- الفيلي: القول إن الانتخابات المقبلة مهددة بالطعن لم يعد له أساس بعد حكم «الدستورية» الأخير
- النيباري: مبرر الحكومة لتقليص عدد الأصوات ادعاء غير صحيح
ناصر الوقيت
اكد نائب رئيس مجلس الامة السابق النائب عبدالله الرومي ان حكم المحكمة الدستورية الاخير حصن الدوائر وحصن قانون الانتخاب، ولم تعد هناك مخاوف من اجراء الانتخابات في ظل قانون تشوبه الشبهات.
وقال الرومي، خلال الندوة التي أقيمت أمس الاول بديوان د.عبدالله النيباري تحت عنوان «التداعيات القانونية والسياسية لحكم المحكمة الدستورية»، إن الكويت تعيش منذ سنوات في أزمات سياسية يلد بعضها بعضا وهو ما انعكس على السلطات الثلاث واصبح البلد مشلولا لكونه يدفع ثمن هذا الصراع الذي صنعته أطراف داخلية هي الحكومة والمجلس في ظل انتشار آفة الفساد.
وأوضح أنه على اثر حكم الدستورية ببطلان مجلس 2012 عاد مجلس 2009 وكان من المفروض حله مباشرة الا أن رأي بعض فقهاء الدستور أخر الحل، وأمام حكم المحكمة قسم البلد إلى رأيين أحدهما مؤيد للدستورية والآخر متخوف.
وأضاف: بعد صدور هذا الحكم وعلى الرغم مما قيل صدر حكم الدستورية الأخير وحصنت قانون الانتخاب لذا اصبحنا على بينة ولم يعد هناك تخوف من اجراء الانتخابات في ظل قانون تشوبه الشبهات.
وأوضح الرومي: في ظل حالة الشلل التي أبرزها عدم اقرار الميزانية الى اليوم كان من المفترض حل المجلس مباشرة والدعوة للانتخابات بالقانون الحالي، لكن الإبطاء أثار علامات استفهام وجعل الحديث حول وجود نية للقفز على الدستور وتعديل الدوائر وهذه المخاوف ستظل الى أن يصدر مرسوم الدعوة للانتخابات. وأكد انه إذا كان هناك تعديل دوائر الآن فلن يكون إلا بمرسوم ضرورة وفق المادة 71 من الدستور وإذا كانت تلك المادة تعطي الحق في إصدار مراسيم الضرورة لكنها تصدر لأمر طارئ لتعالج تغيب المجلس في فترة معينة سواء كان في الاجازة أو تم حله، واليوم لسنا أمام أمر طارئ يستدعي مراسيم ضرورة لأن الوضع الحالي متداول منذ نحو عام وهو أمر ليس وليد اللحظة، ولا يجوز دستوريا أن يشرع في تعديل الدوائر بمرسوم لمخالفته للمادة 71.
واضاف الرومي: نحن نتحدث عن مبدأ وهو الالتزام واحترام الدستور بغض النظر عن موقفنا من المجلس، فالتزامنا واحترامنا للدستور يتعارض وإصدار مرسوم ضرورة بالتعديل ولو قلنا إن المجلس القادم سيعالج مرسوم الضرورة حال انعقاده فإننا سنكون امام انتخابات أجريت وفق هذا المرسوم. الأمر الثاني إذا كانت الحكومة تريد تعديل الدوائر للتفويت على الأغلبية فيفترض أن الحكومة قرأت الساحة لأن الساحة السياسية ليست مع الأغلبية فهي ليست مع من يرفع شعار احترام القانون وهو يضرب سيادة القانون وليست مع من يرفع شعار لا لضرب فئات المجتمع وهو يضرب وحدة المجتمع، ولا ينبغي أن نخرج من أزمة الى أزمة أخرى، فالوضع اليوم يختلف عن الانتخابات الماضية التي أجريت في ظل وجود قضية فساد ظهرت وطالعها المجتمع كله وانزعج منها، أما اليوم فلا توجد قضية مشابهة ولا ينبغي أن نخالف الدستور لأن الناس ملت وقاربت على الكفر بالديموقراطية.
من جانبه، قال استاذ القانون الدستوري د.محمد الفيلي: اننا أمام حكم برفض طلبات الحكومة القائلة بعدم دستورية القانون، إذ قررت المحكمة أنه ليس لديها دليل على سلامة المطاعن وتعبير تحصين القانون المستخدم يجب أن نتعامل معه بحذر لأن القضاء المقارن يقرر حقيقة ان الاخلال في حدود ما تفرضه الظاهرة الجغرافية يكون مقبولا اما الاخلال بما فوق ذلك فهو مرفوض.
واضاف ان أهمية الحكم الأخير تتمثل في أن الاحساس القوي بان الانتخابات المقبلة مهددة بالبطلان نتيجة عدم دستورية القانون لم يعد له اساس بسبب صدور حكم المحكمة التي أوضحت ايضا أننا امام قانون سيئ وسوء القانون لا يعني مخالفته للدستور.
وزاد ان حكم المحكمة الدستورية أن المشرع لم يجد دليلا على عدم دستورية القانون، وان لكل مشرع الحق في تعديل القانون بالطرق التشريعية والسؤال هل هذه العبارة تعطي حق التعديل بمرسوم بقانون؟ وأجاب أن صدور مرسوم بقانون له شروط ومنها ارتباط الحدث السابق بضرورة آنية تجعله غير قابل للانتظار وهو ما يجعله حدثا جديدا في حد ذاته. واوضح ان هناك عنصرا موضوعيا وآخر إجرائيا، فالموضوعي، هو أن يكون ضرورة، والاجرائي يتعلق بمن يقدر الضرورة والتقدير يمر بمراحل أولها مجلس الوزراء الذي يرفع مشروعا بذلك، ثم يلي ذلك صاحب السمو الامير الذي يصدر المرسوم وأخيرا مجلس الامة الذي ينظر فيه بعد ذلك واخيرا المحكمة الدستورية التي تراقب ذلك وفق القانون المقارن.
وبين ان القضية الآنية لم تطرح من قبل أمام المحكمة الدستورية ولكن إذا استقرأنا الأحكام السابقة يصبح من المتصور، والمنطقي أن تقبل المحكمة الدستورية فحص دستورية المرسوم بقانون ليس من ناحية التنظيم الذي يتبناه صدور مرسوم الضرورة ـ مع الوضع في الاعتبار أننا لسنا أمام اي تصريح لمصادر حكومية بشأن صدور مرسوم ضرورة بالتعديل ـ ومن المتصور أن تقرر عدم دستورية المرسوم لعدم توافر الضرورة التي تقتضى صدوره، لذا سندخل في نفس المشكلة التي حاولت الحكومة الدفع اليها وهو تعريض الانتخابات للطعن لعدم دستورية القانون الذي بنيت عليه. وقال ان الصوت الواحد قد يكون جيدا إذا كنا نعلم ما نريد بمعنى إذا كنا نعرف أن التصويت بأصوات كبيرة في ظل عدم وجود تنظيم سياسي يدفع الناخب للقبلية لأنها التنظيم الوحيد القائم.
بدوره، أكد النائب السابق د.عبدالله النيباري اننا دخلنا في نفق مظلم قد يؤدى بنا إلى العنف لأننا أمام شباب دخل إلى معترك العمل السياسي، وقد يقول قائل اننا عشنا المظاهرات في أوقات سابقة، لكننا نقول ان المظاهرات لم يسبق أن وصلت لعشرات الآلاف كما هي عليه الآن معتبرا هذا الأمر تطورا سياسيا واجتماعيا لابد أن نلتفت اليه أيا كانت ظروفه.
وأضاف: نحن أمام مخاوف، إذ أن احتمال أن يأتي مشروع السلطة بما يرضي الناس ضعيف وعلي العكس من ذلك فإن مشاريع السلطة التي تحدثت عنها وسائل الاعلام تجعلنا امام تفصيل المناطق لاعطاء ثقل انتخابي فئوي وهو أمر غير مقبول من السلطة بأن تستخدم مشروعا بهذا الشكل لزيادة الاوزان الفئوية. وقال انه إذا نفذت السلطة ما ذهبت اليه وسائل الاعلام من مشروعات نشرت مؤخرا فإننا سنكون أمام قانون مشوه يعزز الطائفية.
وبين ان صدور حكم الدستورية اشاع نوعا من الراحة إلا أن الحديث عن مساعي حكومية لتقليص الاصوات أعاد المخاوف من جديد خشية أن يدشن هذا التوجه أزمة قد تمتد بنا لثلاثين سنة أخرى فقد جاء قانون الدوائر الخمس ليعدل قانونا ظل لـ 15 سنة. وزاد ان ما يقال من مبرر لتقليص الاصوات هو تحقيق عدالة لبعض المناطق والحد من تبادل الأصوات وهو ادعاء غير صحيح، لأن الحكومة عدلت العشر دوائر في السابق كان لتقليص فرص المعارضة في الوقت ذاته والتي تتغني الحكومة برقيها في الوقت الراهن. ولفت الى أن التعديل للدوائر الخمس جاء بعد التحرك الشعبي غير المسبوق تحت عنوان «نبيها خمسة وهي التحركات التي أعلنت ميلاد ساحة الارادة كما نراها حاليا، مشيرا الى أن اللجنة التي شكلت حينها درست مشروعي الدوائر العشر والخمس واقرت الدوائر الخمس وإقرار الحكومة له كان اقرارا بالبواعث التي دعت اليه وهو شيوع الفساد وترسيخ مفهوم نائب الخدمات واستخدام المال السياسي والتعيينات في المناصب العليا.
وزاد أن تجاوزات نواب الخدمات استمرت ووصلت الى حد ضرب موظفي الدولة بل والى حد شتيمة وزراء الحكومة كما حدث مع د.هلال الساير، وامتد موضوع شراء الذمم الى ما يسمى مناطق الداخل مثل الشامية والعديلية والقادسية وقد اتخذ الشراء اشكالا عدة أما نقدا أو في شكل زكاة.
وقال ان استمرار هذه الظواهر السلبية التي دعت للمطالبة بتعديل الدوائر الـ 25 إلى خمسة أعاقت تطور البلد سياسيا فلايزال الأمر قائما، إذ اننا امام مطالب بالغاء القروض التي تقدر بنحو 6 مليارات دون وجود اي نوع من العدالة فمن عليه 5 آلاف سينظر اليه كمن بلغت قروضه ملايين، والنتيجة أن قانون الدوائر الخمس في ظل عدم وجود تنظيمات سياسية أعاق التطور الديموقراطي لأن الحكومة تحارب وجود المنظومات السياسية والمدنية لأنها تعتبرها تعديا على سلطتها. وزاد اننا الى الآن نعاني من حرب كلامية وخطورة الدخول في هذا النفق المظلم في ألا يبقى السجال والصراع السياسي في حدود الكلام وان يجرنا الى تطورات خطيرة تهز النظام السياسي الديمقراطي الذي اقره الدستور ويزعزع الاستقرار ويعوق التنمية.
واوضح ان ما نخشاه الآن هو أن تقليص الاصوات سواء لخدمة مصالح معينة أو بحسن نية هو تقليص لفرص نمو الديموقراطية وتقليص لفرص الاستقرار وانتعاش التنمية ونحن اليوم أمام وضع خطير ربما يكون اشد خطورة مما كنا عليه في الماضي لأننا اليوم أمام اعادة انتاج نظام الـ 25 بمعطيات جديدة يغلب عليها الفساد وسوء السلوك، مختتما ان الظرف الحالي لا يسمح باللجوء الى النظام الاستثنائي في شكل إصدار مرسوم ضرورة.
ولفت الى ان المجتمع الكويتي الآن منقسم بشكل لم يحدث في تاريخ الكويت، وإذا كنا نعترف بوجود خلل في القانون يتمثل في ان مناطق الاقلية في السكان تهيمن على مقاعد المجلس، وهو خلل أكبر من ذلك الخلل الذي ذهبت به الحكومة للمحكمة الدستورية، ولكن تعديل هذا الخلل يجب ان يكون بطريقة دستورية داخل المجلس لأن الاغلبية المعارضة ظاهرة مؤقتة، وأي قراءة سلمية تجعلنا ندرك ان اي انتخابات لن تعيدنا الى نتائج 2012. وقال ان حق الانتخاب مكسب عظيم يتمتع به الكويتيون، وقد سالت من اجله الدماء في سورية وليبيا ومصر، لذا يجب أن يستغل لمصلحة الوطن وليس للمصالح الفئوية والقبلية وفقا للإنتماء وليس بناء على فكر وبرنامج سياسي للمرشح ولن يكون هناك تقدم الا إذا كان هناك تمرد فكري على آلية تحديد الموقف السياسي للناخب.