يحيى حميدان
لطالما فرض لاعبو كرة القدم الأوروبيون والأميركيون الجنوبيون، وكذلك بعص الأفارقة من أصحاب البشرة السمراء، أنفسهم نجوما فوق العادة في «الساحرة المستديرة» واستمر الإعلام العربي في فرد مساحات واسعة لسرد إنجازاتهم، حتى ظهر ابن مدينة نجريج في مصر، محمد صلاح، ليضع اسمه في خانة النجوم العالميين المعروفين في كل أصقاع الأرض.
مرت رحلة «الفرعوني المصري» في الاحتراف الأوروبي بالكثير من الصعاب، فبعد مسيرة مميزة للغاية مع بازل وحصوله على لقب الدوري السويسري لموسمين على التوالي وسجل رفقة هذا الفريق 20 هدفا وساهم في صناعة 17 هدفا في 79 مباراة، ليشد رحاله الى لندن للتوقيع مع تشلسي تحت قيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو الذي لهث خلف صلاح ولكنه لم يمنحه الفرصة لإثبات قدراته، ليكتفي بخوض 19 مباراة فقط كان أغلبها بديلا، وسجل خلالها هدفين وساهم في صناعة 4 أهداف.
وأعاد «فخر العرب» اكتشاف قدراته من جديد في إيطاليا، حيث برز مرة أخرى مع فيورنتينا، قبل أن يضمه روما ويعود معه صلاح للواجهة من جديد، الأمر الذي جعل ليفربول يوقع معه مقابل 42 مليون يورو في صفقة ظن مسؤولو «ذئاب العاصمة الإيطالية» أنهم حققوا أكبر استفادة مالية، ليصدموا لاحقا بالارتفاع الجنوني بقيمته المادية بسبب مستوياته الكبيرة ليصل سعره حاليا إلى 120 مليون يورو حسب تقدير موقع «ترانسفيرماركت» العالمي المتخصص في تقييم اللاعبين. صلاح لم يكن نجما في الملعب فقط، بل خارجه أيضا، فهو من اللاعبين العرب القلائل الحريصين على التطور والثبات في القمة بعد صعوده السريع مع «الريدز».
وأرقام صلاح التهديفية مع ليفربول خير دليل على أهميته لهذا الفريق الكبير، وبعدما نال لقب هداف «البريمييرليغ» بتسجيله 32 هدفا في موسمه الأول مع «الريدز»، ظن البعض أنه «فقاعة صابون»، ليعود في الموسم التالي ويشارك زميله في ليفربول، السنغالي ساديو ماني، ومهاجم ارسنال، الغابوني بيير ايميريك اوباميانغ في صدارة الهدافين بـ 22 هدفا، ويتصارع في موسمه الثالث الحالي مع مهاجم ليستر سيتي جيمي فاردي (19 هدفا) ويتساوى مع اوباميانغ بتسجيل كل منهما 17 هدفا.
وسجل «فخر العرب» أرقاما رائعة مع ليفربول بمساهمته في تسجيل 130 هدفا (سجل 92 وصنع 38)، ولدى صلاح المزيد لتقديمه.
صلاح، الذي كان أحد المساهمين الرئيسيين في إنجازات «الريدز» الحالية، يمتلك موهبة التهديف ووجد ضالته في المدرب الألماني يورغن كلوب، الذي عرف كيف يخرج أقصى ما لديه، وهو بحاجة للاستمرار مع ليفربول لأطول فترة ممكنة بعدما بات أحد نجوم هذا النادي تاريخيا لحصوله على الهامش الذي يريده للتألق.
يقول الشاعر اللبناني خليل مطران:
اعزم وكد فإن مضيت فلا تقف
واصبر وثابر فالنجاح محقق
ليس الموفق من تواتيه المنى
لكن من رزق الثبات موفق
وهذان البيتان يلخصان مسيرة صلاح المليئة بالعزم والكد والصبر والمثابرة لتكون مثالا للمواهب العربية الكسولة!