رفضت لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل الاقتراحين بقانونين بشأن العلاج بالخارج وبشأن إنشاء اللجنة الطبية المختصة بالموافقة على إرسال المريض للعلاج بالخارج.
وأوصت اللجنة في تقريرها العشرين الذي رفعته على جدول أعمال الجلسة المقبلة بضرورة تعديل القرار الوزاري المنظم للائحة العلاج في الخارج وفقا لما جاء في هذا التقرير، لما لهذه التعديلات من دور في التخفيف والتسهيل على المرضى وذويهم.
واطلعت اللجنة على الاقتراحين بقانونین (سالفي الذكر) وعلى مذكرتيهما الإيضاحيتين وتبين لها الآتي:
- الهدف من الاقتراح الأول: هو إعادة النظر في العلاج بالخارج على أساس حظر إرسال المريض لتلقي العلاج خارج الدولة، وتحويل مسار الرعاية الطبية للمواطنين من خارج الكويت إلى داخلها، واستقدام الطبيب الأجنبي المختص في حال عدم توافر العلاج داخل الكويت، أو عدم وجود نظيره على نفقة الدولة بعد التعاقد معه عن طريق المكتب الصحية الكويتية بالخارج، وإتاحة الفرصة للأطباء بوزارة الصحة بمرافقة الطبيب الأجنبي لاكتساب الخبرة، وذلك للحفاظ على المال العام بعدما شكل العلاج في الخارج عبئا ماليا على الميزانية العامة للدولة.
- الهدف من الاقتراح الثاني: تشكيل لجنة طبية مركزية متخصصة للعلاج بالخارج بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الصحة، يكون لها وحدها النظر في أحقية المريض الكويتي للعلاج في الخارج على نفقة الدولة سواء كان من المدنيين أو العسكريين، مع بيان آلية تشكيل هذه اللجنة، ومدة عضوية الأطباء فيها وتأدية القسم قبل مباشرة العمل فيها أمام وزير الصحة، بهدف وضع منهجية سليمة متكاملة لتوفير الخدمات الطبية.
كما اطلعت اللجنة على تقريري لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بشأنهما، والتي انتهت فيهما إلى الآتي:
- فيما يتعلق بالاقتراح الأول: انتهت اللجنة إلى عدم الموافقة عليه بإجماع آراء الأعضاء الحاضرين، وذلك لتعارضه مع المادة (١٠) من الدستور الكويتي التي تنص على أن: «تعنى الدولة بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة» خاصة في مادة الاقتراح الأولى التي تحظر العلاج في الخارج بمجمله، فقد رأت اللجنة التشريعية أنه: رغم أن فكرة الاقتراح نبيلة وتهدف لفرض الرقابة على العلاج بالخارج ووقف الهدر المالي، إلا أنه يجب ألا يكون تحقيقها على حساب صحة المواطنين وحياتهم، خاصة عند عدم توافر العلاج داخل الدولة.
- فيما يتعلق بالاقتراح الثاني: انتهت اللجنة إلى الموافقة عليه بإجماع آراء الأعضاء الحاضرين.
رأي وزارة الصحة
وجاء رد الوزارة فيما يتعلق بالاقتراح الأول: باستقراء الاقتراح الأول فقد تضمنت مواده حظرا للعلاج بالخارج وهو حظر عام لا استثناء فيه، الأمر الذي قد يسبب بعض الإشكالات من الناحية العملية والإنسانية، ففي حالة عدم توافر الرعاية الصحية لأحد المرضى داخل الكويت، وما تستلزمه أحكام مواد الاقتراح من ضرورة استقدام طبيب أجنبي متخصص في حالات الأمراض المستعصية لعلاجها، فالإشكالية تقع عند عدم قبول الطبيب الأجنبي المتخصص للقدوم للكويت لتقديم خدماته العلاجية وخبراته للمرضى، وفي هذه الحالة مع وجود الحظر المنصوص عليه بالمادة الأولى من الاقتراح، فإنه لن يسمح للمرضى بالسفر للعلاج بالخارج رغم استحقاقهم وما يقع على عاتق الدولة من مسؤوليتها بتوفير الخدمات العلاجية والطبية، فإن هذا الاقتراح ينطوي على مخالفة صريحة لنص المادة ١٠ من الدستور التي تنص على أن: «تعنى الدولة بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة»، حيث يعتبر إرسال المرضى للعلاج بالخارج غير المتوافر علاجهم داخل الكويت إحدى وسائل الوقاية والعلاج المنصوص عليها بالدستور الذي لا يجوز مخالفته، لذا ترى الوزارة أنه إن كان ولابد من الموافقة على هذا الاقتراح، فيجب أن يتم إلغاء الحظر أو إيجاد استثناء للحالات التي لا يوجد لها علاج داخل الكويت أو يتعذر معها استقدام طبيب أجنبي متخصص لعلاجها، حيث يعد هذا الاقتراح بصفة عامة إيجابية لجلب الخبرات العالمية للكويت وتدريب الكوادر الوطنية على المهارات الطبية المتطورة، وكذلك فإنه ينعش القطاع الطبي الأهلي.
- وفيما يتعلق بالاقتراح الثاني: جاء رد الوزارة بالموافقة عليه، حيث أشارت إلى أنها قد أصدرت القرار الوزاري رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٩ بشأن لائحة العلاج بالخارج، وتم تحديد (٣) لجان مركزية عليا هي التي تحدد أحقية المريض للعلاج بالخارج من عدمها، وتحديد الخطة العلاجية لمن يتوافر علاجهم داخل الكويت.
وقد ناقشت اللجنة مع ممثلي الوزارة إجراءات نظام العلاج بالخارج والدورة المستندية، ولائحة تنظيم العلاج بالخارج الصادرة بالقرار الوزاري رقم ١٩٩ لسنة ٢٠١٩ وما طرأ عليها من تعديل، حيث أوضحوا أن ما جاء في الاقتراحين بقانونين منظم باللائحة، حيث إن هناك حظرا على العلاج في الخارج ما عدا الحالات المحددة المنصوص عليها في اللائحة، كما بينوا أن هناك لجانا طبية تخصصية واستعرضوا آلية عملها، حيث يتقدم المريض إلى اللجنة التخصصية التي تنظر حالته ثم ترفع قرارها بالموافقة أو الرفض - حسب الحالة - إلى اللجان الطبية العليا التي تصدر القرار بالرفض أو الموافقة على إرسال المريض للعلاج بالخارج وهي (اللجنة الطبية العليا للعلاج بالخارج «الجراحية» - اللجنة الطبية العليا للعلاج بالخارج «غير الجراحية») وهناك لجنة الاستشاريين المحليين والزوار) وهي تنظر الحالات التي يتم رفض علاجها في الخارج، وتختار منها الحالات التي يمكن للجنة تنظيم علاج لها في الداخل مع الأطباء الزائرين ووضع مواعيد لهذه الحالات وخطة علاج لهم داخل الكويت، وأوضحوا للجنة أن هذه اللجان الطبية العليا تنظر إلى ملف المريض فقط من دون رؤيته وفحص حالته مباشرة.
كما استعرضوا إجراءات التقدم للعلاج في الخارج الحالية، وحالات تمديد العلاج أو الإيقاف المؤقت، وإجراءات التظلم، والحصول على التوقيعات اللازمة في حالة الموافقة على العلاج في الخارج أو حالات تغيير بعد العلاج أو حالات تمديد العلاج، ومدى إمكانية تقويض التوقيع من مدير المكتب الصحي مع إخطار وكيل الوزارة للتأكيد على الرقابة.
وبهذه المناسبة، أكدت اللجنة أن هنالك العديد من الإشكالات العملية واللائحة التي تشكل معاناة حقيقية للمستحقين للعلاج بالخارج بسبب بعض العوائق في التطبيق، وتيسيرا على المواطنين من طول الدورة المستندية والإجراءات بما يحافظ على كرامتهم، فقد طالبت اللجنة بحل هذه العوائق من خلال تعديل لائحة العلاج بالخارج الحالية وتفعيل بعض موادها ومنح المزيد من الصلاحيات لمدير المكتب الصحي في الخارج ومدير إدارة العلاج في الخارج، مع التأكيد على الرقابة للحفاظ على المال العام.
وقد حددت اللجنة مقترحاتها لحل هذه الإشكالات بما يلي:
1- العودة للنظام السابق والاعتماد على اللجنة الطبية التخصصية في تقرير مدى حاجة المريض للعلاج في الخارج من عدمه، لاتصالها المباشر به وعلمها بحالة المريض الصحية واللجنة الطبية العليا التي تنظر حالات الرفض، وذلك من دون الحاجة لأخذ موافقة ثانية من اللجان الطبية العليا التي لا تنظر في حالة المريض، وإنما تكتفي بمراجعة التقارير والملف الطبي وتقرر على أساسها ما إذا كان المريض يحتاج إلى العلاج بالخارج أم لا.
2- في حال بقاء اللجان الطبية وفقا لما قررته اللائحة، لابد أن يضاف لاختصاصات اللجنة الطبية العليا الفحص الطبي المباشر لحالة المريض من دون الاكتفاء بالنظر لملفه الطبي أو التقارير والفحوصات فقط.
3- أن يكون علاج المريض في الخارج ممتدا ويشمل (خطة العلاج لحين انتهائه، والمراجعة التالية للعلاج) وذلك لحين استكمال العلاج وانتهائه، وعدم إغلاق ملف المريض لحين الانتهاء من مواعيد المراجعة التي تحدد بعد انتهاء العلاج بفترة زمنية، من دون الحاجة لأخذ موافقات جديدة لإعادة إرسال المرضى والدخول إلى اللجان الطبية لتلك الزيارات الضرورية، وكأنها حالات مرضية منفصلة عن المرض الأساسي الذي أرسل من أجله المريض.
4- منح مدير المكتب الصحي في الخارج صلاحية الموافقة على الإيقاف المؤقت لأكثر من مرة بين المواعيد الطويلة للمرض مع حفظ حقه للعودة إلى العلاج، وذلك بعد موافقة الطبيب المعالج في الخارج وإخطار إدارة العلاج في الخارج ووكيل الوزارة، من دون تقييد حق المريض بالإيقاف لمرة واحدة فقط كما هو منصوص عليه في اللائحة المعمول بها حالية، خاصة للمرضى المصابين بالحالات المرضية التي تحتاج لمدة زمنية طويلة للعلاج (كحالات المصابين بأمراض السرطان أو زراعة الأعضاء) وذلك حتى لا يحرم المريض من حق العودة لأكثر من مرة طالما أن الوزارة لا تتحمل تكلفة التذاكر.
5- منح مدير المكتب الصحي في الخارج صلاحية الإيقاف المؤقت لملف المريض مع إخطار إدارة العلاج في الخارج ووكيل الوزارة، وذلك بعد انتهاء فترة علاج المريض لحين موعد المراجعات التالية التي يحددها الطبيب المعالج من دون الحاجة إلى دخول اللجان الطبية، وذلك للتأكد من سلامة المريض لحين إمكانية متابعة علاجه داخل الكويت.
6- تفويض مدير إدارة العلاج في الخارج بالموافقات والاعتمادات المقررة لوكيل الوزارة مع إخطاره بها، وذلك لتسهيل الإجراءات على المريض المستحق طالما حصل على موافقة اللجان الطبية لإرساله للعلاج بالخارج، مثل (حالات التمديد، الإيقاف المؤقت، تغيير بلد المنشأ، مرافق المريض).
وخلصت اللجنة إلى التأكيد على أنها مع حق المواطن في العلاج بالخارج على اعتبار أن ذلك واجب على الدولة وحق للمواطن، وفق ضوابط محددة تجمع ما بين ضرورة ضبط العلاج بالخارج ليكون موجها فقط إلى المستحقين بمعايير واضحة وشفافة، ومراعاة عدم وضع العراقيل أمام المستحقين، هذا مع الدعوة إلى تطوير العلاج بالداخل والتوسع في التكنولوجيا الطبية وتطوير المرافق الطبية داخل الكويت.
ووفقا لما تبين للجنة بعد الاطلاع على لائحة العلاج بالخارج الصادرة بالقرار الوزاري رقم (١٩٩) لسنة ٢٠١٩، وما صاحبها من قرارات معدلة، وبدراسة الاقتراحات والاطلاع على ردود الوزارة انتهت إلى ما يلي:
- عدم الموافقة على الاقتراح بقانون الأول، وذلك لأن الاقتراح حظر العلاج بالخارج بشكل كامل وهو ما يخالف الواجب الدستوري الذي يفرض على الدولة كفالة حق المواطن في العلاج والصحة العامة، وذلك طبقا لأحكام المادة (15) من الدستور التي تنص على أن: «تعنى الدولة بالصحة العامة وبوسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة» إذ إن الإشكالية تقع عند عدم قبول الطبيب الأجنبي المتخصص للقدوم للكويت لتقديم خدماته العلاجية وخبراته للمرضى، وفي هذه الحالة مع وجود الحظر المنصوص عليه بالمادة الأولى من الاقتراح، فإنه لن يسمح للمرضى بالسفر للعلاج بالخارج رغم استحقاقهم له، ما يخالف ما نص عليه الدستور.
عدم الموافقة على الاقتراح بقانون الثاني: وذلك للأسباب التالية:
- أن الغرض من الاقتراح متحقق لوجود لجان في لائحة تنظيم العلاج بالخارج، حيث نص القرار الوزاري رقم (22) لسنة 2018 على تشكيل لجنة لدراسة إجراءات وضوابط إرسال المرضى الكويتيين للعلاج بالخارج برئاسة وكيل الوزارة، كما تم النص في القرار الوزاري رقم (169) لسنة 2019 على تشكيل ثلاث لجان مركزية عليا.
- قصور الاقتراح عن بيان التنظيمات الخاصة بالعلاج في الخارج لمنتسبي وزارة الداخلية والدفاع، التي قد تلتقي أو تختلف مع ما يقرره الاقتراح، حيث لم يوضح الاقتراح حقهم في اللجوء لهذه اللجنة، والاكتفاء بما تقدمه وزاراتهم من فرص للعلاج بالخارج للمستحقين منهم.
- أن المقترح يلغي دور وزارة الصحة المعنية بشكل أساسي بالعلاج والصحة العامة وكفالة حق المواطن بالعلاج.
- الاقتراح يمس حق المريض المتضرر بالتظلم على قرار اللجنة المقترحة.
- كما أنه من الناحية العملية هناك صعوبة في التطبيق نظرا لوجود تخصصات طبية عديدة تنقسم لقسمين هما: قسم الباطنية وقسم الحالات الجراحية وما يندرج تحتهما من تخصصات طبية أخرى، بالتالي فإن من الصعب جدا حصر هذه التخصصات بلجنة مركزية واحدة لنظر جميع الحالات المرضية، وذلك لأن الاقتراح نص على أن هناك لجنة مركزية واحدة تنظر في مدى أحقية المريض للعلاج بالخارج.
التوصيات
أوصت اللجنة بضرورة تعديل القرار الوزاري المنظم للائحة العلاج في الخارج وفقا لما جاء في هذا التقرير، لما لهذه التعديلات من دور في التخفيف والتسهيل على المرضى وذويهم.
قرار اللجنة
بعد المناقشة وتبادل وجهات النظر، انتهت اللجنة بإجماع آراء أعضائها الحاضرين إلى (عدم الموافقة) على الاقتراحين بقانونين.