لقد نشأت هذه الصحابية الجليلة في بيت مبارك تفيض منه البركات ويتحلى أهله باللين والرحمة والصدق.
أمها أم خالد بنت خالد بن يعيش الأنصارية من بني مالك أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حارثة بن النعمان.
كانت هذه الأسرة المباركة مسلمة كلها وكانت أم هشام وأخواتها من المبايعات وأما أبوها فهو الحارثة بن النعمان رضي الله عنه كان من فضلاء الصحابة الأخيار الأطهار، فهو من السابقين الى الاسلام وكان يقدم مساكنه للحبيب صلى الله عليه وسلم رغبة فيما عند الله عز وجل فقد كانت لحارثة رضوان الله عليه منازل قرب النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وكان كلما احدث النبي اهلا تحول له حارثة منزلا بعد منزل.
ففي رحاب تلك الأسرة المباركة نشأت أم هشام بنت حارثة نشأة كريمة فكانت تتعايش بقلبها مع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا دخل الايمان بيت حارثة بن النعمان
وهاهو الايمان يدخل بيت حارثة بن النعمان ليسلم هو وأسرته فإنه في موسم من مواسم الحج لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من الخزرج اليثربيين وعرض عليهم الاسلام وتلا عليهم القرآن وجد الايمان الى قلبهم سبيلا فأعلنوا اسلامهم وواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الى الله والى الاسلام في بلادهم يثرب، ولما انصرف القوم بعث رسول الله أحد أصحابه وهو مصعب بن عمير رضي الله عنه وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الاسلام ويفقههم في أمور الدين.
فقام مصعب بمهمته خير قيام واستطاع بما آتاه الله من حكمة واناة ان يستميل قلوب أهل المدينة من أوس وخزرج وقد وصلت أنباء الدعوة الى الاسلام الى سمع حارثة فانطلق الى الداعية المكي وأعلن اسلامه واستطار قلبه فرحا حينما أسلمت أمه جعدة بنت عبيد لأنه كان بارا بأمه أشد البر وأسلمت كذلك أسرته كلها وهكذا أسلمت أم هشام بنت حارثة مع أبيها واسرتها المباركة.
ولما اشتد ايذاء المشركين لأصحاب النبي أذن لهم بالهجرة الى المدينة المنورة فنزلوا في رحاب الأنصار ولما أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة الى يثرب (المدينة المنورة) قام الأنصار على قلب رجل واحد لاستقبال الحبيب وصاحبه رضي الله عنه وقلوبهم قد امتلأت بالبهجة والسعادة والفرحة.
وكان من بين هؤلاء الذين خرجوا لاستقبال الحبيب «حارثة بن النعمان» ومعه الأسرة الكريمة وعلى رأسهم ابنته «أم هشام».
وازدادت فرحة حارثة عندما رأى النبي قد نزل في دار أبي أيوب الأنصاري وذلك لأن حارثة كان من بني النجار فضمن بذلك أن يكون قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت أم هشام رضي الله عنها حريصة كل الحرص على طلب العلم فكانت تحفظ الكثير من القرآن بل كانت تهتم بحفظ الأحاديث عن رسول الله فحفظت الكثير الكثير وروت عن النبي.
وكانت أم هشام قد بايعت على الموت مع من بايع فنالت الرضوان في بيعة الرضوان وعلمت أنها ستدخل بإذن الله جنة الرحمن فقد قال الحبيب: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة».