ضجيج العالم، ذلك الصوت الصاخب الذي يدمر أبسط مشاعر السعادة التي نشعر بها، فبين وباء يكتسح العالم وجرائم وحروب تهدد البشرية وبين انفلات ديني وأخلاقي لدى البعض الذين ينتسبون لملتنا بالاسم، وهم في أعماقهم أعداء دين محمد صلى الله عليه وسلم.
فما عسانا أن نفعل في خضم كل هذه الانتهاكات التي تهدد البشرية جمعاء؟، فلا يوجد كائن في هذه البشرية في مأمن من أن تصله لعنة ما يحدث في العالم اليوم، جرائم وحروب باسم الأديان، ذلك الانتهاك لحقوق البشرية جمعاء فلغة العنف غلقت كافة الأبواب في التفاوض والحوار، والعالم كله يقف مكتوف الأيدي مكبلا، لا نعرف ما عسانا أن نفعل أمام كل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان.
فقد وضعت القوانين إلا أن المجرمين لا يوجد قانون لديهم سوى العنف والقتل وارتكاب الجريمة لأجل الانتصار أمام من يختلف معهم في أبسط الحقوق، ألا وهي حق الاعتقاد والرأي.
اليوم أمامنا جميعا تحد كبير هو مواجهة الجريمة حول العالم، وهذه ليست شعارات وتمنيات بل لابد من حل جذري يوقف الانتهاكات حول العالم، فلا ذريعة يتذرع بها المجرمون سوى أن الآخر بدأ في الخصام والآخر يخالفنا الرأي والعقيدة.
بالنسبة لي أجد أن الاختلافات الدينية والعرقية سنة الله في كونه، لذا لا مبرر لمن يقترف كل هذه الجرائم بأنه يريد أن ينصر دينه أو ينصر الله عز وجل لأن الله لا يحتاج منا أن ننصره بقتل مخلوقاته.
والقضية هذه لا تتوقف على المتطرفين المسلمين وحدهم، فكل الديانات هناك لديهم متطرفون فإذا كان لدينا نحن المسلمين دواعش، فاليهود لديهم صهاينة يرتكبون أبشع الجرائم باسم نصرة الدين اليهودي، والدين اليهودي أسمى منهم وبريء منهم، لأنه دين الله سبحانه وسنة الأنبياء الذين ابتعثهم الله قبل سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وقبل سيدنا عيسى عليه السلام، لذا فنحن نؤمن باليهودية كدين ونحترم من هم يهود لأن الله في كتابه الكريم أخبرنا كيف نتعامل مع من يخالفوننا في العقيدة، ولكن ما يقترفه الصهاينة اليوم وهم متطرفون يخالف الدين اليهودي أولا، فهم أعداء اليهودية الحقة قبل أن يكونوا أعداء من يخالفهم العقيدة.
فالجرائم التي تنتهك واغتصاب أرض الآخرين ومحاولة إبعاد الناس عن عقيدتهم فالصهاينة يريدون تهويد بقية الشعوب، وكأن أحدا ما طلب منهم أن يبثوا معتقداتهم على الآخرين، فكل منا له دينه الذي يتبعه وهم بالتالي يطمحون أن يهودوا المسلمين، ولا أعرف لماذا المسلمون تحديدا؟ فالمسلمون يدينون بدين سماوي هو خاتمة الأديان السماوية التي ارتضاها الله لنا ومن الأولى أن يسلموا هم قبل أن يفكروا في تهويدنا.
وإن كان من باب أولى أن يهودوا أحدا فليهودوا عبدة الأبقار لأنهم فعلا من يحتاجون أن يتبعوا دينا سماويا، إلا أن حقيقة الأمر أن الصهاينة يعادون المسلمين ويتحاملون عليهم، وفي الوقت ذاته يطالبون بالتطبيع وفتح الحوار معهم وبناء العلاقات وهم يقتلون إخواننا الفلسطينيين وهم أقاربنا وإخواننا في الدين والعروبة.
فكيف لنا أن نصافحهم ونضع أيدينا بأيديهم وأياديهم ملطخة بدماء أشقائنا الفلسطينيين؟ كيف يقتلون إخوتنا ويطالبوننا بأن نطبع معهم وننسى دماء الشيوخ والأطفال التي أسيلت بلا ذنب؟!
فإذا كان الصهاينة نسوا مجزرة هتلر سننسى ذات يوم مجازرهم المتكررة لأعوام ضد الفلسطينيين، أنا لا أعتبر أن من يعتقد بالصهيونية هذا على قدر من العلم والمعرفة والدراية، لأن العلماء اليهود الذين ورثوا العالم علما ينتفع به وفضلهم على البشرية جمعاء هؤلاء ليسوا بصهاينة هؤلاء يقطنون في أميركا وأوروبا ولا يضيعون وقتهم في القتل والدمار والتطرف الديني.
كنت مخطئة ذات يوم حين اعتقدت أن الغلو الديني لدى البعض منا الذين لا ينفتحون على الحوار مع الآخرين ولا يحترمون الأديان السماوية الأخرى، ولكن ليسوا وحدهم فها هم الصهاينة قد يكونون هم مؤسسو التطرف بكافة الأديان، أسأل الله أن يهدئ الأوضاع في العالم وتتوقف الحروب التي أهلكت الحرث والنسل وننعم بالسلام، ونتساءل: هل هذا الأمر مستحيل بالنسبة إليهم؟