عدد النواب، مبينا ان التعديل على المادة 147 جاء بإضافة فقرة ثانية بحيث تصبح كل أعباء مالية على الخزانة العامة ترتبها قوانين اقترحها النواب خلال السنة المالية يكون تدبير ما يقابلها عن طريق خفض تقديرات الإنفاق الواردة في قانون الميزانية.
وزاد: ان اي نائب يقدم قانونا عليه أعباء مالية يجب عليه ان يكتب في القانون من اين سيأتي بالمال وعلى اي بند من بنود الميزانية.
وأكد الراشد انه لن يتقدم بهذه التعديلات إلا بعد سماع رأي الدستوريين والقانونيين وأعضاء مجلس الأمة، موضحا ان المجال مفتوح للإضافة والتعديل عليها.
ولفت الراشد الى ان تعديل المادة الثانية سبق ان رفضه بينت الحكم من خلال سمو الشيخ جابر رحمه الله وأي تعديل يجب ان يكون بموافقة الطرفين حاكما ومحكوما، مبينا ان التعديلات المقدمة منه اذا رفضت من قبل صاحب السمو الأمير فلن يتقدم بها مرة اخرى.
وبسؤاله عما اذا كان استحداث دائرة سادسة تخرج من الدائرتين الرابعة والخامسة أتى لكسب تأييد نواب تلك الدوائر أجاب الراشد بأن هذا الموضوع مطروح سابقا وصاحب الفكرة هو النائب السابق مشاري العنجري وهي فكرة ليست جديدة وأتت إنصافا للبعض ولجعل أرقام الدوائر متقاربة وليس كما يحصل حاليا.
وعما اذا كان تقديم اي تعديل على المادة الثانية في الدستور سيضير تعديلاته اذا أتى بالتزامن معها، قال الراشد: نعم سيضر ويخلط الأوراق. وطالب الراشد الطرف المعارض بالتأني وقراءة مسودة التعديلات ومن ثم إبداء رأيه للوصول الى رؤية مشتركة يتفق عليها الجميع.