- معجبة كثيراً بالكويت لأنها لم تتجه إلى التجنيس
- لم أتلقَ أي عرض لتقلد مناصب إدارية في سورية أو دولياً
حاورها: محمد الحسيني ويحيى حميدان
غادة شعاع.. اسم كبير في عالم الرياضة العربية ولا يحتاج الى المقدمات الطويلة للتعريف به، وكان «شعاع» غادة قد أنار طريق الرياضة العربية في اولمبياد اتلانتا 1996، حينما انتزعت بنت سورية ذهبية منافسات السباعي من بطلات العالم الأميركيات والألمانيات وهن صاحبات التخصص في هذه المنافسة.
ما سبب زيارتك الى بلدك الثاني الكويت؟
٭ حضرت الى الكويت بعد أن تلقيت دعوة من منظمة توشيه للتطوير الرياضي وبتنسيق مسبق مع الصديقة بلسم الأيوب التي اقترحت علي الحضور للمشاركة في فعاليات اليوم الرياضي للمرأة والذي سيقام اليوم وغدا في نادي الكويت وستتخلله مشاركة في التدريبات مع الفتيات وحوار مفتوح مع وسائل الإعلام المتنوعة ابتداء من 5 الى 8 مساء.
كيف ترين وضع «أم الألعاب» في الوطن العربي على مستويي الرجال والنساء؟
٭ مأساوي ومؤلم وبشكل عام الرياضة العربية متدنية جدا في جميع الألعاب سواء ألعاب القوى أو كرة القدم أو الألعاب الجماعية الأخرى والفردية أيضا، والأسباب التي أدت الى هذا التدني في المستوى العام للرياضة العربية تعود الى المسؤولين والقائمين على الرياضة في جميع الدول العربية، وأود التساؤل «ماذا حقق العرب في آخر دورة أولمبية والتي أقيمت في لندن 2012؟»، الجواب هو لا شيء، والعرب كانوا سباقين في المنافسة على المراكز المتقدمة في مسابقات ألعاب القوى بالتحديد، بيد أن الرياضيين العرب ابتعدوا عن المنافسة تماما في العقد الأخير ولم تكن هناك إنجازات تذكر باستثناء أولمبياد اثينا 2004 والذي تم خلاله تحقيق إنجازات نسبية، ومن وجهة نظري فإن المسؤولين العرب المتواجدين على قمة الهرم الرياضي هم أشخاص فاسدون، وتطور الدول يقاس من خلال تطورها الرياضي في جميع الألعاب ولا يقتصر هذا الأمر على لعبة كرة القدم فقط، وهذا الأمر يشكل كارثة كبيرة للرياضيين العرب في الألعاب الاخرى لأنهم لا يجدون الدعم الذي تجده منتخبات كرة القدم، وهو ما يتسبب في التأثير عليهم نفسيا ويعيق من تطورهم.
وما تقييمك لمستوى الرياضيين العرب بشكل عام؟
٭ الرياضيون بطبيعة الحال تقع عليهم المسؤولية الكبرى في المحافظة على تدريباتهم والتطور في سبيل تحقيق الإنجازات اللافتة، وتراجع مستوى الرياضة العربية يجب ألا ينحصر على المسؤولين وهم الجانب الأهم، ولكن يجب على الرياضي ان يتدرب 365 يوما في السنة ويرفع ساعات تدريبه قدر المستطاع، والمطلوب من أي لاعب التضحية لرفع علم بلده في البطولات العالمية والدورات الأولمبية بشكل خاص، وأنا شخصيا ضحيت بالكثير من الأشياء في سبيل عشقي للرياضة وحرصت على تطوير نفسي ومقارعة بطلات العالم والحصول على عدة بطولات عالمية بالاضافة الى ميدالية ذهبية في منافسات السباعي بأولمبياد اتلانتا 1996.
تفوق الصين
لماذا الصين متفوقة في الدورات الأولمبية الأخيرة على الرغم من النتائج الخجولة التي كانت تحققها سابقا؟
٭ الصين عملت منذ عام 1980 على مشروع البطل الأولمبي وبدأت هذه الدولة تحصد ثمار هذا المشروع بشكل سريع وفعال وهو ما تجلى في الدورة التي استضافتها العاصمة الصينية بكين في عام 2008، حيث احتلت الصين المركز الأول في ختام الدورة وتفوقوا على الأميركان والألمان والأستراليين وبقية الدولة المتطورة رياضيا في الألعاب التي كانوا يتزعمونها، والتجربة الصينية يجب أن يتعلم الجميع منها بعد أن قدمت نموذجا للعالم في كيفية خلق الأبطال الأولمبيين، وأود التذكير بأن الرياضيين الصينيين يتدربون 6 ساعات يوميا مقسمة على فترتين والرياضي هناك يقدس هذه الساعات ولا يقبل بالتراخي بها مهما كانت الظروف.
ما سر ابتعاد البطلة غادة شعاع عن المناصب الإدارية في سورية ودوليا؟
٭ هذا سؤال حساس للغاية بالنسبة لي وأفضل من يجيب عنه هم المسؤولون الرياضيون السوريون والذين هم مقصرون بالأساس مع غادة شعاع، وبالنسبة للمناصب الخارجية مثلا في اللجنة الأولمبية الدولية أو الاتحاد الدولي لألعاب القوى، فمن المفترض أن تقوم الدولة بترشيحي ودعمي مثلما حدث مع المغربية نوال المتوكل التي تسلمت منصب وزير الرياضة في بلدها وتلقت الدعم بعد ذلك للوصول الى عضوية اللجنة الأولمبية الدولية، وأنا شخصيا لم أتلق أي عرض لتقلد أي منصب وكثيرا ما كان المسؤولون السوريون يتعذرون بأنني خارج سورية ولكن أنا قادرة على خدمة بلدي متى ما دعت الحاجة، وعلى الصعيد الشخصي لن أغامر بتاريخي الرياضي الطويل للوصول الى المنصب دون عمل أو إنجاز المطلوب مني.
اتجهت بعض الدول الخليجية في الآونة الأخيرة نحو تجنيس اللاعبين، ما رأيك بهذه الظاهرة؟
٭ كانت لي تصريحات نارية في هذا الشأن وانتقدت هذه الخطوة لما لها من مضار على المستوى الرياضي في أي دولة تقدم على هذه الخطوة، وبعض الدول الخليجية تستعجل تحقيق الإنجازات الكبيرة عبر التجنيس دون التخطيط وبناء رياضيين من أبناء البلد قادرين على منافسة أبطال العالم، وشخصيا أنا معجبة كثيرا بالكويت لأنها لم تتجه الى التجنيس بل على العكس من ذلك فإن الكويت تهتم برياضييها الذين يمتلكون الكفاءة والمهارة للمنافسة في الدورات الأولمبية، حيث سبق للكويت أن حققت ميداليتين برونزيتين في الأولمبياد وهو إنجاز كبير تحقق على يد أبناء هذا البلد.
هل من الممكن إقامة دورة أولمبية في دولة عربية؟
٭ في الظروف الحالية والحروب الحاصلة في معظم دول المنطقة يبدو هذا الأمر حلما يصعب تحقيقه، والاستقرار الأمني من أهم الشروط الواجب توافرها في أي ملف يقدم للجنة الأولمبية الدولية لتنظيم الأولمبياد، وإقامة مثل هذه الدورات الضخمة تتطلب ميزانية ضخمة جدا لا تقل عن 45 مليار دولار، وأرى أن المدينة الوحيدة القادرة على استضافة الأولمبياد هي إمارة دبي.
ظاهرة المنشطات
هناك سباق محموم بين اللوائح وظاهرة المنشطات التي بدأت تزداد في الآونة الأخيرة، ما هي وجهة نظرك؟
٭ هناك لجنة دولية لمكافحة المنشطات تختص في محاربة هذه الآفة وفي المقابل نجد هناك الشركات التي تقوم بالمستحيل من اجل اختراع الأدوية التي تخفي تعاطي الرياضيين للمنشطات، وهذا صراع سيئ وأتمنى أن تخلو كل الألعاب من هذه الظاهرة، وأنا رياضية نظيفة وخلال أولمبياد اتلانتا 1996 خضعت الى 24 فحصا للمنشطات قبل وبعد حصولي على ذهبية السباعي، وكان الأمر أشبه بحرب نفسية تعرضت لها كوني كنت بطلة العالم في تلك السنة.
لنعود بالذاكرة الى إنجازك الأغلى وهو الميدالية الذهبية في أولمبياد اتلانتا 1996، هل كنت تتوقعين تحقيق المعجزة؟
٭ نعم هو الأغلى في مسيرتي وفي الحقيقة كانت لدي قناعة كبيرة بقدرتي على الذهبية وعلى أرض أميركية وسط منافسة كبيرة من لاعبات الولايات المتحدة، وهذا حلم سعيت الى تحقيقه منذ أول دورة أولمبية تابعتها وهي أولمبياد لوس انجيليس 1984، أي إن حلمي استمر لمدة 12 عاما وعملت المستحيل لتحقيقه، وأي رياضي يعتبر بطلا للعالم باستطاعته أن يحقق الذهب في الأولمبياد وأنا حققت لقب بطولة العالم في السويد بتسجيل رقم كبير (6942)، لأن رياضة ألعاب القوى هي أرقام وواقع لا يمكن غض النظر عنه، وتعرضت لحملة إعلامية شديدة للتأثير علي نفسيا، وأتذكر أن المدرب الأميركي بوب كيرسي وهو زوج بطلة العالم الأميركية جاكي جوينر كيرسي كان يتساءل بتهكم عن مدى قدرتي في منافسة البطلات الأميركيات وبشكل أخص زوجته وكنت أرد عليه بعبارة واحدة «أنا هنا»، وتكررت هذه التساؤلات من الصحافيين الأميركيين وكان ردي ايضا بنفس العبارة «أنا هنا للمنافسة ولم آت للسياحة والتنزه»، وبعدها بيومين تمكنت من تحقيق الميدالية الذهبية التاريخية لبلدي سورية وتم عزف النشيد الوطني السوري بحضور جماهيري ضخم تقدمه الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون وهو ما شكل فخرا كبيرا بالنسبة لي كوني تغلبت على بطلات أميركا في أرضهن وبين جماهيرهن وبحضور رئيس بلدهن، ومن الأمور الغريبة هو انسحاب البطلة جاكي بداعي الإصابة قبل النهاية وذلك بعد أن استشعر الجميع اقترابي نحو تحقيق الميدالية الذهبية ولكن الغريب أن جاكي عادت بعدها بـ4 أيام للمشاركة في منافسات الوثب الطويل على الرغم من أن إصابتها كانت في عضلة الفخذ الخلفية حسبما تم ذكره وهذا النوع من الإصابات يحتاج لفترة علاج طويلة.
قصة نجاح البطلة الأولمبية غادة تحتاج للكثير من الكتب والمجلدات للحديث عنها على الرغم من الصعوبات والأوضاع الرياضية العربية غير الجيدة والتي لا تشجع على احتراف الرياضة ومقارعة العمالقة من أجل المنافسة وتحقيق المجد للدولة.
وحلت غادة ضيفة كبيرة على «الأنباء» التي فتحت قلبها لها وأجابت بكل شفافية عن الكثير من المواضيع، كما وجهت العديد من سهام الانتقاد نحو المسؤولين على الرياضة في مختلف الدول العربية وطالبتهم بالعمل لنقل الأبطال العرب نحو العالمية والمنافسة في الدورات الأولمبية التي باتت تعكس التطور الحقيقي في أي بلد، وفيما يلي نص الحوار:
تاريخ من الإنجازات
تعتبر غادة شعاع إحدى بطلات ألعاب القوى في بلدها سورية وفازت بالعديد من الجوائز العالمية في مجال منافسات السباعي، وتعد من أهم الرياضيين السوريين والعرب، ويكفي حصولها على ذهبية أولمبياد «أتلانتا 1996»، وهي الميدالية الأغلى في تاريخ سورية والتي انتزعتها من بطلات العالم آنذاك، وصاحبة الرقم الآسيوي حتى اليوم (6942 نقطة).
وحققت غادة العديد من الإنجازات المهمة الأخرى ومنها فضية في البطولة الآسيوية التي أقيمت في كوالالمبور 1991، ذهبية بطولة آسيا في مانيلا عام 1993، صاحبة الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الآسيوية في هيروشيما باليابان بمسابقة السباعي 1994، ذهبية بطولة العالم في السويد عام 1995، وبعد أولمبياد أتلانتا بأربعة أشهر تعرضت لاصابة أبعدتها عن الملاعب 3 سنوات، وبعد عودتها أحرزت برونزية العالم في مدينة اشبيلية بإسبانيا عام 1999، بخلاف الكثير من الميداليات الذهبية داخل سورية وعربيا. واختيرت غادة «رياضية القرن» في سورية.
ما منافسات «السباعي»؟
هي 7 مسابقات للسيدات تقام في يومين متتاليين وتعتبر من أصعب المنافسات في الدورات الأولمبية وتقام على مدى يومين، في اليوم الأول يبدأن سباق 100 متر حواجز، يتبعه الوثب العالي، ثم دفع الكرة الحديدية، ثم 200م جري، وفي اليوم الثاني تجري المنافسة في الوثب الطويل ثم رمي الرمح ثم 800 م جري، ويتم تحديد صاحبات المراكز الثلاثة الأولى عبر تحقيقهن لأكثر عدد من النقاط في كل المنافسات.
الانتقال للإقامة في ألمانيا
أوضحت ضيفة «الأنباء» غادة شعاع أنها اتجهت للإقامة في ألمانيا عقب أولمبياد أتلانتا 1996 بـ 3 أشهر ونصف الشهر وذلك بعد إرسالها هناك للعلاج من إصابتها ومكثت فيها لفترة طويلة واعتادت على الحياة هناك لكنها أكدت أنها كانت دائما ما تزور بلدها سورية بشكل منتظم ودائم قبل وأثناء الأزمة.
غادة وولادة جديدة
استذكرت البطلة السورية العالمية سابقا غادة شعاع مجموعة من الذكريات التي عاشتها طوال حياتها ومنها تعرضها لحادث سير مروع في ألمانيا وتحديدا في 20 مايو 1998 حينما كانت تقود سيارتها على الطريق السريع وفوجئت بخروج غزال أمامها وأرادت تفاديه وهو ما أفقدها السيطرة وتعرضت لاصطدام عنيف وتحطمت سيارتها بشكل كبير.
وتقول غادة عن هذا الحادث: «الله كتب لي عمرا جديدا ومن يشاهد صور سيارتي عقب الحادث لا يصدق أنني بقيت على قيد الحياة، الحمدلله أنني كنت أقود السيارة بمفردي». وأضافت البطلة السورية: «التحدي الأبرز كان هو العودة من جديد للمنافسة في بطولة العالم التي أقيمت في أشبيلية عام 1999، وبعد شفائي من إصابات الحادث كان يفصلني عن إقامة هذه البطولة 8 أشهر فقط، حيث أقيمت في أواخر شهر أغسطس من ذلك العام، وبفضل عزيمتي وروحي تمكنت من إحراز برونزية العالم وهو ما منحني الكثير من الإشادات والإعجاب بعد أن عدت من جديد لمنصات التتويج على الرغم من الحادث المروع».