المتحدث: طارق هنيدي، نائب رئيس عمليات منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في فيديكس إكسبريس
تساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما يقارب 1 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد الإقليمي سنوياً[1]. وتبرز الأزمات، مثل جائحة كوفيد-19 قابلية جميع الاقتصادات في العالم للتعرض لتحديات تؤثر على أدائها، ومع استمرار القيود المفروضة على السفر والنقل في عدد من الدول معينة، أحدثت الجائحة تغييراً جوهرياً في سلوكيات التسوق وكيفية استخدام المنتجات والخدمات والتكنولوجيا، إضافة إلى تغيير طريقة تأدية العمليات اليومية في الشركات. وهنا، تتميز الشركات الصغيرة والمتوسطة بقدرة استجابة عالية بفضل حجمها أو تركيز عملياتها على مجال محدد، ما يتيح لهذه الشركات فرصة استثنائية لتعزيز مرونة أعمالها وضمان التعافي عبر التركيز على العملاء وفرق العمل والعمليات المعتمدة.
طرق مبتكرة للتفاعل مع العملاء
ومع اتباع التباعد الاجتماعي معياراً جديداً في التعامل، تزايد عدد العملاء الذين يفضلون الشركات التي تعتمد سبلاً مبتكرة للتفاعل والتواصل معهم. فعلى سبيل المثال، قد تُفضل العائلات ابتكار تجربة طعام داخلية ضمن أجواء المنزل الأكبر راحة عوضاً عن زيارة أحد المطاعم. ويبحث المستهلكون عن منتجات وخدمات تعكس أولويات الصحة والسلامة الخاصة بهم، انطلاقاً من منصات التجارة الإلكترونية وخدمة التوصيل غير التلامسية، ووصولاً إلى وسائل الدفع الرقمية ومراكز التسوق الافتراضية. وبالتوازي مع تغير سلوكيات المستهلكين، يجب للشركات الصغيرة اغتنام الفرص الجديدة لتلبية احتياجات المستهلكين الجديدة، ما يتيح للشركات الحفاظ على عملائها القائمين، وتوسيع حضورها في السوق خارج منطقتها الجغرافية.
استمرارية الأعمال تقوم على الموظفين
تعد جميع الشركات دون استثناء عرضة للتحديات الاقتصادية والبيئية، وبغرض الحصول على دعم الموظفين المستمر للالتزام بأفضل مستويات الخدمة، من الضروري التحلي بالشفافية حول الخطط والاعتبارات المستقبلية منذ البداية، إلى جانب اغتنام كافة الفرص لتجديد التفاعل مع الموظفين. ومن الضروري، حتى مع عودة الظروف إلى وضعها الطبيعي، تطوير ممارسات العمل لتشمل إطلاع الموظفين على الخطط التي وضعتها الشركة للحفاظ على صحتهم وسلامتهم، وبخاصة إن كانت مهامهم تتطلب التعامل بشكل مباشر مع العملاء. كما يُنصح بالتواصل الدوري مع الموظفين لضمان شعورهم بالراحة وإدراكهم للتغيرات التي تمر بها الشركة، فضلاً عن توضيح الواجبات المطلوبة منهم ومناقشة العقبات والتحديات التي قد يواجهونها.
أهمية فهم العمليات للتخطيط المستقبلي
يساعد فهم عمليات الأقسام كافة، انطلاقاً من إدارة المخزون وعمليات التخزين وصولاً إلى النقل وطلبات المنتجات، في الارتقاء بتجارب العملاء. وتتألف غالبية الشركات الناشئة من فريق عمل متماسك يعمل وفق منهجية التعاون الكامل بين جميع أعضائه، ومع توسّع عمليات الشركة، فإن الهفوات الفنية الصغيرة قد تتحول إلى مشكلات حقيقية في أوقات الأزمات. فعلى سبيل المثال، في حال اعتمدت شركة على تخزين المنتجات فقط بعد طلبها عبر الإنترنت، فإن عدم الاهتمام الكافي بالعمليات اللوجستية قد يقود إلى تأخير في أوقات التوصيل أو خلل في مواعيد التوصيل المُتفق عليها. وبهدف الاستعداد لمثل هذه التحديات، من الضروري التفكير بجميع السيناريوهات المحتملة، بما فيها دور شريك الخدمات اللوجستية في إبلاغ العملاء بصورة مسبقة حول حالات التأخير، أو تقديم التحديثات حول القيود المفروضة على الحدود في بعض المناطق.
ويُنصح عند الإمكان بتقسيم نقاط الضعف القائمة في العمليات إلى عدة مراحل، للتمكن من رصد المشكلات التي تحتاج معالجة فورية، ما يتيح اتخاذ قرارات سريعة وتوفير دعم إضافي من فرق العمل في المجالات اللازمة.
أسهمت جائحة كوفيد-19 في تسليط الضوء مرة أخرى على أهمية التحضير والتخطيط بالنسبة لاستمرارية وتعافي الأعمال. وعبر استخدام التجارة الإلكترونية لتقريب الخدمات أكثر من المستهلكين، إضافة إلى التركيز على العمل الجماعي وتعزيز شفافية العمليات، يُصبح بالإمكان إدارة مجالات الطلب والتوزيع والتوصيل بفعالية عالية، وبالتالي تلبية احتياجات المستهلكين بطريقة مريحة وملائمة، وهي إحدى أهم العوامل الرئيسية لتعافي الشركات. وباختصار، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تحقيق استمرارية الأعمال والخروج من الفترات الصعبة بشكل أقوى من خلال ترسيخ وتمكين الركائز الرئيسية الثلاث لاستمرارية الأعمال، والتي تتمثل في المستهلكين والموظفين والعمليات.