أفاد علماء جيولوجيا بأن سلسلة من الهزات الصغيرة التي ضربت غرب المملكة العربية السعودية العام الماضي كانت ناتجة في الواقع عن نشاط بركاني. فقد حصلت أكثر من 30 ألف هزة صغيرة بين شهري ابريل ويونيو 2009 في حقل لحمم البراكين المتصلبة يدعى حرة لنيير، ملحقة أضرارا كبيرة ببعض المباني في بلدة العيص المجاورة، ما دفع السلطات الى إخلاء 40 ألف شخص من المنطقة. معظم الهزات كانت خفيفة، ولا تتجاوز قوتها الدرجتين على مقياس ريختر، لكن بعضها كان شديد الوقع وبلغت قوته 5.4 درجات. وقد خلص علماء جيولوجيا اميركيون وسعوديون الى ان تشوهات ارضية كشفتها الأقمار الصناعية وطبيعة الموجات الزلزالية وعمقها تشير الى أن أسباب الهزات كانت بركانية.
وتبين لهم ان تصدعات فجائية حصلت على طول 8 كيلومترات وصولا الى عمق 45 سنتيمترا تحت الأرض مع تسرب الحمم البركانية واقترابها من السطح، ما يزيد من احتمالات الثوران البركاني، وفق ما يقوله الخبراء. لكن المخاطر غير كبيرة نظرا الى بعد الموقع والدفق البطيء المتوقع للحمم البركانية. البنية الجيولوجية للمملكة السعودية معروفة بصخورها الترسبية المشبعة بالنفط في شرق البلاد. أما الجزء الغربي من البلاد فيشمل حوالي 180 ألف كيلومتر مربع من حقول الحمم البركانية التي تكونت على مر الـ 30 مليون سنة الماضية، ومصدرها هو حمم البازلت المتأتية من باطن الأرض والتي تقذفها براكين تحت الماء وتشكل خطا على طول المحور الرئيسي للبحر الاحمر، وقد بدأ هذا المحور يتصدع تدريجيا مع انفصال افريقيا عن شبه الجزيرة العربية. وعلى النطاق الجيولوجي، النشاط البركاني في المملكة السعودية ظاهرة معاصرة، وفق ما يقوله كبير الباحثين جون باليستر من هيئة المسح الجيولوجي الاميركي. وقد قال باليستر لوكالة فرانس برس في رسالة الكترونية «الكثير من حقول الحمم تبدو ذات ميزات حديثة (لعلماء الجيولوجيا) وفيها ترسبات تغطي مواقع من العصر الحجري الحديث». لكنه دعا الى عدم الخوف، قائلا ان «حصول ثوران بركاني في لنيير لن يشكل خطرا كبيرا نظرا الى طبيعة النشاط البركاني المتوقع هناك وبعد الفجوات الانبوبية». واضاف «احتمالات حصول زلازل مدمرة كبيرة مرتبطة بهذا النوع من الأنشطة البركانية ضئيلة جدا، لكن الزحف العمراني يصل الى مناطق اخرى في المملكة السعودية حيث سيكون ثوران البراكين اكثر خطورة».