حسين الرمضان
للشرق سحر اخاذ ولون مختلف، يأسرك بعيدا عن التكنولوجيا ويؤثر فيك بحكم الطبيعة لأنه يعيدك الى طبيعتك تبدو لك الاشياء كما هي.
وفي هند العجائب، تقبع في اقصى الجنوب الغربي وعلى شواطئ بحر العرب ولاية جوا التي تعد من اصغر الولايات الهندية من حيث المساحة بعد انفصالها اداريا عن دلهي في العام 1978، الا انها تكتسب اهمية بالغة باتجاهين، احدهما سياحي والآخر صناعي.
يبلغ عدد سكان جوا حوالي مليونا وثلاثمائة الف نسمة، 60% منهم هندوس و30% مسيحيون والباقي مسلمون، وتمر بها سبعة انهار طبيعية اكبرها وأهمها نهر زهاري الذي يقسم المدينة الى نصفين.
وجوا هي قبلة السياح من شتى دول العالم نظرا لما تتمتع به من طبيعة خلابة وشواطئ ذهبية، بالاضافة الى كونها مدينة زراعية تنتج التوابل وجوز الهند وبها حقول لزراعة الارز ومصائد كبيرة للاسماك.
تبلغ نسبة المتعلمين في جوا 83% من اجمالي عدد السكان، حيث ينصرف عدد لا بأس به من الشباب للعمل في القطاع الصناعي وترك التعليم، خصوصا ان جوا تمتاز بتوافر العديد من المعادن مثل الحديد والالمنيوم والمغنيسيوم، وتمتاز جوا بالاضافة الى كونها مدينة سياحية بوجود العديد من الكنائس التي بناها البرتغاليون اثناء احتلالهم لها الذي استمر لأكثر من 400 عام.
وحتى تعود لعالم الغابات والادغال، لابد لك من زيارة «سبايس بارك»، حيث تشاهد جميع انواع الاشجار المثمرة في غابة ممتدة تتوزع فيها العناكب والحشرات وتتدلى منها الثمار كل حسب نوعها، ولهواة مشاهدة القردة لابد لهم من زيارة الغابة في وقت مبكر من الصباح، حيث ان حركة البشر سببت انزعاجا لها واجبرتها على ترك الغابة والمكوث في اعلى الجبل لحين رحيلهم. ولمزيد من الاستمتاع، عليك اخذ حمام بارد مع احد الفيلة الذي توكل له مهمة رشك بالماء بواسطة خرطومه الطويل اثناء وجودك في البحيرة الموجودة في وسط الغابة، ويتداول اهل جوا فيما بينهم قصة عشق لشاب وفتاة يدعون دونا وبولا تحطمت احلامهم على صخرة العادات والتقاليد، وحال الفارق الطبقي بينهما دون ارتباطهما، ما حدا الاثنين على الانتحار معا رغبة منهما في العيش معا في حياة اخرى بعيدة عن عالم الانسان.
وتحيط بشطآن جوا تلال رائعة الجمال يكسوها اللون الاخضر الممتد على طولها تتوزع على اطرافها مدن تاريخية صغيرة تحكي قصة الانسان والاحتلال والاكتشاف ثم التحرير، تستذكر معها البرتغاليين والالمان ثم تعود الى عصر الفينيقيين بأحداث لا تضيع في طيات الزمن تتوارثها الاجيال لتحكيها كما هي قصة دونا وبولا.
وعلى امتداد تلك الشواطئ يمكن للسائح ممارسة جميع انواع الرياضات البحرية ليستمتع ببهجة البحر والامواج لينهي يومه بمساء موسيقي وهو ينظر الى الشفق الاحمر يغوص في بحر العرب ليبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من المتعة والامتاع من خلال حفلات السهر الموزعة على الشواطئ. واللافت في جوا اعيادها الدينية الكثيرة، حيث يحتفل اهلها بتلك المناسبات على مدى تسعة اشهر من السنة، ثم يقام مهرجان جوا في شهر فبراير من كل عام يتم خلاله التعبير عن سعادة السكان بقدوم فصل الربيع يستمر لمدة 3 ايام تليه احتفالات شيغمو المخصصة لوداع الشتاء والترحيب بقدوم الربيع. وفي شهري اكتوبر ونوفمبر، يحتفل اهالي جوا لمدة خمسة ايام بالموسم الثقافي على شواطئ ميرامار بالقرب من مدينة باناجي، وهي عاصمة جوا، حيث توزع الاطعمة وتقام المهرجانات المسلية.
ولعشاق التسوق، تمتاز جوا ايضا بوجود ما يسمى بنايت ماركت، وهو سوق يفتح ابوابه للزوار بعد منتصف الليل ويستمر حتى الساعات الاولى من الصباح تعرض به بضائع جميعها من خارج الهند جلبتها بعض الجاليات الروسية والافريقية وبعض شعوب اميركا اللاتينية.
الجمال في جوا كثير بدءا من الطبيعة ومرورا بالناس وانتهاء بالرياح والامطار والغيوم الموسمية التي تحكي قصة مدينة صغيرة لكنها جميلة فعلا.