ليلى الشافعي
يعتبر حفظ النفس من مقاصد الشريعة الخمسة الكبرى، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الشافعي عن ابن عمر «تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة».
بين هذين الأمرين تأتي مناشدة وزارة الصحة في إحدى الدول العربية تأجيل الحمل في الفترة الحالية بسبب تداعيات انتشار «كورونا» وخوفا على الأمهات والمواليد من هذا الفيروس الفتاك، مبررة ذلك بأن الحمل يتسبب في ضعف المناعة بطريقة غير مباشرة كما أن «كورونا» خطر جدا على الحامل وعلى المولود لما فيه من مضاعفات خطيرة طويلة الأمد.
لتبيان الرأي الشرعي في هذه الدعوة وأين يقف الشرع الحنيف منها وهل يبيح أيضا إذا تم الحمل أن تجهض المرأة، طرحت «الأنباء» الأمر على عدد من العلماء فقال العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي إن الأصل في الحكم الشرعي الترغيب في الحمل وكثرة النسل، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»، مضيفا: لم نسمع من أهل الاختصاص ولا من منظمة الصحة العالمية التحذير من الحمل او ان الحمل يتسبب في ضعف المناعة، ولو صح هذا الكلام فلا يمنع الحمل وانما تؤخذ الاحتياطات.
أما د.محمد العصيمي فرأى ان تأجيل الحمل لمصلحة جائز ومن المصلحة خشية تأثر الحمل نتيجة ضعف المناعة، لافتا إلى أن إجهاض الجنين فيه أمران: إن كان قبل نفخ الروح يجوز إجهاضه بشهادة الطبيب، اذا كان فيه ضرر على الأم بشرط ان يكون الضرر حقيقيا وليس متوهما، أما إذا نفخت فيه الروح فلا يجوز إسقاطه إلا اذا تيقنا موت الأم في حال استمرار الحمل.
ولفت د.العصيمي الى انه ينبغي ألا ننجر وراء الأوهام في بناء الأحكام، وانما يجب ان يكون الأمر متيقنا ومبنيا على كلام الأطباء المتخصصين الثقات.
لا يجوز
من جهته، رأى د.بسام الشطي أنه لا يجوز منع الزوجات من الحمل بسبب شبهة لا تحمل إلا الظنون الكاذبة ومبنية على وهن ووهم خالية تماما من الدراسات المعتبرة الدقيقة والمتخصصة، مضيفا: على العكس تماما سمعنا عن ام مصابة بكورونا ولدت طفلا سليما والأطفال من لطف الله عليهم نسبة الإصابة بالفيروس لا تكاد تذكر أبدا.
كما ان الإسلام جعل الهدف من الزواج كثرة الإنجاب، فكيف نمنعهن من ذلك؟ أما ان تجهض المرأة لأنها حملت في وقت كورونا فيحرم الإجهاض فهو قتل للنفس، وهو من الكبائر، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق).
أما الشيخ صالح الغانم فقال إن القول الفصل في ذلك مرده الى الطبيب الحاذق المؤتمن على أرواح الناس، فإن حكم بخطورة الحمل وتيقن حدوث الضرر فيجب ان يصار الى قوله ما لم يكن الجنين قد نفخت فيه الروح، فإذا نفخت فيه الروح فلا يحل لحال من الأحوال قتله.
دفع المفسدة
من جهته، قال د.محمد نايف العتيبي إن من القواعد المقررة في الإسلام أن دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة، فإذا كان الحمل يسبب مفسدة متحققة وضررا على الإنسان فإن تركه اولى والله سبحانه يقول: (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة)، لكن بشرط ان تكون المفسدة والضرر متحقق المبني على حكم ورأي الأطباء الثقات.
فيما رأى الشيخ سعد الشمري أن تأجيل الحمل في وقت تفشي الوباء يرجع الى كل امرأة بحسبها، فإذا كانت ضعيفة ويجهدها الحمل جدا على غير عادة النساء او فيها مرض والحمل يزيد مرضها او كانت مصابة بمرض معد يؤثر على صحة الجنين فهنا ينصح لها بتأجيل الحمل ريثما يتحسن حالها وتنتفي الأمراض المعدية، اما غيرها من النساء فلا تنصح بتأجيل الحمل بل تنصح بالاحتياط لنفسها وان تتحفظ من الأمراض السارية وتأخذ ما يوصي به طبيبها.
وأضاف: أما الإجهاض فمرتبط جوازه بوجود ضرر شبه متحقق على الأم أو الجنين وليس مجرد ظن وذلك قل أن يتم 4 اشهر، أما بعد ذلك فلا يجوز، فالمقصود ان هذا الأمر لا يكون حكما عاما بل ينظر لكل امرأة بحسبها، والله أعلم.