إبراهيم مطر
أكدت هذه النسخة من بطولة كأس الأمم الأوروبية تفوق المدرسة الكروية «الأوروبية» وجدارتها على مستوى العالم وباستحقاق، سواء من حيث الأداء الفني الممتع والراقي في مباريات البطولة، او من حيث الأداء التكتيكي والخططي لمدربي المنتخبات. وأكبر دليل على ذلك ان هذه البطولة شهدت تواجد 19 مدربا وطنيا «محليا»، من بين 24 مدربا قادوا منتخبات بلادهم، و5 مدربين فقط غير محليين «هم من قارة أوروبا نفسها وليس من خارجها»، على عكس البطولات القارية الأخرى التي تكون فيها نسبة تواجد المدرب المحلي قليلة قياسا الى المدرب الأجنبي الذي يكون حضوره طاغيا. وقد شهد الدور ربع النهائي للبطولة تواجد منتخبات: بلجيكا وإيطاليا، وأوكرانيا وانجلترا، وسويسرا وإسبانيا، والتشيك والدنمارك، ومدربو هذه المنتخبات كلهم محليون ما عدا اثنين فقط هما الاسباني روبيرتو مارتينيز مدرب بلجيكا، والبوسني فلاديمير بيتكوفيتش مدرب سويسرا. أما الدوران نصف النهائي (إسبانيا وإيطاليا، إنجلترا والدنمارك) والنهائي (إنجلترا وإيطاليا) فكانا بصبغة محلية كاملة.
ورغم إخفاقات كثير من هؤلاء المدربين وعدم تحقيقهم ما كانت تتمناه بلادهم إلا انهم ظلوا على رأس القيادة الفنية لمنتخباتهم ليكملوا المسيرة، وأبرز شاهد على ذلك استمرار ديديه ديشامب مدرب منتخب فرنسا والذي كان المرشح الأول للتتويج بلقب البطولة، وودع من دور الـ 16 اثر هزيمته من سويسرا بركلات الترجيح، فقد أعلن الاتحاد الفرنسي بقاءه مع «الديوك» حتى انتهاء عقده في ديسمبر 2022، ليقود «الديوك» في مونديال قطر.
وكذلك مدربو منتخبات ألمانيا والبرتغال وكرواتيا والتي كانت تمتلك نسبة من الترشيحات للفوز باللقب الا انها خرجت أيضا من دور الـ 16.
أما من أقيلوا بسبب الإخفاق فهما «اثنان فقط»: مدرب منتخب روسيا ستانيسلاف تشيرشيسوف، الذي ودع البطولة من دور المجموعات، ولم يستطع حتى التواجد ضمن أفضل المنتخبات التي حلت في المركز الثالث بل جاء في المركز الأخير بالمجموعة الثانية مع «بلجيكا، الدنمارك، فنلندا»، ولم يحقق الا انتصارا وحيدا في ثلاث مباريات، وتعرض بعدها لانتقادات كثيرة، لتنتهي بذلك مسيرته مع المنتخب بعد ان استمرت خمسة أعوام. والمدرب الآخر هو فرانك دي بور مدرب هولندا التي خرجت من الدور ثمن النهائي على يد منتخب التشيك.
وربما يعود السبب في عدم اقالة أكثر من مدرب الى ان معظم هذه المنتخبات تخوض التصفيات الأوروبية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، واقرب مواجهاتها ستكون في سبتمبر المقبل. لكن رغم ذلك فنسبة كبيرة من دول أوروبا على اختلافها لا تشهد كثيرا إقالات للمدربين حتى لو أخفقوا في احراز بطولات كبيرة مثل كأس الأمم، كحال غيرها في القارات الأخرى وخاصة افريقيا واسيا، بل يعطون الفرصة كاملة لإنجاز برامجهم ومخططاتهم مع المنتخبات. ويدل ذلك على اعتزاز وثقة هذه البلاد بأبنائها ومدربيها. واللافت ان تاريخ البطولة لم يشهد فوز مدرب مع منتخب غير منتخب بلاده بلقب البطولة الا مرة واحدة كانت من نصيب الألماني أوتو ريهاجل الذي قاد اليونان للتتويج بيورو 2004 على حساب البرتغال.
وخلال بقية النسخ كان المدرب الوطني «ابن البلد» هو المتوج باللقب، وآخرهم فرناندو سانتوس مع منتخب البرتغال، بعد أن قاده للفوز بيورو 2016 التي أقيمت في فرنسا وفاز على أصحاب الأرض بهدف نظيف.